ملخص
أعادت الحرب التي انتهت قبل أيام عبر اتفاق لوقف إطلاق النار ملف اللاجئين السوريين في لبنان إلى الواجهة، وسط اهتمام كبير من قبل المعنيين، باعتبار أن هذا الملف من الملفات الجدلية في الداخل اللبناني من جهة وبين لبنان والمؤسسات الأممية المعنية من جهة أخرى وتحديداً المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.
فيما تتعدد الأسباب اليوم التي قد تدفع السوريين مرة جديدة للعودة إلى لبنان.
شكلت الحرب الثالثة التي عاشها لبنان لأكثر من سنة محطة مفصلية في عديد من الملفات، منها الملف الأمني الداخلي اللبناني، والتحديات السياسية في المرحلة المقبلة، وأبرز المحطات العالقة كانتخاب رئيس للجمهورية، وكذلك من ناحية الوضع الاقتصادي الذي تفاقم سوءاً، ناهيك بتسجيل عودة كبيرة لسوريين من لبنان إلى بلدهم بسبب هذه الحرب.
وقد أعادت الحرب، التي انتهت قبل أيام عبر اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية أميركية - فرنسية، ملف اللاجئين السوريين في لبنان إلى الواجهة، وسط اهتمام كبير من قبل المعنيين باعتبار أن هذا الملف كان جدلياً في الداخل اللبناني من جهة وبين لبنان والمؤسسات الأممية المعنية من جهة أخرى وتحديداً المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.
الأرقام تكشف حجم الأزمة
قبل اندلاع الحرب الأخيرة في إسرائيل و"حزب الله" كانت الحكومة اللبنانية تقدر أعداد اللاجئين السوريين في لبنان بنحو مليوني سوري، إنما عدد السوريين المسجلين لدى المفوضية يبلغ نحو 800 ألف سوري لاجئ.
فيما خرجت تقارير قبل نحو أسبوعين لتكشف عن أن أكثر من 400 ألف سوري عادوا إلى بلدهم بسبب الوضع الأمني الراهن في لبنان، وهم في غالبيتهم عبروا عبر معبر المصنع الحدودي الذي يصل البقاع اللبناني بالعاصمة السورية دمشق، فيما عبر عدد أقل عبر المعابر الأخرى الموجودة في الشمال اللبناني، أو المعابر غير الشرعية المنتشرة على الحدود.
في هذا الإطار قال وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية عصام شرف الدين في الـ23 من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري إن عدد النازحين السوريين الذين عادوا من لبنان إلى سوريا جراء الحرب بلغ نحو 420 ألفاً.
وعلى رغم قصف إسرائيل المعابر الأساسية بين لبنان وسوريا، وهو قصف طاول معبر المصنع ومعبر جوسية - القاع الذي يقع شمال لبنان، فإن حركة الخروج من لبنان استمرت وإن بوتيرة أقل.
حركة نزوح عكسية قريبة
مشهدية عودة السوريين الموجودين في لبنان إلى بلدهم، التي تفاءل بها كثر خيراً على رغم بشاعة الحرب التي كانت مستعرة هنا، تبدلت في الأيام القليلة الماضية، مع بدء حديث جدي عن حركة نزوح عكسية قد تبدأ قريباً من الداخل السوري إلى الداخل اللبناني، وهنا الأسباب متعددة:
أولاً توقف الحرب في لبنان قد يشجع سوريين، وإن لم يكونوا بأعداد كبيرة، على العودة إلى لبنان، بخاصة الذين لديهم ارتباطات عائلية هنا أو أعمال ووظائف يمكن أن يعودوا إليها، أو الذين يتلقون مساعدات مالية من المنظمات الأممية المعنية، فيما تعيش سوريا وضعاً اقتصادياً صعباً قد يفوق الوضع الاقتصادي الصعب في لبنان.
وفي سياق متصل، أعلنت الأمم المتحدة عودة نازحين لبنانيين كانوا قد فروا في وقت سابق إلى سوريا جراء الحرب، ويبلغ عددهم نحو 100 ألف لبناني، في ظل ظروف صعبة ومعيشية واجهوها هناك.
ثانياً، توقف الحرب في لبنان وبدء مرحلة إعادة الإعمار للمناطق المتضررة في المستقبل القريب سيعني حكماً الحاجة إلى يد عاملة في هذا المجال، في قطاعي رفع الردم والدمار ومن ثم قطاع البناء، فيما يعرف أن السوريين يعملون في هذا القطاع في لبنان منذ عشرات الأعوام، مما يعني حكماً أنه ستكون هناك حاجة إلى أعداد كبيرة منهم في الأسابيع والأشهر المقبلة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي هذا السياق كشف آخر التقارير عن أن الحرب تسببت بتضرر 100 ألف وحدة سكنية بصورة كلية أو جزئية.
ثالثاً، اندلاع التطورات الأخيرة في سوريا وتحديداً هجوم الفصائل المعارضة المضاد على مدن وبلدات عدة ووصولهم أخيراً إلى وسط مدينة حلب، قد يدفع كثراً إلى الفرار، ممن كانوا في لبنان أو حتى سوريين لم يكونوا في لبنان، وفرارهم من تلك المناطق سيكون بتقدير غالبية المعنيين إلى الداخل اللبناني.
رابعاً وأخيراً، من الأسباب التي ستلعب دوراً بعودة عدد من السوريين مرة جديدة إلى لبنان، الضغوط السياسية والأمنية التي يتعرضون لها بخاصة معارضو النظام السوري برئاسة بشار الأسد.
وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قد أصدرت تقريراً في الـ30 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي قالت فيه إن السوريين العائدين إلى بلدهم هرباً من الحرب في لبنان يواجهون خطر "القمع" و"الاعتقال التعسفي" هناك.
وأوردت المنظمة في تقرير أن السوريين الفارين من لبنان، خصوصاً الرجال، "يواجهون خطر الاعتقال التعسفي والانتهاكات على يد السلطات السورية".
وقال نائب مديرة الشرق الأوسط في "هيومن رايتس ووتش" آدم كوغل إن "الوفيات المريبة للعائدين أثناء احتجازهم تسلط الضوء على الخطر الصارخ المتمثل في الاحتجاز التعسفي والانتهاكات والاضطهاد في حق الفارين، والحاجة الملحة إلى مراقبة فعالة للانتهاكات الحقوقية في سوريا".