ملخص
اتهمت "هيومن رايتس ووتش" عناصر مسلحة فلسطينية بارتكاب جريمة القتل العمد، واعتمدت المنظمة في إثبات ذلك على سماع ناجين من "المحرقة" وذكرت قصة ساغي شيفروني الذي أكد مشاهدته لرجال ملثمين قتلوا رهائن أثناء محاولة احتجازهم.
منذ الساعات الأولى لهجوم حركة "حماس" على الأراضي الإسرائيلية في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وجهت تل أبيب اتهامات "شنيعة" للفصائل الفلسطينية التي تمكنت من اجتياز الحدود والوصول إلى المدن الإسرائيلية، أبرزها ارتكاب جرائم تتعلق بالعنف الجنسي.
وعلى مدى الأشهر التسعة الماضية نفت حركة "حماس" تلك التهم، لكن التحقيق المستقل الذي أجرته منظمة "هيومن رايتس ووتش" خلص إلى أن الفصائل الفلسطينية ارتكبت ثماني جرائم تندرج تحت تصنيف جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية.
اتهمت "هيومن رايتس ووتش" (مؤسسة دولية محايدة تهتم بحقوق الإنسان وتتمتع بشفافية عالية وصدقية كبيرة عند الدول والمنظمات غير الحكومية) "حماس" بارتكاب الجرائم بعد تحقيق طويل جاء في 236 صفحة، واستغرق معها نحو تسعة أشهر، استمعت فيه إلى ناجين وشهود عيان ووسائط مختلفة، وكان بعنوان "لا أستطيع محو كل تلك الدماء من ذهني".
هجمات ضد المدنيين وأعيانهم
أول تهمة وجهتها "هيومن رايتس ووتش" إلى "حماس" تتلخص في "ارتكاب هجمات متعمدة وعشوائية ضد المدنيين خُطط لها مسبقاً وجرى اقترافها مع سبق الإصرار والترصد"، واستندت المنظمة في تلك التهم إلى أن الفصيل السياسي راقب الحدود فترة طويلة قبل تنفيذ الهجوم.
وبحسب المنظمة الحقوقية فإن عناصر "حماس" اقتحموا المدن الإسرائيلية وهناك أطلقوا النار على المدنيين من دون تمييز مع العسكريين، كذلك هاجموا حفلاً موسيقياً وقتلوا من فيه، حتى إن الدماء سالت على الأرض بغزارة، ووثقت هذه الانتهاكات بالفيديو والصور.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويقول المتحدث باسم منظمة "هيومن رايتس ووتش" أحمد بن شمسي، "ارتكبت عناصر ’حماس‘ هجماتها ضد أعيان مدنية، الهجوم على حفل موسيقي واقتحام منازل مدنيين وقتلهم، هذا أمر ممنهج ومخطط له مسبقاً"، مضيفاً أن "أهداف حماس في الهجوم المخطط له تندرج تحت تصنيف جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية، إنها انتهاكات خطيرة، وتوصلنا إلى أن هذه الاعتداءات تختلف عما كانت ’حماس‘ تروج له بأنها أوصت عناصرها بالهجوم على فرقة غزة العسكرية التابعة للجيش وتجنب قتل المدنيين".
ويتهم التقرير المسلحين الفلسطينيين بأنهم ألحقوا أضراراً بالممتلكات المدنية عن طريق التحطيم والتخريب وحرق بعض المباني وتسويتها بالأرض، مما عرّض المدنيين داخلها لخطر جسيم.
القتل العمد بحق المحتجزين
اتهمت "هيومن رايتس ووتش" عناصر مسلحة فلسطينية بارتكاب جريمة القتل العمد، واعتمدت المنظمة في إثبات ذلك على سماع ناجين من "المحرقة" وذكرت قصة ساغي شيفروني الذي أكد مشاهدته لرجال ملثمين قتلوا رهائن أثناء محاولة احتجازهم.
ورصدت المنظمة صوراً ومقاطع فيديو لفلسطينيين يحملون محتجزين على عربات ودراجات نارية يتجولون فيهم داخل شوارع غزة، ويوضح بن شمسي أنهم "غير متأكدين إذا كانت عناصر ’حماس‘ نفسها التي نفذت تلك الاعتداءات التي تخرق قوانين الحرب".
ويبيّن أن تقرير المنظمة حدد مشاركة خمسة فصائل في الهجوم وكان من الصعب التحقق من مدى التنسيق بين القيادات السياسية، لافتاً إلى أن ما نفذه المسلحون في المدن الإسرائيلية بحق المحتجزين ينافي تعليمات "حماس" التي قالت إنها أوصت بتجنب النساء والأطفال وكبار السن.
المعاملة القاسية اللاإنسانية
بحسب "هيومن رايتس ووتش" فإن المقاتلين الفلسطينيين عذبوا وتعاملوا بطريقة لا إنسانية مع الأفراد الذين أسروهم، مما يشكل انتهاكاً لقوانين الحرب وجريمة حرب، ويقول بن شمسي "تظهر فيديوهات تم التحقق منها عناصر ’حماس‘ يضربون من احتجزوهم ويركلونهم"، مشدداً على أن الانتهاكات الجسيمة لقوانين الحرب التي ترتكب عمداً أو باستهتار هي جرائم حرب في اتفاقيات جنيف وفي القانون العرفي وتقع ضمن مجموعة واسعة من الجرائم.
جرائم جنسية
واتهمت "هيومن رايتس ووتش" عناصر "حماس" باغتصاب سيدات، وذلك يقع ضمن العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي، ويشرح بن شمسي أنهم اعتمدوا على مقابلات أجرتها الحكومة الإسرائيلية ومقاطع فيديو جمعتها إضافة إلى مقابلات أجراها صحافيون، وذكر أن الناجين رفضوا الإدلاء بأي معلومات عن ذلك الملف.
ويشير إلى أن الاغتصاب من أشكال العنف الجنسي وهو جريمة بموجب القانون الدولي، وجريمة حرب تتمثل في الاعتداء على الكرامة الشخصية، مؤكداً أن "هيومن رايتس ووتش وجدت أدلة على التعرية القسرية ونشر صور أضفي عليها الطابع الجنسي".
أخذ الرهائن والتمثيل بالجثث
خامس التهم ضد "حماس" هي التمثيل بجثث الرهائن، أما سادسها فهي سرقة أعضاء منهم، إذ يظهر تقرير "هيومن رايتس ووتش" أن احتجاز الرهائن محظور بموجب القانون الإنساني الدولي ويعدّ جريمة حرب.
وبحسب المنظمة فإن عناصر "حماس" اقتادوا الجثث التي سلبوها من إسرائيل إلى المستشفيات الفلسطينية القليلة في غزة وجرت سرقة أعضاء بشرية منها، لكن لم يتم التأكد من ذلك بالوثائق.
وأثناء محاولة الجيش الإسرائيلي صد هجمات "حماس" على مدنه، اتخذ المقاتلون المدنيين دروعاً بشرية وحاولوا النجاة بأنفسهم عن طريق الاحتماء بالإسرائيليين، ورصدت "هيومن رايتس ووتش" كذلك أن عناصر "حماس" سرقوا ونهبوا من بيوت السكان القريبين من غزة، وجرى التحقق من ذلك بواسطة الفيديو والصور.
وتقول المديرة المشاركة في قسم الأزمات والنزاعات في منظمة "هيومن رايتس ووتش" بلقيس والي إن "كل ما رأيناه كان مخططاً له، وليس مجرد أفعال طرأت لاحقاً، أو خطة انحرفت عن مسارها، أو أفعالاً منفردة، إنها دليل قوي على وجود سياسة تنظيمية لارتكاب أفعال عدة ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية".
وتضيف أن "التكتيكات التي شاهدناها تشير إلى أنه لا يمكن أن يكون من قبيل الصدفة أن يعمل مقاتلون بالطريقة نفسها في 26 موقعاً مختلفاً وينفذون التكتيكات نفسها لارتكاب الجرائم نفسها"، مردفة أن "عناصر ’حماس‘ وصلوا إلى المدن الإسرائيلية ومعهم إطارات السيارات ووقود وأشياء أخرى لذلك كانوا مستعدين، ثم أشعلوها تحت نوافذ غرف الأمان حيث كان الناس يختبئون، مما يدلل على التخطيط المسبق والدقيق لارتكاب ’حماس‘ جرائم".
رد "حماس"
في المقابل يدافع المتحدث باسم حركة "حماس" وليد كيلاني قائلاً "ربما كانت هناك انتهاكات لكن المرحلة التي تلت الهجوم شهدت اندفاعاً من أهالي قطاع غزة وقوى مسلحة غير منتمية للحركة عبر السياج الذي اخترقه جنود القسام"،
ويضيف أنه "ربما تكون وقعت بعض التجاوزات من قبل المدنيين وغيرهم وتم أسر بعض كبار السن، لكن هذا لم يكُن في مخططات المقاومة، فتركيزها كان على استهداف جنود وضباط فرقة غزة فقط، لقد تجاهلت هيومن رايتس ووتش الانتهاكات الإسرائيلية والدوافع لهجوم السابع من أكتوبر".
ويطلب كيلاني من "هيومن رايتس ووتش" سحب التقرير والاعتذار منه، مشدداً على أنه يتضمن أكاذيب وانحيازاً فاضحاً لإسرائيل ويفتقد إلى المهنية والصدقية اللتين تتمتع بهما المنظمة الحقوقية الدولية.