Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

معدلات الفائدة في بريطانيا مرشحة للهبوط قريباً... لماذا؟

لمس المحللون بعض الليونة من جانب البنك، الذي تنتظره مهمة شبه مستحيلة نظراً لأن بريطانيا تعيش في مناخ سياسي محموم وحالة عدم اليقين الناجمة عن بريكست

بريكست تترك أسواق المال والبورصة البريطانية في مهب الريح (أ.ب) 

على ضوء الوضع السياسي المحموم في بريطانيا، وحالة عدم اليقين المزمنة التي نجمت عن بريكست، ليس هناك من هو متأكد من المنحى الذي قد تسير فيه الأمور.

لذلك، دعونا نتدارس السيناريوهات المحتملة.

الخروج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق هو سلوك غير شرعي نظريا، على الأقل بالنسبة للطرف البريطاني، لكن يجب عدم خداع الذات بذلك. فوقوعه ما زال ممكنا، وعلى " لجنة السياسات المالية " التابعة لبنك إنجلترا (البنك المركزي) والمسؤولة عن تحديد معدلات الفائدة، أن تخطّط لكل الحالات الطارئة ومنها بكل تأكيد الخروج من دون اتفاق.

وهذا ما دفع اللجنة إلى القول إنه في حالة تنفيذ "بريكست"، من دون اتفاق، فإن التغير في معدلات الفائدة "لن يكون أوتوماتيكيا، ويمكن أن يمضي في أحد الاتجاهين".

فمن ناحية، تواجه "لجنة السياسات المالية" احتمال هبوط قيمة الجنيه الإسترليني بشكل كبير، وصعود نسبة التضخم. ومن ناحية أخرى، فإن من المرجح، أن يشعر المستهلكون الذين ساعدوا على نهوض الاقتصاد بالقلق ويبادروا إلى تخفيض متطلباتهم المنزلية، وبذلك يخففون من وطأة ضغوط التضخم المالية.

وهم بدأوا يُظهرون قدرا من القلق، إذ سجل "مكتب الاحصاء الوطني" انخفاضا مفاجئا قدره 0.2% في معدل البيع بالتجزئة خلال شهر أغسطس(آب) الماضي، على الرغم من أن الأشهر الثلاثة السابقة له، أظهرت زيادة متواضعة في معدل الاستهلاك قدرها 0.6%.

ولا يقع اللوم على بريكست وحده بسبب هذا الانخفاض. فعلى سبيل المثال، أدى إعلان شركة أمازون في شهر يوليو(تموز) الماضي عن طرح تخفيضات على الأسعار في مناسبة أطلقت عليها "برايم داي"، إلى رفع مستوى الشراء خلال ذلك الشهر.  لكن هذا العرض انتهى في شهر أغسطس، ما ساهم في تراجع مستوى البيع بالتجزئة فيه.

غير أن المخاوف من بريكست لدى المستهلكين ما زالت حاضرة بقوة ويمكن تلمسّها عبر مؤشرات أخرى. فمتجر جون لويس، على سبيل المثال، لم يكن يجني أي ربح في النصف الأول من سنته المالية هذه، وذلك عائد بشكل جزئي إلى أن المتسوقين كانوا يتجنبون السلع الغالية.

ويبدو أن تخفيض معدلات الفائدة التي تبلغ حالياً 0.75% في حال الخروج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق هو أكثر ترجيحا من عدمه، وذلك سعيا لتحفيز الطلب والتخفيف من العواقب الفظيعة المترتبة عن خروج كهذا.

وليس من الواضح حالياً كم سيفيد إجراء كهذا في دعم الاقتصاد في خضم صدمة لم تواجه البلاد مثلها من قبل خلال كل فترات السلم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وماذا في حال التوصل إلى صفقة والخروج على نحو منّظم من الاتحاد الأوروبي؟ هذا قد يؤدي في رأي "اللجنة" إلى زيادات محدودة تدريجية، على افتراض أن الاقتصاد سينشط وتبدأ الأعمال التجارية ببذل المزيد من الجهود جرّاء شعورها بالطمأنينة الذي يساهم في دفعها الى الأمام كغيره من العوامل. ومع أن هذا السيناريو يبدو حالياً مستبعداً، فالأشياء الغريبة تحصل أيضاً،

وماذا إذا استمر المأزق؟ مع إمكانية إجراء انتخابات عامة أو حتى استفتاء آخر كخطوات لاحقة؟ وفي هذا السياق أصدرت " لجنة السياسات المالية " تعليقات إضافية عن حالة عدم اليقين السائدة حاليا، أثار بعضها اهتمام المحللين الاقتصاديين كقول اللجنة " في جو يسوده نمو اقتصادي عالمي أضعف" وضغوط تضخم مخفّضة على المستوى الداخلي.  

من جانبهم، وصف المراقبون المعنيون كلمات " لجنة السياسات المالية " هذه بأنها "متساهلة". وبعبارات أخرى، اعتبروا أنها تقول إن معدلات الفائدة قد تُخَفَّض.

وتجدر الإشارة إلى أن المعدل السنوي للتضخم، هبط هبوطاً حاداً وصل معه إلى 1.7% خلال شهر أغسطس. وهذا يجعله في أقل مستوياته خلال ما يقرب من ثلاث سنوات وأقل بكثير من المعدل الذي تهدف إليه "لجنة السياسات المالية" نفسها، وهو 2%.

كذلك، ينبغي الانتباه إلى حقيقة أن "لجنة السياسات المالية" غير منسجمة تماما مع البنوك المركزية على مستوى العالم، ولاسيما مع بنوك الصين والهند والولايات المتحدة وأوروبا، حيث ينتاب الكثيرين شعور بالقلق من مستقبل الاقتصاد العالمي.

فيما يلوح بريكست في الأفق، يمكن فهم فشل " لجنة السياسات المالية " في العمل بما يقتضيه الخروج من الاتحاد الأوروبي. يقول مثل شعبي ما معناه أن فوز شرطي بالقرعة ليس حدثا مفرحا، وهذا صحيح أيضا بالنسبة إلى عضو في " لجنة السياسات المالية "، في الوضع الحالي. ففي مناخ كهذا يصبح تجنب اتخاذ القرارات اجراء منطقي.

لكن الرهان يبدو وبشكل متزايد في صالح تخفيض معدلات الفائدة، وهذا لن يكون أمرا سارّاً بالنسبة إلى أصحاب حسابات الادخار المصرفية.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد