Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الفلسطينيون من ذوي الاحتياجات الخاصة... حقوق ضائعة بين الثقافة والقانون

الطرق والمباني غير مجهزة بمرافق خاصة بهم

مدخل مبنى غير مجهز لذوي الاحتياجات الخاصة (اندبندنت عربية)

"أنت لا تُحرَم الفرصة فقط، بل المتعة أيضاً، لأن المكان الذي تريد الذهاب إليه، ليس مجهزاً لاستقبال من يستخدمون العصي للمشي أو الكرسي المتحرك"، تقول إيناس عباهرة، التي أصيبت بمرض سبب لها إعاقة دائمة في قدمها.

وتضيف أن عدم توافر المداخل اللازمة والمرافق الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة، يحرمهم من ممارسة حياتهم بشكل طبيعي، كزيارة المقاهي أو غيرها من المرافق العامة، ما يعطي شعوراً بالاختلاف يحاولون تجنبه دائماً.

تشير إيناس إلى أن المشكلة ليست فقط في تأهيل المباني أو المداخل، بل الطرق والأرصفة، فقد تكون الأبنية مجهزة بكل شيء، لكن الرصيف غير مهيأ، ما يعيق الوصول إلى هذه الأماكن، حتى إن الأمر قد يصل للعمل أحياناً، فغياب المواءمة يسلبهم فرصة الحصول على العمل الذي يرغبون به.

إيناس ليست وحدها، فعدد ذوي الاحتياجات الخاصة، يزداد بحسب آخر البيانات التي أصدرها جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني عام 2017، وخلصت إلى أن نسبة الذين يعانون من صعوبة واحدة على الأقل وصلت إلى 5.8 في المئة من الفلسطينيين، بعد أن كانت 4.7 في المئة عام 2007، وتوضح الأرقام أيضاً، أن ذوي الإعاقة في قطاع غزة أكثر من الضفة، بسبب عوامل عدة منها الإصابات نتيجة العدوان الإسرائيلي خلال السنوات الأخيرة.

قوانين بلا عقوبات رادعة

قبل 20 عاماً، أقر القانون الفلسطيني رقم 4 لعام 1999، وفيه نصت المادة 12 على أهمية المواءمة وتحقيق بيئة مناسبة للمعاقين، لضمان سهولة واستقلالية الحركة والتنقل والاستعمال الآمن للأماكن، إضافة إلى المادة 94 من قرار مجلس الوزراء رقم 6 لعام 2011، المتعلق بنظام الأبنية والتنظيم للهيئات المحلية، التي تشير إلى ضرورة تهيئة الأماكن العامة والمباني المتعددة الشقق السكنية، والمكاتب، بما يتناسب مع استخدامات ذوي الاحتياجات الخاصة.

منسقة وحدة التعاون المشترك لبلديات رام الله والبيرة وبيتونيا خولة الطويل، أوضحت لـ "اندبندنت عربية"، أن مسؤولية الرقابة على تطبيق المواءمة في المباني والطرق، تقع على عاتق البلديات والمجالس المحلية في كل منطقة، إضافة إلى نقابة المهندسين، التي أعدت دليلاً خاصاً بالمواصفات التي يجب الالتزام بها عند العمل على تهيئة المرافق، مثل مستوى الأرصفة والطرقات ومداخل المباني وغيرها.

وأضافت أن البلديات يجب ألا تمنح التراخيص للبناء إلا في حال استيفاء كافة الشروط التي تجعل المبنى جاهزاً لاستخدام ذوي الاحتياجات الخاصة، ولكن المشكلة تكمن في تراخي بعض الهيئات المحلية، واقتصار الأمر على غرامة مالية فقط في حال كانت هناك رقابة.

بلديات قليلة تعمل على التهيئة

في المقابل يوضح مسؤول المواءمة في بلدية رام الله مهند الشافعي أن البلدية تعمل منذ سبع سنوات على تأهيل المدينة لتكون صديقة لذوي الاحتياجات الخاصة، بعد إجراء دراسة شملت المباني والشوارع، لأن وجود المداخل الخاصة بالكراسي المتحركة والعربات، أو المصاعد وغيرها، ليس فقط للمعاقين، بل لكبار السن وعربات الأطفال، ومن يستخدمون العكازات، وهذا ما تشدد البلدية على وجوده في المباني الحديثة عند تقديم المستثمرين طلباً للحصول على رخصة بناء.

ويؤكد الشافعي أن البلدية تتخذ إجراءات مشددة في حال عدم الالتزام بشروط التهيئة ضمن المخططات، ومتابعة تطبيقها على أرض الواقع، كأن لا تعطي للمالك عدم ممانعة أو براءة ذمة، أو الحجز على التأمينات الخاصة بالشقق السكنية على سبيل المثال، ما يضطره للمواءمة مهما كانت التكلفة لاستكمال إجراءات البناء والتأجير.

ثقافة  تكاد تغيب

المشكلة الكبرى التي تواجه البلديات بحسب مهند، وهو من ذوي الاحتياجات الخاصة أيضاً، غياب الثقافة المتعلقة باحترام حقوقهم ومراعاة ما يحتاجونه من تسهيلات على اختلاف إعاقاتهم، كأن يستغل البعض المصاعد والمواقف الخاصة بهم، التي تكون باللون الأزرق وتنشئها البلديات لضمان وصولهم إلى الأماكن التي يريدونها، وفي حال تم استخدامها بشكل خاطئ فإنها تقوم بإبلاغ الجهات المختصة.

المواءمة يجب أن تتم لجميع الإعاقات

لا تقتصر الصعوبات التي تواجه ذوي الاحتياجات الخاصة، على من يعانون الإعاقة الحركية، بل بكل أنواعها، كغياب الكتابة بلغة بريل في مرافق عدة، أو ترجمة مقاطع الفيديو والإعلانات المهمة للغة الإشارة لتناسب الصم، إضافة إلى أجهزة الصراف الآلي للبنوك، والمواصلات العامة، والأرصفة والبلاط المخصص للمكفوفين.

وفي الحديث عن المواصلات العامة، يقول أحد مستخدمي الكراسي الكهربائية وهو مصاب بشلل نصفي، إنه في كل مرة يريد زيارة مدينة ما، ولا تتوافر سيارة خاصة لنقله، يضطر إلى طلب المساعدة من الأشخاص القريبين من المواصلات العامة لحمله ووضعه على كرسي الحافلة، مع كرسيه ذي العجلات مع الأمتعة، ويتكرر الأمر مجدداً عند الوصول، وهذا ما يزعجه جداً.

يطالب العديد من النشطاء بأن يعدّل القانون الفلسطيني الخاص بذوي الاحتياجات الخاصة، ليشمل عقوبات رادعة وملزمة للبلديات لمراقبة عملية المواءمة في المباني المتعددة الشقق والمرافق العامة، وليس فقط غرامات مالية، إضافة إلى زيادة الرقابة على استمرارية العمل بالمواءمة، وليس فقط لحظة الحصول على الترخيص، كأن يجهز صاحب المبنى مصعداً خاصاً لذوي الإعاقة، ومن ثم يستخدمه لأمور أخرى.

وفي سياق متصل، يرى آخرون أن المشكلة تتمثل في الثقافة السائدة لتقبل وجود هذا المعاق في المكان، وعدم إشعاره بالنقص، سواء في العمل أو الأنشطة المجتمعية المختلفة، والابتعاد عن وصم عائلته به، كأن لا يتقدم شاب للزواج من فتاة لأن أحد أفراد عائلتها لديه إعاقة ما.

يذكر أن وزارة الحكم المحلي تعمل على إعداد لوائح قانونية تنفيذية تتضمن عقوبات ناجعة أكثر، عدا عن العمل على وضع آلية لمواءمة الأبنية العامة القائمة من دون أن يشكل ذلك تهديداً على النواحي التاريخية والأثرية للمكان العام وسلامته.

المزيد من العالم العربي