ملخص
روسيا تتجه إلى القارة الأفريقية لتزيد عددها على الجبهات في حربها على أوكرانيا وسط تضاؤل عدد جنودها في الميدان.
كشف مسؤولون استخباراتيون غربيون بأن روسيا تطلق حملة تجنيد جديدة بحثاً عن مقاتلين في أفريقيا لخوض حربها في أوكرانيا بعد أن تكبدت خسائر فادحة على أرض المعركة في القتال المميت.
وتكثفت حملة التجنيد عقب انتشار النفوذ الروسي السريع في القارة وبخاصة بعد الإطاحة بالحكومات الموالية للغرب في عدد من الدول على يد الأنظمة العسكرية وما ترتب عن ذلك من انسحاب للقوات الأميركية والأوروبية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتقوم مجموعات المرتزقة بتدريب شبان ينتمي بعضهم إلى ميليشيات قبلية للقتال في أوروبا، علماً أن هؤلاء المرتزقة كانوا في السابق تابعين لمجموعة فاغنر التي حلت بعد محاولة الانقلاب الفاشلة التي نفذها الزعيم الروسي يفغيني بريغوزين الذي قتل في حادثة تحطم طائرة إلى جانب قادة آخرين في المجموعة.
ويعرض على الذين ينضمون إلى المجموعة مبلغاً من المال وقدره 2000 دولار أميركي (أي 1580 جنيه استرليني) عند التوقيع على الالتحاق فضلاً عن راتب شهري بقيمة 2200 دولار وتأمين طبي وجواز سفر روسي لهم ولأفراد عائلتهم المباشرة وتعويض لعائلتهم في حال قتلوا أو أصيبوا في الحرب.
ويعود سبب حملة التجنيد جزئياً إلى عدم رغبة حكومة فلاديمير بوتين في إطلاق جولة أخرى من التعبئة غير المستحبة في روسيا، بعد أن أدت حملة تعبئة جزئية في سبتمبر (أيلول) 2022 إلى هجرة العمال الشباب من ذوي المهارات.
وفي هذا السياق أيضاً تراجع بصورة ملحوظة عدد السجناء المحكومين الذي يتم إرسالهم إلى الخطوط الأمامية في المعارك مقابل العفو عن الجرائم التي ارتكبوها. وأشار وزير العدل في موسكو بأن عدد السجناء في البلاد تراجع من 420 ألفاً سجين قبل الحرب إلى 266 ألف سجين.
وأفادت وزارة الدفاع في المملكة المتحدة بأنه ثمة حاجة لمزيد من المقاتلين "لتعويض الخسائر الروسية الفادحة في الميدان ولمواصلة النشاط الهجومي في محاور متعددة عبر جبهة القتال".
وأضافت "يبدو أن القدرة المحدودة من تجنيد المدانين في روسيا بلغت ذروتها. ومن المرجح أن روسيا تقوم بتوسيع رقعة عملية التجنيد إلى جنوب الكرة الأرضية لتتجنب مزيداً من التعبئة في الداخل الروسي".
ولم يتضح بعد عدد القوات الروسية الفعلي التي لقيت حتفها في الحرب في أوكرانيا، إلا أن مجموعات أبحاث روسية مستقلة رجحت أن العدد يراوح ما بين 71 ألفاً و83 ألف قتيل.
وفي مطلع الشهر الجاري أكد موقع ميديا زون Mediazone الذي يتخذ مقراً له في موسكو وخدمة "بي بي سي" الناطقة باللغة الروسية أسماء ما لا يقل عن 64 ألف جندي روسي قضوا في الحرب.
وقدر مسؤولون في حلف شمال الأطلسي "الناتو" أن 120 ألف جندي روسي قتلوا إلى جانب 70 ألف أوكراني. ويقول الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي بأن الخسائر الأوكرانية بلغت 31 ألفاً وهو رقم تختلف عليه القوات الموجودة على الخطوط الأمامية وتعده متدنياً للغاية.
وقد انضم عدد من مقاتلي مجموعة فاغنر السابقين في أفريقيا إلى مجموعة المرتزقة الجديدة التي يطلق عليها اسم "فيلق أفريقيا" وهي تسمية مستمدة من الفيلق الأفريقي الألماني الذي قاتل في شمالي أفريقيا بقيادة المارشال إرفين روميل خلال الحرب العالمية الثانية.
وتفيد تقارير أن اثنين من كبار المسؤولين الأمنيين الروس وهما نائب وزير الدفاع يونس بك يفكيروف والجنرال أندريه أفيريانوف من جهاز الاستخبارات العسكرية الخارجي "جي آر يو "GRU يلعبان أدواراً رئيسة في حملة التجنيد الأفريقية الجديدة التي يقودها الكرملين.
وعلم أن الرجلين زارا جمهورية أفريقيا الوسطى وبوركينا فاسو ومالي والنيجر وكلها بلدان انتقل إليها خلفاء فاغنر أو يسعون إلى الانتقال إليها بعد أن أجبرت أنظمتها العسكرية القوات الدولية بقيادة فرنسا على الانسحاب.
وفي هذا الصدد قال مسؤول أوروبي رفيع المستوى كان متمركزاً في مالي والنيجر "كانت مستويات التجنيد في أفريقيا وآسيا منخفضة لفترة ولكنها شهدت زيادة ملحوظة مع بدء روسيا تعزيز وجودها في الساحل الأفريقي وأجزاء من أفريقيا الوسطى. لقد أصبح من الصعب رصد النشاط الروسي بسبب تلاشي وجودنا في المنطقة. ونسمع حالياً عن مسؤولين محليين يساعدون في عملية التجنيد. إن مبلغ المال المعروض على المجندين ممتاز بحسب المعايير المحلية وهو عنصر جاذب ومغر للشبان المتحدرين من مناطق الفقر المدقع".
وأضاف قائلاً "يملك عدد من الذين انضموا إلى المجندين بعض الخبرة مع مختلف المجموعات المسلحة ولكن الأمر مختلف للغاية طبعاً عن الحرب في أوكرانيا حيث تستخدم الأسلحة الحديثة. لا شك أن عدداً من هؤلاء الرجال الذين جندوا سينتهي بهم المطاف في عداد الأموات".
وسبق لعدد قليل من الطلاب الأفارقة الذين يدرسون في روسيا أن التحقوا بالقوات المسلحة. ويتراوح عدد هؤلاء بين 35 و37 ألفاً من الشبان والشابات المتحدرين من أفريقيا والذين يتابعون دراستهم في روسيا ضمن إطار عدد من برامج المنح. ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد مع إبحار الكرملين في ما يشبه الهجوم الدبلوماسي في بعض أنحاء أفريقيا.
وثمة تقارير تشير إلى أن العمال الأفارقة الذين يعيشون في روسيا أدخلوا قسراً إلى القوات المسلحة إثر تهديدات بالترحيل وقيام المسؤولين الفاسدين بطلب رشى مقابل عدم وضعهم على لائحة التجنيد الإجباري.
وسعت أوكرانيا من جانبها إلى معالجة الخسائر الفادحة في أرض المعركة من خلال توسيع قاعدة تجنيدها لتضم السجناء بمن فيهم المدانين والمحكومين بجرائم خطرة. والهدف من ذلك تعبئة الآلاف من مجموع يبلغ 20 ألف سجين. ولكن تقر الحكومة بأن هذا العدد لا يشكل سوى جزء صغير من الأعداد المطلوبة لموسم القتال المقبل.
© The Independent