Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

منظمة دولية: الحروب التجارية تضع الاقتصاد العالمي على حافة الهاوية

توقعات جديدة صادمة تزيد من "قتامة" مستقبل النمو

متداولون في بورصة نيويورك للأوراق المالية، 18 سبتمبر 2019 (رويترز)

فيما لم يسدل الستار بعد على الحرب التجارية المشتعلة بين الولايات المتحدة الأميركية والصين، جاءت توقعات جديدة لتزيد من قتامة التوقعات الخاصة بمستقبل النمو العالمي الذي بدأت ملامح تراجعه تلوح في الأفق بالفعل. 

فقبل يومين، قال رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ، إنه من الصعب الحفاظ على معدل نمو الاقتصاد الصيني فوق 6 في المئة سنوياً، في ظل حالة الغموض التي تحيط بالأوضاع الدولية. 

وقد أظهرت بيانات رسمية ارتفاع الإنتاج الصناعي لدى الصين في الشهر الماضي بأقل وتيرة في 17 عاماً ونصف العام، مُسجلة مستوى دون التوقعات. وكشفت بيانات هيئة الإحصاءات الوطنية أن الإنتاج الصناعي ارتفع بنحو 4.4 في المئة فقط في أغسطس (آب) الماضي على أساس سنوي، وهي أدنى وتيرة منذ فبراير (شباط) 2002 مقابل مستوى 4.8 في المئة في يوليو (تموز). 

في السياق، أعلنت مصلحة الدولة الصينية للإحصاء، أن القيمة المضافة للإنتاج الصناعي الصيني، وهي مؤشر اقتصادي مهم، ارتفعت في الأشهر الثمانية الأولى بنسبة 5.6 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، انخفاضاً من 5.8 في المئة المسجلة في السبعة أشهر الأولى، بحسب ما أظهرت بيانات المصلحة. 

وعلى الرغم من التحذيرات المتكررة من قبل الشركات وبنوك الاستثمار العالمية بشأن خطورة استمرار الحروب التجارية على النمو العالمي، لكن البيانات الحديثة التي ساقتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تزيد من قتامة الضبابية والتوقعات التي تنتظر الاقتصاد العالمي مع استمرار الحروب التجارية والتوترات الجيوسياسية.

أدنى مستوى للنمو في 10 سنوات 

المنظمة ذكرت في تقرير حديث، أن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين دفعت النمو العالمي إلى أدنى مستوياته في عشر سنوات، مؤكدة أن الاقتصاد العالمي يخاطر بالدخول في مرحلة جديدة ومستمرة من النمو المنخفض إذا ظلت الحكومات مترددة في كيفية الاستجابة. 

منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ذكرت أن الاقتصاد العالمي سيشهد أضعف نمو منذ الأزمة المالية في 2008/ 2009 هذا العام، ليتباطأ من المعدل البالغ 3.6 في المئة في العام الماضي إلى 2.9 في المئة في العام الحالي قبل أن يبلغ المعدل المتوقع البالغ ثلاثة في المئة في 2020. 

وأوضحت أن التوقعات أخذت منعطفاً نحو الأسوأ منذ قامت بتحديث توقعاتها في مايو (أيار)، حين قدرت أن الاقتصاد العالمي سينمو 3.2 في المئة هذا العام و3.4 في المئة في 2020. 

وقالت لورانس بون، كبيرة خبراء الاقتصاد لدى المنظمة، "ما بدا أنها توترات تجارية موقتة تتحول إلى حالة جديدة مستمرة فترة طويلة من العلاقات التجارية... النظام العالمي الذي ينظم التجارة قد انتهى، ونحن في عهد جديد من العلاقات التجارية الأقل يقينا والأكثر ثنائية". 

وذكرت أن نمو التجارة الذي كان المحرك للتعافي العالمي بعد الأزمة المالية تراجع من 5 في المئة في 2017 ليسجل انكماشاً في الوقت الحالي.

كيف تضغط توترات التجارة على ثقة الشركات؟ 

في غضون ذلك، تضغط توترات التجارة على ثقة الشركات، وتتسبب في خفض نمو الاستثمار من أربعة في المئة قبل عامين إلى واحد في المئة فقط. حيث أشارت المنظمة إلى أن هناك دلائل على أن المواجهة التجارية تؤثر سلباً في الاقتصاد الأميركي وتضر ببعض المنتجات المصنعة وتدفع المزارع إلى الإفلاس. 

ومن المنتظر أن ينمو الاقتصاد الأميركي وهو الأكبر في العالم بنسبة 2.4 في المئة خلال العام الحالي ثم يواصل تراجعه إلى مستوى 2 في المئة خلال العام المقبل، بدلاً من 2.8 في المئة و2.3 في المئة على الترتيب في توقعات المنظمة في مايو (أيار) الماضي. 

كما ستعاني الصين، إذ من المتوقع أن ينمو ثاني أكبر اقتصاد في العالم 6.1 في المئة في 2019 و5.7 في المئة في 2020، وهي التقديرات التي خفضتها المنظمة من 6.2 في المئة وستة في المئة في السابق. 

على صعيد الأزمة القائمة بين واشنطن وبكين، ذكرت صحيفة "ساوث تشاينا مورنينج بوست"، أن مستشاراً للرئيس الأميركي أكد أن دونالد ترمب مستعد لتصعيد الحرب التجارية مع الصين إذا لم يتوصل البلدان قريباً إلى اتفاق للتجارة. 

ونقلت الصحيفة عن مايكل بيلسبرج، وهو مستشار تجاري للرئيس الأميركي خارج الإدارة، قوله "هل لدى الرئيس خيارات لتصعيد الحرب التجارية؟ نعم، الرسوم الجمركية يمكن رفعها إلى مستويات أعلى. هذه رسوم جمركية عند مستوى منخفض يمكن رفعها إلى 50 في المئة أو 100 في المئة".

خبراء يحذرون من استمرار تراجع النمو في الصين 

في سياق متصل، حذّر محللون من أن النمو الاقتصادي في الصين قد ينزل عن الحد الأدنى لهدف بكين لعام 2019 والبالغ ستة في المئة في الربع الثالث من العام أو في العام المقبل، لكن خبراء الاقتصاد بالحكومة أكثر تفاؤلاً بقليل حيث يتوقعون أن يساهم التحفيز في تجنب تباطؤ أكثر حدة. 

ويرجح خبراء الاقتصاد مزيداً من التباطؤ للنمو الاقتصادي الصيني في الربع الحالي مقارنة بالفترة بين أبريل (نيسان) ويونيو (حزيران) التي سجل فيها النمو أضعف وتيرة في نحو 30 عاماً عند 6.2 في المئة. غير أنهم اختلفوا على استمرار اتجاه التباطؤ، على الرغم من مجموعة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة على صعيد السياسات. 

وتدهور النشاط الاقتصادي في أغسطس (آب) حيث سجل نمو الإنتاج الصناعي أقل مستوياته في 17 عاماً ونصف العام بعدما أثرت الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين سلباً في ثقة الشركات والاستثمارات والاستهلاك المحلي. 

ووفقاً لوكالة "رويترز"، قال تشاو بنغ شينغ الخبير الاقتصادي في "إيه.إن.زد" "هناك احتمال بنزول نمو الناتج المحلي الإجمالي عن ستة في المئة في الربع الثالث... لكننا نتوقع أن يشهد سبتمبر قفزة في استثمارات الأصول الثابتة إذ سيتم تأكيد كثير من المشروعات بمناسبة الذكرى السبعين لتظهر في الإحصاءات بنهاية الربع. لذلك نبقي على توقعاتنا بمعدل نمو 6.1 في المئة للربع الثالث".

تداعيات الرسوم الأميركية تظهر في مؤشرات صينية 

ويتوقع "يو.بي. إس" تباطؤ النمو الاقتصادي الصيني إلى 5.5 في المئة في عام 2020 مقارنة بستة في المئة في العام الحالي. وقال تاو وانغ الخبير الاقتصادي المعني بالصين في "يو.بي. إس"، أن النمو سيشهد مزيداً من التباطؤ في الربع الأخير من 2019 والربع الأول من 2020 بفعل تأثير زيادة الرسوم الجمركية الأميركية. 

وتستهدف بكين معدل نمو بين 6 و6.5 في المئة للعام الحالي، ويتوقع محللو الحكومة أن تسهم إجراءات التحفيز في تعزيز الاقتصاد. 

وقال تشانغ يو شيان رئيس إدارة التوقعات الاقتصادية بمركز المعلومات الحكومي "نتوقع أن يسجل النمو في الربع الثالث 6.1 في المئة قبل أن يتعافى بعض الشيء في الربع الأخير إلى 6.2 في المئة". 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف "هذه المجموعة من السياسات تشمل سياسات مالية ونقدية وهيكلية وسيظهر أثرها قطعاً في الربع الرابع وإلا ستكون هذه السياسات غير مجدية... هذا سيضمن نمو الاقتصاد بين 6.2 و6.3 في المئة في العام الحالي بما يتفق مع الهدف الذي حددته الحكومة". 

وتوقعت تشين ون لينغ، كبيرة الخبراء الاقتصاديين في المركز الصيني للتبادلات الاقتصادية الدولية، أن يسجل النمو نحو 6.2 في المئة للعام الحالي ونحو 6 في المئة للعام المقبل. 

وقال تشانغ يان شينغ، وهو خبير اقتصادي في المركز الصيني للتبادلات الاقتصادية الدولية، إنه لا يستطيع استبعاد احتمال انخفاض النمو الفصلي عن 6 في المئة مستقبلاً، لكنه لم يحدد إطاراً زمنياً.

الصين تفقد جزءاً كبيراً من صادراتها إلى السوق الأميركي 

وتشير البيانات الرسمية إلى تراجع صادرات الصين بنسبة 1.3 في المئة الشهر الماضي على مدى عام، بعد ارتفاع بنسبة 1.1 في المئة في مايو الماضي، على الرغم من فرض رسوم جمركية جديدة على منتجات صينية تصدّر إلى الولايات المتحدة. 

وفي الفترة نفسها واصلت الواردات انخفاضها بنسبة 7.3 في المئة على مدى عام، بما يفوق توقعات الخبراء الذين استطلعت آراءهم وكالة بلومبرغ التي جاءت توقعاتهم عند انخفاض بنسبة 4.6 في المئة. 

وعلى الرغم من أن الصين لا تزال أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة، وقد زادت صادراتها في العام الماضي بنسبة 7 في المئة، لكن صادراتها إلى الولايات المتحدة، انخفضت بنسبة 9 في المئة في الربع الأول من 2019، مما يدل على أن آثار الحرب التجارية بدأت تظهر.

هكذا هوت توقعات النمو العالمي حتى 2021 

كانت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية قد توقعت في تقرير سابق، أن تسهم التوترات التجارية الحالية في تباطؤ الاقتصاد العالمي لينمو بنسبة 3.2 في المئة خلال العام الحالي مقارنة بمعدل نمو 3.5 في المئة العام الماضي، على أن يعود الاقتصاد العالمي ليحقق معدل نمو 3.4 في المئة في العام المقبل. 

وذكرت أن استمرار العلاقات التجارية العالمية في التدهور سينخفض الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 0.7 في المئة في 2021. فيما قدر موقع "بيزنس إنسايدر" هذه النسبة بما يقرب من 600 مليار دولار. 

وذكرت المنظمة أن "التوقعات للاقتصاد العالمي لا تزال ضعيفة، وهناك العديد من المخاطر التي تلقي بظلالها عليه"، لافتة إلى أن توقعات النمو المتواضعة مشروطة بعدم تصاعد التوترات التجارية، التي تمتد عبر الأميركتين وآسيا وأوروبا. 

ووفق التقرير، فإن تجدد التوترات بين الولايات المتحدة والصين يمكن أن يزيل أكثر من 0.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي خلال العامين أو الثلاثة المقبلين. 

أضافت المنظمة "بالنظر إلى الأمام، لا تؤذي التوترات التجارية التوقعات المستقبلية للاقتصاد العالمي على المدى القصير فحسب، بل أيضاً تمتد إلى التوقعات المستقبلية على المدى المتوسط". ودعت الحكومات إلى اتخاذ إجراءات حكومية عاجلة لتنشيط النمو. 

وقالت إن الاقتصاد العالمي كان يتوسع بشكل متزامن منذ أقل من عامين، لكن التحديات التي تواجه العلاقات التجارية القائمة والنظام التجاري المتعدد الطرف القائم على القواعد، أخرج النمو العالمي عن طريقه، من خلال إثارة عدم اليقين الذي يحبط الاستثمار والتجارة. 

وتوقع التقرير أن يضعف نمو التجارة هذا العام إلى نحو 2 في المئة وهو أضعف معدل منذ الأزمة المالية العالمية، مشيراً إلى أن ضعف نمو التجارة تتوقف سرعته في حال استطاع نمو الإنتاج العالمي أن يرتد من وتيرته الحالية الضعيفة.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد