Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عزل ترمب يشجع على ثبات الموقف الإيراني من الأزمة الدبلوماسية

ينظر الرئيسان الأميركي والإيراني الى انعقاد اجتماع ثنائي بينهما من موقعين مختلفين للغاية

جهود رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي في عزل ترمب، ساهمت في عرقلة لقائه مع روحاني (أ.ب.)

لا يمكن أن يلتقي دونالد ترمب مع حسن روحاني في الأمم المتحدة هذا الأسبوع. إذ ليس ترمب بمستعدّ للتخلي عن ممارسته أقصى الضغوط على إيران قبل الاجتماع، والسيد روحاني غير مستعدّ للاجتماع بترمب قبل أن تُرفع هذه الضغوط.

وسوف تقلّ احتمالات عقد محادثات مباشرة بين طهران وواشنطن بصورة مطردة، بسبب الحديث الدائر حالياً في الكونغرس حول عزل ترمب. إذ ينظر الرئيسان الأميركي والإيراني إلى الاجتماع الثنائي بينهما من زاويتين مختلفتين كلياً.

من ناحية، يعتبر رجل الأعمال المخضرم ترمب إن اللقاء المباشر يشكّل نقطة البداية. وبهذه الطريقة يبني العلاقات قبل أن ينتقل إلى عقد الصفقات. من ناحية ثانية، ينظر رجل الدولة المخضرم روحاني، إلى الاجتماع المباشر باعتباره نقطة النهاية. ويريد الحصول على شيء ملموس قبل الانتقال إلى فقرة المصافحة بالأيدي أمام الكاميرات.

وتعتبر بربرا سلافين، مديرة "مبادرة مستقبل إيران" في المجلس الأطلسي في واشنطن، أن فرص اللقاء بين روحاني وترمب في الأمم المتحدة كانت معدومة أصلاً ولم يضخّمها الطرفان سوى من أجل التأثير الدرامي.

وفي حديث إلى الاندبندنت، ذكرت سلافين إنّ إيران تعتقد أنها الطرف المظلوم وليس الظالم لأنّ ترمب انسحب من الاتفاق النووي. وأضافت، "أوضحت إيران تماماً أنه في غياب نوع ما من رفع العقوبات، لن تجتمع برئيس تلاحقه الفضائح". وكذلك تعتقد السيدة سلافين أنّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بذل "جهوداً جبارة" لكنه بقي عاجزاً عن تجاوز الطلب الإيراني الأساسي، مثله كمثل رئيسي الوزراء الياباني شينزو آبي والباكستاني عمران خان وغيرهما. ووفق كلماتها، "برأيي الشخصي، سوف تواصل إيران طريقها المتعثر، وتترقب عزل ترمب أو هزيمته في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل".

وعلى الرغم من أنّ الرئيسين لن يخاطبا بعضهما البعض مباشرة في الأمم المتحدة لكنهما تواصلا عِبْرَ خطابيهما أمام الجمعية العامة. إذ هاجم ترمب إيران من المنبر بسبب "تمويلها الإرهاب"، وهددّها بتشديد العقوبات إن لم تغيّر سلوكها في المنطقة وطالب الحكومات الأخرى بألّا "تدعم تعطّش إيران إلى إراقة الدماء". ثم مدّ غصن زيتون لافتاً إلى إن الولايات المتحدة لا تؤمن بالعداوات الأبدية ومشيراً إلى رغبته في بناء علاقة مع القادة الإيرانيين وأن الأمور قابلة للتغيّر إذا التقوا به.

وفي اليوم التالي، حذا روحاني حذوه. وبدأ باتهام الولايات المتحدة بتزكية النزاعات في الشرق الأوسط وإيذاء النساء والأطفال الإيرانيين "من خلال الإرهاب الاقتصادي". ثم أشار إلى رغبة الإيرانيين بالسلام شارحاً أنّه يمكن استئناف المفاوضات مع الولايات المتحدة فور رفع البيت الأبيض للعقوبات وتخفيفه الضغط عن طهران.

أكثر من ذلك، سلّم روحاني أيضاً بازدراء ترمب الصفقة النووية باعتبارها إرث باراك أوباما، مورداً أنه "إذا كنت حساساً تجاه تسمية الصفقة بـ"خطة العمل الشاملة المشتركة" تستطيع العودة إلى الإطار الذي يحكمها" ورفع العقوبات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يعتقد بويا علي مقام، مؤرخ قضايا الشرق الأوسط في "معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا"، أنّ روحاني ووزير خارجيته جواد ظريف رهنا مسيرتهما المهنية بأكملها بذلك الاتفاق النووي. ويلفت إلى أن الناخبين الإيرانيين صوّتوا لروحاني في العام 2013 لأنه وعد بإقامة علاقات مع العالم  ثم أعادوا انتخابه في 2017 بسبب وعده لهم بالراحة الاقتصادية المتوخاة استناداً إلى الاتفاق النووي من 2015.

وفي حديثه إلى الاندبندنت، أشار السيد علي مقام إلى أن "المحافظون الإيرانيون ظلّوا يردّدون طوال الوقت بأنّ الاتفاق النووي مسعىً عقيم، وتوقيع الولايات المتحدة لا يساوي الورق الذي كتب عليه. ومع تراجع الرئيس ترمب عن الاتفاق، شعر المحافظون بأنّ كلامهم مبرر فيما تضرّر روحاني وظريف".

وأضاف أنّ روحاني يعتبر إرضاء ترمب الآن عبر إعطائه ما يريده من فرصة لالتقاط صورة تجمعهما، في غياب وعد من ترمب بالحصول على شيء ملموس في المقابل، يمثّل إمعاناً في إلحاق الأذى بنفسه وبظريف. وبصورة عامة، يتمثّل ما يسعى إليه ترمب في انتزاع انتصار على جبهة السياسة الخارجية قبل انتخابات العام 2020. في المقابل، يملك الإيرانيون الأسباب التي تمنعهم من الوثوق به وتدفعهم إلى رفض منحه ذلك الانتصار من دون مقابل.  

وفي ذلك السياق، يشير السيد علي مقام إلى أنه "من الضروري اتخاذ خطوات لبناء الثقة ولا سيما من طرف القوة التي تمسك بكافة الخيوط تقريباً. إذ تستطيع الولايات المتحدة أن تعيد العمل بالإعفاءات كي تمكّن إيران من بيع بعض النفط وألا تعيق عرض الفرنسيين بإعطائها خط ائتمان بقيمة 15 مليار دولار". ويلفت إلى أنّ ترمب هو من ألغى الاتفاق النووي وفرض عقوبات مدمّرة أحادية الجانب على إيران، ويجب أن تصدر عنه أيضاً بادرة حسن النية أولاً.

وفي ذلك الصدد، تجد القوى الأوروبية، بريطانيا وفرنسا وألمانيا، نفسها عالقة في وسط المواجهات بين الولايات المتحدة وإيران، وتحاول التخفيف من حدة التوتر بين الجانبين وتقريبهما من بعضهما بعضاً. وحاول الرئيس ماكرون إقناع الرئيس الإيراني بأن "الفرصة ستضيع" إذا غادر نيويورك قبل الاجتماع بترمب لأنه لن يعود إلى المدينة قبل أشهر عدة، وفي المقابل لن يذهب ترمب إلى طهران. كما حاول بوريس جونسون أيضاً إقناع روحاني بلقاء ترمب أثناء تواجد الإثنان في الأمم المتحدة، وقال له "عليك أن تقف إلى جانب المسبح وأن تقفز في الماء في الوقت نفسه".

وفي سياق متصل، يرى ويليام لويرز، السفير الأميركي الأسبق ورئيس جمعية الأمم المتحدة في الولايات المتحدة الأميركية، أن هذه المواجهة تسير على طريق خطر، وتبقى إزالة العقوبات العقبة أمام تخفيف التصعيد. وفي تصريح إلى الاندبندنت، أعرب عن اعتقاده بأن الولايات المتحدة لن تخفف العقوبات وإيران لن تخطو خطوة إلى الأمام من دون حصول بعض الخطوات التخفيفية أولاً.

وأضاف السيد لويرز، "يتمتع السيد ظريف بالسلطة كي يقدم على هذا العمل فيما يفخر الرئيس ترمب في قدرته على تحرير سجناء أميركيين". وأضاف أنه يمكن لتلك المفاوضات أن تفتح "قناة ضرورية جداً"   

ليس الأمل كبيراً بحصول انفراج في العلاقات بين طهران وواشنطن أثناء وجود الرئيسين في نيويورك. لكن يمكن أن يؤدي تواصل الوساطة الأوروبية إلى كسر الجليد وإلى فتح المجال في النهاية أمام العمل الدبلوماسي الأكثر استدامة. يبدو أن إيران والولايات المتحدة متباعدان جداً في موقفيهما. وفي المقابل، لا يريد كلاهما الدخول في حرب مع الآخر، ويمكن اعتبار هذه النقطة انطلاقة جيدة.

© The Independent

المزيد من آراء