Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

من أشعل خطوط التماس بين المعارضة السورية وجيش النظام؟

الفصائل سيطرت على دبابات وعربات حربية تابعة للقوات الحكومية ومراقبون يرونها ضغوطاً تركية لحمل الأسد على التطبيع مع أنقرة

مقاتلون يلوحون بعلامة النصر في الجزء الغربي من محافظة حلب شمال سوريا (أ ف ب)

ملخص

 مع استمرار الاشتباكات وتقدم الفصائل المعارضة التي تقودها "جبهة النصرة" سابقاً، تبقى الاحتمالات مفتوحة على معارك طاحنة سيشهدها الشمال السوري.

شن مسلحو المعارضة السورية فجر أمس الأربعاء عملية مشتركة في هجوم مباغت على مواقع ومناطق سيطرة النظام السوري والميليشيات المساندة له في ريف حلب الغربي شمال البلاد، مما يعتبر حدثاً عسكرياً هو الأول من نوعه منذ أعوام.

وشاركت في العملية العسكرية "هيئة تحرير الشام" كأبرز فصيل معارض، إضافة إلى فصائل من الجيش الوطني، وأعلنت غرفة العمليات المشتركة المعارضة في بيان مصور إطلاقها معركة "رد العدوان" قالت فيه إن إطلاق العملية العسكرية جاء بعد رصد تحركات للنظام لإطلاق عملية ضد "المناطق الآمنة، كما أن العملية العسكرية ليست خياراً بل واجباً"، بينما قالت وسائل إعلام مقربة من "هيئة تحرير الشام" إن الهجوم جاء رداً على قصف النظام مناطق شمال غربي سوريا.

وأسفرت العملية العسكرية التي بدأت بقوة في محورين بريف حلب الغربي حتى الآن عن مقتل نحو 100 عنصر غالبيتهم من "هيئة تحرير الشام" المعارضة، في حين قتل نحو 40 عسكرياً من الجيش النظامي بينهم ضباط وقادة، كما أظهرت فيديوهات نشرتها جهات معارضة صوراً لأسرى الجيش الحكومي بينما يتعرض بعضهم للضرب والمعاملة القاسية، وقالت مصادر ميدانية إن بينهم إيرانيين وروساً، إضافة إلى فرار جنود آخرين من مواقعهم في تلك المنطقة.

 

كما سيطرت الفصائل على عدد من الدبابات والعربات والسيارات التابعة للجيش السوري النظامي، إضافة إلى كميات كبيرة من الذخائر والأسلحة المخزنة على إحدى أسخن خطوط التماس بين النظام والمعارضة المسلحة، إذ أظهرت المعارضة عشرات القذائف والصواريخ إضافة إلى أجهزة تشويش حركة الطيران المسير، ونشرت جهات مقربة من "هيئة تحرير الشام"، جبهة النصرة سابقاً، صوراً لاستهداف نقاط ودبابات الجيش السوري النظامي بطائرات انتحارية دقيقة.

ودخلت المعركة يومها الثاني مع الساعات الأولى من صباح الخميس وأدت حتى الآن إلى سيطرة المعارضة السورية على أكثر من 25 بلدة وقرية بريف حلب الغربي، أبرزها الشيخ عقيل وبالا والفوج 46 وبسطرون وغيرها، كما بادرت الفصائل المعارضة إلى فتح جبهة أخرى بريف إدلب الشرقي، وسيطرت على بلدتي داديخ وكفر بطيخ القريبتين من مدينة سراقب الإستراتيجية على طريق حلب - دمشق، أو ما يعرف بالطريق الدولي M5 الذي بات مقطوعاً جراء الأعمال العسكرية، في حين اقتربت في بعض المحاور الشمالية من مسافة 10 كيلومترات فقط من مركز مدينة حلب.

ارتباك وتحشيد

وجاء الرد الحكومي عقب بدء العملية بساعات من خلال شن طائرات روسية وأخرى تابعة للحكومة غارات على مواقع وبلدات تحت سيطرة المعارضة السورية، إضافة إلى قصف مدفعي وصاروخي أدى إلى مقتل عشرات المسلحين المعارضين، بحسب مواقع مقربة من الحكومة.

لكن الحكومة السورية لم تعلق رسمياً على المعركة الواسعة إلا بعد مرور أكثر من 24 ساعة عبر نشر حساب لوزارة الدفاع الحكومية بياناً مقتضباً جاء فيه أن الهجوم الكبير "انتهاك سافر لاتفاق خفض التصعيد بإيعاز من المشغلين الإقليميين للتنظيمات الإرهابية المنضوية تحت ما يسمى جبهة النصرة الإرهابية، والموجودة في ريفي حلب و إدلب".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف البيان أن قوات النظام تصدت للهجوم  الذي لا يزال مستمراً حتى الآن وكبدت "التنظيمات الإرهابية المهاجمة خسائر فادحة في العتاد والأرواح، وتقوم بمواجهة التنظيمات الإرهابية بمختلف الوسائط النارية بالتعاون مع القوات الصديقة وصولاً لإعادة الوضع إلى ما كان عليه".

لكن البيان عُدل لاحقاً من خلال حذف عبارات "انتهاك اتفاق خفض التصعيد وإعادة الوضع على ما كان عليه"، مع التركيز على مواجهة الهجوم وتكبيد الفصائل المعارضة خسائر فادحة.

وذكرت مصادر ميدانية لـ "اندبندنت عربية" أن الجيش السوري يعمل على تحشيد كبير في المنطقة المتاخمة لخطوط التماس، بما فيها مرابض المدفعية والمسيرات استعداداً لهجوم مضاد، وفق تعبيرها.

لكن وزير الإعلام في حكومة الإنقاذ التابعة لـ "هيئة تحرير الشام" محمد العمر قال إن إعلام نظام الأسد "ربط المعركة المحقة التي يخوضها الشعب السوري في الشمال المحرر بقضايا إقليمية ودولية، وذلك بهدف التشويش الإعلامي وتحفيز المجندين في صفوفه على الاستمرار في قتل أهلهم بحجة مواجهة عدو خارجي"، مشدداً على أن الشعب السوري "يخوض معركة تحرر واستقلال هدفها رد عدوان النظام واستعادة المناطق التي اغتصبها وهجّر أهلها".

الأطراف المشاركة

ومن جهة المعارضة برزت إدارة العملية باسم "إدارة العمليات المشتركة"، وأبرز من فيها "هيئة تحرير الشام" و"غرفة عمليات الفتح المبين" المكونة من فصائل مثل "الجبهة الوطنية للتحرير" التي تضم فصائل المعارضة التابعة لـ"الجيش الوطني السوري" المدعوم من تركيا إضافة إلى "جيش العزة"، وهذه الفصائل تنشط في ريف حلب الغربي وأرياف حماة واللاذقية وإدلب وتقودها "هيئة تحرير الشام"، في حين ذكرت مصادر معارضة أن فصائل "القوة المشتركة" المدعومة بصورة مباشرة من تركيا شاركت أيضاً في العملية لكن بشكل محدود، فيما كانت القوات الحكومية الجهة الأبرز في الطرف المقابل إلى جانب ما سماه بيان الجيش السوري بـ "القوات الصديقة"، في إشارة إلى القوات الروسية والإيرانية، بينما نشر معارضون صوراً لقتلى عسكريين قالوا إنهم من إيران ولبنان إضافة إلى جنود روس.

 

وأدت المعارك بين الطرفين المتحاربين إلى نزوح عشرات آلاف السكان المحليين جراء القصف المتبادل والهجمات البرية والجوية في الريف القريب من حلب وإدلب، كما أن عدداً من المدنيين كانوا ضحايا القصف ما بين قتيل وجريح، بما في ذلك خلال الأيام التي سبقت المعركة الأخيرة.

وتأتي العملية العسكرية في ظروف ميدانية وإقليمية ودولية متغيرة، إذ رفضت تركيا سابقاً طلبات من الفصائل المعارضة لفتح ما يعرف بـ "معركة حلب"، في حين يرى مراقبون أن تركيا وافقت على التحرك الأخير بعدما رفضت الحكومة السورية جميع الدعوات التركية لعملية تطبيع العلاقات التي كرر فيها مسؤولوها، بمن فيهم الرئيس رجب طيب أردوغان، استعدادهم للقاء رئيس النظام السوري بشار الأسد، في حين قال وزير خارجية تركيا هاكان فيدان إن سوريا غير مستعدة لإعادة العلاقات مع تركيا أو الاتفاق مع المعارضة السورية.

واعتبر مراقبون أن الموافقة التركية الأخيرة على تحرك المعارضة كانت لدفع النظام السوري نحو تركيا، بينما قال مصدر أمني تركي لـ "رويترز" إن "عملية المعارضة السورية باتجاه حلب تقع ضمن حدود منطقة خفض التصعيد في إدلب التي اتفقت عليها روسيا وإيران وتركيا عام 2019، وهي عملية محدودة لكنها توسعت بعد أن غادرت قوات الحكومة السورية مواقعها، لأن الهجوم جاء بعد هجمات قوات النظام على منطقة خفض التصعيد".

ومع استمرار الاشتباكات وتقدم الفصائل المعارضة التي تقودها "جبهة النصرة" سابقاً تبقى الاحتمالات مفتوحة على معارك طاحنة سيشهدها الشمال السوري حال عدم اتفاق أطراف "آستانا" المتمثلة بروسيا وتركيا وإيران، إضافة إلى الحكومة والمعارضة السورية المسلحة على وقف القتال والعودة لخطوط خفض التصعيد التي ثبتتها عشرات الاجتماعات في العاصمة الكازاخية خلال الأعوام الماضية.

المزيد من تقارير