ملخص
ذكرت الخارجية اليابانية أن "من المتوقع أن يناقش الطرفان بصورة رئيسة التعاون الثنائي في مجال التقنيات المتعلقة بإزالة الكربون، بالنظر إلى جهود المملكة لتغيير نظامها الاقتصادي المعتمد على النفط، وكذلك الوضع المتدهور داخل الأراضي الفلسطينية لا سيما في قطاع غزة".
قالت الحكومة اليابانية إنها تترقب زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى طوكيو لعقد محادثات رسمية مع قادة الإمبراطورية الآسيوية التي أعلنت وزارة خارجيتها قبل أسبوعين، بدء التحضير للاحتفاء بـ70 عاماً من الدبلوماسية مع السعودية، قبل أن يتبين أن ذلك يأتي في سياق إعطاء دفعة جديدة للعلاقة التاريخية.
وقالت الخارجية في بيان على موقعها الإنجليزي، نقلت سفارتها في الرياض أيضاً مضمونه بالعربية على "إكس"، إن الأمير محمد بن سلمان "سيقوم بزيارة رسمية إلى اليابان خلال الفترة من الـ20 من مايو (أيار) الجاري إلى الـ23 منه، وخلال إقامته سيلتقي إمبراطور اليابان"، ويعقد محادثات مع رئيس الوزراء كيشيدا فوميو في خطوة ذكر البيان أنه "من المأمول أن تؤدي إلى تعزيز علاقات الصداقة" بين الجانبين.
ولم يعلق الديوان الملكي السعودي حتى الآن على نبأ الزيارة، إلا أن المعتاد أن يكون الإعلان في غضون يوم ابتدائها، وليس قبل ذلك بأيام.
وأظهرت اليابان اهتماماً بالمناسبة المرتقبة، إذ حرصت على توضيح أن الامبراطور سيقيم "مأدبة غداء رسمية على شرف ولي العهد"، معتبرة أن الزيارة ستكون الأولى من نوعها، إذ كانت التي قبلها عام 2019 إنما جاءت في سياق قمة "مجموعة الـ20" في أوساكا.
الطاقة وفلسطين
وحول المواضيع التي يرجح بحثها على جدول الأعمال، ذكر الجانب الياباني أن "من المتوقع أن يناقش الطرفان بصورة رئيسة التعاون الثنائي في مجال التقنيات المتعلقة بإزالة الكربون، بالنظر إلى جهود المملكة لتغيير نظامها الاقتصادي المعتمد على النفط"، وأضاف أن "من المتوقع أيضاً أن يتناول الطرفان الوضع المتدهور داخل الأراضي الفلسطينية، لا سيما في قطاع غزة".
وكان تصويت طوكيو ضد قرار تقدمت به روسيا بالتنسيق مع المجموعة العربية في مجلس الأمن لوقف إطلاق النار في غزة خلال أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أثار استياء على وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أنها عادت بعد ذلك بيوم واحد ودعمت قراراً مماثلاً تقدمت به البرازيل، ونقضته أميركا، إلا أن عدداً من العرب ظل ينتقد موقفها الأول ويراها تدور في فلك واشنطن رغم أنها أكثر الدول معرفة بمواقفها المنحازة لإسرائيل، داعين إياها إلى تذكر تجربتها المريرة بعد الحرب العالمية الثانية مع أميركا، والتضامن مع الضحايا العرب.
وعلق على إثر ذلك سفير اليابان لدى السعودية النشط على الـ"سوشيال ميديا" فوميو إيواي، قائلاً "صوتت اليابان لمصلحة مشروع القرار الذي تقدمت به اليوم البرازيل التي تتولى رئاسة مجلس الأمن خلال الشهر الجاري. ويذكر أن المشروع يطلب إيقاف القتال في قطاع غزة وتأمين المساعدات الإنسانية. امتنعت روسيا عن التصويت واعترضت عليه أميركا. غفر الله لمن أساء إلى الآخرين ولمن يشكك في نية اليابان".
وتقود الرياض منذ اندلاع حرب غزة جهداً عربياً وإسلامياً مكثفاً، للضغط على إسرائيل عبر حلفائها الدوليين مثل اليابان، وخصوصاً الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، في سبيل إحراز وقف إطلاق النار، لوقف نزيف الدم الفلسطيني، وإحياء عملية السلام بين الفرقاء، وفق مبادئ القانون الدولي ومبادرة السلام العربية.
سجال مع السفير
وفي رد منه على الناقمين على موقف بلاده السابق، أكد السفير فوميو أنه علاوة على ذلك فإن وزيرة الخارجية السيدة كاميكاوا أعربت حينها عن "استياء اليابان الشديد إزاء وقوع قدر هائل من الضحايا بين المدنيين الأبرياء، وأن الهجمات ضد المستشفيات والمدنيين أمر لا يمكن تبريره بأي شكل من الأشكال".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولا يفهم كثير من المعلقين في الأوساط، تعقيدات العلاقة بين واشنطن وطوكيو، إلا أن التطورات الدولية الراهنة في ميل البيت الأبيض إلى المقاربة العربية الضاغطة على إسرائيل، قد تسمح للجانب الياباني بإظهار موقف أكثر تأييداً للقضية الفلسطينية التي ظلت همّ السعوديين الأكبر في محادثاتهم الدولية، أكثر من الملفات الثنائية في معظم الأحيان.
وكانت اليابان استأنفت بعد منتصف أبريل الماضي تمويلها لـ"أونروا" بعد مجاراتها أميركا في تعليق الدعم، وقدمت 35 مليون دولار لمساعدة لاجئي فلسطين.
وعلق السفير يويتشي ناكاشيما على المبادرة بأنها جاءت "اعترافاً بدور ’أونروا‘ الذي لا غنى عنه في غزة، وحتى في وقت تعمل على تعزيز الحوكمة وإدارة الأخطار، قررت الحكومة اليابانية استئناف التمويل لمساعدتها على تقديم الخدمات الأساسية إلى العائلات المحتاجة".
حقبة من الشراكة ومليارات التبادل
وترتبط الدولتان بعلاقات اقتصادية عميقة، إذ كانت السعودية ثامن أكبر شريك تجاري لليابان العام الماضي، وفقاً لصندوق النقد الدولي، وبلغ إجمالي التدفقات 42 مليار دولار، في حين أوضحت أرقام وزارة الاستثمار السعودية على هامش توقيع اتفاقات عندما زار رئيس الوزراء الياباني كيشيدا الرياض العام الماضي، أن مجمل التبادل التجاري بين الجانبين خلال السنوات الخمس الماضية في حدود 175.2 مليار دولار.
وقال وزير الاستثمار السعودي المهندس خالد الفالح في حينه إننا نطلق حقبة جديدة في شراكتنا مع اليابان، وسنعزز الشراكة مع اليابان في مجالات عدة، ووقعنا مع اليابان 26 اتفاقاً في مختلف المجالات، خصوصاً في مشاريع للطاقة النظيفة.
فيما أكد سفير الرياض لدى اليابان نايف الفهادي أن علاقة بلاده مع طوكيو "تعيش أفضل حالاتها بفضل توافق الرؤى بين الحكومتين الصديقتين تجاه كل المجالات الثنائية والدولية"، وفقاً لوكالة الأنباء السعودية "واس".
وتعد اليابان واحدة من أكبر مشتري النفط الخام من المملكة التي يعد صندوق الثروة فيها من بين أكبر المساهمين في شركة الألعاب العملاقة "نينتندو".
ولدى الجانبين أيضاً اتفاق "الرؤية السعودية- اليابانية 2030" الذي يهدف إلى رؤية الشركات اليابانية تستثمر في صناعات مثل الزراعة والرعاية الطبية والطاقة والبنية التحتية في المملكة.
تحضيرات الاحتفاء بالعام الـ70
ودعت وزارة الخارجية اليابانية أخيراً على موقعها باللغة الإنجليزية، الجماهير لا سيما السعوديين إلى مشاركتها في اختيار شعار تذكاري مناسب لفعاليات احتفالات الإمبراطورية بمرور 70 عاماً على علاقاتها التاريخية مع حليفتها العربية.
وقالت "يصادف عام 2025 الذكرى الـ70 لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين اليابان والسعودية، ومن أجل استغلال هذا العام التذكاري كفرصة لمواصلة تطوير العلاقات الثنائية من خلال تنفيذ برامج التبادل المختلفة بين البلدين، فإننا ندعو إلى تقديم طلبات للحصول على تصميم شعار لاستخدامه في فعاليات إحياء الذكرى الـ70 لتأسيس العلاقة الدبلوماسية".
وكان ولي العهد السعودي طوّر علاقة أكثر دفئاً مع اليابان، لا سيما في عهد وزيرها الراحل شينزو آبي الذي كانت زيارته إلى مدينة العلا (شمال غربي السعودية) 2020، بين صور عدة للمدينة التاريخية جرى تداولها على نطاق واسع، وهو يرتدي العباءة الشتوية التقليدية (الفروة) التي اعتاد السعوديون لبسها في الليالي الباردة، وذلك في خيمة، ونُقلت أجواء الحديث الودي خلالها بين الأمير محمد بن سلمان وضيفه الياباني على مختلف وسائل التواصل.
ويرى الباحث السياسي السعودي سعد الحامد أن الزيارة المرتقبة "قد تنجح في توحيد موقف الدولتين نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وبذلك تضغط بصورة أكبر على نتنياهو لوقف هذه الحرب، وتحفز أرقام الاستثمار بين الجانبين إلى آفاق أرحب"، مشيراً إلى أن موقع اليابان بوصفها شريكاً تجارياً تاريخياً للسعودية، يجعل من تنسيق المواقف معها أمراً مهماً، في مرحلة تشهد تحولات جيوسياسية تحيط بالمنطقة.
وأضاف أن "اليابان الشريك التجاري الثالث للمملكة والاستثماري الثاني في مجالات عدة مثل البتروكيماويات والصناعة والطاقة والبيئة والبنية التحتية والخدمات المالية والتعليم والصحة وتطوير القوى العاملة والإعلام والترفيه، وفق تقديرات الاستثمار السعودية، مما يعطي العلاقة والزيارة زخماً لافتاً، ينتظر أن تنعكس آثاره الإيجابية على الملفات الثنائية والإقليمية".