Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تركيا أمام "ميكروفون" الوساطة في غزة

لا تؤيد بقاء "حماس" في الحكم وترغب في إرسال قواتها إلى القطاع وإنشاء دولة فلسطينية بضمانات

نظرة الغزيين قاسية أمام المستقبل المجهول للقطاع (أ ف ب)

ملخص

دخلت تركيا على خط الوساطة بين إسرائيل و"حماس"، وهي تحمل الأفكار نفسها بإنشاء دولة فلسطينية وإنهاء دور الحركة وإرسال بعثة دولية لحفظ السلام في القطاع.

في ظل الحراك الدولي الجديد لوقف الحرب في غزة، بدأت تركيا رسمياً تلعب دور الوسيط الجديد الذي يملك مصالح مشتركة مع طرفي القتال، وشرعت في إعداد مقترحات لإنهاء القتال بين حركة "حماس" وإسرائيل وإبرام اتفاق بين الطرفين.

وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بنفسه التدخل كوسيط بين طرفي حرب القطاع، وقال "بلادنا على استعداد للمساعدة بأية طريقة ممكنة للتوصل لوقف إطلاق نار دائم في غزة، سنبذل كل ما في وسعنا لوقف المجزرة الإسرائيلية في القطاع، وضمان وقف إطلاق النار بصورة دائمة".

متغيرات دفعت بالوساطة التركية

التدخل التركي الجديد كوسيط جاء بعد متغيرات كثيرة، إذ انسحبت أو علقت قطر دورها في الوساطة بين الطرفين لعدم توفر الجدية، كما أن الولايات المتحدة طلبت من الدوحة طرد قيادات "حماس" من أراضيها، فضلاً عن موافقة واشنطن على تدخل أنقرة في ملف غزة.

أخيراً قال الرئيس الأميركي جو بايدن إن "الولايات المتحدة ستبذل جهداً آخر مع تركيا ودول أخرى لتحقيق وقف إطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح الرهائن وإنهاء الحرب من دون ’حماس‘ في السلطة. أميركا ستدفع مرة أخرى باتجاه التوصل إلى وقف إطلاق نار في غزة، عبر اتصالات مع أنقرة".

ليست هذه العوامل وحدها التي دفعت تركيا للتدخل في ملف غزة، إذ من بين الأسباب أن قيادات "حماس" سافرت إلى إسطنبول بصفتهم فلسطينيين يحملون الجنسية التركية، وأقاموا هناك من دون فتح مكتب تمثيلي أو سياسي لحركتهم.

كما أن إسرائيل وافقت أيضاً على التدخل التركي كوسيط، وهنا تفيد صحيفة "يديعوت أحرونوت" بأن أنقرة حصلت على الضوء الأخضر الأميركي والإسرائيلي للعب دور في الوساطة في شأن ملف غزة.

 

 

يعقب على ذلك مراسل العلاقات الدولية في الصحيفة نداف آيال بقوله، "لجأت إسرائيل إلى تركيا بطلب للانضمام إلى جهود الوساطة في محاولة للتوصل إلى صفقة التبادل، إذ اجتمع رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) رونين بار مع الاستخبارات في أنقرة والتقى مسؤولين في الخارجية التركية".

ويضيف آيال "حصلت تركيا على موافقة الولايات المتحدة للتدخل في الوساطة، وهناك تعهد من واشنطن بتحقيق تقدم في وقف الحرب، لقد كشف بايدن عن ذلك، كما أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بارك هذه الخطوة ورأى فيها فرصة مهمة".

في حديث بايدن الأخير قال "لدينا بالفعل أشخاص معينون من كلا الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وحتى الأميركي يقضون وقتاً في تركيا في الوقت الحالي، لذلك تمت إضافتها إلى الصورة، ونحن لن ندخر أي جهد في محاولة إنهاء حرب غزة".

كما قال نتنياهو "يمكن أن نشعر منها أن هناك شيئاً ما يحدث، الآن هناك فرصة للتوصل إلى صفقة تبادل للأسرى، ولن أخوض في التفاصيل".

أردوغان متحمس

في المحصلة، فإن الظروف ساعدت تركيا للحصول على الضوء الأخضر للعب دور الوسيط بين إسرائيل و"حماس"، وبحسب معلومات حصلت عليها "اندبندنت عربية" من مصادر في الحركة الفلسطينية، فإن هذا الملف سيكون بإشراف مباشر من الرئيس أردوغان وفريقه ووزارة الخارجية التركية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

فعلياً يبدو أردوغان متحمساً لدور الوساطة، إذ علق قائلاً "منذ بداية الحرب على غزة أكدت مراراً وتكراراً أنني مستعد للقيام بدور الوسيط أو ضامن من أجل تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، تسلمت مبادرة بايدن الجديدة، وهذه خطوة مهمة لكنها متأخرة".

وقال مكتب أردوغان إن الرئيس أبلغ نظيره الفلسطيني محمود عباس بأن أنقرة تبذل كل الجهود لإنهاء القتال، وضمان الهدوء في المنطقة.

المشاركة الرسمية الفلسطينية

في الواقع هذه المرة الأولى التي تتم فيها المشاركة الرسمية الفلسطينية في شأن ملف غزة، ويرى الباحث السياسي ثابت العمور أن تركيا ترغب في لعب دور مختلف، وتنوي أن تسير مع السلطة وليس الفصائل كحركة "حماس"، وأنها تخطط جيداً وتعرف ماذا تفعل وماذا تقول.

ويقول العمور إن "الوسطاء يفاوضون ’حماس‘ من دون إشراك السلطة الفلسطينية، لكن أنقرة حددت مسارها مع عباس وليس ’حماس‘، كما أن في ذلك رسالة بأن علل قيادات هذه الحركة عدم التفكير في منحهم فرصة العمل السياسي على الأراضي التركية، ورسالة أخيرة بأن الحل سيكون في تشكيل دولة فلسطينية".

في الواقع تحاول تركيا منذ شهر أبريل (نيسان) الماضي لعب دور الوساطة في ملف غزة، إذ طرحت على رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" إسماعيل هنية قبل اغتياله الفكرة وأيد ذلك، لكن الظروف الدولية لم تكن ناضجة.

لقاءات غير مباشرة لكنها متزامنة

تفيد معلومات المصادر بأن الدور التركي سيكون مختلفاً، إذ تخطط أنقرة لاستضافة اجتماعات متزامنة بين إسرائيل و"حماس" ولكن غير مباشرة، وخلال اللقاءات تعرض العقبات التي تمنع التوصل إلى اتفاق تهدئة ووقف الحرب في محاولة للتوصل إلى نقاط مشتركة، وذلك بهدف تحريك الملفات العالقة.

وفي خطاب أردوغان الأخير حدد معالم مقترحه في شأن غزة عندما قال "نعتقد أنه لن يكون هناك سلام في المنطقة من دون دولة فلسطين مستقلة ذات سيادة، تركيا تجري الاستعدادات اللازمة لإرسال المساعدات الإنسانية إلى القطاع وأيضاً حمايتها هناك".

يوضح العمور أن تركيا تسير وفق الخطة الإسرائيلية والأميركية القائمة على عدم مشاركة "حماس" في السلطة، وإرسال بعثة دولية لحفظ السلام في القطاع وتأمين المساعدات الإنسانية بطريقة تعيد النظام المدني هناك.

ويشير إلى أن أنقرة تسير أيضاً وفق التوجه السعودي الذي يؤيد حل الدولتين، وأن أردوغان لا يرغب في مخالفة هذا التوجه، بخاصة بعد تشكيل الرياض تحالف دولي لتطبيق هذا الحل وقيادتها ملف إنهاء حرب القطاع مع الولايات المتحدة لإعادة الهدوء للشرق الأوسط.

إقامة دولة وقوة دولية في غزة

بعد دخول تركيا على خط الوساطة، بدأ وزير خارجيتها هاكان فيدان عمله مباشرة، وعرض خطة وقف إطلاق النار. وقال "يجب إقامة دولة فلسطينية، قادة ’حماس‘ قبلوا حل الجناح العسكري كتائب القسام بمجرد الاتفاق على ذلك، ووافقوا على التحول إلى حزب سياسي".

يقوم التصور التركي على أنه بعد وقف الحرب الحالية فهناك حاجة إلى تدخل الأطراف الدولية كدول ضامنة لكلا الطرفين، يضيف فيدان "نناقش هذه الفكرة مع الأطراف لإنضاجها، وهذا يعني أنه يجب نزع سلاح ’حماس‘ في مقابل إنشاء دولة فلسطينية ومنع أي خروقات".

ويوضح فيدان أن ما يقوم به يأتي بناء على طلب الأميركيين، ويشير قائلاً "ذهبنا إلى مصر ولبنان وزرت مدينة جدة في السعودية من أجل ذلك، كما أجريت سلسلة اتصالات هاتفية مع قيادات ’حماس‘ ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن".

 

 

ولا تعارض تركيا إنهاء دور "حماس" من السلطة ولا إرسال بعثة دولية لإدارة غزة لحين إصلاح السلطة الفلسطينية، بل هذا مطلبها منذ عام 2018، حينها دعا الرئيس أردوغان إلى تدخل خارجي في القضية الفلسطينية هدفه تأمين الحماية للشعب الفلسطيني، وذلك من خلال إرسال قوة حفظ سلام دولية.

ويوضح فيدان أن "تركيا مستعدة للاضطلاع بالمسؤولية مع دول أخرى في المنظومة الأمنية التي ستؤسس في غزة، بما في ذلك أن تكون دولة ضامنة وهذا ما يحقق مرحلة ما بعد حماس، واستقراراً أكبر في المنطقة".

أما "حماس" نفسها فلا تعارض الدور التركي في الوساطة بل ترى أنه فرصة جيدة، ويقول المتحدث باسمها سامي أبو زهري "سنبذل كل الجهود مع الوسطاء جميعهم من أجل التوصل إلى اتفاق وقف الحرب بصورة دائمة، قررنا أن نبدي تجاوباً مع الجهود الجديدة".

وفي إسرائيل فإن نتنياهو موافق، وقال "الآن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق، لن أخوض في التفاصيل لكنها ستظهر قريباً".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات