ملخص
ترقب يمني واسع للاتفاق بين الحكومة والحوثيين لمعالجة الجوانب الاقتصادية وفي مقدمها الرواتب والخدمات
تتابعت ردود الفعل في اليمن عقب موافقة الحكومة الشرعية على سحب إجرائها القاضي ببسط يدها على القطاعين الاقتصادي والمصرفي، الذي سبق واتخذته ضد ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران على مدى الأشهر الماضية.
وهو التراجع الذي عزا مراقبون أسبابه إلى ضغوط أممية ودولية تهدف إلى إيجاد حال من التوافق والتهدئة توجت باتفاق قضى بخفض التصعيد في ما يتعلق بالقطاع المصرفي وإدارة شركة الخطوط الجوية اليمنية، عقب أسابيع من التوترات وإجراءات التصعيد المتبادلة.
في تفسيره لهذا التراجع يعتبر رئيس مركز المستقبل اليمني للدراسات فارس البيل أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الشرعية في إطار الملف الاقتصادي كانت صلاحيات جزئية صدرت بعد صبر طويل على تجاوزات ميليشيات الحوثي.
ويوضح أن جماعة الحوثي أوقفت تصدير النفط بالقوة من مينائي الضبة بمحافظة حضرموت والنشيمة بمحافظة شبوة (جنوب شرقي البلاد)، وفرضت ضرائب مضاعفة على البضائع الداخلة من مناطق الحكومة وطبعت عملة جديدة، كما استحوذت على المصادر والمؤسسات العامة بما فيها الخطوط الجوية اليمنية وفرضت انقساماً نقدياً كاملاً ومنعت التداول بالعملة الشرعية.
إزاء ذلك يرى البيل أن موقف الحكومة كان سلبياً نتيجة ضغوط أو نتيجة عدم قدرة أو نتيجة ضعف رؤية، ولهذا "عندما بدأت الأمور في تصاعد، وشعرت ميليشيات الحوثي بالضغط وأن هذه الإجراءات موجعة لها بالفعل، جاءت هذه الضغوط على الشرعية وأدت إلى تراجعها وإحراجها أمام الشعب".
يشير إلى أن الحكومة الشرعية "اتخذت أدنى الخطوات التي يمكن أن تعزز من قيمتها القانونية، ومن واجباتها تجاه مؤسسات الدولة على الأخص في الجانب المالي في ظل ما تعانيه من ضائقة مالية كبيرة للغاية، خصوصاً بعد إيقاف تصدير النفط وضعف الموارد".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويعتبر أن الاتفاق الأخير الذي يقضي بتراجع الحكومة عن إجراءاتها، "فرض عليها واستجاب لنوع من محاولة عدم جر ميليشيات الحوثي إلى خانة التصعيد عسكرياً، لأن الجماعة الحوثية ليس لديها ما تخسره".
وفيما يعتبر آخرون أن هذا الاتفاق سيؤسس لمشاورات توصل إلى اتفاقات واعدة، يستبعد البيل ذلك "لأن اتفاق خفض التصعيد لم يولد نتيجة مداولات أو محادثات اقتصادية، ولكنه اتفاق فرض في لحظته وبلا مقدمات حقيقية يمكن أن تؤسس لحوار اقتصادي حقيقي".
كما يعتقد أن الملف الاقتصادي "من أصعب الملفات خصوصاً بالنسبة إلى ميليشيات الحوثي لأنها تعتمد اعتماداً كبيراً على ما تجنيه من هذه السياسات التي تتخذها، إذ تجني أكثر من 3 مليارات دولار أميركي في السنة، بينما الحكومة الشرعية التي تتكفل بالرواتب، وتدفع تكاليف الخدمات لا تجني أكثر من مليار دولار أميركي واحد فقط".
يضيف "الأموال التي تجنيها ميليشيات الحوثي تذهب إلى تعزيز جبهتها العسكرية، ولا تقدم أية خدمات أو مصروفات لأي مواطن يمني على الإطلاق".
ويتوقع أن الجماعة الحوثية "لن تنفذ ما عليها من التزامات، إذ تلجأ للدخول في أي تفاوض لمصلحتها، بل وتنقلب على كل هذه الاتفاقات بحسب المدى الممنوح لها إيرانياً".
عن هذه التبعية الإيرانية يقول إن غاية الميليشيات الحوثية أن تبقى هذه حالة عسكرية في دولة منهارة تماماً بلا مقاومة وبلا مناهضة ومن دون مسؤوليات، لتنفذ المشروع الاستراتيجي الإيراني بأبعاده المختلفة".