Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الخبث السياسي قد يكلِّف نواب حزب العمال غالياً

يعرقل نواب حزب العمال إجراء انتخابات مبكرة لخوفهم من خسارتها ورغبتهم في إضعاف بوريس جونسون، لكن ذلك قد لا يكون في صالحهم على المدى الطويل

زعيم حزب العمال جيريمي كوربين في البرلمان البريطاني (رويترز)  

بلغني أن بوريس جونسون "تفاجأ" برفض حزب العمال تأييد مشروع إجراء انتخابات مبكرة. إذا كان الأمر كذلك، فهو لم يكن الوحيد.

اعتبر جيريمي كوربين، وإيان بلاكفورد، من الحزب الوطني الأسكتلندي، وجميع المعلقين بمن فيهم أنا، في مطلع الأسبوع الأول من شهر سبتمبر (أيلول)الحالي، أن تصويت نواب حزب العمال لصالح أي طلب يتقدم به رئيس الوزراء بشأن إجراء انتخابات، هو أمر مفروغ منه.

كان ذلك بمثابة قانونٍ حديدي أُرسي حديثا غير أنه ظل ثابتا في السياسة. فقد فاجأ كوربين الجميع في 2017 عندما قال، بعد ساعتين من إعلان تيريزا ماي نيتها إجراء انتخابات، إنه سيصوت لصالح لذلك.

وأثبت هذا المبدأ الحديدي فشل قانون البرلمانات ذات المدة المحددّة الذي صُمِّم كي يجعل من الصعب على رئيس وزراء إجراء انتخابات مبكرة قبل انتهاء مدة ولاية البرلمان المحددة في خمس سنوات. واعتقدنا لاحقاً أن المعارضة ستشعر دائما بحرج بالغ إذا فوتت فرصة لطرح موقفها على الشعب.

غير أن مشكلة الحديد هي أنه قابل للانكسار رغم صلابته. ففي يوم الثلاثاء الماضي هزمت المعارضة الحكومة ممهدة الطريق لمشروع قانون يمنع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون صفقة. وردّ جونسون بالدعوة لإجراء انتخابات مبكرة. وفي تعليقه على ذلك، قال كوربين، موجها كلامه إلى جونسون، "حسنًا، مرّر مشروع القانون أولا حتى نستبعد نهائياً خيار الخروج من دون صفقة ".

وبعد تمرير مشروع القانون في مجلس العموم وإرساله إلى مجلس اللوردات يوم الأربعاء، كرّر كوربين فكرته قائلاً "دع هذا المشروع يمر ويحظى بموافقة ملكية، وبعد ذلك سندعم إجراء الانتخابات." لذلك امتنع أعضاء حزب العمال يوم الخميس عن التصويت لإجراء انتخابات مبكرة، وحرموا جونسون من أغلبية الثلثين اللازمة، لأن تمرير مشروع قانون بريكست تأخر في مجلس اللوردات.

لكن بحلول ذلك الوقت، كان البساط قد سُحب من تحت أقدام كوربين، عندما أدرك أن نوابه يعارضون بأغلبية ساحقة إجراء انتخابات مبكرة موضحين أنهم لا يثقون بأن جونسون سيمتثل للقانون. وأشاروا إلى أنه قد يغير تاريخ الانتخابات لإيجاد طريقة لإخراج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) بينما يكون البرلمان مغلقاً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لا حاجة بالمرء للتفكير مليا لإدراك أن السبب الحقيقي وراء رفض العديد من نواب حزب العمال إجراء انتخابات مبكرة هو أنهم يخشون خسارتها وفوز جونسون بأغلبية برلمانية تتيح له الانسحاب من دون صفقة من الاتحاد الأوروبي إن لزم الأمر.

إذن، هكذا كان الأمر. لا يهمّ ما قاله كوربين ولا بلاكفورد في البرلمان من قبيل "دعونا نجري انتخابات،" إذ تلاشت فكرة الانتخابات المبكرة في صفوف العمال بحلول يوم الخميس من الأسبوع الأول من الشهر الحالي. ولمعرفة سبب خشية نواب حزب العمال من الخسارة في انتخابات مبكرة، كان يكفي أن تشاهد وزيرة خارجية الظل إميلي ثورنبيري في برنامج "Question Time" على القناة التلفزيونية الأولى التابعة لـ " هيئة الإذاعة البريطانية" ( بي بي سي) في تلك الليلة.

أوضحت ثورنبيري حينذاك بعناية لجمهور لا يصدق ما يسمعه، أنه إذا فاز العمال في انتخابات مبكرة وشكلوا الحكومة، فإن رئيس الوزراء كوربين سيتفاوض مع الاتحاد الأوروبي على صفقة خروج جديدة، ثم يطرحها على استفتاء شعبي، وستصوت ثورنبيري ضد صفقة حكومتها هذه.

 قد يبدو من المنطقي أن يُقال في ندوة أكاديمية أن حكومة حزب العمال ستوفر خياراً للشعب بين خروج ناعم أو البقاء في الاتحاد الأوروبي. وهذا يعني أنه في معترك حملة انتخابية شرسة ستكون سياسة حزب العمال هي الخروج من الاتحاد الأوروبي والبقاء فيه، في آن واحد. وسيُدعى الناس إلى التصويت لحكومة سيقود رئيسها حملة ًمن أجل الخروج بينما سيدعو معظم وزرائه للبقاء.

لا غرابة إذاً أن حزب العمال لا يريد انتخابات في الوقت الراهن. وإذا أمكن تأجيلها حتى ديسمبر (كانون الأول)، فسيمنح ذلك الحزب بضعة أسابيع أخرى لصياغة سياسة لا تبدو سخيفة. لكن الأهم من ذلك أن تأجيلها سيُضعف جونسون، الذي سيضطر إما لطلب التمديد من الاتحاد الأوروبي أو الاستقالة. وإذا استقال، فقد يصبح كوربين رئيسا للوزراء من دون انتخابات. وعلى أي حال، سيوافق كوربين أو أي رئيس وزراء تصريف أعمال آخر على تمديد مهلة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وهذا سيعني في نظر العديد من الناخبين المؤيدين للخروج أن جونسون قد خالف وعده بالخروج بحلول 31 أكتوبر "مهما كلف الأمر."

وهذا ليس فقط  نفاقاً مارسه حزب العمال بعد لحظات من اتهام جونسون بالانقلاب على الديمقراطية، بل هو عبارة عن لعبة خطيرة وغير مبدئية.

أعتقد أنه من الممكن أن يفوز جونسون في الانتخابات حتى في ديسمبر، طالما أنه لم يكن مسؤولاً عن تأخير خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وإذا فاز بالأغلبية، فسيكون قادراً على المضي قدماً في تنفيذ الخروج من دون اتفاق، وهي صيغة الانسحاب من الاتحاد الأوروبي التي يقول نواب حزب العمال إنهم لا يريدونها.

كان ينبغي على نواب حزب العمال التصويت لصالح صفقة الخروج عندما سنحت الفرصة لهم بذلك. فقد كانت صفقة تيريزا ماي تلك هي الوثيقة نفسها تحديدا التي كان سيتفاوض عليها رئيس وزراء من حزب العمل بدلا من ماي. وبالتالي، إذا انتهى الأمر ببريطانيا إلى الخروج من دون اتفاق سيتحمل نواب حزب العمال جزءًا كبيرًا من المسؤولية.

© The Independent

المزيد من آراء