Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مصالحة "فتح" موطئ قدم لـ"حماس" في اليوم التالي للحرب

تسعى إلى الحفاظ على نفوذها عبر محادثات برعاية صينية ومصادر: العداء بينهما أعمق من جهود التوافق

هيمنت "فتح"، بقيادة عباس ومن قبله ياسر عرفات، بلا منازع على أوراق القضية الفلسطينية لعقود حتى صعود "حماس" (رويترز)

ملخص

على رغم هدف نتنياهو المتمثل في القضاء على "حماس"، المتحالفة مع إيران، خلال الحرب الدائرة في غزة، فإن معظم المراقبين يتفقون على أن الحركة ستبقى موجودة بشكل ما بعد وقف إطلاق النار.

تشير مقابلات مع خمسة مصادر في حركتي "فتح" و"حماس" الفلسطينيتين إلى أن الانقسامات العميقة ستعوق إحراز تقدم في محادثات المصالحة المقررة بين الحركتين هذا الشهر، لكن الاجتماعات تنبئ بأن من المرجح أن تحتفظ "حماس" بنفوذ بعد حرب إسرائيل على غزة.

ووفقاً لمسؤولين من الجانبين، من المقرر أن تعقد المحادثات بين "حماس" و"فتح"، التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في الصين في منتصف يونيو (حزيران). وتأتي هذه المحادثات في أعقاب جولتين أجريتا أخيراً لبحث المصالحة، إحداهما في الصين والأخرى في روسيا. وامتنعت وزارة الخارجية الصينية عن التعليق.

كيف يحكم القطاع؟

وسيعقد الاجتماع المقبل وسط محاولات من جانب وسطاء دوليين للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، إذ تتمثل إحدى النقاط الشائكة الرئيسة في خطة "اليوم التالي" للحرب في: كيف سيحكم القطاع؟

فـ"حماس" منظمة إرهابية في نظر عديد من الدول الغربية، وكانت منبوذة قبل فترة طويلة من الهجوم الذي قادته في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الذي أسفر عن مقتل 1200 شخص في إسرائيل واحتجاز أكثر من 250 رهينة وتسبب في إشعال فتيل الحرب في غزة.

لكن حتى في ظل تعرضها للحملة العسكرية الإسرائيلية، فإن اجتماعات أعضاء المكتب السياسي لـ"حماس" مع مسؤولين من حركة "فتح"، التي تسيطر على المشهد السياسي الفلسطيني في الضفة الغربية، تشير إلى هدف الجماعة المتمثل في تشكيل النظام في الأراضي الفلسطينية بعد الحرب، وفقاً لما ذكره مصدر مطلع على المحادثات داخل "حماس".

 

 

ورفض المصدر، مثل غيره من المسؤولين في هذا التقرير، نشر اسمه لأنهم غير مخولين بمناقشة الأمور الحساسة مع وسائل الإعلام. وقال إن "حماس"، التي كانت تدير غزة قبل الحرب، تدرك أنها لا يمكن أن تكون جزءاً من أية حكومة جديدة معترف بها دولياً للأراضي الفلسطينية عندما ينتهي القتال في القطاع.

وذكر المصدر، وكذلك القيادي الكبير في "حماس" باسم نعيم، أن الحركة تريد مع ذلك أن توافق "فتح" على تشكيل حكومة خبراء (تكنوقراط) جديدة للضفة الغربية وغزة في إطار اتفاق سياسي أوسع.

وقال نعيم، الذي شارك في الجولة السابقة من محادثات المصالحة في الصين، في مقابلة "نتكلم عن مشاركة سياسية وعن مصالحة بالمفهوم السياسي لإعادة نظم الكينونة الفلسطينية".

وأضاف "أن تكون الحركة في الحكومة أو خارجها ليس هذا هو المطلب الأساسي لها، أو الذي تصدره كشرط لأية مصالحة". ويعمل نعيم، مثل كثير من قادة "حماس" السياسيين، في المنفى خارج غزة.

"حماس" بعد الحرب

واحتمال استمرار "حماس" كلاعب سياسي مؤثر قضية شائكة بالنسبة إلى الدول الغربية.

وعلى رغم هدف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المتمثل في القضاء على "حماس"، المتحالفة مع إيران، خلال الحرب الدائرة في غزة، فإن معظم المراقبين يتفقون على أن الحركة ستبقى موجودة بشكل ما بعد وقف إطلاق النار.

و"حماس" فرع من جماعة "الإخوان المسلمين"، ولها امتداد عميق وجذور أيديولوجية في المجتمع الفلسطيني.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتعارض الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أي دور لـ"حماس" في حكم قطاع غزة بعد الحرب التي أسفرت عن مقتل أكثر من 36 ألف فلسطيني حتى الآن، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية في غزة.

مع ذلك عبر بعض المسؤولين الأميركيين في أحاديث خاصة عن شكوكهم في قدرة إسرائيل على القضاء على الجماعة، وقال مسؤول أميركي كبير في الـ14 من مايو (أيار) إن واشنطن تستبعد أن تتمكن إسرائيل من تحقيق "نصر كامل".

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي بيتر ليرنر إن قتل كل عضو في "حماس" أمر غير واقعي ولم يكن ذلك هدفاً للجيش الإسرائيلي، لكن القضاء على "حماس" كسلطة حاكمة "هدف عسكري يمكن تحقيقه وسهل المنال".

احتمالات ضعيفة

تؤيد الدول الغربية فكرة إدارة قطاع غزة بعد الحرب من السلطة الفلسطينية بعد إعادة هيكلتها، وهي السلطة التي يقودها عباس وتتمتع بحكم ذاتي محدود في مناطق بالضفة الغربية. وتتخذ السلطة الفلسطينية من رام الله مقراً لها، ويعتبرها كثيرون على مستوى العالم ممثلاً للفلسطينيين، وتتلقى مساعدات أمنية من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وهيمنت "فتح"، بقيادة عباس ومن قبله ياسر عرفات، بلا منازع على أوراق القضية الفلسطينية لعقود من الزمن حتى صعود "حماس".

وأدارت السلطة الفلسطينية قطاع غزة حتى عام 2007، عندما طردت "حماس" حركة "فتح" من القطاع بعد اقتتال بينهما عقب عام من هزيمة الأخيرة في الانتخابات البرلمانية، ومن وقتها لم يدل الفلسطينيون بأصواتهم في أي اقتراع.

وعلى رغم المحادثات فإن الخصومة والخلافات بين الحركتين تعني أن احتمالات التوصل إلى اتفاق لإعادة توحيد إدارة الأراضي الفلسطينية لا تزال ضعيفة، بحسب ما أشارت المقابلات مع المصادر الخمسة، وهو رأي ردده أيضاً أربعة متخصصين.

وقال يزيد صايغ، وهو باحث في مركز "كارنيجي" للشرق الأوسط، "توقعاتي بالتقارب ضئيلة أو دون ذلك".

 

 

ويطمح الفلسطينيون إلى إقامة دولة على جميع الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967، عندما استولت إسرائيل على الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، وقطاع غزة.

وعلى رغم اعتراف 143 دولة بفلسطين، بما في ذلك أيرلندا وإسبانيا والنرويج، الأسبوع الماضي، تضاءلت الآمال في إقامة دولة ذات سيادة منذ سنوات في ظل توسيع إسرائيل للمستوطنات في الضفة الغربية ومعارضتها لإقامة دولة فلسطينية.

ويزيد الانقسام بين "حماس" و"فتح" من تعقيد هذا الهدف، والحركتان لديهما وجهات نظر متباينة للغاية في شأن الاستراتيجية، إذ تلتزم فتح بالمفاوضات مع إسرائيل لإقامة دولة مستقلة، بينما تدعم "حماس" الكفاح المسلح ولا تعترف بإسرائيل.

وخرجت الخلافات إلى العلن خلال القمة العربية التي انعقدت في مايو (أيار)، عندما اتهم عباس "حماس" بتوفير "مزيد من الذرائع والمبررات لإسرائيل لتدمير قطاع غزة من خلال شن هجوم السابع من أكتوبر".

وقالت "حماس" إن هذا التعليق مؤسف، ووصفت السابع من أكتوبر بأنه لحظة حاسمة في النضال الفلسطيني.

ودعا الميثاق التأسيسي لـ"حماس" عام 1988 إلى تدمير إسرائيل، وفي عام 2017 قالت "حماس" إنها وافقت على إقامة دولة فلسطينية انتقالية داخل حدود ما قبل حرب عام 1967، على رغم أنها لا تزال تعارض الاعتراف في حق إسرائيل في الوجود.

وتؤكد "حماس" على هذا الموقف منذ اندلاع الحرب في غزة.

حكومة جديدة

في مارس (آذار) شهد عباس مراسم أداء اليمين لحكومة جديدة تابعة للسلطة الفلسطينية برئاسة محمد مصطفى، وهو مساعد مقرب لعباس أشرف على إعادة إعمار غزة عندما كان نائباً لرئيس الوزراء في حكومة سابقة من 2013 إلى 2014. وعلى رغم أن الحكومة كانت تتألف من تكنوقراط، أثارت خطوة عباس غضب "حماس" التي اتهمته بالتصرف بشكل منفرد.

ووصف عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" صبري صيدم في مقابلة مع "رويترز" تشكيل حكومة جديدة بأنه إضاعة للوقت، قائلاً "نحن بصراحة لسنا معنيين على الإطلاق بإضاعة مزيد من الوقت في تشكيل حكومة جديدة، بالتالي سندفع قدماً أن تثبت أقدام هذه الحكومة حتى تستمر بعملها".

وأوضح مسؤول كبير آخر مطلع على شروط "فتح" لمحادثات الصين، أنها تريد من "حماس" أن تعترف بدور منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي الوحيد للفلسطينيين، وأن تلتزم بالاتفاقات التي وقعتها المنظمة.

 

 

ويشمل ذلك اتفاقات أوسلو الموقعة قبل 30 عاماً، التي اعترفت بموجبها منظمة التحرير بإسرائيل، لكن تعارضها "حماس" بشدة.

وقال المسؤول إن "فتح" تريد أن تتمتع الحكومة بسيطرة أمنية وإدارية كاملة في غزة، وهو ما يمثل تحدياً لنفوذ "حماس" هناك.

والحركة على خلاف جوهري مع منظمة التحرير الفلسطينية في شأن إسرائيل، ولم تنضم "حماس" قط إلى المنظمة، لكنها دعت منذ فترة طويلة إلى إجراء انتخابات لمؤسساتها الحاكمة، بما في ذلك هيئتها التشريعية المعروفة باسم المجلس الوطني الفلسطيني.

ودعا رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية يوم الجمعة إلى "تشكيل حكومة وفاق وطني في الضفة والقطاع بمرجعية وطنية متفق عليها"، وقال إن "حماس" تريد إجراء انتخابات عامة جديدة رئاسية وتشريعية وللمجلس الوطني الفلسطيني.

وقال المحاضر في جامعة "بيرزيت" في الضفة الغربية غسان الخطيب إن "حماس" مهتمة بالمصالحة فقط بشروطها والحفاظ على سياساتها وأجهزتها الأمنية وأيديولوجيتها، مضيفاً أن هذا قد يخاطر بإغراق منظمة التحرير الفلسطينية في عزلة دولية.

وتابع "عباس لا يمكنه القبول بسياساتهم، لأن ذلك سيعرض للخطر الإنجاز الوحيد لمنظمة التحرير الفلسطينية وهو الاعتراف الدولي".

من النسيج الوطني

على رغم ذلك قال القيادي في "فتح" تيسير نصر الله إن حركته تعتبر "حماس" جزءاً من النسيج الوطني الفلسطيني، وجزءاً من النسيج السياسي أيضاً كحركة وطنية فلسطينية.

وأوضح صيدم أن التوافق ضروري لإدارة المساعدات وإعادة الإعمار في غزة، مضيفاً "قلنا إننا (فتح) لن نأتي على ظهر دبابة، وإنما سنأتي بالتوافق مع الجميع، فنحن شركاء في هذه المسيرة".

وذكرت المتحدثة باسم الحكومة الإسرائيلية تال هاينريش، أن استعداد السلطة الفلسطينية للعمل مع "حماس" أمر "مؤسف".

وأظهر استطلاع للرأي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في الضفة الغربية وغزة في مارس الماضي، أن "حماس" تتمتع بدعم أكبر من "فتح"، وأن شعبيتها أعلى مما كانت عليه قبل الحرب.

وتمثل استضافة الصين لـ"حماس" دفعة دبلوماسية للحركة المتحالفة مع إيران.

وقال مدير تحرير صحيفة "الأهرام" المصرية المملوكة للدولة المتخصص في الشؤون الفلسطينية أشرف أبو الهول إن "حماس" مهتمة بالتوصل إلى اتفاق أكثر من "فتح"، لأن المصالحة يمكن أن تمنح الحركة التي أنهكتها الحرب غطاء لإعادة بناء قدراتها.

وقال مهند الحاج علي من مركز "كارنيجي" للشرق الأوسط إن من الصعب تصور قيام "حماس" بأي عمل عسكري من شأنه أن يؤدي إلى انتقام إسرائيلي واسع النطاق في المستقبل المنظور، لكنه أضاف أن المصالحة ستكون "مرحلة انتقالية من شأنها أن تسمح لـ’حماس‘ بإعادة تسليح نفسها ببطء".

المزيد من تقارير