Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الصناعة في ليبيا محاصرة بالاحتكار والإغراق

رئيس الاتحاد يؤكد أن سياسة "زيرو جمارك" المسؤولة عن انتشار "المستورد والرخيص"

يقول رشيد صوان إن ارتفاع أسعار الطاقة والنقل وعدم توفر المناطق المؤهلة من بين أسباب تردي الصناعة في بلاده (اندبندنت عربية)

ملخص

يكشف رئيس اتحاد الصناعات الليبية في حوار لـ"اندبندنت عربية" عن جملة من الأسباب تعرقل النشاط الإنتاجي في البلاد

أمام نشاط تجاري متغول وبيروقراطية مثبطة وسياسات لا تعلي من قيم الإنتاج المحلي لم يجد رئيس اتحاد الصناعات الليبية رشيد صوان أي غضاضة من الاعتراف بأنه "لن تقوم للصناعة قائمة في ليبيا" ما دامت السوق محتكرة لمصلحة قلة من التجار اغتنمت غياب الرسوم الجمركية لإغراق البلاد بكل ما هو مستورد ورخيص، وطالما غاب عن الصناع أي من أوجه الدعم أو البنية التحتية اللازمة للتصنيع.

في حوار خاص لـ"اندبندنت عربية" يقف صوان الذي يشغل إلى جانب رئاسة اتحاد الصناعات الليبية مجلس أصحاب الأعمال على واقع الصناعة في بلاده وأفق النشاط الإنتاجي وفرصه وتحدياته، فيما هو يشير بإصبع اليد الواحدة إلى خمسة أسباب تعطل من فرص التأسيس لنشاط صناعي حقيقي في ليبيا، ويقول إن بلاده ذات طابع تجاري أكثر منها ذات طابع صناعي، في ظل ما تقدمه الدولة للتجارة والتجار من محفزات.

"زيرو جمارك"

وبشيء من التفصيل يقول صوان إن بلاده قدمت للتجار إعفاءً على الواردات من الرسوم الجمركية "زيرو جمارك"، وهو ما منحهم فرصة التغول أكثر على النشاط الاقتصادي في البلاد، مضيفاً "الاقتصاد الليبي أصبح خاضعاً للتجار، وهو ما يجعل من الصعب قيام قائمة للصناعة في البلاد".

المطلوب أن توفر الدعم اللازم، ومعه الاستقرار السياسي والأمني الذي يجلب الاستثمارات ويبعث برسائل الطمأنة

ويشير صوان إلى أن الصناعة في ليبيا "خجولة جداً"، وأقرب ما تكون إلى "أي بي سي صناعة"، علاوة على غياب أي من صور الدعم المقدم للنشاط الصناعي، وغياب أيضاً المناطق الصناعية المؤهلة، مضيفاً "في المقابل الكلفة التشغيلية مرتفعة، فالكهرباء اليوم على سبيل المثال بدينار، وهي كلفة مرتفعة لا تراعي حاجات الصناع. لا يوجد دعم من أي طرف (إشارة للحكومتين شرق وغرب البلاد)، والدولة تكسر في الصناعة".

غياب الاستقرار

ينفي صوان حاجة الصناع في بلاده إلى مصانع جاهزة توفرها الدولة، فيما هو المطلوب أن توفر الدعم اللازم، ومعه الاستقرار السياسي والأمني الذي يجلب الاستثمارات ويبعث برسائل الطمأنة في ظل اتسام رأس المال بالجبن، متحدثاً عن بعض التقدم المحرز في الصناعات الغذائية، على رغم أن الإنتاج المحلي منها لا يمثل في نهاية المطاف سوى خمسة في المئة من المنتجات والسلع المعروضة في السوق، والتي غالبها الأعظم مستورد من الخارج.

نصيب الإنتاج الليبي في مجال الصناعات الكهربائية والمنزلية صفر، فيما الغالب هو الاستيراد من جانب قلة من الشركات المحتكرة

ويعرج المسؤول الليبي على أنشطة صناعية أخرى خلافاً للصناعات الغذائية، فيقول إن نصيب الإنتاج الليبي في مجال الصناعات الكهربائية والمنزلية صفر، فيما الغالب هو الاستيراد من جانب قلة من الشركات المحتكرة، وبأسعار زهيدة هي أرخص في واقع الحال من أسعار تلك المنتجات في بلد المنشأ، وهو ما يجعل السوق الليبية مغرقة بالبضائع المستوردة، متسائلاً عن موقف مجلس حماية المنافسة الليبي وغياب دوره في حماية الصناعات، واصفاً إياه بـ"الجهاز الميت".

توفير الطاقة الرخيصة

ويعود صوان لحديث أكثر تخصيصاً عن الصناعة فيقول إن أي بادرة تؤشر إلى قيام صناعة في ليبيا لم تظهر بعد، فلا توجد مقومات للإنتاج الصناعي من قوانين وسياسات، فيما الصناعة بالأساس في حاجة إلى رؤوس أموال كبيرة للغاية، تكفي لإنشاء سلاسل الإمداد والبنية التحتية وشراء خامات ومستلزمات التصنيع، إضافة إلى غطاء الاعتمادات لتكون 100 في المئة، وهو ما يتعين على محافظ مصرف ليبيا المركزي الجديد ناجي عيسى الالتفات إليه وأخذه في الحسبان نظراً إلى أهمية ذلك.

من بين ما أشار إليه رشيد صوان في حديثه إلى "اندبندنت عربية" ضرورة العمل على توفير الطاقة للنشاط الصناعي فلا يجدي مع الإنتاج الصناعي أن يتكلف الصانع كلفة التشغيل عبر محول بقوة ميغاواط، ويتكبد عناء مخاطبة الجهات المعنية عاماً وعامين وثلاثة من أجل توصيل التيار الكهربي، فيما يسدد هو الفواتير الباهظة وكلفة التوصيل.

لا توجد اليوم مناطق صناعية توفر الغاز للتشغيل باستثناء مصنع أجنبي في المنطقة الحرة مصراتة

يعد الغاز إحدى صور الطاقة التي تحدث عنها رئيس اتحاد الصناعات الليبية، إذ يقول "لا توجد اليوم مناطق صناعية توفر الغاز للتشغيل باستثناء مصنع أجنبي في المنطقة الحرة مصراتة، إضافة إلى مصنع الحديد والصلب، بالتالي يتعين توفير الغاز كأحد أهم أوجه الطاقة الرخيصة للتشغيل الصناعي في البلاد".

كلفة النقل الباهظة

وعبر عن شكوى مجتمع الصناع والمستثمرين من كلفة النقل الباهظة، مشيراً إلى غلاء مصروفات النقل، في ظل احتكار هذا النشاط، مضيفاً "مصاريف الموانئ مرتفعة للغاية، والاحتكار يؤسس في مجال النقل لرفع الكلفة أيضاً بصورة مبالغ فيها، والشاحنة حين تأتي من ميناء طرابلس إلى أي من المخازن داخل طرابلس تتكلف 1500 دينار، وهي ذات الكلفة تقريباً لنقل الشاحنة من تونس إلى طرابلس، وعليه ينبغي على نقابة النقل أن تراعي ظروف الناس، وأن تقدر الكلفة بصورة معقولة لا يتجاوز نسبة اثنين إلى ثلاثة في المئة من إجمالي الكلفة، إضافة إلى غلاء الوقود، وهو اليوم بدينار ونصف الدينار لليتر الواحد، ولا تدعمه الدولة ولا شركة البريقة لتسويق النفط".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويبقى غياب الجهد البحثي معرقلاً آخر للنشاط الصناعي في ليبيا، بحسب ما يقول رئيس مجلس أصحاب الأعمال الذي يصف مراكز البحوث الصناعية في بلاده بـ"البيروقراطية"، إذ لا توفر الدراسات والبحوث اللازمة عن الأنشطة التصنيعية والموارد الطبيعية إلا بأموال باهظة، على رغم أنها يتعين على الدولة أن توفر تلك البحوث بصورة مجانية للمجتمع الصناعي الذي صار يلجأ إلى الخارج للحصول على المعلومة.

غياب المعلومة

ويضيف قائلاً "في مجال صناعة مواد البناء كمثال واضح، اليوم حين نبحث عن مادة الجبس في ظل ما يشاع عن امتلاك ليبيا ثاني أكبر مخزون عالمي من تلك المادة الحيوية، وأماكن توافر هذا المخزون، والخرائط الجيولوجية الداعمة، نواجه بعقبات واسعة، وفي المقابل يتحمل القطاع الخاص اختبار العينات لمعرفة أين يوجد الجبس أو السيلكا، وهو أمر مكلف عشرات الملايين، وحقيق بالدولة أن تقوم هي به في الأساس لا القطاع الخاص".

ويختم رئيس اتحاد الصناعات الليبية حديثه مقراً بضعف الإمكانات المؤهلة لقيام النشاط الصناعي في ليبيا ودعم نهضته، وهو ما يجعل نظرته إلى الصناعة في البلاد "نظرة تشاؤمية 100 في المئة" في توصيف دقيق وأمين للواقع، من دون أي مجاملات أو مواربة، بحسب ما يضيف داعياً الحكومات في بلاده إلى إيلاء اهتمام أكبر بالتأسيس لقاعدة صناعية تدعم الاقتصاد الليبي ونشاطه الإنتاجي.

اقرأ المزيد

المزيد من حوارات