Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"دفاعية أم هجومية"؟... واشنطن تلملم خياراتها تجاه طهران

ضرب أهداف محددة بشكل سري وزيادة التعزيزات الدفاعيَّة والجويَّة لدى الحلفاء... أبرز السيناريوهات

ملوَّحة ثم متراجعة عن خياراتها العسكريَّة للرد على طهران، تتزايد التساؤلات بشأن خيارات واشنطن العسكريَّة لمواجهة الاعتداءات الإيرانيَّة، في ظل تباين المواقف الرسميَّة الأميركيَّة داخل إدارة الرئيس دونالد ترمب، حول الخيارات الناجعة بعدما أكد أكثر من مسؤول وقوف إيران "خلف الهجمات الأخيرة التي استهدفت حقلي بقيق وخريص النفطيين السعوديين" الأسبوع الماضي، وتأثيرهما على حركة النفط العالميَّة بعد أن تراجعت صادرات النفط السعوديَّة بنحو النصف، وهو ما عادل 5% من الإنتاج النفطي العالمي.

فبعد تحذيرات ترمب ووزير خارجيته مايك بومبيو الصريحة، أن "الخيار العسكري يبقى على الطاولة حلاً نهائياً للتعاطي مع طهران"، جاءت أحدث الردود الأميركيَّة من الرئيس بفرض ما وصفه "أقصى حد يمكن أن يُفرض على دولة ما من العقوبات الاقتصاديَّة"، مشيداً بـ"الصبر العسكري الأميركي تجاه إيران"، معتبراً أنه "لم يحدث أن كانت دولة أكثر استعداداً من الولايات المتحدة لشنّ ضربات عسكريَّة. وسيكون ذلك الحلّ الأسهل بالنسبة إليّ. لكن ليس هذا ما أفضّله".

لكن مع إعلان وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر، في وقت متأخر من أول من أمس الجمعة، عزم بلاده "إرسال تعزيزات عسكريَّة أميركيَّة إلى الخليج"، دون تحديد عدد القوّات ونوع المعدّات التي ستُرسل، عاد الحديث عن شكل الرد العسكري المحتمل ضد إيران، وذلك في وقت نقلت فيه تقارير أميركيَّة أن هناك أصواتاً داخل إدارة ترمب "تميل إلى استبعاد ذلك الحل".

وكان ترمب جَمَع بعد ظهر الجمعة فريقه للأمن القومي مع وزير خارجيّته مايك بومبيو ووزير دفاعه للبحث في مختلف الخيارات، بما فيها الخيار العسكري، للردّ على الهجمات التي استهدفت منشأتَي نفط سعوديّتَين، وحمّلت واشنطن مسؤوليّتها لطهران التي "نفت أيّ ضلوع لها" بذلك.

وأعقب الاجتماع إعلان ترمب "فرض عقوبات جديدة على إيران"، قائلاً "فرضنا للتوّ عقوبات على المصرف الوطني الإيراني. الأمر يتعلّق بنظامهم المصرفي المركزي، وهي عقوبات في أعلى مستوى".

أي خيارات عسكريَّة متاحة؟
حسب مسؤولين أميركيين، فإن الرئيس ترمب "يرغب حالياً في البقاء دخل حدود التحركات الدفاعيَّة لا الهجوميَّة"، وذلك في أعقاب إعلان الإدارة الأميركيَّة إرسال قوات إلى الشرق الأوسط، رغم عدم استبعادهم أن يلجأ ترمب إلى "شن ضربة عسكريَّة ضد إيران".

ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركيَّة، مصادر لم تُسمّها، أن وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر وصف، خلال اجتماع البيت الأبيض مع كبار مسؤولي الأمن القومي، قرار نشر ترمب قوة متوسطة بالقرب من السعوديَّة بجانب الأجهزة الدفاعيَّة الجويَّة والصاروخيَّة ردّاً على "هجمات أرامكو"، بأنه قرار "دفاعي في طبيعته"، موضحة أن البنتاغون سينشر مزيداً من الأنظمة المضادة للصواريخ بالسعوديَّة، وقد ينشر مزيداً من الطائرات الحربيَّة، كما لفتوا إلى احتماليَّة أن "حاملة الطائرات الأميركيَّة أبراهام لينكولن قد تمدّ فترة بقائها في المنطقة كذلك".

كما نقلت الصحيفة عن مسؤول أميركي بارز، لم تذكر اسمه، أن تقديره للقوات التي ستُرسل إلى الشرق الأوسط هو "بضع مئات من الجنود"، وذلك تفصيلاً لما قاله رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركي جوزيف دنفورد الذي قال إن "العدد الفعلي للجنود لم يُحدد بعد"، لكن "سيكون مئات وليس آلافاً".

ومع استمرار الغموض بشأن خيارات واشنطن العسكريَّة، نقلت وكالة "أسوشيتد برس" هي الأخرى، عن مسؤولين عسكريين، أن وزارة الدفاع "أعدَّت مجموعة واسعة من الخيارات العسكريَّة للرئيس الأميركي"، التي من بينها قائمة بالأهداف المحتملة لشن غارات جويَّة داخل إيران، وذلك ضمن ردود أخرى محتملة، إلا أن هناك تحذيرات عسكريَّة أميركيَّة، من أن العمل العسكري ضد طهران قد يتحوَّل إلى "حرب شاملة".

وحسب "أسوشيتد برس"، فإن الرد الأميركي يمكن أن يشمل إجراءات عسكريَّة وسياسيَّة واقتصاديَّة، وتتراوح الخيارات العسكريَّة ما بين "شن ضربات جويَّة أو اتخاذ إجراءات غير ملموسة"، مثل شن الهجمات الإلكترونيَّة، معتبرة أن أي قرار سيعتمد على نوع الأدلة التي يستطيع المحققون الأميركيون والسعوديون تقديمها لإثبات مسؤوليَّة إيران عن الهجوم.

وفي السياق ذاته، قالت "نيويورك تايمز" إن من بين الأهداف المرجّح ضربها "منشأة عبدان الإيرانيَّة"، وهي واحدة من كبرى محطات تكرير النفط، وكذلك جزيرة "خرج" التي تضم أكبر منشأة نفطيَّة في إيران. فضلاً عن تلك المواقع التي يُعتقد أن تكون انطلقت منها الصواريخ نحو السعوديَّة، وقواعد أخرى للحرس الثوري في جنوب غرب إيران، موضحة أن "أي ضربة ضد إيران ستتم على الأرجح عبر قذائف من صواريخ كروز تنطلق من سفن البحريَّة. وفي حال ردّت إيران على الضربة الأولى فستقوم طائرات بضربة ثانيَّة".

وكان الجنرال جوزيف دانفورد رئيس هيئة الأركان الأميركيَّة المشتركة، أعلن في وقت سابق، أن مسألة ما إذا كانت الولايات المتحدة سترد على الهجمات تبقى "قراراً سياسياً لا قرار الجيش الأميركي"، موضحاً "مهمتي هي تقديم خيارات عسكريَّة للرئيس إذا قرر الرد بقوة عسكريَّة".

في المقابل، قال مسؤولون أميركيون آخرون نقلت عنهم صحيفة "وول ستريت جورنال"، إن "الاستعانة بمزيدٍ من بطاريات صواريخ باتريوت وأنظمة الرادار المحسّنة قد تكون ضمن الخيارات المطروحة"، مشيرين في الوقت ذاته إلى أن الرئيس ترمب "ليس ميّالا إلى استخدام القوة العسكريَّة ضد إيران".

عقبات أمام الخيار العسكري
مع تصاعد بعض الأصوات الأميركيَّة بضرورة "رد أميركي قاسٍ ضد إيران مع إبقاء الخيار العسكري على الطاولة"، تبقى هناك مخاوف أميركيَّة من ترجيح ذلك الخيار في الوقت الراهن.

وحسب رأي النائبة الديموقراطيَّة إليسا سلوتكين، فإنه "إذا اختار ترمب خياراً يتضمن ضربة عسكريَّة كبيرة على إيران، فهناك احتمال أن تتصاعد إلى حرب متوسطة أو واسعة النطاق".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الرأي ذاته، نادى به رئيس لجنة العلاقات الخارجيَّة في مجلس الشيوخ الأميركي بوب منينديز، في لقاء مع شبكة "سي أن أن"، قائلاً "لو فكَّرنا في ضربة محدودة ضد المصالح الإيرانيَّة فيجب أن نفكّر في الخطوة التاليَّة، لأنها قد ترد هي أو عبر وكلاء لها"، مطالباً بضرورة العودة إلى الكونغرس "لإقرار مثل هذا التحرك".

ويعطي الدستور الأميركي الكونغرس حق إعلان الحرب، إلا أن قانوناً مُرر على عجل عقب هجمات الـ11 من سبتمبر (أيلول) 2001 أعطى الرئيس الأميركي الحق في اتخاذ قرارات تتعلق باستخدام القوات المسلحة في نزاعات خارجيَّة دون الحاجة إلى إعلان الحرب. إذ استند إلى هذا القانون الرئيس الجمهوري جورج بوش الابن (2000 - 2008) في قراري الحرب على أفغانستان والعراق، واستند إليه أيضاً الرئيس الديموقراطي باراك أوباما (2009 - 2016) في العمل العسكري ضد ليبيا، وأخيراً الرئيس ترمب في ضربات عسكريَّة ضد أهداف في سوريا.

وفي هذا السياق، كتب ديفد أليسون وستيفن هيرزوغ، في مجلة "ناشونال إنترست"، عن أسباب استبعاد الخيار العسكري ضمن الردود الأميركيَّة، معتبرين أن "الحسابات الخطأ غير مرجحة عندما يأتي الصراع المفتوح بتكاليف باهظة لواشنطن وطهران، وهي تكاليف لا تستطيع القيادتان ولا شعباهما القبول بها".

ومن بين الأسباب التي ذكرها الكاتبان، أن أغلب استطلاعات الرأي في الفترة ما بين يونيو (حزيران)، ويوليو (تموز) الماضيين، وفي ذروة التوتر بين واشنطن وطهران على وقع اعتداءات الأخيرة على ناقلات النفط في الخليج العربي، كشفت أن غالبيَّة الأوساط الأميركيَّة لا تدعم الخيارات العسكريَّة، معتبرين أن نحو (68%) من الديموقراطيين و(81%) من المستقلين، و(81%) من الجمهوريين تدعم قراراً رئاسياً بعدم اتخاذ إجراء عسكري تصعيدي.

وحسب استطلاع للرأي أجرته مجلة "بزنس إنسايدر" يومي الـ17 والـ18 من الشهر الحالي، أي بعد نحو أربعة أيام من هجمات أرامكو، فإن نحو "13% فقط من الأميركيين يؤيدون شن هجمات على إيران".

ووفق الكاتبين، فهناك أصوات عسكريَّة أميركيَّة لا ترجّح "سيناريو العمل العسكري"، مشيرين إلى شهادة الجنرال مارك ميلي في يوليو (تموز) الماضي، وشكوكه لمجلس الشيوخ حول احتمال نشوب حرب كبرى مع إيران، وذلك خلال جلسات استماع لتعيينه رئيساً لهيئة الأركان المشتركة، معتبرين أن هذا الطرح لا يزال "سائداً" في أروقة البنتاغون.

وانتهي الكاتبان إلى أن واشنطن وطهران إلى الآن لا يزالان يظهران قلقهما إزاء خطر نشوب حرب، وضرورة تجنّب تصعيد غير مقصود، ومن ثم فإن أي إجراءات في هذا الصدد قد تشمل أنشطة سريَّة أو ضربات مقيدة بعنايَّة.

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات