ملخص
قال "رأيته مرتين بعد الاعتقال، وكان ألمي كبيراً عندما رأيته لأن السيد الرئيس بالنسبة لي شخص عظيم، هو قدوتي. وألمي شديد لأنني وجدته في مكان يحاول فيه بعض العملاء إيذاءه، كان رجلاً كالأسد وثابتاً على مبادئه التي نشأ عليها وناضل وضحى من أجلها، حقيقة هذا أول لقاء، واللقاء الثاني، مثلما ذكرت لك، كان في قاعة المحكمة"... صهر صدام حسين يروي كواليس اعتقال وإعدام الرئيس العراقي الراحل.
أجرى رئيس تحرير جريدة "الشرق الأوسط" غسان شربل حواراً صحافياً مع جمال مصطفى السلطان صهر صدام حسين، زوج ابنته حلا، تناول كثيراً عن كواليس أيام القصر وأيام الزنزانات حيث تطرق إلى فترة الاعتقال وعملية الإعدام وما صاحبها من عمليات تشفي، خصوصاً أنها جاءت صبيحة يوم العيد، وغيرها من محاولات الاغتيال.
وقال جمال مصطفى إنه عرف أثناء وجوده في المعتقل بإعدام الرئيس العراقي الراحل ونقل جثته للتشفي، مشيراً إلى أن "رئيس محكمة الثورة عواد البندر (الذي نُفذ فيه حكم الإعدام أيضاً) كان ينقل لي بعض الكلام عن السيد الرئيس، إذ كان يذهب إلى محكمة الدجيل، وكانت علاقتي به جيدة ونجلس معاً ونتحدث، وأبو بدر في الحقيقة طيب وشجاع وإنسان لديه تفاؤل، التنفيذ (الإعدام) ربما بعد ساعة لكن هو يتحدث معك ويقول لك، ’لا تُقلق نفسك، ولا تهتم، وهذا الموضوع لن يحصل‘. يعطيك طمأنينة ويريحك. كنت أتواصل من خلال عواد البندر، كلام يأتي ويذهب".
وأضاف أنه "هكذا كنا نتبادل السلام والكلام وغيرهما. بعدها كان سلطان هاشم، وزير الدفاع العراقي، الله يرحمه ويغفر له، وحسين رشيد، الله يفرج عنه، فريق أول ركن أمين سر القيادة العامة للقوات العراقية، وهو لا يزال في المعتقل وتجاوز عمره 85 سنة... كان حسين رشيد وسلطان هاشم، الله يرحمه، أُرسل معهما كلاماً ويأتي كلام من خلالهما، رسائل شفوية، إضافة إلى أنني كنت أرسل كتباً للسيد الرئيس، كتب متنوعة، خصوصاً التاريخية التي كانت عندي في المعتقل، إضافة إلى أنه كان يأتيني منه بعض السيجار الذي يحمل توقيعه. يوقّع على السيجار ويرسله لي لأتأكد أن الكلام وصل وما زلت أحتفظ بعدد من السيجار المرسل منه".
وعن معنويات صدام حسين في المعتقل، يقول "نحن نعرف السيد الرئيس، الله يرحمه، بشكل دقيق، والعراقيون والعرب والمسلمون أيضاً يعرفونه، يعرفون أنه رجل شجاع وثابت ثبات الجبال لا تهزه العواصف ولا تزيله القواصف، ثابت ومعروف عنه هذا الجانب. لذلك، نحن نتحدث عن شجاعته وبطولاته وعقليته وأملنا الكبير به وكنا معولين عليه لتحرير العراق من خلال وجوده خارج السجن، فكان الحديث يدور بالطرق شتى".
ويضيف أنه "ليس سراً أن الرئيس كان يتوقع أن يُعدم. بصورة عامة، كل الذين دخلوا السجن بمن فيهم أنا، لم يغِب عن بالنا هذا الموضوع، إذ يمكن إلصاق أي تهمة لتبرير الحكم والإعدام. لم يغِب ذلك عن بالي لأن المحكمة مجرد مسرحية وبنيت وأسست من قبل الأميركيين وبأوامر إيرانية، وتنفذ بأيادي عملاء عراقيين لإرضاء أسيادهم الإيرانيين والأميركيين. فهي أداة للانتقام من النظام السابق".
محاولة اغتيال في الدجيل
كان جمال مصطفى إلى جانب صدام حسين حين تعرض لمحاولة اغتيال في الدجيل واستدعي إلى المحكمة، وها هو يتذكر "موضوع الدجيل تناقلته آنذاك وسائل الإعلام ثم المحكمة لاحقاً. تم الحديث عن الموضوع وبالكثير من التفاصيل. الرجل، الله يرحمه ويغفر له، زار الدجيل مثلما كان يزور أي مدينة أو قرية في العراق. زارهم والتقى المواطنين الذين احتفوا ورحبوا به. تحدث مع المواطنين وكانت بينهم امرأة. نحن عندنا عادة كلما زار السيد الرئيس قرية أو مدينة ذبحوا خروفاً. أتذكّر أن المرأة دمغت السيارة بكفها وأصبح هناك أثر دم على السيارة. نحن في هذه الأثناء نعرف أن هذه يمكن أن تكون إشارة بحسن نية، ولكن نحن لا نترك الأمور سائبة لحسن النية، فبدّلنا بسيارته، الله يرحمه، سيارة أخرى. عاد الرئيس إلى سيارته ومشينا باتجاه الطائرات للعودة إلى بغداد".
وأوضح أنه "فيما نحن نسير باتجاه الطائرات تعرّض الموكب لإطلاق نار من البساتين، وكان إطلاق النار كثيفاً وبأسلحة متنوعة. نزل الرئيس في هذه الأثناء من السيارة، وأصيب عدد من السيارات ووقع جرحى. بدأ الرئيس يتمشى مع المواطنين حتى يشيع جواً من الطمأنينة وعدم الخوف. راح يتحدث مع المواطنين ثم رجع إلى السيارة فاستقلها ورجع إلى المكان نفسه الذي ألقى فيه الخطاب للمواطنين والتقاهم وألقى فيهم خطاباً، وبعدما ألقى خطابه رجع وركب الطائرة وعدنا إلى بغداد".
وأكمل "بعد عودتنا ألقي القبض على عدد من الموجودين الذين شاركوا في هذه العملية. وبعد ساعة من هذه المحاولة الفاشلة، أوحى (الرئيس الإيراني الراحل) هاشمي رفسنجاني خلال زيارته إلى سوريا بأنهم هم من حاولوا اغتيال الرئيس العراقي الله يرحمه. أعلنها من دمشق. و(هذا) دليل قاطع على أن إيران وراء العملية، وهم من كانوا يسعون إلى اغتياله. يعرفون أنهم إذا اغتالوا السيد الرئيس يصبح العراق بأيديهم. حوكم المشاركون وأعدموا".
الزنزانة والاتهامات
وجواباً عن سؤال إن كان عوقب لأنه صهر الرئيس، قال "جوابي هو نعم، بقائي لمدة 18 سنة ونصف السنة في السجن هذا أحد أسبابه، هم بطريقتهم وفهمهم وحقدهم جاؤوا فقط لأغراض الانتقام، لذلك هذا شيء بالنسبة إليهم جريمة، جريمة كبرى. دفعت ثمناً، ولكن هم حاولوا أن ينتقموا مني بهذه الطريقة وأبقوني طوال هذه المدة في السجن. وحقيقة لم تبقَ تهمة لم يوجهوها لي وبينها أنني أقود المقاومة من داخل المعتقل".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشار إلى أنهم "لفقوا لي تهماً كثيرة، قالوا لكونك صهر صدام حسين وعندك علاقات متميزة مع شيوخ عشائر ورياضيين ومواطنين يمكن إذا طلعت أن تعمل علينا انقلاباً، لذلك يجب أن تكون في السجن ولا تخرج منه، بل يجب أن تموت فيه. هذا الكلام قاله عراقيون. الأميركيون قالوا لن تخرج للأسباب التالية التي ذكرتها لك، لكن العراقيين أضافوا، يجب أن تموت في السجن لأنهم جاؤوا لأغراض الانتقام، وهم لم يبقوا تهمة لم يتهموني بها من بينها أنني قائد المقاومة، وقائد ’ثوار العشائر‘ وقائد ’جيش عمر‘ وقائد ’جيش أبو بكر‘ وقائد ’جيش محمد)‘، أكثر من 10 تهم، يأخذونني إلى المحكمة ثم أدافع عن نفسي بقوة وثبات وشجاعة، وحين تتأكد براءتي يطلقون تهمة أخرى"...
لقاءات ما بعد الاعتقال
وقال "أنا رأيته مرتين بعد الاعتقال، وكان ألمي كبيراً عندما رأيته لأن السيد الرئيس بالنسبة لي شخص عظيم، هو قدوتي. وألمي شديد لأنني وجدته في مكان يحاول فيه بعض العملاء إيذاءه. كان رجلاً كالأسد وثابتاً على مبادئه التي نشأ عليها وناضل وضحّى من أجلها، حقيقة هذا أول لقاء. واللقاء الثاني، مثلما ذكرت لك، كان في قاعة المحكمة".
وأضاف أن "اللقاء الأول كان في السجن. معنوياته كانت عالية، وهو معروف بشجاعته وثباته، إنه رجل لا تلقى إنساناً بمستواه من الشجاعة والثبات والإقدام. نعم الرئيس تعرض للتعذيب. أعلن في المحكمة أنه تعرض للتعذيب. وأيضاً آخرون من القيادات العراقية تعرضوا للتعذيب مثل الأستاذ طه ياسين رمضان الذي كنت بين فترة وأخرى أتحدث إليه. تعرض للتعذيب. وبعض الإخوان تعرضوا للتعذيب أيضاً. في البداية على يد الأميركيين لأننا كنا لدى الأميركيين ولمدة طويلة حتى عام 2008 عندما التحق القسم الأول بالعراقيين، ثم القسم الثاني عام 2010، ثم القسم الآخر خلال عامي 2011 و2012. الأستاذ طارق عزيز تعرض أيضاً للتعذيب النفسي".
خبر الإعدام
وبسؤاله متى عرفت أن صدام حسين قد أعدم؟، أجاب "كنا في قاطع غالبية الموجودين فيه لهم صلة بالرئيس، مثلاً كان معي الفريق الركن كمال، أخي، حجي عبد، خالي علي حسن المجيد، ابن عم الرئيس، سبعاوي إبراهيم، إضافة إلى بعض الموجودين من الأقرباء الآخرين، والقياديين طارق عزيز وسلطان هاشم وطه ياسين رمضان وعواد البندر. نحن عادة نشعر بشيء يحصل أو سيحصل. كان لدينا راديو أعطانا إياه الأميركيون نسمع به أخباراً. عندما استيقظنا صباحاً لم نجد الراديو في مكانه. وفي الوقت نفسه وجدت أن بين الحراس مترجماً. هذا يعطيك مؤشراً إلى أن هناك حدثاً ما حصل".
وأضاف "نعم، المترجم كان جالساً مع الحراس. في الأيام الاعتيادية يوجد الحراس فقط من دون مترجم، ولكن وجود المترجم يعطيك مؤشراً آخر أن هناك حدثاً. ثم غياب الراديو. هذان الأمران يعطيانك مؤشراً. القاطع الذي أمامنا لم يأخذوا منه الراديو. سمعنا بعض الكلام منهم وبعض الانزعاج، سمعنا منهم أن هذا اليوم تم تنفيذ حكم الإعدام. حقيقة، تألمنا كثيراً، وأنا أول الموجودين ورحت أمشي في المكان والمترجم قريب مني والحرس، وقلت التالي، ’صدام حسين خالد خلود عمر المختار والقادة العرب الكبار، ومن الآن فصاعداً هو رمز وأيقونة للشجاعة والبطولة والتضحية والفداء لكل العراقيين والعرب والمسلمين، وهو خالد خلود كل قادة العرب‘. المترجم كان يسمع ويترجم لهم لكنه كان رجلاً هادئاً وكان الحراس هادئين ولم يصدر منهم أي شيء. الفريق كمال أيضاً شاطرني الكلام نفسه وراح يتحدث بالروحية نفسها والطريقة نفسها، ثم صلينا صلاة الغائب عليه".
توقيت الإعدام
بسؤاله عما إذا كان لتوقيت عملية الإعدام وقع خاص وعما تردد عن الجثة والقبر، فأجاب، "مؤكد كان لتاريخ تنفيذ الإعدام وقع خاص وكان القصد إذلال العرب والمسلمين لأن الإعدام نفّذ يوم عيد الأضحى، فكل العرب والمسلمين يتأثرون تأثراً كبيراً لأن المقصود إيذاؤهم نفسياً وإذلالهم. هذا هو الموضوع".
وقال "الجثة نقلت في وقتها إلى مكان، بحسب ما وصلنا من روايات وسمعنا، هو منزل نوري المالكي (رئيس الوزراء السابق)، وهو من التابعين لإيران، وكان عنده حفل زفاف لابنه، بحسب ما يدّعون. نُقلت إلى المكان للانتقام، وأشير إلى هذه النقطة لأنهم لم يأتوا لخدمة العراق وتقديم شيء للعراق غير الانتقام وتدميره".
وأضاف "بعدها نُقلت الجثة إلى تكريت إلى صلاح الدين، تحديداً العوجة مسقط رأس الرئيس ودُفن هناك. كان العزاء موجوداً وكان زوّار من كل أنحاء العالم والعراق يزورونه، لفترة طويلة. مكان القبر الآن غير معروف ولأسباب معروفة لأننا نتعامل مع صغار القوم، وفي الوقت ذاته أكبر الناس الحاكمين. هدفهم وغايتهم وغرضهم القتل والانتقام. الأمر نفسه بالنسبة إلى قبرَي عدي وقصي. القبور موجودة في عهدة أناس موثوقين مئة في المئة".
وعن أبرز الذين أعدموا خلال وجوده في المعتقل والظروف التي رافقت إعدامهم والملابسات، قال جمال مصطفى السلطان "الرئيس صدام حسين ونائبه طه ياسين رمضان، وعضو مجلس قيادة الثورة علي حسن المجيد وشقيقه عبد حسن المجيد، والاثنان من أخوالي، ووكيل رئيس الديوان عواد البندر، وكذلك برزان إبراهيم الحسن وهو الأخ غير الشقيق للرئيس، وسكرتير صدام الفريق عبد حمود، إضافة إلى فاروق حجازي وهو كان معاوناً لمدير الاستخبارات في مرحلة ما ثم سفيراً للعراق في تركيا".
وتابع السلطان قوله "لفهم ما رافق الإعدامات أحيلك إلى فيديو وزع حديثاً لخضير الخزاعي النائب السابق لرئيس الجمهورية بعد الاحتلال، يعترف الخزاعي بالصوت والصورة أنه لم يجد ما يبرر حكم الإعدام الذي أصدرته المحكمة في حق الفريق عبد حمود، وأخطر ما في الأمر اعترافه بأنه ذهب إلى إيران وتشاور مع مرجع قضائي هناك أورد اسمه، وأن الأخير شجعه على التوقيع ففعل، والحقيقة أننا شعرنا منذ البداية أن المحكمة أداة انتقام تعمل بأوامر إيرانية، أبلغوا عبد حمود بنقله إلى المستشفى، وفي المساء قال لنا الحراس إنهم نفذوا في حقه حكم الإعدام". وأضاف "الرئيس صدام حسين كان يتوقع أن يعدم، والحقيقة هي أن مجرد وجوده حياً ولو في السجن كان يثير قلقهم، ويمكنني الجزم أن أعضاء القيادة واجهوا بشجاعة قرار إعدامهم ولم يبدر منهم أي ضعف أو يرف لهم جفن، ذات يوم أبلغوا برزان وعواد البندر بقرار الإعدام، وكنت أمارس الرياضة مع عواد ولا أبالغ إن قلت إنه كان محتفظاً بتفاؤله، وأخذوا برزان وبندر لتنفيذ الحكم ثم أعادوهما وأرجأوا التنفيذ إلى موعد لاحق ثم أعدموهما في اليوم نفسه، وفي موعد آخر عرفنا من الحراس أنهم أعدموا عبد حسن المجيد وفاروق حجازي وهادي حسن وهو ضابط في الاستخبارات".
وأردف المتحدث في حواره "سأعطيك فكرة عما كان يجري، ذات يوم لفقوا لي تهمة مفادها أنني أعطيت قبل الاحتلال خميس الخنجر، وهو سياسي سني، مبلغ 250 مليون دولار، طبعاً لا أساس لهذا الكلام، قالوا لي: إذا لم تعترف بذلك ستبقى في السجن طوال عمرك"، متابعاً "رفضت أن أخضع وقلت لهم إن علاقتي به عادية كوني كنت مهتماً بملف العشائر، عادوا إليَّ لاحقاً بسيناريو مختلف، وقالوا: ننقلك إلى السفارة العراقية في الأردن وتعترف هناك بأنك سلمته المبلغ، وبعد الاعتراف يطلق سراحك في عمان مع مبلغ مالي ضخم، فأجبت أنني لن أفعل مهما كان العرض ولن أتخلى عن قيمي للإيقاع بخميس الخنجر الذي كان صديقي، ولفقوا لي لاحقاً تهمة المشاركة في عملية تجفيف الأهوار ولم تكن لي أي علاقة بهذا النوع من الملفات".
وسرد واقعة عايشها عن دخول المفتشين الدوليين العراق قائلاً "كنت مناوباً في يوم عيد وجاءني أحد مرافقي الرئيس صدام حسين وقال لي: السيد الرئيس يسأل كيف دخلت طيارات المفتشين (الدوليين على أسلحة الدمار الشامل في العراق)؟ ومن أعطاهم موافقة بالدخول؟ قلت له: أنا أيضاً ليس لدي علم من أعطاهم موافقة وليس لدي شيء بهذا الاتجاه بل سمعت بالأخبار مثلما أنتم سمعتم، وكان طه ياسين رمضان هو المشرف في تلك المرحلة على موضوع التفتيش، فاتصلت به وسألته عن الموضوع فقال لي: تفضل إلى بيتي لنتحدث في الأمر. ذهبت إليه وكتب لي مطالعة وقال لي: أنا أعطيت الموافقة بحكم صلاحيتي الممنوحة لي كعضو مجلس قيادة الثورة، وأنا تصرفت وفق صلاحيتي، وفعلاً رفعناها إلى الرئيس، فقال: فعلاً مارس الرجل صلاحيته".
وحول موقف صدام حسين من الشعراء العراقيين الكبار ومنهم عبدالرزاق عبدالواحد قال "كان هناك مؤتمر للشعراء في العاصمة الأردنية عمان، وذهب إليه عبدالواحد، وهناك حصلت لقاءات مع عراقيين وغير عراقيين، وهناك من قال له: لماذا لا تبقى أو حاول أن يبقيه في عمان، وكان ذلك قبل الحرب بفترة قصيرة، ويبدو أن الرجل ربما تأثر بالكلام الذي قالوه له، وكتب رسالة إلى عائلته يحثها على الالتحاق به في عمان، لكن رسالته وقعت في يد جهاز الاستخبارات، وطبعاً أجهزتنا كانت قوية على رغم ظروف الحصار، وجاءتنا الرسالة، وبعثتها الاستخبارات في كتاب وقالوا إن هذا ما حصل مع عبدالرزاق عبدالواحد وهو يحث عائلته على الالتحاق به في عمان".
وأوضح جمال مصطفى "عادة عندما تأتيني أمور كهذه، كمكتب سكرتير، نقوم بالفعل التالي: نبحث، أو نطلب آراء مسؤولين وقياديين، مثل طارق عزيز وطه ياسين رمضان أو عزت إبراهيم، كل المسؤولين الكبار نطلب رأيهم، وبعد أن يكتمل الرأي نعرض المسألة على الرئيس، وبالفعل اكتمل الرأي ولكن كانت الآراء متشددة أن هذا كيف يروح وهذا كذا، كلام فيه قسوة نوعاً ما، وكنا ذاهبين إلى اجتماع مجلس الوزراء وكان الفريق مكوناً من عبد حمود سكرتير الرئيس وأنا ورئيس الديوان أحمد حسين الذي لا يزال في السجن إلى الآن، قلت لهم أنا رأيي الشخصي أننا بدلاً من أن ندخل في هذه التفاصيل والمتاهات أفضل أن نكلف ضابطاً من الاستخبارات يحمل الرسالة ويذهب إلى عائلة الشاعر الكبير وينقل تحيات الرئيس إلى العائلة ويقول لهم هذه الرسالة موجودة عندكم، إن كنتم تريدون مغادرة البلد نحن مستعدون لمساعدتكم، وأي مساعدة تريدونها لذلك فنحن حاضرون، أما إذا كنتم تحبون البقاء في بلدكم فهذا أمر يخصكم، اختاروا ما يريحكم".
"ووصلنا إلى الرئيس وقبل أن ندخل إلى اجتماع مجلس الوزراء عرض هذا الرأي وقال صدام حسين: نعم، ونعمَ الرأي، هذا هو الصحيح، لأن عبدالرزاق عبدالواحد رجل محسوب علينا وهو من الشعراء الكبار في العراق، فلا يمكن أن نتصرف تصرفاً غير هذا التصرف الحكيم، وفعلاً أرسلنا شخصاً إلى عائلة عبدالرزاق عبدالواحد، والعائلة امتنعت عن الالتحاق به في الأردن ثم دعوه للعودة إلى العراق ورجع إلى البلاد وفعلاً كتب قصيدة جميلة جداً قبل الاحتلال، للرئيس الراحل وكرمه عليها وأهداه سيارة"، وفق قوله.
ولد جمال مصطفى في تكريت في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) 1964، والتحق الشاب بجهاز حماية الرئيس الذي شجعه على متابعة دراسته بموازاة عمله. وهكذا حصل على إجازة جامعية تبعتها دكتوراه في العلوم السياسية. قام بدور كبير في تشجيع الرياضة وربطته علاقات واسعة بالرياضيين. وأوكل إليه ملف العشائر فنسج علاقات واسعة معها. وكان دائماً موضع ثقة صدام وكان يشارك في جلسات مجلس الوزراء. اعتُقل في الـ21 من أبريل (نيسان) عام 2003 وأفرج عنه من سجن الكاظمية في الـ17 من يونيو (حزيران) عام 2021. توجّه من بغداد إلى أربيل حيث التقى الزعيم الكردي مسعود بارزاني ثم غادر للإقامة في الدوحة مع زوجته والسيدة ساجدة أرملة الرئيس العراقي الراحل.