Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

محادثات "صريحة" أحيطت بالتكتم في جنيف بين إيران ودول غربية

الوكالة الدولية للطاقة الذرية أكدت عزم طهران نصب آلاف أجهزة الطرد المركزي الجديدة

داخل منشأة "فوردو" لتخصيب اليورانيوم شمال إيران، 6 نوفمبر 2019 (أ ف ب)

ملخص

يحدد التقرير تفاصيل خطط تركيب أكثر من 32 مجموعة تتألف كل منها من 174 جهازاً تقريباً، إضافة إلى مجموعة ضخمة وغير مسبوقة من 1152 جهازاً متقدماً للطرد المركزي من طراز "آي آر-6".

اتفقت ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة وإيران على مواصلة "الحوار الدبلوماسي" بعد محادثات "صريحة" في جنيف أحيطت بالتكتم في ظل توترات متصاعدة، لا سيما بسبب برنامج طهران النووي.
وعقد دبلوماسيون من الدول الأربع محادثات في جنيف اليوم الجمعة تطرقت إلى البرنامج النووي والتعاون الإيراني مع روسيا خصوصاً في المجال العسكري إضافة إلى الوضع في الشرق الأوسط، وذلك قبل أقل من شهرين على عودة الجمهوري دونالد ترمب إلى سدة الرئاسة في الولايات المتحدة.
وأفاد نائب وزير الخارجية الإيراني كاظم غريب آبادي على منصة "إكس" بأن المناقشات كانت "صريحة" لتقييم التطورات على مستوى العلاقات الثنائية والإقليمية والدولية، خصوصاً ما يتعلق بالقضايا النووية ورفع العقوبات الغربية المفروضة على طهران.
وقال "نحن ملتزمون بشدة بالدفاع عن مصالح شعبنا ونفضل طريق الحوار والمشاركة"، مضيفاً أنه "تم الاتفاق على مواصلة الحوار الدبلوماسي في المستقبل القريب".
ولم يعلق المشاركون الآخرون بعد على الاجتماع الذي عقد على ضفاف بحيرة جنيف، وأحيط بتكتم شديد.
وكان اجتماع بصيغة مماثلة عقد في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال سبتمبر (أيلول) الماضي.

طموحات إيران

وخلال زيارة إلى باريس حدد رئيس الاستخبارات الخارجية البريطانية ريتشارد مور اليوم الأخطار التي تواجهها هذه المحادثات، قائلاً إن طموحات إيران النووية تشكل "تهديداً أمنياً" كبيراً بالنسبة إلى العالم.
وفيما أشار رئيس جهاز "أم آي 6" (MI6) في تصريحات بحضور نظيره الفرنسي رئيس الاستخبارات الخارجية الفرنسية نيكولا ليرنر إلى أن "الميليشيات الحليفة لإيران في الشرق الأوسط عانت انتكاسات خطرة"، أضاف أن "الطموحات النووية للنظام (في طهران) تستمر في تهديدنا جميعاً".

زيادة آلاف أجهزة الطرد المركزي

بالتزامن، ذكر تقرير سري للوكالة الدولية للطاقة الذرية أمس الخميس أن إيران أبلغت الوكالة باعتزامها تركيب مزيد من أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم، يصل عددها إلى 6 آلاف، في منشأتي نطنز وفوردو وتشغيل أجهزة تم تركيبها أخيراً.

ويسرد التقرير الموجه إلى الدول الأعضاء في الوكالة تفاصيل إجراءات أبلغت إيران الوكالة باعتزامها تنفيذها، على رغم أنها لم تنجز سوى القليل منها حتى الآن، إذ تعهدت بإضافة آلاف من أجهزة الطرد المركزي بعد قرار صادر ضدها من الوكالة التي يتألف مجلس محافظيها من 35 دولة.

وجاء في التقرير أن "إيران أبلغت الوكالة" بنيتها وضع هذه الآلات في الخدمة في موقعي فوردو ونطنز بمعدل تخصيب يصل إلى خمسة في المئة، أي ما يزيد قليلاً على النسبة المسموح بها بموجب الاتفاق النووي الدولي لعام 2015 التي تبلغ 3.67 في المئة.

وتملك إيران بالفعل أكثر من 10 آلاف جهاز طرد مركزي قيد التشغيل في موقعي نطنز وفوردو تحت الأرض ومحطة فوق الأرض في نطنز. ويحدد التقرير تفاصيل خطط تركيب أكثر من 32 مجموعة تتألف كل منها من 174 جهازاً تقريباً، إضافة إلى مجموعة ضخمة وغير مسبوقة من 1152 جهازاً متقدماً للطرد المركزي من طراز "آي آر-6".

ولم يتطرق التقرير إلى ذكر التخصيب لدرجة نقاء 60 في المئة القريبة من مستوى صنع الأسلحة عند 90 في المئة، مما قد يشير إلى اتباع إيران نهجاً حذراً نسبياً في ظل استعدادها لإجراء محادثات اليوم الجمعة مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا في جنيف بهدف العودة للحوار مع الغرب.

وقبل أسبوع فقط من الاجتماع الفصلي لمجلس محافظي الوكالة، عرضت طهران وضع حد أقصى لمخزونها من اليورانيوم المخصب إلى درجة 60 في المئة، لكن دبلوماسيين قالوا إن ذلك مشروط بعدم اعتماد المجلس قراراً يستهدفها.

وتحققت الوكالة من أن إيران تبطئ من التخصيب عند ذلك المستوى الأعلى ووصفت الأمر بأنه "خطوة ملموسة في الاتجاه الصحيح"، لكن مجلسها اعتمد قراراً اقترحته بريطانيا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة يكرر دعوة إيران إلى زيادة تعاونها مع الوكالة.

ولم يذكر التقرير أن إيران عدلت عن الإبطاء في التخصيب إلى ذلك المستوى الأعلى، لكنه أوضح أن طهران أخطرت الوكالة بأن ثماني مجموعات مضافة حديثاً من أجهزة "آي آر-6" سيتم تشغيلها للتخصيب إلى درجة نقاء تصل إلى خمسة في المئة. وأظهر تقرير للوكالة في أغسطس (آب) الماضي أن درجة النقاء المزمعة غير محددة.

دعوة إيرانية للاتحاد الأوروبي

في غضون ذلك دعت إيران الاتحاد الأوروبي اليوم إلى التخلي عن سلوك اعتبرته "غير مسؤول" في شأن مجموعة من القضايا الدولية بعد لقاء أمس الخميس مع الدبلوماسي الأوروبي إنريكي مورا في جنيف، حيث تجرى اليوم محادثات بين الطرفين حول الملف النووي.

وكتب نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون القانونية والدولية كاظم غريب آبادي، وهو جزء من الوفد الإيراني، على "إكس"، "أكدنا له مجدداً أن على الاتحاد الأوروبي التخلي عن سلوكه الأناني وغير المسؤول في مواجهة مشكلات هذه القارة وتحدياتها، والقضايا الدولية".

ورأى أن أوروبا "لم تنجح في أن تكون لاعباً جدياً" في المسألة النووية، بعدما قامت واشنطن في 2018 بمعاودة فرض عقوبات على طهران كان الأوروبيون يعارضونها.

وكان غريب آبادي ونائب وزير الخارجية للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي أجريا مناقشات أمس في جنيف مع مورا، الذي يشغل منصب نائب الأمين العام للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي.

من جهته أفاد مورا عبر "إكس" بأنه جرى بحث "دعم إيران العسكري لروسيا الذي يجب أن يتوقف، والمسألة النووية التي تحتاج إلى حل دبلوماسي، والتوترات الإقليمية - من المهم أن يتفادى جميع الأطراف التصعيد - وحقوق الإنسان".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

استباق عودة ترمب

وسيلتقي الوفد الإيراني اليوم مع دبلوماسيين كبار من بريطانيا وألمانيا وفرنسا، وهي الدول التي تشكل معاً ما يعرف باسم الترويكا الأوروبية.

وتجلى مستوى انعدام الثقة بين الجانبين عندما دفعت الدول الثلاث في الـ21 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بقرار ضد إيران كلف الوكالة الدولية للطاقة الذرية بإعداد تقرير "واف" عن الأنشطة النووية الإيرانية بحلول ربيع عام 2025 على رغم تعهدات إيران الأحدث، ولكن المحدودة، بالحد من تخصيب اليورانيوم.

وقال دبلوماسيون إن هذا يجعل اجتماعات جنيف بمثابة محادثات مكثفة، تركز على المخاوف المتبادلة في شأن كيفية تعامل ترمب مع الملف الإيراني في ولايته الرئاسية.

ويقول دبلوماسيون أوروبيون وإسرائيليون وإقليميون إن إدارة ترمب، التي تضم شخصيات معروفة بموقفها المتشدد إزاء إيران مثل مرشحه لمنصب وزير الخارجية ماركو روبيو، ستمضي باتجاه سياسة "الضغط الأقصى" التي تهدف إلى تركيع إيران اقتصادياً كما حاول خلال رئاسته الأولى. ويقولون أيضاً إنه قد يسعى إلى نوع من الصفقة الكبرى، التي تشمل الأطراف الإقليمية لحل الأزمات المتعددة في المنطقة.

وتبنت الدول الأوروبية الثلاث والموقعة على الاتفاق النووي لعام 2015 موقفاً أكثر صرامة تجاه إيران في الأشهر الماضية، وخصوصاً منذ كثفت طهران دعمها العسكري لروسيا في حربها بأوكرانيا، ومع ذلك تقول هذه الدول دوماً إنها تريد الحفاظ على سياسة بين الضغط والحوار.

لا اتفاق

وذكر ثلاثة مسؤولين إيرانيين أن الهدف الأساسي لطهران سيكون إيجاد طرق لضمان "رفع العقوبات" المفروضة منذ عام 2018 عندما انسحب ترمب خلال رئاسته الأولى من اتفاق 2015، الذي أبرمته إيران مع ست قوى عالمية.

وقال أحد المسؤولين الثلاثة، "قررت المؤسسة التغلب على الجمود النووي، الهدف هو استغلال اجتماع جنيف لإيجاد أرضية مشتركة، وإذا حققنا تقدماً فإن واشنطن قد تنضم في مرحلة لاحقة".

وسرعت إيران برنامجها النووي، وحدت من قدرة الوكالة الدولية للطاقة الذرية على مراقبته منذ عام 2018.

وقال كيلسي دافنبورت، المسؤول عن سياسة منع الانتشار في رابطة الحد من الأسلحة، "لن يكون هناك اتفاق أو أية محادثات جادة عن ملامح الاتفاق قبل تولي ترمب منصبه". وأضاف "لكن يجب أن يضغط الأوروبيون على إيران لمعرفة ما جوانب برنامجها النووي التي ترغب في التفاوض عليها وما الظروف الأمنية في المنطقة، التي يتعين أن تتغير حتى تقدم إيران تنازلات نووية".

وقال مسؤول أوروبي إن الهدف الأساسي هو محاولة الاتفاق على جدول زمني وإطار عمل لبدء محادثات بحسن نية، يلتزم فيها الإيرانيون بصورة واضحة بالبدء في التفاوض على شيء ملموس قبل تولي ترمب السلطة.

قضايا أخرى

وذكر مسؤولون من الجانبين أن القضية النووية مجرد جانب واحد من المحادثات التي ستتناول أيضاً علاقات إيران العسكرية مع روسيا ودورها الإقليمي، مع تصاعد المخاوف من أن التوتر بين إيران وعدوها اللدود إسرائيل قد يشعل حرباً شاملة في منطقة ملتهبة بالفعل، بسبب الضربات المتبادلة بينهما والصراعين في غزة ولبنان.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن من أسباب اتخاذ قرار وقف إطلاق النار في لبنان، الذي أعلنه الثلاثاء الماضي، هو تحويل تركيز إسرائيل إلى إيران.

وعلى رغم أن عودة ترمب للسلطة تثير غموضاً حول مصير عدد من القضايا، قال أربعة دبلوماسيين أوروبيين إن دول الترويكا شعرت بأن من الضروري الانخراط في محادثات الآن لأن الوقت ينفد.

وتأمل القوى الغربية في أن تقرر إيران البدء في التفاوض على قيود جديدة على أنشطتها النووية، وإن كانت أقل صرامة من تلك التي فرضت في عام 2015، بهدف التوصل إلى اتفاق بحلول الصيف. وفي المقابل سيتم البدء في رفع العقوبات، على رغم أن أكثرها ضرراً بالاقتصاد الإيراني هي العقوبات الأميركية.

وبعد أن تجاوزت إيران بكثير حدود تخصيب اليورانيوم المنصوص عليها في اتفاق 2015، من غير الواضح إذا ما كان ترمب سيؤيد المفاوضات الرامية إلى وضع حدود جديدة قبل رفع تلك الواردة في اتفاق 2015 في يوم انتهاء سريانها في أكتوبر (تشرين الأول) 2025.

وإذا لم يتفق على حدود جديدة قبل ذلك اليوم، قد تستغل المسألة في ما يسمى بـ"العودة السريعة"، وهي عملية تحال فيها القضية بموجب اتفاق 2015 إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وقد يعاد فيها فرض العقوبات التي رفعت. وحذرت إيران التي تقول منذ فترة طويلة إن برنامجها النووي مخصص للأغراض السلمية، من أنها ستراجع عقيدتها النووية إذا حدث ذلك.

المزيد من الأخبار