ملخص
ماذا نعرف عن منشآت "حزب الله" الموجودة تحت الأرض؟
استعرض "حزب الله" في مقطع فيديو نشره أخيراً نموذجاً من شبكة أنفاق يضم، وفق الصور، منصات إطلاق صواريخ وأسلحة ثقيلة، ويرجح متخصصون أن تقوم هذه المنشآت بدور أساس في أية مواجهة مع إسرائيل.
ومنذ الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 غداة بدء الحرب في قطاع غزة إثر هجوم غير مسبوق لحركة "حماس" على جنوب إسرائيل، يتبادل "حزب الله" المدعوم من إيران القصف مع إسرائيل بصورة يومية عبر الحدود اللبنانية.
لكن المخاوف من اندلاع حرب واسعة تزايدت مع توعد "حزب الله" وإيران بالرد على مقتل القيادي في الحزب فؤاد شكر بضربة إسرائيلية طاولت الضاحية الجنوبية لبيروت، ورئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية بضربة في طهران نسبت إلى إسرائيل.
فماذا نعرف عن منشآت "حزب الله" الموجودة تحت الأرض؟.
رسالة تحذيرية
يمتدّ الفيديو على أربع دقائق مع مؤثرات صوتية وضوئية ويظهر منشأة باسم "عماد 4" محصنة يتحرك فيها عناصر بلباس عسكري وآليات محملة بالصواريخ ودراجات نارية ضمن أنفاق واسعة ومضاءة، وحمل الشريط عنوان "جبالنا خزائننا".
ولم تتمكن وكالة الصحافة الفرنسية من التحقق من صحة الفيديو بصورة مستقلة، لكن متخصص الأدلة الجنائية الرقمية في جامعة كاليفورنيا هاني فريد قال رداً على سؤال الوكالة إن "من المستبعد" أن يكون الفيديو نُفذ بتقنية الذكاء الاصطناعي، ولو أن بعض أجزاء منه "التي تظهر فيها شاحنات ودراجات نارية تسير في النفق، تبدو وكأنها تحمل بصمة خفيفة لرسوم مولدة إلكترونياً"، من دون أن يتمكن من تأكيد ذلك.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويشير المتخصص في شؤون "حزب الله" بمركز "أتلانتيك كاونسيل" للأبحاث نيكولاس بلانفورد إلى أن شبكة أنفاق الحزب تستخدم في "تخزين الذخيرة وكمنصات مخفية لإطلاق الصواريخ".
ويرى أن الفيديو قد يكون "رسالة تحذير" إلى إسرائيل في حال نفذ "حزب الله" تهديده المتعلق بـ"الثأر" لشكر، مما قد يستتبعه رد إسرائيلي عنيف، موضحاً أن الحزب يريد أن يقول لإسرائيل إنه قادر "على استخدام أسلحة أكثر قوة بكثير" من تلك التي استعملها خلال الأشهر الـ10 الماضية.
مدن الصواريخ
يشرح العميد المتقاعد من الجيش اللبناني منير شحادة أن الفيديو أظهر "مدى عمق الأنفاق واتساعها وتشعبها، وكيف يصعب أن تطاولها إسرائيل".
ويقول العميد المتقاعد هشام جابر إنه لا معلومات كثيرة حول هذه المنشآت "السرية للغاية"، مضيفاً أن منشأة "عماد 4" قد تكون واحدة من عشرات، فـ"طبيعة الأرض في جنوب لبنان، حيث توجد جبال وتلال، مثالية للحفر ومحمية لأنها في قلب الجبل".
ويشير جابر الى أن "الطائرات لا تستطيع أن تصل إلى هذه المنشآت المحمية من الأعلى"، ويمكن للمقاتلين البقاء داخلها "ما بين تسعة أشهر وعام لأنها تضم كل الإمكانات من طاقة وغذاء ودواء".
ويضيف أن إسرائيل "يمكنها أن تواصل قصفها لأشهر وأن تواصل تدمير لبنان من دون أن تصل" إليها.
أما المتخصصة في شؤون "حزب الله" بالمعهد الإسرائيلي للدراسات في الأمن القومي أورنا مزراحي، فترد على سؤال لمكتب وكالة الصحافة الفرنسية في القدس بالقول، "نعرف بوجود أنفاق ’حزب الله‘ منذ فترة"، مردفة أن الجيش الإسرائيلي "اكتسب خبرة جيدة" حول الأنفاق من الحرب على قطاع غزة، حيث لـ"حماس" شبكة واسعة منها، وسيكون عليه التعامل معها في حال دخل لبنان مجدداً.
ومن المعروف أن هناك منشآت عسكرية تحت الأرض أيضاً في إيران التي تدعم "حزب الله" بالمال والسلاح.
وإثر نشر فيديو "حزب الله"، كتبت السفارة الإيرانية في بيروت على حسابها بمنصة "إكس" بالعربية، "في اللغة الفارسية نطلق على المنشآت الصاروخية الموجودة تحت الأرض وداخل الصخور والجبال ’مدن الصواريخ‘". وقالت إنها "موجودة في جميع أنحاء" إيران و"يمكننا، إذا لزم الأمر، مهاجمة العدو من أية نقطة" في البلاد.
وذكرت وكالة أنباء "مهر" الإيرانية إثر نشر الفيديو أن المقطع يكشف عن "مدينة صواريخ تحت سلسلة جبل عامل"، في إشارة إلى جنوب لبنان. ويتركز نفوذ "حزب الله" في جنوب لبنان خصوصاً، وفي منطقة البقاع شرقاً.
معلم "مليتا" السياحي
بدأ "حزب الله" العمل على شبكة أنفاقه منذ منتصف الثمانينيات عندما كانت إسرائيل تحتل أجزاء من جنوب لبنان، وفق بلانفورد.
وعام 2010، افتتح الحزب ما سماه "المعلم الجهادي السياحي الأول عن المقاومة" في مليتا جنوب لبنان، وهو عبارة عن نفق بطول 200 متر، وقال في حينه إن المكان كان قاعدة عسكرية استخدمت خلال الحرب مع إسرائيل عام 2006، وفي المواجهات مع الجيش الإسرائيلي قبل انسحابه من جنوب لبنان عام 2000.
وعرض الحزب في "معلم مليتا السياحي" عشرات القذائف المضادة للصواريخ وصواريخ "كاتيوشا" وغيرها من الصواريخ والراجمات، إضافة الى غنائم من الجيش الإسرائيلي بينها دبابات "ميركافا".
ويقول بلانفورد إن الأنفاق التي بنيت في مطلع عام 2000 والتي تشبه معلم مليتا "صُممت لعدد صغير من المقاتلين ليرتاحوا ويأكلوا ويناموا فيها"، لكن المنشأة التي تظهر في الفيديو "أكبر بكثير من تلك المخابئ".
ويشير الأستاذ في كلية العلوم السياسية بجامعة "غرونوبل" الفرنسية دانيال ميير إلى أن استخدام الحزب للأنفاق ظهر إلى العلن خلال حربه مع إسرائيل عام 2006، موضحاً أن مقاتلي "حزب الله" كانوا يتحركون "تحت الأرض" في مواجهة إسرائيل التي تملك تفوقاً جوياً.
وبعد حرب 2006 طور الحزب أنفاقه، وفق المتخصصين، وأعلنت إسرائيل عام 2019 اكتشاف وتدمير أنفاق لـ"حزب الله" حُفرت من لبنان إلى داخل الأراضي الإسرائيلية.
ويرى ميير أن شبكة أنفاق الحزب غير ممتدة بقدر شبكة "حماس" في قطاع غزة، لكن "احتمال أن يخرج العدو من الأرض لا شك يبقى ماثلاً في الذهن الإسرائيلي".