ملخص
في النصف الأول من عام 2024، سجل الاقتصاد البريطاني أسرع معدل نمو بين اقتصادات مجموعة الدول السبع بنسبة 1.3 في المئة، لكن الخبراء يحذرون من أن هذا النمو قد لا يستمر في النصف الثاني من العام.
يؤكد محللون أن الاقتصاد البريطاني حقق أسرع معدل نمو مقارنة بأي اقتصاد من اقتصادات مجموعة الدول السبع في النصف الأول من العام.
وأفاد مكتب الإحصاءات الوطنية بأن الناتج المحلي الإجمالي البريطاني ازداد بنسبة 0.6 في المئة بين أبريل (نيسان) ويونيو (حزيران) الماضيين، بما يتماشى مع توقعات كان قد أعلنها اقتصاديون. وتمثل هذه النسبة نمواً إجمالياً بواقع 1.3 في المئة في الأشهر الستة الأولى من عام 2024، بعدما وقعت بريطانيا في ركود في أواخر عام 2023.
وعلى رغم أن الأرقام تعود إلى مرحلة سبقت الانتخابات العامة، من المتوقع أن توفر دفعة لرئيس الوزراء سير كير ستارمر ووزيرة المالية راشيل ريفز اللذين يجعلان النمو الاقتصادي أولوية للحكومة، بينما يحذران من "قرارات صعبة" في المستقبل، مع توقع فرض بعض الزيادات الضريبية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن خبراء استبعدوا أن يستمر المستوى نفسه من النمو "الناجح" في النصف الثاني من العام، وحذروا من أن الأرقام قد تدفع بنك إنجلترا إلى تأجيل إقرار مزيد من خفض معدلات الفائدة.
وفي يونيو، لم يسجل أي نمو اقتصادي شهري إذ عادلت الضعف في الخدمات إيجابيات في قطاع التصنيع، بحسب مكتب الإحصاءات الوطنية.
كذلك لم يشهد أبريل تسجيل أي نمو، في تطور عزي إلى أثر الطقس الرطب، لكن بعد ذلك شهد مايو (أيار) دفعة اقتصادية بنسبة 0.4 في المئة.
وقالت مديرة الإحصاءات الاقتصادية في مكتب الإحصاءات الوطنية ليز ماكيون، "لقد نما الاقتصاد البريطاني الآن بقوة في الفصلين الأخيرين، بعد الضعف الذي شهدناه في النصف الثاني من العام الماضي.
"وقاد قطاع الخدمات النمو خلال الأشهر الثلاثة، إذ حققت قطاعات البحث العلمي وصناعة تكنولوجيا المعلومات والخدمات القانونية أداء جيداً.
"وفي يونيو، لم يتغير معدل النمو مع تراجع الخدمات، بسبب أداء شهري ضعيف في قطاعات الصحة والتجارة بالتجزئة والبيع بالجملة، في مقابل نمو واسع النطاق شهده قطاع التصنيع".
وقالت السيدة ريفز، "لا تشعر الحكومة الجديدة بأي وهم في شأن حجم التحدي الذي ورثناه بعد أكثر من عقد من النمو الاقتصادي الضعيف والفجوة الهائلة البالغة قيمتها 22 مليار جنيه استرليني (28.4 مليار دولار) التي تعانيها المالية العامة.
"لهذا السبب جعلنا النمو الاقتصادي مهمتنا الوطنية ونتخذ القرارات الصعبة الآن لإصلاح الأسس حتى نتمكن من إعادة بناء بريطانيا وجعل كل جزء من البلاد أفضل حالاً".
وفي الأسبوع الأول بعد الهزيمة الساحقة لحزب العمال في الانتخابات، وعدت السيدة ريفز بإعادة تشغيل الاقتصاد من خلال جعل ذلك "المهمة الوطنية" للحكومة الجديدة لتأمين أعلى نمو مستدام في مجموعة الدول السبع.
وقالت السيدة ريفز في ذلك الوقت، "إن تحقيق النمو الاقتصادي هو مهمتنا الوطنية، وليست لدينا دقيقة واحدة نضيعها.
"لهذا السبب اتخذت هذا الأسبوع بالفعل الإجراءات العاجلة اللازمة لإصلاح أسس اقتصادنا لإعادة بناء بريطانيا وجعل كل جزء من البلد أفضل حالاً. لقد بدأ عقد زمني من التجديد الوطني، ونحن بدأنا العمل للتو".
وأشار سيمون بيتاواي كبير الاقتصاديين في "مؤسسة القرار"، إلى أن المملكة المتحدة سجلت أقوى نمو مقارنة بأي من اقتصادات مجموعة الدول السبع خلال الأشهر الستة الماضية، لكن "هنا تنتهي الأخبار الجيدة".
وأفاد، "يعد سجل بريطانيا في الأجل المتوسط أقل أهمية بكثير، وهو مدفوع بتزايد عدد السكان بدلاً من زيادة الإنتاجية. ومن دون العودة إلى نمو الإنتاجية، ستستمر مستويات المعيشة في الركود وستستمر بريطانيا في التخلف عن البلدان المماثلة لها".
ووفق سورين ثيرو المسؤول في معهد المحاسبين القانونيين، تؤكد الأرقام أن تعافي المملكة المتحدة من الركود "اكتسب زخماً" على رغم الإضرابات والطقس الرطب الذي تسبب في عدم تحقيق النشاط الاقتصادي نمواً في يونيو.
ومع ذلك، حذر السيد ثيرو من أن الزيادة تعزى إلى انخفاض معدل التضخم وانعقاد مناسبات مثل البطولة الأوروبية لكرة القدم 2024 أكثر من التحسن الكبير في مسار النمو الأساس في المملكة المتحدة، مستبعداً أن تستمر الزيادة في النصف الثاني من العام 2024.
ونبه إلى أن الأرقام قد تتسبب في تأجيل بنك إنجلترا قراره المقبل بخفض معدلات الفائدة إذ إن الأرقام قد تزود المصرف "بضمانات تتعلق بقوة الاقتصاد تكفي لتأجيل تيسير السياسة النقدية".
ووصفت يائيل سيلفين كبيرة الاقتصاديين في مؤسسة "كاي بي أم جي المملكة المتحدة"، الاقتصاد البريطاني بأنه يتمتع "بفصل آخر من النجاح"، وتوقعت أن يتباطأ النمو في وقت لاحق من هذا العام، لكن النمو الإجمالي لعام 2024 قد يصل إلى 1.1 في المئة، وهو مستوى أشارت إلى أنه "أعلى بكثير من التوقعات المعلنة بداية العام".
وقال جايك فيني وهو متخصص في الشأن الاقتصادي في "برايس ووترهاوس كوبرز"، "تقدم أحدث إحصاءات النمو مزيداً من الأدلة على أن الاقتصاد ينعطف تدريجاً مع تولي الحكومة الجديدة السلطة".
وحذرت ليديا بريغ المسؤولة في "مؤسسة الاقتصاد الجديد"، من أن "التحسينات الصغيرة في الناتج المحلي الإجمالي لا تغير حقيقة أن الاقتصاد البريطاني جامد منذ فترة طويلة بسبب أكثر من عقد زمني من غياب الاستثمار من قبل الحكومات المتعاقبة".
"إذا أرادت هذه الحكومة أن تضعنا على مسار جديد، لا يمكنها الاعتماد فقط على الاستثمار الخاص. لقد جرب هذا النهج واختبر وخلف لنا مستشفيات متداعية وفواتير طاقة مرتفعة للغاية ونظام نقل عام من الدرجة الثانية.
"نحتاج الآن إلى قيام هذه الحكومة باستثمارات عامة ذكية: في مصادر الطاقة المتجددة لخفض فواتير الطاقة، وفي الصناعة الخضراء والبنية التحتية لتعزيز النمو والأجور، وفي هيئة الخدمات الصحية الوطنية والضمان الاجتماعي لمساعدتنا في الحفاظ على الصحة".
© The Independent