Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فليكن الله بعون الملكة... لقد استغلها صبية إيتون لمكاسبهم السياسية

لا عجب أنه بسبب فتح الباب أمام هذه الطلبات، ظهر بعض الأمل العقيم في أن تتحدى الملكة العادات والأعراف وتردّ طلب تعليق البرلمان  

 الملكة إليزابيت الثانية توافق على قرار حزب المحافظين تشكيل بوريس جونسون حكومة بريطانية جديدة (رويترز)  

لست واثقاً أنني أفهم ما يجري حالياً. فها قد جرّ رئيسان للوزراء من خرّيجي مدرسة إيتون الداخلية الارستوقراطية، سيّدتهما وملكتهما إلى مستنقعات السياسة الموحلة. وربّما نتوقّع هذا السلوك من بوريس جونسون الذي يشقّ طريقه في الحياة عبر الكذب والخداع ولكن هل يليق هكذا تصرف بديفيد كاميرون النبيل؟

كدت أحسّ بنفس الصدمة والخزي اللذين أحسست بهما حين سمعت أول مرة بالادعاءات (التي نُفيت فيما بعد بكل تعالٍ) حول مجامعة كاميرون لخنزير (ميت) خلال دراسته الجامعية (دراسة كاميرون، وليس الخنزير).

فور ظهور استطلاع رأي يتيم أظهر تقدّم حملة الاستقلال خلال استفتاء العام 2014 في اسكتلندا، سارع كاميرون إلى القصر كي يطلب من الملكة "لفتة صغيرة" من اجل إنقاذ الاتحاد.

ثمّ انهمك الخدّام وخبراء الدعاية الكاذبة بالعمل فـ"أفلتت" من الملكة، بفضل سحر الملكية الخاص، ملاحظة حول أملها في أن يفكّر الناس ملياً في خيارهم خلال الاستفتاء.

وقالت بالتالي لأحد الأسكتلنديين خلال جولة لها "آمل أن يمعن الناس التفكير في مستقبلهم".

كانت عملية عبقرية بحد ذاتها، فلا يمكن اعتبار الجملة بشكلها الحرفي متحيزة أو "سياسية" حتى، ولكن ما استُنتج منها هو أنها تناصر الاتحاد. كما أنها نجحت في تحقيق المطلوب منها (مع أن ما حسم الموضوع على الأرجح هو تدخّل غوردون براون المتأخر).

وهكذا خسر الانفصاليون الأسكتلنديون معركتهم والملكة "همهمت برضى" عندما نقل لها كاميرون النبأ السعيد عن بقاء مملكتها موحّدة، وهو خبر أفصح عنه شخصياً بحماقة.

أظنها نهاية سعيدة ولكن الغاية لا تبرر الوسيلة. فمجرد طلب أي رئيس للوزراء ولو بكل لطف وتهذيب، أن تتدخل الملكة في السياسة هو إساءة لاستخدام موقعه وللعرف الذي يتردد ذكره و القائل بأن الملكة لا يسعها سوى احترام نصيحة وزرائها ومنهم رئيس الوزراء وأنها فعلياً مضطرة لذلك.

ليست المشكلة في أنّ كاميرون ضلّلها حول نواياه، بعكس ما يُتّهم به جونسون، لأن نواياه كانت واضحة للغاية، لكن الخطأ هو أنها وُضعت في هذا الموقف بالمقام الأول. مع أن الأحداث تُبيّن أنها لم تتأخر في تلبية طلبه، فلربما يعود سبب ذلك إلى نصفها الأسكتلندي.

ولكي نكون منصفين تماماً، يجب أن نذكر بأن لها تاريخاً مع المسألة الأسكتلندية. ففي عام 1977، قالت أثناء احتفالات اليوبيل الفضي لحكمها "لا يسعني أن أنسى أنني تُوّجت ملكةً على المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وشمال إيرلندا".

وهو أيضاً تصريح حيادي تماماً من إحدى وجهات النظر ولكنه انطوى على الكثير من القوة والمعاني في وقت كانت الأنباء تُبرز الدفعٍ باتجاه انتقال السلطة وتعالي الأصوات المطالبة بالدولة الأسكتلندية (ومن أهم أسباب هذه المطالبات استغلال نفط بحر الشمال). 

وبالمناسبة، يحق للمرء أن يتساءل ما إذا كان المغزى من الرسالة التي وجهتها إلى الشعب السنة الماضية لمناسبة عيد الميلاد عن ضرورة تحلّينا بالهدوء في مسألة بريكست كان فعلياً عبارة عن تقديم المساعدة لتيريزا ماي كي تمرّر صفقتها في البرلمان، إذ قالت الملكة "حتى مع وجود اختلافات عميقة بين الناس، تُعدّ معاملة الآخر باحترام على أساس أنه ندّ في الإنسانية خطوة جيدة دائماً نحو الارتقاء بفهم بعضنا البعض".

لكن من الواضح أنّ هذا الكلام لم يُقنع آرلين فوستر ومارك فرانسوا.

لذا السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: هل طلب كاميرون من القصر الإذن لكشف سرّ ملكي آخر عن موضوع آخر يحمل الكثير من الحساسية السياسية؟

إن لم يفعل ذلك، فهو يؤكد ببساطة على تصوّر يكبر يوماً بعد يوم عن جيله من خريجي إيتون بأنهم زمرة أوغاد ليس إلّا. وإن فعل ذلك، ووافق القصر على هذه النميمة المبطّنة، فيتحمّل القصر وحده اللوم إن تعرض لانتقادات حول التورط بالسياسة وإن خسرت الملكية بعض شعبيتها في اسكتلندا.   

لا عجب أنه بسبب فتح الباب أمام هذه الطلبات، ظهر بعض الأمل العقيم في أن تتحدى الملكة العادات والأعراف وتردّ طلب تعليق البرلمان وهو عمل أقل ما يقال عنه أنه مثير للجدل في ظل الظروف الراهنة.

سرت بعض الإشاعات التي تقول إن الملكة "استشاطت غضباً" ووبّخت بوريس جونسون لأنه حوّل زيارته إلى قصر بالمورال الملكي في اسكتلندا إلى سلسلة من الصور الانتخابية يظهر في إحداها وهو يجرّ ثوراً. عليها أن تتحدث معه ومع كاميرون وتطلب منها عدم توريطها بالأمور السياسية وذلك من أجل مصلحتها ومصلحتهما معاً. نظراً لوجود هكذا رؤساء للوزراء، ليكن الله بعون الملكة.

© The Independent

المزيد من آراء