Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا يريد السوريون من دستورهم الجديد؟

مطالبات بفصل الدين عن الدولة والاعتراف بالأقليات وعدم تهميشها

سورية تشارك في انتخابات مجلس الشعب الأخيرة في 14 أبريل (نيسان) 2016 (اندبندنت عربية)

عبّر كلام مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسون، في اجتماع مجلس الأمن الدولي، عن تفاؤلٍ بشأن وصول السوريين إلى حل سياسي في البلاد بعد إعلان أسماء ممثلين عن الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني، تاركاً فرصة جديدة أمام أصحاب الشأن لوأد خلافاتهم من خلال الدستور الجديد.
 

لقاء جنيف المرتقب
 

من جهته، دعا بيدرسون إلى عقد أول اجتماعات اللجنة الدستورية في 30 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، كبداية لطريق إصلاحٍ دستوري يرتقي إلى تطلعات الشعب ويوافق عليه في ضوء إحاطة مبعوث الأمم المتحدة أمام مجلس الأمن الدولي يوم الأحد الماضي 29 سبتمبر (أيلول).
ويطمح السوريون إلى دستور جديد يرسّخ المواطنة شعاراً وتطبيقاً، فيما ترتفع أصوات من الداخل السوري تطالب باعتماد مبدأ العلمانية بحلة أكثر حداثةً وعصرية، تبتعد عن العنصرية في تعاطيها مع الأقليات والطوائف الدينية.
في المقابل، اعترض عضو مجلس الشعب السوري، نبيل صالح على مشاركة أي ممثل من "الإخوان المسلمين"، وردّ ذلك إلى انتماء ذلك تنظيم إلى مرجعية غير سورية، وإلى كونه لا يؤمن بالمواطنة. وأضاف "بالنتيجة الدستور الجديد يحتاج إلى استفتاء من الشعب قبل إقراره".
ورفض المعارض السوري، وليد البني التعليق على اللجنة الدستورية، قائلاً إنه لن يعطي رأيه قبل مضي 100 يوم على تشكيلها. وأضاف أنها "وسيلة دولية لانتقال سياسي مبرمج، وقد تكون خطوة في الفراغ، القصد منها إعطاء الوقت ريثما يقرر المجتمع الدولي إنهاء الكارثة التي تضرب السوريين. وبعد مئة يوم، تكون الصورة أوضح".
شاطره في ذلك الرأي الدكتور في القانون سام دلة، أحد المرشحين لعضوية اللجنة الدستورية الذين اعترض عليهم النظام. وقال إنه يعلم أسباب استبعاده من اللجنة الدستورية بعد اعتراض النظام، إلا أنه لا يرغب في الحديث عنها، رغم أنه كان في وقت سابق الناطق الرسمي في مرحلة صياغة دستور عام 2012 في دمشق.
 

 

 

دستور طائفي!
 

على المقلب الآخر، ينظر سوريون في الخارج بعين الريبة إلى اللجنة الدستورية الجديدة خصوصا بعد المخاض العسير الذي سبق إعلان أسماء أعضائها والاختلافات حول أسمائها. وأكثر ما تشكك به المعارضة ليس ما تنتجه اللجنة الدستورية رغم وجود مسودة مسبقة، بل الاستفتاء على الدستور الذي سيكون تحت إشراف النظام السوري. 
وطالب المعارض السوري رياض نعسان آغا "بالإبقاء على الهوية السورية العربية وجزء من الوطن العربي مع حفظ حقوق المكونات غير العربية بالمواطنة الكاملة".
وأعرب آغا الذي كان مستشاراً للرئيس السابق حافظ الأسد، عن رغبته في الحفاظ على الفقه الإسلامي مصدراً للتشريع، وفقما نص عليه دستور عام 2012. وأضاف "سبق وطالبت بإدخال تعديلات على هذا الدستور خوفاً من أن نصل إلى دستور طائفي يقسم المناطق والمناصب بحسب الأديان والإثنيات والقوميات ويلغي مفاهيم المواطنة".

 

 

"العربية السورية"
 

في غضون ذلك، بدأ مع الكشف عن أسماء المشاركين في اللجنة، حديثاً واسعاً عن المسودة الأولية، التي ينقسم أطراف على تأييدها، فيما يختلف السوريون على بنود في الصيغة الأولية للدستور ولعل أبرزها حذف كلمة "العربية" من تسمية "الجمهورية العربية السورية".
وأشعل حذف كلمة "العربية" جدلاً واسعاً بين السوريين، خصوصا أنصار التيارات السياسية القومية الذين رفضوا هذا البند، فيما ينتظر البعثيون توجيهاً ضمنياً من قيادتهم في الحزب الحاكم الذي يقود البلاد منذ عام 1963 لإعلان موقفهم. لكن هؤلاء يرفضون ذلك ضمنياً، كون أن القومية العربية في صلب عقيدتهم السياسية. ويرى قياديون بعثيون أن ذلك سينسف "الدور الذي وُصِف بالمحوري لسوريا إزاء الأمة العربية".
في المقابل، لقي ذلك البند قبولاً من المكونات السورية غير العربية خصوصا الكردية التي لطالما طالبت ومنذ ما قبل أحداث عام 2011 بالاعتراف بها كقومية ثانية في البلاد وباللغة الكردية لغة رسمية ثانية مع المساواة التامة بالحقوق والواجبات بينهم وبين كل المواطنين.

 

 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الدين والوطن
 

في غضون ذلك، لا تتوقف مطالبات السوريين في الشقين السياسي والإنساني، بالتوصل إلى دستور يرتقي بالمواطنة، مع التركيز على القضايا الاجتماعية بدءاً بالاعتراف بالزواج المدني وحرية المواطن باختيار طريقة زواجه وتكريس مبدأ الدين لله والوطن للجميع وفصل الدين عن الدولة.
وطالب "التحالف العلماني السوري" في مارس (آذار) الماضي، بإلغاء مادة الديانة الإسلامية من المدارس والاستعانة عنها بمادة التربية الأخلاقية.
كما يتحفظ بعض المسيحيين السوريين على مادة في الدستور تحصر ديانة رئيس الدولة ومصدر التشريع بـ"الإسلام"، ما يعني تهميشاً سياسياً لهم وفق الأستاذة الجامعية في الولايات المتحدة ميرنا داوود.
وتعتبر داوود في مقالة نُشرت في 30 سبتمبر (أيلول) الماضي، أن "هذه المواد الطائفية العنصرية من شأنها أن تطيح بناء دولة مواطَنَة تتصف بالمدنية والديموقراطية دولة عدالة ومساواة".

 

المخاض العسير
 

وفي خطوة مرتقبة، استغرقت وقتاً طويلاً كان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أعلن في 23 سبتمبر (أيلول) الماضي، تشكيل لجنة دستورية سورية.
وقال غوتيريش للصحافيين إثر إعلانه في مقره في نيويورك "أعتقد بشدة أن تشكيل لجنة دستورية يتولى السوريون أنفسهم تنظيمها وقيادتها، يمكن أن تشكل بداية طريق سياسي نحو حلٍ في بلد غارق في حرب أهلية منذ العام 2011".
وامتدت مباحثات تشكيل اللجنة 18 شهراً. وصرح وزير الخارجية السوري وليد المعلم على هامش حفل في السفارة الصينية في 23 سبتمبر أنه بعد زيارة غير بيدرسون جرى الاتفاق على كل تفاصيل اللجنة.
في المقابل، ظل الائتلاف السوري المعارض متمسكاً بفرض شروط على عمل اللجنة الدستورية ومحاولات حصر عملها في إدخال تعديلات على الدستور الحالي، بانتظار ما سيتولد عنها من نتائج في أول اجتماع لها في جنيف.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي