Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تحديات الرئيس الإيراني القادم: ارتفاع التضخم والركود والعقوبات

استمرت القوة الشرائية للمواطنين في الانكماش خلال تولي رئيسي إذ انخفض سعر السوق الحرة للريال بأكثر من النصف

قال الناخبون الذين أجرت "رويترز" مقابلات معهم إن حالة الاقتصاد مرتبطة  بالموقف الدبلوماسي للبلاد المناهض بشدة للغرب (أ ب)

ملخص

يعاني الإيرانيون من ارتفاع التضخم وتراجع العملة والنمو الاقتصادي الراكد منذ أن استأنفت الولايات المتحدة العقوبات الاقتصادية ووسعتها في عام 2018، بعد خروج إدارة دونالد ترمب من اتفاق تاريخي مع القوى العالمية قيد الأنشطة النووية لإيران.

تعيش إيران التي يبلغ عدد سكانها 88 مليون نسمة حالة من الترقب، عقب إغلاق صناديق الاقتراع في الانتخابات الرئاسية، فيما الترقب في إيران يجري على خلفية اقتصاد متضرر، وارتفاع في معدلات التضخم، ناهيك بالعقوبات الغربية الشديدة، والتوترات المتصاعدة مع الولايات المتحدة، والتخصيب النووي الإيراني المتزايد، والحرب المستمرة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية "حماس".

ويعاني الإيرانيون من ارتفاع التضخم وتراجع العملة والنمو الاقتصادي الراكد منذ أن استأنفت الولايات المتحدة العقوبات الاقتصادية ووسعتها في عام 2018، بعد خروج إدارة دونالد ترمب من اتفاق تاريخي مع القوى العالمية قيد الأنشطة النووية لإيران.

ويتفاقم الوضع بسبب ارتفاع مستويات الفساد والمحسوبية المزمنة، وهو أمر يعترف به جميع المرشحين وتعهدوا معالجته في المناظرات المتلفزة.

ومع عزلة إيران عن البنوك العالمية ومع استنفاد احتياطاتها من العملات الأجنبية، فقد يضطر الرئيس الإيراني القادم إلى مراجعة العلاقات مع الولايات المتحدة لتحسين الوضع، وهي السياسة من غير المرجح أن تجد استحساناً لدى المرشد الإيراني خامنئي.

وقال المرشد الأعلى في خطاب ألقاه الثلاثاء الماضي إن السياسيين "الذين يعلقون آمالهم على من هم خارج حدود البلاد محكوماً عليهم بالفشل".

وقال الشريك الإداري في مؤسسة "إيونيبا" الاستشارية ومقرها فيينا بيغان خاغبور إلى "بلومبيرغ" إن "الاقتصاد الإيراني يتطلب كميات هائلة من الاستثمارات الأجنبية والمحلية وإصلاحاً كبيراً لكيفية إدارته".

عجز الموازنة وعائدات النفط

إلى ذلك أضرت إعادة فرض العقوبات الأميركية في عام 2018 بصادرات النفط الإيرانية، مما أدى إلى خفض إيرادات الحكومة وإجبارها على اتخاذ خطوات لا تحظى بشعبية مثل زيادة الضرائب وإدارة عجز كبير في الموازنة، وهي السياسات التي أبقت التضخم السنوي قرب 40 في المئة وفقاً لـ"رويترز".

وعلى رغم أن البلاد تجنبت الانهيار الاقتصادي الكلي، وذلك بفضل صادرات النفط إلى الصين وارتفاع أسعار النفط الخام، فإن صادرات النفط لا تزال أقل من مستويات ما قبل عام 2018.

ويقول معظم المرشحين الذين يسعون إلى خلافة إبراهيم رئيسي بعد وفاته في حادثة تحطم طائرة هليكوبتر الشهر الماضي، إنهم يخططون لمحاكاة سياسته القائمة على الاعتماد على الذات اقتصادياً وزيادة العلاقات التجارية مع آسيا.

في المقابل، دافع آخرون عن علاقات أوسع مع العالم من دون تقديم خطوات عملية لمعالجة العقوبات.

وخلال الأعوام الثلاثة التي قضاها رئيسي في السلطة عاد الاقتصاد الإيراني إلى الظهور من الركود في 2018-2019 الناجم عن إعادة فرض العقوبات عام 2018، وبلغ النمو ذروته عند 5.7 في المئة للعام المنتهي في مارس (آذار) الماضي، وفقاً للمركز الإحصائي الإيراني.

ومع ذلك، فإن معظم هذا التوسع كان مدفوعاً بقطاع الطاقة إذ شهدت البلاد زيادة 70 في المئة في إنتاج النفط، الذي يبلغ الآن نحو 3.5 مليون برميل يومياً، مع تجاوز صادرات النفط 1.4 مليون برميل يومياً وتذهب بصورة رئيسة إلى الصين.

ومن دون النفط والغاز كان نمو إيران العام الماضي سيبلغ 3.4 في المئة فحسب، وكان ميزانها التجاري سيسجل عجزاً قدره 16.8 مليار دولار، وفقاً لـ"رويترز" نقلاً عن رئيس دائرة الجمارك الإيرانية محمد رضوان يفار، وتوقف الاستثمار الأجنبي المباشر عند 1.5 مليار دولار في عام 2022، وفقاً لـ"أونكتاد".

انخفاض القوة الشرائية

وتبلغ نسبة البطالة في إيران نحو 7.6 في المئة بحسب البنك الدولي، مقارنة بـ9.6 في المئة عند انتخاب رئيسي، ومع ذلك فإن عديداً من الوظائف الرسمية تدفع مبالغ زهيدة، مما يعني أن الرقم الحقيقي للأشخاص الذين ليس لديهم عمل مناسب للعيش ربما يكون أعلى بكثير.

وقال المتخصص في الشأن الاقتصادي في جامعة فرجينيا للتكنولوجيا جواد صالحي أصفهاني "ليس من الصعب أن نفهم سبب غضب معظم الإيرانيين"، مضيفاً "ربما تحسنت مستويات المعيشة والفقر في العامين الماضيين، لكن هذا ليس صحيحاً إذا عدنا إلى عقد أو عقدين من الزمن".

وتابع أصفهاني، في إشارة إلى فترة أكثر ازدهاراً "يمكن للرئيس الجديد أن يضخ الأمل ويوقف تدهور الأوضاع، لكنه لن يعيد إيران إلى العقد الأول من القرن الـ21".

واستمرت القوة الشرائية للإيرانيين في الانكماش خلال تولي رئيسي إذ انخفض سعر السوق الحرة للريال الإيراني بأكثر من النصف، وفقاً لموقع تتبع العملة الإيرانية "بونباست"، الذي وصل الآن إلى قيمة 600 ألف مقابل الدولار الأميركي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وارتفعت أسعار السلع الأساسية مثل الألبان والرز واللحوم في الأشهر الأخيرة، وارتفع السعر المدعوم لخبز لافاش، وهو الخبز الأكثر شعبية بين الأسر الإيرانية، بنسبة لا تقل عن 230 في المئة في الأعوام الثلاثة الماضية، في حين أصبحت اللحوم الحمراء باهظة الثمن للغاية بالنسبة إلى كثيرين، إذ ارتفع سعرها 440 في المئة إلى 10 دولارات للكيلوغرام الواحد.

ويبلغ الراتب الشهري للمعلم نحو 180 دولاراً، ويكسب عديد من عمال البناء ما يزيد قليلاً على 10 دولارات في اليوم.

لكن توقعات البنك الدولي للأعوام الثلاثة المقبلة تشير إلى معدلات نمو سنوية أقل من 3.2 في المئة بالنسبة لإيران، نتيجة لانخفاض الطلب العالمي والعقوبات ونقص الطاقة المحلي.

وقال الناخبون الذين أجرت "رويترز" مقابلات معهم إن حالة الاقتصاد مرتبطة بالموقف الدبلوماسي للبلاد المناهض بشدة للغرب، الذي يحدده المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي صانع القرار النهائي في البلاد.

وخلال الأعوام الثلاثة التي قضاها في منصبه، تعهد رئيسي الموالي لخامنئي عدم ربط الاقتصاد بالمفاوضات النووية مع القوى العالمية، على رغم أن المحادثات كان من الممكن أن ترفع معظم القيود الأميركية من خلال إحياء اتفاق عام 2015 الذي يحد من برنامج طهران النووي.

إيران وسيد البيت الأبيض القادم

وسيتعين على الرئيس الإيراني القادم أن يتعامل مع من سيتولى البيت الأبيض في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وهذا يزيد من الأخطار بالنسبة لكل من طهران وواشنطن، وكذلك الشرق الأوسط بصورة عامة إذ تقترب إيران أكثر من أي وقت مضى من القدرة على إنتاج القنابل النووية وتستمر في دعم الجماعات الوكيلة التي تقاتل إسرائيل.

وقال مسؤولون إيرانيون إلى مجلة "نيوزويك" إنهم لا يرون أهمية كبيرة في التصريحات التي ألقيت خلال المناظرة الانتخابية الأولى لعام 2024 بين الرئيس جو بايدن والرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب.

وأثبتت المباراة المتلفزة التي جرت ليلة أول من أمس الخميس أنها من بين الأكثر إثارة للجدل في تاريخ الولايات المتحدة إذ لاحظ عديد من المراقبين صعوبة الرئيس الحالي في التحدث بصورة متماسكة واتهم سلفه المنافس بتحريف الحقائق إلى حد كبير.

وفي حين تجادل المرشحان حول مجموعة واسعة من قضايا السياسة الداخلية والخارجية، فقد حاول كل منهما على وجه الخصوص تصوير نفسه على أنه أكثر صرامة تجاه إيران في وقت تتصاعد فيه التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط.

لكن في طهران أثار المشهد رد فعل رافضاً إلى حد كبير داخل الدوائر الرسمية.

وقالت السفارة الإيرانية لدى الأمم المتحدة في بيان مشترك إلى مجلة "نيوزويك"، إنه "ليس لدينا أي نية للتدخل في السياسة الداخلية للولايات المتحدة".

وأضافت البعثة الإيرانية "ومع ذلك، فإننا لا نعطي كثيراً من الصدقية للتصريحات التي تم الإدلاء بها في هذه المناقشات والأنشطة الانتخابية، لأنها عاطفية أكثر منها منطقية وتفتقر إلى الدعم الاستراتيجي".

وخلال المناظرة أكد ترمب أنه تحت إشرافه لم تكن إسرائيل لتتعرض لغزو من قبل "حماس "لمدة مليون عام، حتى إنه ادعى أنه لم تقع أي هجمات إرهابية خلال إدارته.

وتساءل ترمب هل تعلمون السبب؟ ليجيب "أن إيران انفصلت عني"، مضيفاً "لن أسمح لأي شخص بالتعامل معهم لقد استنفدت أموالهم لقد كانوا مفلسين".

وتابع "لم يكن لديهم أموال لدفعها إلى ’حماس’، ولم يكن لديهم أموال لأي شيء لا أموال للإرهاب".

وأضاف "لهذا السبب لم يكن لديكم أي إرهاب على الإطلاق خلال إدارتي"، قائلاً "هذا المكان، العالم كله ينفجر تحته (يقصد بايدن).

وفي ما يتعلق بقضايا السياسة الخارجية والحرب، يتمتع الرئيس الإيراني ببعض النفوذ، لكن السلطة وصنع القرار الحاسم في إيران تقع في نهاية المطاف على عاتق المرشد الأعلى آية الله خامنئي والمؤسسات غير المنتخبة مثل الحرس الثوري.

ووفقاً لشبكة "سي أن بي سي"، كتبت مجموعة الأزمات "السلطة العليا في النظام الإيراني ليس الرئيس بل المرشد الأعلى الذي يشكل مكتبه المترامي الأطراف حكومة ظل تتمتع بنفوذ مطلق في قرارات السياسة الخارجية والداخلية الرئيسة".

وأضافت مجموعة الأزمات أنه "يحد من سلطة الرئاسة وبقية السلطة التنفيذية، التي يجب أن تتعامل أيضاً مع نفوذ مؤسسات الدولة المنتخبة وغير المنتخبة، مثل البرلمان والحرس الثوري".

وفي هذا الاتجاه، يراقب المراقبون أيضاً الانتخابات من كثب بحثاً عن أي مؤشرات في شأن خطة خلافة المرشد الأعلى المتقدم في السن آية الله خامنئي.

وقد دعم خامنئي روسيا في أوكرانيا، وهاجم إسرائيل وسط حرب غزة، ودعم "حزب الله" في لبنان، والحوثيين في اليمن.

وقبل وفاته المفاجئة، كان رئيسي يعتبر من أبرز المنافسين على خلافة المرشد الأعلى.

اقرأ المزيد