Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خيبر تفتح خزائن التاريخ باكتشاف قرية "النطاة"

تفاصيل حياة من العصر البرونزي تعيد رسم ملامح إرث الحضارات غرب السعودية

تتوالى الاكتشافات الجديدة في السعودية لتعزز الأبحاث التي انطلقت عام 2018، والتي تركز على استكشاف معالم العلا وخيبر القديمة (الهيئة الملكية لمحافظة العلا)

في حدث يُعيد رسم ملامح التاريخ أعلنت الهيئة الملكية لمحافظة العلا اكتشاف قرية أثرية تنتمي إلى العصر البرونزي، وُجدت في واحة خيبر شمال غربي السعودية.

وجاء هذا الإعلان في مؤتمر صحافي عُقد في الرياض وسلط الضوء على الأهمية البالغة لهذا الاكتشاف الذي نُشر في مجلة (بلس ون) العلمية الأميركية، مما يُبرز عمق الحضارة التي تحتضنها أراضي السعودية.

 ويعزز الاكتشاف أهمية الشراكات الدولية في تقديم الإرث الغني للأجيال القادمة، فتحت إشراف غيوم شارلو من المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي، ومنيرة المشوح من الهيئة الملكية لمحافظة العلا، يكشف المشروع المعروف بـ"خيبر عبر العصور" عن تحول جذري في نمط الحياة، من الرعي المتنقل إلى الاستقرار الحضاري، مُعيدًا بذلك تشكيل المفاهيم السائدة حول المجتمعات في شمال غربي الجزيرة العربية خلال العصر البرونزي.

دراسة بحثية

وتُبرز الدراسة الأخيرة أن مناطق مثل خيبر كانت تُعتبر مراكز حضرية حيوية، إذ أسهمت في استقرار مجتمعاتها بصورة مستدامة وبخاصة مع بروز الزراعة كمحرك رئيس للحياة.

لم تكن خيبر مجرد نقطة للتجارة، بل كانت حلقة وصل حيوية تجمع بين المجتمعات المستقرة وتلك المتنقلة، مما أعطى لهذا النمط الحضاري تأثيراً عميقاً على الاقتصاد والنسيج الاجتماعي في المنطقة.

 

 

وتظهر الأدلة الأثرية من هذه الدراسة التي كانت نتيجة لتعاون مثمر بين الهيئة الملكية لمحافظة العلا والوكالة الفرنسية لتطوير المحافظة، إلى جانب المركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية، أنه على رغم كثرة المجتمعات الرعوية المتنقلة في شمال غربي الجزيرة العربية خلال العصر البرونزي، فإن المنطقة احتوت مجموعة من الواحات المسوّرة المترابطة التي تحيط بها مدن محصنة مثل تيماء.

وتُقدم القرية المكتشفة المعروفة باسم "النطاة" دليلاً واضحاً على تنظيم الحياة داخل الحصون والمدن، مع تقسيم مُحدد بين المناطق السكنية والجنائزية.

 

 

ويعود تاريخ هذه القرية إلى الفترة ما بين 2400 و2000 قبل الميلاد وحتى 1500 و1300 قبل الميلاد، إذ كانت تؤوي حوالى 500 نسمة على مساحة تبلغ 2.6 هكتار، محاطة بسور حجري يمتد بطول 15 كيلومتراً لحماية واحة خيبر.

 

بداية التمدن الحضري

وفي تصريح خاص لمديرة المسوحات الأثرية في الهيئة الملكية لمحافظة العلا منيرة المشوح لـ"اندبندنت عربية" قالت إن الجميل في علم الآثار أنه "عالم متجدد بحد ذاته، فكل اكتشاف جديد يفتح أمامنا آفاقاً من الأسئلة حول ما قد يكشفه المستقبل".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضافت المشوح "لا يمكننا الجزم بأن هذا هو أعظم اكتشاف لدينا، لكن المؤكد هو التزامنا الثابت بالمضي قدماً في رحلة الكشف عن التاريخ العريق لوطننا العظيم وهذه الرحلة ليست مجرد استكشاف للمعالم، بل هي بحث دائم عن الهوية والتراث الذي يربطنا بماضينا".

  وأفادت بأنه "بعد أربعة أعوام من الدراسة المتواصلة، توصلنا إلى اكتشاف أن القرية تُعتبر من أوائل المعالم التي تجسد بداية التمدن الحضري.

نتائج أولية

وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2020 تمكن فريق البحث من تحديد الموقع الأثري لقرية "النطاة" إلا أن تفاصيل هياكلها وتخطيطها كانت غامضة، وفي فبراير (شباط) 2024، أجرى الفريق عمليات مسح ميداني متقدمة وتصويراً عالي الدقة لكشف ما تحت السطح.

 

 

 تشير النتائج الأولية إلى أن سكان القرية عاشوا في منازل متعددة الطوابق، حيث كان الطابق الأرضي مخصصاً للتخزين، بينما كانت الحياة اليومية تدور في الطابقين العلويين، وتكشف الدراسة عن شوارع ضيقة تربط بين المساكن وتقود إلى مركز القرية، كما تبين أن المدافن كانت تضم قطعاً ثمينة، مما يعكس المكانة الاجتماعية للمدفونين.

اعتمد سكان "النطاة" على صناعة الفخار والعمل في المعادن وزراعة الحبوب وتربية الأغنام والماعز، مما يشير إلى نمط حياة متعاون.

وتتوالى الاكتشافات الجديدة لتعزز الأبحاث التي انطلقت منذ عام 2018، والتي تركز على استكشاف معالم العلا وخيبر القديمة.

وتكشف الدراسات عن مجموعة من الآثار البارزة، مثل المنشآت الحجرية الضخمة المعروفة باسم "المستطيلات"، والمصائد الحجرية إضافة إلى "الطرق الجنائزية" التي ربطت بين المستوطنات والمراعي، محاطة بمدافن تعكس عادات تلك المجتمعات القديمة.

المزيد من ثقافة