Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجيش الجزائري يتعهد بـ"الحياد التام" في الرئاسيات المقبلة

ضمانات من رئيس الأركان ينفي فيها دعم أي مرشح

يشير البعض الى دور محتمل للجيش في الانتخابات المقبلة (أ.ف.ب)

على قدر ما كان مصير الرئاسيات التي شهدتها الجزائر منذ تاريخ استقلالها قبل نحو ستة عقود، لصيقاً برؤية المؤسسة العسكرية وخياراتها، بقدر ما تبدو المهمة صعبة، أمام الجيل الحالي في قيادة الأركان، لإقناع الجزائريين بأن الجيش سيلتزم الحياد التام في الرئاسيات المقبلة  بديسمبر (كانون الأول) المقبل.

ويتحاشى الثمانون مرشحاً للرئاسيات المقبلة إلى حد الآن (قبل الغربلة النهائية للملفات المقبولة)، الخوض بشكل صريح في موقف الجيش منها، في مقابل ضمانات متكررة من رئيس الأركان أحمد قايد صالح ينفي فيها تزكية أي كان من المرشحين في سياق "اتهامات تحت الطاولة"، تتحدث عن وجود "مرشح الجيش" على الرغم من الخطاب المسوق.

تشويش من العصابة

ولأن تلك الاتهامات المتداولة بين سياسيين من دون أن تجد مكاناً لها للنقاش الصريح، برزت بمجرد ترشح الوزير الأول السابق عبد المجيد تبون للرئاسيات المقبلة، يجري الآن الربط بين هذا المستجد والنفي الصادر من رئيس الأركان في الأسبوع الموالي مباشرة.

ومعلوم أن قايد صالح، تحدث عن "ادعاءات" تروج "لها العصابة وأذنابها التي يجب محاربتها والتصدي لها"، حين كان يتناول موضوع حياد المؤسسة العسكرية في الموعد المقبل، قائلاً "إن العصابة هي التي تحاول الترويج أن الجيش الوطني الشعبي يزكّي أحد المترشحين للرئاسيات المقبلة، وهي دعاية الهدف منها التشويش على هذا الاستحقاق الوطني المهم".

وتابع "إننا نؤكد في هذا الصدد أنّ الشعب هو من يزكّي الرئيس المقبل من خلال الصندوق، وأن الجيش الوطني الشعبي لا يزكي أحداً، وهذا وعـد أتعهد به أمام الله والوطن والتاريخ".

مواعيد الجيش والرئاسيات

لطالما كان موقف المؤسسة العسكرية حاسماً و فاصلاً في جميع الرئاسيات التي شهدتها الجزائر في الماضي، وتبرز بين تلك المحطات، معارك رئاسية بعينها على حساب أخرى، قياساً لانغماس المؤسسة العسكرية بشكل صريح في اللعبة السياسية، ما يعيق قيادة الجيش راهناً في إقناع الجزائريين بحياد هذه المؤسسة.

ففي الرئاسيات التي تنافس فيها الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، كان دور الجيش خفياً وغير واضح، إلاّ في محطة واحدة انكشفت فيها جميع الأوراق، حين انقسمت التحالفات عام 2004 بين بوتفليقة وخصمه علي بن فليس (مرشح حالياً للرئاسيات المقبلة).

وشكّلت قيادة الأركان في تلك الحملة الانتخابية بقيادة الفريق الراحل محمد العماري، دعامة قوية لبن فليس، فيما كان جهاز الاستخبارات بقيادة محمد مدين، المدعو "توفيق" (حُكم عليه بالسجن 15 سنة نافذة قبل أسبوع)، الخلفية التي حمت المرشح عبد العزيز بوتفليقة، ليفوز الأخير بغالبية الأصوات، ويؤدي ذلك إلى عزل محمد العماري السنة ذاتها، واستلام رئيس الأركان الحالي أحمد قايد صالح.

مواقف الأحزاب

تفضّل أحزاب بنت مواقفها من الرئاسيات المقبلة، سواء بالمشاركة أو المقاطعة، التلميح إلى دور محتمل للجيش، من دون أن توجه اتهامات صريحة بالتدخل في مسار العملية الانتخابية.

ويقول اليزيد بن عائشة، الأمين العام لحركة النهضة، عن تطمينات الجيش الأخيرة، "الثقة بالخطاب اهتزت في فترات سابقة، واليوم نحن أمام امتحان كبير سيما بالنسبة إلى المؤسسة العسكرية"، مضيفاً "يعتقد الناس بشكل عام أنّ الجزائر لم تتخلّص من مصطلح مرشح النظام وأن هناك لعبة ما ستنطلي عليهم مجدداً وبالتالي، لا داعي للانتخاب من الأصل".

ويرى أنّ "هذه التصريحات لرئيس أركان الجيش ربما صادقة إلى حد كبير، فالظرف لا يسمح للمؤسسة العسكرية بممارسة ما كان يحدث في السابق، أي تعيين رئيس وإنشاء مشتلة من الانتهازيين من حوله"، وختم "في حركة النهضة، شاركنا في الحوار على أساس موقف مبدئي، لكننا بالمقابل، انتظرنا إجراءات تهدئة تأخر تجسيدها للأسف مع توافقنا على رفض التدخل الأجنبي".

الفائز غير معروف

في المقابل، يدعم رأي بن عائشة، المرشح الإسلامي عبد القادر بن قرينة، فالأخير ترشح باسم حركة البناء الوطني، ولا ينفك يردد أن "الفائز بالرئاسيات المقبلة غير معروف، فهو لا يحمل الأضغان، ولن يكون من الزمر التاريخية، ولا يتبع إلى تقسيم جغرافي تاريخي زمن الثورة، ولا يدخل في أي توازنات لغوية أو جهوية، لذلك فالرئيس المقبل للجزائر غير معروف بعد".

ومعلوم أن الوحيد الذي حظي بتحليلات تعتقد بأن المؤسسة العسكرية تدعمه، هو الوزير الأول السابق عبد المجيد تبون، وعلى الرغم من اختفاء الرجل لثلاث سنوات كاملة عن المشهد السياسي، فإنّ مراقبين يتهمون رئيس الأركان بتجهيز تبون منذ تاريخ طويل ليكون الخليفة التلقائي لبوتفليقة لما يحمله من مواقف ضد "الفساد".

وفي سياق متصل، يوضح الكاتب الصحافي أنيس الهيشر في هذا الشأن "أن إقناع الشعب بعدم وقوف المؤسسة العسكرية خلف أي مترشح مهمة صعبة من ناحيتين، الأولى أن السياق التاريخي للقضية يطرح نفسه كدليل على استحالة المهمة، باعتبار أن الجيش لطالما حافظ على المسافة ذاتها في خياراته من الرؤساء الذين تعاقبوا على رئاسة البلاد".

ويضيف "من الناحية الثانية، لا يزال الحراك الشعبي متمسّكاً أصلاً بخيار لا انتخابات من دون شروط وظروف مناسبة. ولهذا، فإن الاقتناع بالخيارات المطروحة على طاولة الرئاسيات من شخصيات مترشحة وباختلاف انتماءاتها، يبدو أمراً صعباً للغاية". ومن الجهة المقابلة "يمكن تبرير موقف الجيش هذا بظروف وطبيعة المرحلة، بما أنه الجهاز الوحيد الذي عهدت إليه مرافقة الحراك، فلا يمكن بعد كل هذا حسب الأعراف السياسية، تغييب دوره كمهندس للمرحلة المقبلة"، على حدّ تعبير الهيشر.            

المزيد من العالم العربي