ملخص
نجح علماء أميركيون في "تقليد" وضع كوني يتضمن تهديد الأرض بنيزك يتوجه للارتطام بها لكن تفجير قنبلة نووية في الفضاء الكوني يولد كميات هائلة من أشعة إكس مشبعة بالطاقة إلى حد أنها تزيح النيزك عن مساره وتحمي كوكبنا منه
نجح علماء في ابتكار الطريقة الأشد فاعلية لوقف الكويكبات من إفناء الأرض.
وفي "مختبر سانديا الوطني" بولاية نيو مكسيكو استخدم البحاثة الآلة "زد" في ذلك المختبر التي تعد المصدر الأقوى للأشعة بين كل مختبرات العالم، بهدف تقليد طريقة استعمال تدفقات من أشعة إكس لجعل سطح كويكب ما يتبخر، إضافة إلى حرف مسار ذلك الجرم الفضائي.
وفيما نظر كثر بأن انبثاقات قوية من أشعة إكس قد تمثل بديلاً من لطم صخرة فضائية هائلة الضخامة بغية حرفها عن مسارها، إلا أن تلك النظريات لم تبرهن أو تختبر.
ووفق ما نقله عالم الفيزياء ناثان موور إلى "اندبندنت" قبل أيام قليلة، "نعرف أننا نستطيع توليد تدفق مكثف من أشعة إكس في الآلة زد. لقد برهنا على ذلك بالفعل. لكن، كيف لك إجراء تجربة حرف مسار كويكب في مختبر؟".
وفي مختبرهم بولاية نيو مكسيكو عمد موور وفريقه إلى تصغير فائق لتلك التجربة مستخدمين كويكبات زائفة لا يزيد حجمها عن كرة زجاجية صغيرة [كتلك التي يلعب الأطفال بها، تسمى "بلية" بالعامية المصرية و"كلة" بنظيراتها الشامية]. ولقد ضربوا تلك الكرات بدفقة من أشعة إكس صادرة من الآلة زد.
ونشر بحثهم أخيراً في مجلة "نيتشر فيزيكس" العلمية المخصصة للفيزياء. وفي اللحظة المناسبة أطلق البحاثة كويكباً مصنوعاً من مادة سيليكا الرملية إلى "الفضاء" (ضمن مختبرهم). ولقد خلقوا منطقة مفرغة من الهواء كي تحاكي بيئة الفضاء، لكن الأهم هو التوقيت المناسب. وأطلقوا كويكباً فائق الصغر حلق لفترة لم تزد على جزء من الألف من الثانية قبل أن تشرع أشعة إكس في تحويل سطحه إلى بخار يتبدد.
وبحسب توضيح موور "وأن ذلك يصدر عنه تيار يشبه دخان عادم السيارات، فيبدو كأنه عادم صادر من صخرة. وقد دفع الكويكب الزائف إلى الأمام". وكذلك عمدوا إلى قياس مدى تسارع كويكبهم، ووجدوا أن القياسات تتوافق مع النماذج النظرية التي صاغوها قبل إجراء التجربة. وأضاف موور "بالتالي، ثمة فكرة بأن ذلك قد يفيد بصورة عملية. إنها التجربة الأولى التي تبرهن على ذلك المفهوم".
وكذلك يعتقد موور أن ذلك المفهوم نفسه صالح للتطبيق على كويكبات ضخمة جداً، إذا توافر وقت كاف للإنذار باقترابه. ورأى أنه "من حيث المبدأ تستطيع حرف مسار كويكب بحجم ذلك الذي أدى إلى انقراض الديناصور، إذا توافر لديك وقت كاف".
وفي المقابل، إن ذلك النوع من الكويكبات ليس كثير الشيوع.
وتعد الكويكبات الصغيرة والغبار والجسيمات الفضائية بقايا من تكون النظام الشمسي وتضرب الأرض كل يوم، ومن النادر أن تقترب كويكبات ضخمة من الكرة الأرضية. وبحسب "مختبر الدفع النفاث" Jet Propulsion Laboratory اختصاراً JPL التابع لوكالة "ناسا" الفضائية، ثمة خمسة كويكبات تحلق قرب الأرض هذه الأيام وتقارب أحجامها باص النقل والمنزل وكتلة تساوي ثلاث طائرات. ولا يحلق أي منها على مسافة من الأرض تدعو للقلق وإطلاق صفارات الإنذار، إذ تبعد مداراتها كلها بأكثر من متوسط المسافة بين الأرض والقمر.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتذكيراً، خلال أوقات سابقة نظر إلى الكويكب "أبوفيس" بوصفه جرماً مثيراً للقلق، إذ يبلغ قطره 1100 قدم (ما يقارب 335 متراً). وفي المقابل استبعدت كل احتمالات ارتطامه بالأرض وكذلك الحال بالنسبة إلى عودته إلى مدار قريب من الأرض قبل عام 2036. ولم تظهر حسابات وكالة "ناسا" إمكانية ارتطامه بصورة مؤثرة مع الأرض قبل 100 عام في الأقل، لكن خطره ما زال ماثلاً.
وكذلك يسود اعتقاد بوجود 25 ألف جسم فضائي تقريباً بطول ملعب البيسبول، بإمكانها التسبب ببعض الأذى لكوكبنا. وخلال العام الماضي، أوضحت وكالة "ناسا" أنه جرى التعرف إلى أقل من نصف تلك الأجرام، وباتت قيد المتابعة والرصد.
واستكمالاً، ثمة طريقة أخرى لحرف مسار الكويكبات الأصغر حجماً من هذه الأخيرة. وقد أظهرت تجربة المهمة "دارت" DART أي "الاختبار المزدوج لإعادة توجيه الكويكبات" Double Asteroid Redirection Test عام 2022، أن ضرب كويكب بمركبة فضاء قد يعيد توجيهه.
وبحسب موور "إذا تعلق الأمر بكويكب ضخم كأن يصل حجمه إلى بضعة كيلومترات أو أكثر، فببساطة لا توجد كمية كافية من الطاقة لحرفه عن مساره بواسطة ضربه بمركبة فضائية متحركة، بالتالي يلزمك أن تفعل أشياء أكثر حيوية ومحملة بطاقة أكبر".
وعلى رغم تلك المعطيات كلها فحتى الكويكبات الصغيرة تمثل تحدياً، إذا لم يتوافر وقت كاف للتصدي لها. وتبقى أشياء كثيرة مجهولة عن كيفية تأثر الكويكبات بالضربات التي قد توجه إليها. إذ تتكون الكويكبات من معادن مختلفة وبعضها يرتبط مع الآخر بطريقة أكثر تراخياً من بقيتها.
ووفق موور "إذا أردت أن تفوز بلعبة تنس يجب عليك إتقان أنواع الضربات كلها".
© The Independent