Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تخوف من استغلال عامل الوقت لإخفاء مصير البرلماني الليبي

تواصل انتهاكات حقوق الإنسان يعوق السلام والانتقال الديمقراطي ويقلق الشارع من احتمال تكرار مثل تلك الحوادث

اختفاء النائب ابراهيم الدرسي يقلق الشارع الليبي ويعمق الشرخ (صفحة البرلمان الرسمية على فيسبوك)

ملخص

الطب الشرعي يقول إن الدماء الموجودة داخل سيارة الدرسي تحمل فصيلته

خلّف اختفاء عضو مجلس النواب ابراهيم الدرسي مساء يوم الجمعة، ضجة في الشارع الليبي الذي لجأ إلى مختلف مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن رأيه الرافض "لتكرر حوادث الإخفاء القسري والقتل تحت التعذيب والاغتيالات السياسية"، لا سيما أن ليبيا شهدت هذا العام عودة قوية لهذه الظاهرة مقارنة بالأعوام الماضية، إذ كانت البداية بحادثة أبو سليم في فبراير (شباط) الماضي بطرابلس العاصمة التي راح ضحيتها 10 أشخاص من بينهم رجال أمن، ليعلن بعدها عن وفاة الناشط السياسي سراج دغمان الشهر الماضي داخل مبنى جهاز الأمن الداخلي في بنغازي شرق البلد، وتشهد مدينة الزاوية (غرب ليبيا) مقتل عائلة بكاملها خلال الأيام الأخيرة.

الأسباب

وعرف الدرسي كعضو للبرلمان برفضه لتهميش برقة، وانتقاده غير المباشر لقائد قوات الشرق الليبي خليفة حفتر وأبنائه الذين يشرفون على لجنة إعمار درنة والمدن والمناطق المتضررة في الشرق الليبي من إعصار "دانيال"، ومطالبته الدائمة بمساءلة حكومة الشرق التي يقودها أسامة حماد وضرورة الذهاب نحو تشكيل حكومة جديدة موحدة تقود لانتخابات ليبية.

وفي تعليقه على الحادثة، قال رئيس الحكومة الليبية أسامة حماد في بيان إنه أصدر تعليماته للأجهزة كافة بتكثيف جهودها حتى "العثور عليه ليعود سالماً لأسرته قريباً"، مؤكداً أن "كل الجهود تبذل الآن من أجل الوصول إليه ومعرفة ملابسات الحادثة ومن يقف وراءها". من جهتها، نفت وزارة داخلية حكومة الشرق صحة الأخبار المتداولة بخصوص مقتل عضو مجلس النواب ابراهيم الدرسي.

إدانات

وعبّر مجلس النواب (شرق) في بيان مساء  السبت عن قلقه إزاء اختفاء نائبه الدرسي، مطالباً النائب العام بالتحقيق في الواقعة.

وأبرز البرلمان في بيانه إدانته لحالات الاختطاف والتغييب والاعتداء أياً كان مصدرها، ويعدها مخالفة للقانون والشرع والأخلاق، داعياً مكتب النائب العام إلى "التحقيق في الواقعة وتقديم المدانين للعدالة".

من جانبها، دعت البعثة الأممية للدعم في ليبيا في بيان لها الأجهزة الأمنية إلى "تحديد مكانه وتأمين إطلاق سراحه الفوري"، مطالبة بإجراء تحقيق شامل في ملابسات اختفاء الدرسي.

 سيناريو سرقيوة

ويتخوف حقوقيون من تكرار سيناريو عضو مجلس النواب سهام سرقيوة المغيبة منذ 2019 بعد اختطافها من بيتها في بنغازي، مع الدرسي، خصوصاً أن حادثة اختفائه جاءت بالتزامن مع إحياء الذكرى الـ10 لمعركة "الكرامة" مساء الجمعة التي حضرتها وفود وأجانب، مما يعني أن الأمن متوافر في كامل أرجاء المدينة لجهة تركيز كاميرات المراقبة في كل مكان. وفي الإطار، أكد رئيس منظمة "ضحايا" لحقوق الإنسان ناصر الهواري أن الدرسي اختطف على يد "كتيبة طارق بن زياد التابعة لحفتر وأبنائه، مباشرة إثر خروجه من احتفالات الذكرى الـ10 لمعركة الكرامة".

وتابع الهواري أن في حوزته معلومات تتحدث عن مشادات كلامية حصلت بين الدرسي والأجهزة الأمنية المكلفة تأمين حفل ذكرى معركة "الكرامة"، حين رفضوا دخوله إلى المنصة حيث كان رئيس مجلس النواب عقيلة صالح موجوداً، وتفوهه بكلام لم يعجب تلك الأجهزة الأمنية ليتم اختطافه بعد خروجه من الاحتفال مباشرة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وحول ما ذكرته وزارة داخلية لجهة الاعتداء على منزل الدرسي وخطفه بعدها، أكد الهواري أن الدرسي لم يصل إلى منزله نهائياً ولا توجد أي آثار اعتداء على المنزل، مشدداً على أنها "مجرد مسرحية لكسب الوقت وإخفاء مصير النائب، مثلما حدث تماماً في واقعة النائبة سهام سرقيوة والضابط محمود الورفلي وبريك اللواطي وعدد آخر من المغيبين قسراً".

وبيّن رئيس منظمة "ضحايا" لحقوق الإنسان أن ليبيا أمام تكرار سيناريو سرقيوة مع الدرسي لأن الأجهزة الأمنية لم تعثر عليه حتى الآن، "فيما تأتينا تأكيدات من الطب الشرعي أن الدماء الموجودة داخل سيارة الدرسي تحمل فصيلته". وطالب الهواري بتوجيه جميع الجهود نحو قضية الدرسي حتى لا ينزلق مصيره لمصير زميلته سرقيوة المغيبة منذ خمسة أعوام، قائلاً إنه في ظل هذا التعتيم حول مصير الدرسي، تزداد الشكوك بقتله أو تغييبه القسري.

عرقلة الديمقراطية

ونبّه المحامي مهدي كشبور من خطر تنامي ظاهرة الإخفاء القسري والاغتيالات على الانتقال الديمقراطي في ليبيا والذي يحتاج إلى بناء الثقة بين الشعب والأطراف السياسية والعسكرية، موضحاً أن عمليات القتل والخطف والإخفاء القسري والتهجير وسرقة الأموال والممتلكات الخاصة واندلاع الاشتباكات بين الحين والآخر في مختلف مناطق ليبيا، لها انعكاسات سلبية على إجراء الانتخابات، لا سيما إذ كانت هذه الجرائم ترتكب من قبل أطراف فاعلة ضد شخصيات سياسية وليست مجرد جرائم وأفعال فردية. فاختطاف عضو مجلس نواب ليس الحالة الأولى من نوعها في البلد، إذ سبق واختطفت زميلته سهام سرقيوة، وأشارت أصابع الاتهام إلى تورط ما يسمى القيادة العامة ولم يفتح أي تحقيق جديد بالخصوص.

وقال كشبور إن هذه الظاهرة لن تشجع الأطراف السياسية والعسكرية المختلفة مع حفتر على مد اليد نحو توافق مشترك في شأن العملية السياسية والتحول الديمقراطي الذي يراوح مكانه منذ 2011.

بدوره، أكد المرشح للانتخابات الرئاسية ورئيس حزب "النداء" أكرم الفكحال أن أي عملية إخفاء قسري أو قتل أو تعدٍّ من دون وجه حق تعوق الانتقال الديمقراطي في أي دولة وليس في ليبيا فقط، كما أن ما حدث للدرسي يعتبر مخالفاً للقوانين الموضوعة ومخالفاً للأسس الإنسانية.

وأشار إلى أن ليبيا تبحث منذ فترة عن بيئة مستقرة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً للانتقال إلى الخطوة التالية في بناء البلد الذي لن يكتمل إلا بإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، غير أن هذه الأحداث المتكررة تعرقل الاستقرار والتقدم نحو الانتقال الديمقراطي.

السلاح

في حين رأى المتحدث السابق باسم المجلس الرئاسي لحكومة فايز السراج أشرف الثلثي أن الوضع الليبي في تذبذب دائم منذ اندلاع انتفاضة الـ17 من فبراير 2011، مؤكداً أن كل ما يحصل في البلاد من اغتيالات وإخفاء قسري هو نتيجة وجود 29 مليون قطعة سلاح خارج أطرها القانونية، لا سيما أن الأجسام الأمنية والسياسية فشلت في احتواء هذه المشكلة التي يتطلب حلها دعماً من الأمم المتحدة.

وأضاف أن ليبيا ستظل تتخبط في مظاهر القتل والإخفاء القسري والاعتقال التعسفي ما لم تتوصل إلى تشكيل جسم سياسي رسمي يوحد شتات الليبيين شرقاً وغرباً وجنوباً لتذهب بعدها إلى إقامة الانتخابات التشريعية، وهي مهمة موكلة للمجتمع الدولي عبر طرحه خطة متكاملة تنفذ بالقدرات والشخصيات الوطنية وتكون تحت إشراف الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.

من جانبه، أعرب عضو مجلس الدولة الاستشاري عادل كرموس عن رفضه لتواصل ظاهرة الإخفاء القسري بحق أي مواطن ليبي باعتباره محرماً قانونياً، واصفاً ما تعرض له الدرسي بالمؤشر الخطر وهو يمس الحقوق الأساسية ويهدد بعودة الدولة الشمولية والديكتاتورية ومنع حرية التعبير، مما يتعارض مع أهداف انتفاضة الـ 17 من فبراير.

وتعاني ليبيا منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011 انهياراً أمنياً وفشلاً سياسياً حال دون الذهاب إلى تنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المتزامنة، مما أسهم في تغذية نيران العنف واستمرار الخطف والقتل تحت التعذيب والاغتيالات السياسية.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات