Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إعادة تشكيل الهيئات الإعلامية في مصر... هل تحمل جديدا؟

جدل حول اختيار غير متخصصين على رأس مؤسسات إعلامية.. والبعض يراها "دماء جديدة"

مبنى اتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري "ماسبيرو" في القاهرة (أ ف ب)

ملخص

أثار الإعلان عن تشكيل الهيئات الإعلامية الجديدة في مصر جدلاً واسعاً قبل أداء اليمين الدستورية أمام مجلس النواب الأسبوع المقبل، فهما هي صلاحيات ومسؤوليات هذه الهيئات؟

بعد أشهر من الترقب، جاء الإعلان عن تشكيل الهيئات الإعلامية في مصر ليبدأ جدل جديد في شأن حدود سلطاتها ومدى الرضا عن المختارين لإدارتها، فضلاً عن الحديث حول التحديات التي تواجه الإعلام المصري، سواء من الناحية الاقتصادية أو ما يتعلق بحدود حرية التعبير.

ويؤدي رؤساء وأعضاء الهيئات الإعلامية اليمين الدستورية أمام مجلس النواب الأسبوع المقبل، وفق ما نشرته صحف محلية، بعدما أصدر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الإثنين الماضي، قرارات جمهورية تضمنت التشكيلات الجديدة للثلاث هيئات المنظمة للإعلام في مصر، إذ ترأس وزير الشباب والرياضة السابق خالد عبدالعزيز المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، فيما تقلد مستشار الرئيس المصري السابق أحمد المسلماني منصب رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، التي تشرف على قنوات الراديو والتلفزيون المملوكة للدولة (ماسبيرو)، فيما استمر عبدالصادق الشوربجي في منصبه رئيساً للهيئة الوطنية للصحافة التي تدير المؤسسات الصحافية المملوكة للدولة، وتشرف على كل شؤون الصحافة.

انتقاد الاختيارات

فور الإعلان عن تلك الأسماء بدأ الجدل على منصات التواصل الاجتماعي، إذ تعجب البعض من اختيار عبدالعزيز وهو مهندس بالأساس في رئاسة الهيئة المنظمة لشؤون الإعلام في البلاد، خلفاً لكرم جبر وهو صحافي مخضرم، خصوصاً أنه في يوليو (تموز) الماضي، نشرت صحف محلية أنباء عن الاتجاه لاختيار ضياء رشوان لهذا المنصب، وهو ما كان منطقياً بالنظر إلى خبراته كنقيب سابق للصحافيين وهو الرئيس الحالي للهيئة العامة للاستعلامات.

كذلك، كان مفاجئاً لكثيرين اختيار المسلماني لإدارة الهيئة الوطنية للإعلام، التي تقوم بمهمة تنظيم وسائل الإعلام المسموعة والمرئية المملوكة للدولة، وهو عبء إداري ثقيل بالنظر لوجود نحو 40 ألف موظف وإعلامي في مبنى ماسبيرو العريق، وفق تقديرات سابقة، وكان من المعتاد اختيار أحد العاملين في المبنى لإدارته، سواء تحت مسمى الهيئة الوطنية للإعلام أو ما كان سابقاً يسمى اتحاد الإذاعة والتلفزيون، ليكون المسلماني أول رئيس لـ"ماسبيرو" من خارجه. ويمتلك المسلماني تاريخاً كباحث وكاتب في المجال السياسي كما قدم عدداً من البرامج التلفزيونية، ويظهر كمحلل سياسي، وعين مستشاراً للرئيس السابق عدلي منصور الذي شغل المنصب بصورة موقتة لمدة أقل من عام عقب إطاحة الرئيس الأسبق محمد مرسي إثر ثورة 30 يونيو (حزيران).

الجدل الأكبر كان حول توجهات وأفكار المسلماني، إذ أعاد البعض نشر لقاءات إعلامية سبقت ثورة 30 يونيو ظهر فيها مدافعاً عن جماعة الإخوان المسلمين، ويقول إنها جزء أساسي من الشارع السياسي المصري، وطالب في تلك اللقاءات بالعمل على إزالة الجماعة من قوائم الإرهاب. لكن ظهرت أصوات أخرى دافعت عن المسلماني ودوره في الحشد ضد فكر الإخوان بعد الإطاحة بمرسي، وكان من تلك الأصوات عضو مجلس النواب محمود بدر الذي قال، إن مواقف المسلماني الداعمة للدولة معروفة، وإنه كان من العوامل التي روجت دولياً لأفكار ثورة 30 يونيو ومواجهة المصريين للفكر الإخواني.

أهل الثقة

ووصفت العميدة السابقة لكلية اللغات والإعلام بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري عزة أحمد هيكل، اختيار المهندس خالد عبدالعزيز لمنصب رئيس المجلس الأعلى للإعلام بأنه "غير موفق"، موضحة أنه كان يعمل مهندساً طوال سيرته المهنية وحينما تولى منصب وزارة الرياضة لم يحقق فيه إنجازاً يذكر، بحسب تعبيرها، وعلى رغم ذلك يتولى منصباً يوازي وزير الإعلام، وهو ما يعد بعيداً تماماً عن تخصصه الأصلي.

كما قالت لـ"اندبندنت عربية"، إن اختيار أحمد المسلماني لرئاسة الهيئة الوطنية للإعلام لم يأت في محله على اعتبار أن له ميولاً "إخوانية" عبر عنها بنفسه في فيديوهات مسجلة ومتاحة للجميع، مشيرة إلى أنه لم يتولَ أي منصب في قناة إخبارية وخبراته محصورة في البحث العلمي، مضيفة أن الإعلام يحتاج علماً وإدارة، وتساءلت "هل المسلماني قادر على إدارة مبني كماسبيرو".

أما رئيس الهيئة الوطنية للصحافة عبدالصادق الشوربجي، فقد شهدت الصحف في عهده أقل نسب توزيع، وفق الأكاديمية عزة هيكل، ومع ذلك اُختير للاستمرار في المنصب، على رغم أن الإعلام ليس مهنته الأصلية باعتباره مهندساً. والشوربجي شغل منصب رئيس مجلس إدارة مؤسسة "روزاليوسف" الصحافية بين أعوام 2012 و2020، حين تولى رئاسة الهيئة للمرة الأولى.

دعم لمواجهة التحديات

في المقابل، ترى العميد الأسبق لكلية الإعلام جامعة القاهرة ليلى عبدالمجيد، أن الحديث عن الأشخاص الذين تم اختيارهم لرئاسة الهيئات الإعلامية ليس مهماً، لأن الاختيار قد تم فعلاً، والأولى حالياً أن يتم دعمهم في محاولة لتجاوز الأزمات المتصاعدة في ملف الإعلام.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأوضحت د. ليلى عبدالمجيد لـ"اندبندنت عربية" أن الدولة المصرية تواجه أزمة اقتصادية كبيرة تنعكس على كل الملفات بما فيها الإعلام، الذي يعاني وضعاً متدهوراً في الأساس، إذ تواجه كل وسائل الإعلام تحديات كبيرة أهمها الاقتصادية، كما أن المؤسسات القومية التابعة للمجلس الأعلى للإعلام وهيئتي الصحافة والإعلام بداخلها مشكلات إدارية ومالية ومؤسسية تحتاج إلى ترتيبات كبيرة لمواجهتها.

وترى أن المواجهة تحتاج إلى خطة ثم أجندة سنوية يتم ترتيبها وفق الأولويات، ليبدأ العمل سريعاً وفق ما تحتاج إليه السوق الإعلامية الحالية من دون توقف أو تعطل لمجرد نقص الإمكانات.

سقف الحريات

فيما ترى د. عزة هيكل أن المشكلة الأساسية لدينا في مجال الإعلام داخل مصر، هي الاعتماد في أي اختيار على أهل الثقة قبل الكفاءة، كذلك هنالك سقف حريات ضئيل للغاية وحرية تداول المعلومات شبه معدومة، لذلك لن تنتهي الأزمة نهائياً، موضحة أن انتقاد بعض السياسات التنفيذية لا يعني عدم الوطنية ومن ثم يجب فتح المجال "بشكل محسوب".

وطرحت خطة ستسهل على الإدارة السياسية تحقق إنجاز في هذا الملف تستند إلى الاعتماد على من تتوافر فيهم الكفاءة والخبرة من أهل الثقة، مع حرية تداول المعلومات، وفتح مساحات للانتقاد للأجهزة التنفيذية وليست الدولة أو الحكومة بذاتها، وسط محاذير لا تؤثر في القراء والمحتوى تحت مظلة وطنية تحافظ على البلاد. وحذرت من أن غياب الإدارة الجيدة لملف الإعلام يجعل الجمهور يتجه إلى منصات إعلامية غير وطنية، تمرر أفكاراً وأجندات قد تضر بمصلحة مصر.

وكيل أول نقابة الصحافيين الأسبق جمال فهمي، وصف الهيئات الإعلامية بأنها أصبحت أداة بيد السلطة التنفيذية للعمل على غلق نوافذ حرية الرأي والتعبير، وأضاف في تصريحات تلفزيونية أنه يتمنى أن تمارس الهيئات بتشكيلها الجديد دوراً في استرداد حرية الصحافة في مصر، على حد تعبيره.

وتنص المادة 70 من الدستور المصري على أن "حرية الصحافة والطباعة والنشر الورقي والمرئي والمسموع والإلكتروني مكفولة".

أسماء كبيرة

فيما يتفاءل آخرون بتشكيل الهيئات الإعلامية الجديد، إذ قال المفكر والدبلوماسي السابق مصطفى الفقي، إن تلك القرارات تشير إلى رغبة حقيقية لدى الدولة في تغيير دماء الإعلام المصري، مشيراً في تصريحات تلفزيونية إلى أن هناك أسماء كبيرة تمثل عودتها إلى الساحة الإعلامية خطوة جيدة للدولة.

وشمل قرار تشكيل المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام أن من بين أعضائه نقيب الصحافيين السابق عبدالمحسن سلامة، والصحافي المخضرم عادل حمودة، ورئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون الأسبق عصام الأمير. كما يشغل عضوية الهيئة الوطنية للإعلام المذيع الشهير أسامة كمال والكاتبة صفية مصطفى أمين، نجلة مؤسس "دار أخبار اليوم" الصحافية، فيما تضمن تشكيل الهيئة الوطنية للصحافة رئيس تحرير صحيفة "الأهرام" السابق علاء ثابت، ورئيس تحرير صحيفة "أخبار اليوم" السابق عمرو الخياط، والصحافي الشهير حمدي رزق، والكاتبة سحر الجعارة.

استكمال التطوير

رئيس الهيئة الوطنية للصحافة عبدالصادق الشوربجي تعهد عقب قرار الإبقاء عليه "استكمال مسيرة التطوير"، مع العمل على مواجهة التحديات والاهتمام بالصحافة الورقية ومواكبة التطورات، في ظل المصاعب التي شهدتها صناعة الصحافة في الأعوام الماضية ومنها جائحة كورونا والحرب الروسية - الأوكرانية، بحسب تصريحات تلفزيونية للشوربجي الذي وعد بأن تشهد الفترة المقبلة تحقيق المؤسسات الصحافية الحكومية التوازن المالي، وعدم إهمال الصحافة الورقية.

وفق الدستور، تعد الهيئتان الوطنيتان للصحافة والإعلام مستقلتين، ويلزم الدستور في مادته 212 هيئة الصحافة بأن "تقوم على إدارة المؤسسات الصحافية المملوكة للدولة وتطويرها وتنمية أصولها وضمان تحديثها واستقلالها وحيادها والتزامها بأداء مهني وإداري واقتصادي رشيد"، فيما تنص المادة 213 على أن "الهيئة الوطنية للإعلام هيئة مستقلة، تقوم على إدارة المؤسسات الإعلامية المرئية والإذاعية والرقمية المملوكة للدولة وتطويرها وتنمية أصولها وضمان استقلالها وحيادها والتزامها بأداء مهني وإداري واقتصادي رشيد".

وحدد القانون مهام واختصاصات المجلس الأعلى للإعلام، وعلى رأسها حماية حق المواطن في التمتع بإعلام وصحافة حرة ونزيهة، وعلى قدر رفيع من المهنية وفق معايير الجودة الدولية، وبما يتوافق مع الهوية الثقافية المصرية، إضافة إلى ضمان استقلال المؤسسات الصحافية والإعلامية وحيادها وتعددها وتنوعها وضمان التزام الوسائل والمؤسسات الإعلامية والصحافية بمعايير وأصول المهنة وأخلاقياتها، وكذلك بمقتضيات الأمن القومي.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير