Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"مفترس البحار" دعوة لتكريم محاربي تجارة الرقيق

مع تزايد الدعوات إلى المملكة المتحدة للإقرار بدورها التاريخي في تجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي، يستعين المؤرخ ستيفن تايلور بكتابه الجديد "مفترس البحار" لتسليط الضوء على القصة المذهلة للبحارة الذين ساعدوا في إنقاذ آلاف الأفارقة من مصير رهيب

لوحة سفينة "بلاك جوك" تواجه سفينة الرقيق الإسبانية "إلميرانتي" بريشة إدوارد دنكان (غيتي)

ملخص

يستحق بحارة "السرب الوقائي" البريطاني الذين حاربوا تجارة الرقيق التكريم على أعمالهم. يسلط كتاب جديد على سفينة "بلاك جوك" التي أسهمت في تحرير آلاف العبيد الأفارقة على رغم المصاعب والقيود التي واجهتها

كما أظهرت الأحداث الأخيرة، فإن النقاش بشأن التعويضات عن الاسترقاق لن يتوقف. في قمة قادة الكومنولث في ساموا، قوبل رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر بدعوات من عدد من دول الكاريبي لدفع تعويضات لهم عن دور بريطانيا التاريخي في تجارة الرقيق.

إلا أن هناك جانباً واحداً يستحق الدراسة بسبب المفارقات التي يُسلط الضوء عليها من كلا الجهتين.

أعتقد أن هناك حجة قوية يمكن تقديمها للاعتراف الجدير بما كان يُعرف باسم "السرب الوقائي" Preventative Squadron، الذي تأسس عام 1819 في سيراليون لاعتراض النخاسين الذين كانوا يعبرون المحيط الأطلسي من غرب أفريقيا. "قبر الرجل الأبيض" [ساحل سيراليون شهد وفاة العديد من الأوروبيين الذين امتلكوا مناعة ضعيفة ضد الأمراض المحلية مثل ملاريا]، كما كان يُسمى، جعل من هذه المحطة البحرية الأكثر خطورة في العالم. في إحدى السنوات، 1829، قُتل ربع قوة الأسطول في عام واحد، بسبب الحمى الصفراء بصورة رئيسة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما بالنسبة للمجد، فلم يكن هناك أي مجد. فقد خدم الضباط والرجال، وكثير منهم من قدامى المحاربين الذين عاشوا ذروة انتصار البحرية في عهد [نائب الأميرال البريطاني هوراشيو] نيلسون، بكل ما لديهم من اجتهاد وثبات قديمين بينما أهملتهم قيادتهم إهمالاً شديداً. في بعض الأحيان، بدا أن اللوردات في لندن ينظرون إلى الحملة على أنها استنزاف مرهق للموارد.

وهنا تكمن بعض المفارقات الملازمة لجميع المساعي الصعبة. فقد كان هؤلاء الرجال ينتمون إلى جيل الملاحة البحرية التي شملت أيضاً نقل ما يقدر بنحو 3.4 مليون من العبيد الأفارقة إلى الأراضي البريطانية عبر المحيط الأطلسي.

وانخرطت بريطانيا في تجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي عام 1562، وأصبحت أكبر دولة تتاجر بالعبيد في العالم بحلول ثلاثينيات القرن الثامن عشر. ولم يصدر قانون البرلمان الذي ألغى تجارة الرقيق سوى في عام 1807.

وقد بدأ هذا البلد، في يومنا هذا، في مواجهة ضلوعه في هذه التجارة السيئة. وقد أُسقطت تماثيل مالكي العبيد والتجار مثل روبرت ميليغان وإدوارد كولستون وسوف يستعاض عنها عام 2026 بنصب تذكاري لضحايا العبودية عبر المحيط الأطلسي في دوكلاندز بلندن. ويوجد في ليفربول متحف دولي للعبودية.

ومع ذلك، لم تحظ الحملة البحرية لقمع تجارة الرقيق باهتمام كبير. وقد يرجع السبب في ذلك إلى أنها استمرت 60 عاماً، ولم تحظَ بلحظة انتصار ترفرف عليها الأعلام، وكانت دائماً ما تفتقر إلى الموارد الكافية وتعتريها عيوب كثيرة. وفي حين أن تجار الرقيق الفرنسيين والأميركيين - الذين كانوا لا يزالون نشطين بقوة آنذاك - كانوا هم المستهدفين في البداية، إلا أنهم أصبحوا معفيين بموجب المعاهدات الدبلوماسية وتحول التركيز إلى البرتغال والبرازيل وإسبانيا. وبحلول النهاية، أُنقذ ما يُقدر بـ 160 ألف رجل وامرأة وطفل أفريقي.

في محاولة لاستخلاص معالجة متوازنة من هذه الحملة المروعة والمشوهة، ركزتُ على حياة سفينة واحدة - وهي سفينة حربية أميركية الصنع "هنريكيتا" Henriqueta التي نقلت أكثر من 3000 رجل وامرأة وطفل أفريقي إلى أيدي مالكها البرازيلي. وبعد أن تفوقت مراراً وتكراراً على سفن الأسطول البحرية الأقدم والأكثر تأخراً في السير، أُلقي القبض عليها في نهاية المطاف، لتُطلَق السفينة بعد ذلك في مطاردة النخاسين الآخرين.

وقد أُطلق عليها اسم "بلاك جوك" (دعابة سوداء) Black Joke (تجدر الإشارة إلى أن هذا الاسم غير المعتاد لا علاقة له بالعِرق، بل يقال إنه مرتبط بأغنية شعبية مضحكة من القرن الثامن عشر في لندن) وأثبتت أن القراصنة القدامى هم بالفعل أفضل حماة للطرائد. وقد حلقت الآن تحت الراية البيضاء، وتبعها أول صيد لها [لسفينة رقيق] في غضون أسبوع، لتأتي عمليتها التالية كمقياس جديد.

فقد قادت مطاردةً خلال الليل السفينة إلى باخرة برازيلية أخرى تُدعى "فينغادور" Vengador، وأنقذت 645 رجلاً وامرأة وطفلاً من الأفارقة - أكثر من عدد جميع عمليات النخاسة الـ390 التي ضُبِطَت في تاريخ الأسطول السابق الذي استمر 22 عاماً. سيستمر ذلك كرقم قياسي تقشعر له الأبدان حتى عام 1834.

لفتت الأعمال الدامية انتباه الرأي العام وإشادة الصحافة بالسفينة "بلاك جوك". وكان أكثر أعمالها شهرةً هو اعتلاء سفينة إسبانية سيئة السمعة، اسمها "إلميرانتي" El Almirante والاستيلاء عليها وهي تحمل ما يقرب من 500 شخصٍ من الرقيق بعد مطاردة مستمرة أخرى ومعركة واسعة النطاق انتصر فيها مدفعان على 14 مدفعاً إسبانياً.

ارتفعت الروح المعنوية في جميع أنحاء السرب. وكون البحارة أواصر مع السفينة، وباعتبارها أنجح طراداتهم، فقد حازت على قلوب من أبحروا بها. وقد نظم أحد قدامى البحارة قصيدة شعرية "سفينة حربية نبيلة يا أبنائي، اسمها بلاك جوك".

في خضم الإشادة بما كان - ولا بد من الاعتراف بذلك - انتصارات صغيرة نسبياً بهدف القمع، جرى إغفال هويات من كانوا على متنها.

فالعديد من الأيدي العاملة على متن "بلاك جوك" كانوا في الواقع مجرمين - بحارة نبذتهم البحرية في عملية تسريح جماعي بعد عام 1815 وتحولوا إلى التهريب هرباً من الفقر. وقد عُرض عليهم خيار الخدمة في أكثر حملات البحرية تعذيباً بدلاً من النقل.

ولم يكن يُعرف الكثير عن زملائهم السود على متن السفينة. كان البحارة يخدمون جنباً إلى جنب مع البحارة الأفارقة من شعب الكرو Kru - الذين لولاهم بكل بساطة لكانت الحملة قد فشلت. كان الكرو أكثر لياقة وقدرة على تحمل الأمراض. وقد لفت فرانسيس كوليير، قائد الأسطول في ذلك الوقت، أنظار القيادة البحرية إلى ذلك مراراً وتكراراً في حملته الطويلة لتأمين جوائز مالية لهم.

ومن نقاط التجاهل المستمر عند أسيادهم كانت قضية استخدام المزيد من اللصوص للقبض على لصوص آخرين. في تحويل سفينة "هنريكيتا" إلى "بلاك جوك"، اعترف كولييه بتفوق هذه الزوارق المصنوعة في بالتيمور بأميركا على التصاميم الإنجليزية. لم ترفض القيادة البحرية البريطانية إلحاحه فحسب، بل أُمرت خلفاءه بعدم نشر سفن الرقيق الأخرى التي جرى الاستيلاء عليها. وكانت النتيجة أن العديد منها وجد طريقه مرة أخرى إلى أيدي التجار من خلال أطراف ثالثة.

استغرق إدراك بريطانيا لدورها في الشرور وقتاً طويلاً للتطور. وعلى رغم أن قانون إلغاء الرِق لعام 1807 حظر التجارة في الأراضي البريطانية، إلا أن حركة تحرير العبيد لم تكتسب زخماً سياسياً إلا في عشرينيات القرن التاسع عشر، مما أدى إلى التحرير التدريجي اعتباراً من عام 1833 للبشر الذين كانوا يُعَدون مِلكاً للمواطنين البريطانيين.

وكان من بينهم ويليام دوغلاس، الذي كان هو نفسه مفوَض القوات البحرية. وبينما كانت "بلاك جوك" لا تزال تنقذ الأسرى الأفارقة، احتفظ دوغلاس بممتلكات العبيد في توباغو.

يمكن أن تكون رؤيتنا لهذه الأمور اليوم محل خلاف بيننا. ولكن يمكننا أن نضع في اعتبارنا وجهات نظر ذلك اليوم. بحلول الوقت الذي أُضرمت فيه النيران في السفينة "بلاك جوك" في فريتاون (سيراليون) عام 1832 - بعد أن قررت البحرية البريطانية أن أخشابها البالية لا تستحق الإصلاح - كانت قد أوقفت 14 سفينة رقيق وحررت 3692 أسيراً، أي أكثر مما حملته على متنها من أسرى العبودية.

كان من بين عدد لا يحصى من الرجال والنساء والأطفال الذين اعتبروا أنفسهم محظوظين لأنهم استوطنوا في سيراليون صبي من يوروبا اسمه أجايي، استولى عليه تجار الرقيق المسلمون وباعوه لتجار أفارقة في لاغوس وجرى إنقاذه من سفينة برتغالية.

بعدما اختار اسماً جديداً هو صموئيل كراوثر، وتزوج وازدهر بصفته قسيساً أنغليكانيا وبعد تطويبه أسقفاً لغرب أفريقيا قُدِم للملكة فيكتوريا.

من المؤكد أن كراوثر وغيره من الذين أُعيد توطينهم في أفريقيا كانوا سيعتبرون من أنقذوهم جديرين بنصب تذكاري أو على الأقل بلوحة تذكارية. أما بالنسبة لجبر الضرر، فيجب أن نتساءل عما إذا كان من الممكن التعويض عن جرائم القرون الماضية.

صدر كتاب "مفترس البحار: تاريخ سفينة العبيد التي حاربت من أجل التحرر" Predator of the Seas: A History of the Slaveship that Fought for Emancipation لستيفن تايلور عن مطبعة جامعة ييل

© The Independent

المزيد من كتب