ملخص
تتسبب خطة ترمب في حال تطبيقها بتقليص حجم التجارة بين الولايات المتحدة والصين بـ70 في المئة
يعتزم دونالد ترمب في حال فوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية إعادة الصناعات إلى الولايات المتحدة وخفض كلفة الإنتاج، معولاً على الرسوم الجمركية لتعزيز خزائن الدولة، غير أن خطط المرشح الجمهوري للبيت الأبيض قد تصطدم بواقع أكثر تعقيداً.
مع اقتراب الاستحقاق الرئاسي في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل يحذر اقتصاديون من أن سياسات الرئيس السابق قد تؤدي إلى ارتفاع الأسعار على المستهلكين وتنعكس سلباً على التجارة الدولية من غير أن تجني الولايات المتحدة منها فوائد مؤكدة.
والهدف المعلن لسياسات ترمب هو الاعتماد على الرسوم الجمركية لزيادة عائدات الدولة واستخدامها ورقة ضغط على بلدان مثل الصين مع تشجيع الشركات على إعادة مراكز إنتاجها إلى الولايات المتحدة.
وقال ترمب خلال مناظرته التلفزيونية مع منافسته الديمقراطية كامالا هاريس في سبتمبر (أيلول) الماضي، "سيتحتم أخيراً على الدول الأخرى بعد مضي 75 عاماً أن تسدد لنا ثمن كل ما فعلناه من أجل العالم". وأعلن الأسبوع الماضي خلال تجمع انتخابي في ميشيغن، "الرسوم الضريبية هي برأيي أجمل عبارة".
زيادة الرسوم الجمركية
ويعتزم ترمب زيادة الرسوم الجمركية على مجمل الواردات بنسبة 10 إلى 20 في المئة بحسب المنتجات، وصولاً إلى 60 في المئة للواردات الصينية وحتى 200 في المئة للسيارات المصنوعة في المكسيك.
وإضافة إلى خططه بالنسبة إلى الرسوم الجمركية يعتزم ترمب تمديد التخفيضات الضريبية التي أقرت خلال ولايته التي تنتهي مدتها قريباً، وخفض الضرائب على عائدات الشركات بصورة إضافية، غير أن مكتب "تاكس فاونديشن" للدراسات حذر من أن هذه الرسوم الجمركية المزمعة قد "تبدد فوائد تخفيضاته الضريبية من غير أن تعوض الخسائر على صعيد العائدات الضريبية".
ويرى الاقتصادي لدى "أوكسفورد إيكونوميكس" برنارد ياروس أن مثل هذه السياسة قد تتسبب في زيادة التضخم بـ0.6 نقطة مئوية أو حتى أكثر إن طبقت الرسوم في مهلة قصيرة.
وسبق أن عانت الشركات من زيادة الرسوم الجمركية التي أقرها ترمب خلال ولايته، غير أن الزيادة المزمعة قد تكون أكبر.
وأوضح كايل هاندلي المتخصص في الشأن الاقتصادي في جامعة كاليفورنا في سان دييغو أن "الشركات رأت أسعار وارداتها تزداد، وتكيفت، لكن إذا أقرت زيادة معممة بنسبة 10 إلى 20 في المئة، فمن غير الوارد ألا ينعكس ذلك على الأسعار في المتاجر".
ومن المستبعد أن ينجح ترمب في إعادة الإنتاج إلى الولايات المتحدة في المستقبل القريب، ولفت هاندلي بهذا الصدد إلى أنه "لم نصنع تلفزيونات في الولايات المتحدة منذ عقود"، مشدداً من جهة أخرى على أن المصانع الأميركية لا تنتج بمستوى يلبي الاستهلاك المحلي.
الرسوم الجمركية على الواردات
ويشير ترمب إلى أن زياداته الضريبية السابقة لم يكن لها تأثير في التضخم، لكن هاندلي يرى أن الضغوط التي تسببت فيها على سلاسل الإمداد توازي في نهاية المطاف زيادة بنسبة اثنين إلى أربعة في المئة، في الرسوم الجمركية على الواردات، وأقرت عدة شركات لوكالة الصحافة الفرنسية، بأنها اضطرت نتيجة لذلك إلى زيادة أسعارها.
وقدرت دراسة نشرت عام 2019 في صحيفة "جورنال أوف إيكونوميل بيرسبكتيفز" أن الرسوم الجمركية كلفت المستهلكين الأميركيين في السنة السابقة 3.2 مليار دولار في الشهر.
وتتسبب خطة ترمب في حال تطبيقها بتقليص حجم التجارة بين الولايات المتحدة والصين بـ70 في المئة، مع إعادة توجيه مئات مليارات الدولارات من المبادلات أو إلغائها تماماً.
وأدت التخفيضات الضريبية السابقة عام 2018 إلى إعادة توجيه الصادرات الصينية إلى أسواق أخرى مما أثار "ضغوطاً حمائية إضافية في الدول التي تلقت مزيداً من المنتجات الصينية المنخفضة الأسعار"، بحسب آدام سليتر من مكتب "أوكسفورد إيكونوميكس".
وأوضح المكتب أن المبادلات التجارية الأميركية قد تنخفض بنسبة 10 في المئة، وتتركز أكثر على دول أميركا الشمالية وغيرها من الشركاء التجاريين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأورد معهد "بيترسون" أن تدابير أخرى في خطة ترمب مثل إلغاء قانون "العلاقات التجارية الطبيعية الدائمة" الذي حظيت به بكين عام 2000، قد تؤدي إلى زيادة التضخم بـ0.4 نقطة مئوية، فإن ترمب تعهد القضاء على التضخم، وهو موضوع يتصدر اهتماماًت الناخبين، واعداً بصورة خاصة بخفض فواتير الطاقة إلى النصف منذ عامه الأول في البيت الأبيض، ويرى المحللون أن ذلك سيقتضي إزالة مزيد من التنظيمات التي تضبط قطاعي النفط والغاز الأميركيين.
وفي هذا السياق أشار ياروس إلى أن من غير المؤكد أن يؤدي رفع الضوابط إلى زيادة كبيرة في الإنتاج، إذ إن ذلك سيتوقف بصورة أساسية على مجموعات الطاقة الكبرى التي يتحتم عليها الأخذ بإرادة مساهميها.
وفي ما يتعلق بالمواد الغذائية يعتزم ترمب خفض كلفة هذا القطاع من خلال فرض قيود صارمة على واردات المنتجات الزراعية، فيما يحذر الاقتصاديون بأن مثل هذا الإجراء سيؤدي إلى رد مماثل، مما سيضر بصورة كبيرة بالقطاع الزراعي الأميركي الذي يعول على التصدير.