Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"موظفون فضائيون" في العراق... من أسباب عجز الموازنة

قلق بشأن قدرة الحكومة على دفع رواتب العام المقبل

رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي في الصين بزيارة تبني بغداد عليها طموحات اقتصادية كبيرة (المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء)

يحيط الغموض بحجم المخصصات المالية التي رصدها العراق لتمويل موازنة العام المقبل 2020، لتضارب الأنباء المتعلقة بقيمة العجز المالي المتوقع.

بدأت الإشارات المقلقة مطلع العام الحالي، عندما قادت وزارة المالية في الحكومة سلسلة اجتماعات، بحضور نواب في البرلمان وخبراء في مجالات اقتصادية مختلفة، لإعداد مشروع قانون موازنة العام المقبل، إذ تسرب أن قيمة العجز الذي تتضمنه كبيرة جداً.

تسريبات مقلقة

في المقابل، سرّب عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي جمال كوجر، جانباً من مضمون المناقشات، التي استضافتها الوزارة، إلى وسائل الإعلام، موضحاً أن موازنة العام المقبل، تقدر حجم النفقات العامة للدولة بنحو 120 مليار دولار خلال 2020.

وعلى الرغم من أن هذا الرقم كبير للغاية، إلا أن العراق اعتاد عليه، لا سيما خلال ما عرف بـ "أعوام الوفرة" في عهد حكومة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي بين 2010 و2014.

لكن الخبر المقلق بشأن موازنة 2020، يتعلق بأن نسبة العجز فيها تصل إلى نحو60  مليار دولار، ما يعني أن النفط، لن يوفر للعراق خلال العام المقبل، سوى نصف حاجاته المالية، ما قد يؤثر في أحد أكثر الملفات حساسية في البلاد، وهو ملف رواتب الموظفين الحكوميين.

الفضائيون

منذ العام 2003، تحول النفط إلى مصدر وحيد لتمويل موازنة الدولة سنويا، فيما تذهب معظم النفقات لتغطية رواتب الموظفين الحكوميين الذين تزداد أعدادهم سنوياً. وبسبب ريعية الاقتصاد العراقي، تعد رواتب الموظفين المحرك الرئيس للسوق في الداخل.

يقول النائب جمال كوجر، إن عجز الموازنة، ناجم في الأساس عن تضخم نفقات التشغيل المخصصة لتمويل رواتب الموظفين، محذراً من أن هذه الرواتب قد تكون في خطر العام المقبل، ما لم تتدخل الأجهزة المختصة.

ويشير إلى أن "هناك الكثير من الموظفين الفضائيين"، وهو لقب يطلق على أشخاص مسجلين في دوائر رسمية حكومية، ويتلقون رواتب شهرية، من دون أن يظهروا أو يعملوا. ويوضح أن "القضاء على الفضائيين، هو أحد طرق مواجهة عجز الموازنة".

صارحوا الناس بالحقيقة

وفي سياق متصل، يطالب النائب في البرلمان العراقي محمد إقبال، الحكومة بمصارحة الشعب العراقي بحقيقة الأوضاع في ما يتعلق بموازنة العام المقبل.

يقول إقبال، إن "صندوق النقد الدولي أشار قبل أشهر إلى الإسراف في صرفيات الحكومة ونبه إلى حدوث عجز مركب في موازنة 2020، فهل الحكومة جاهزة لتلافي الأزمة؟ بخاصة بعد عجز الدول المنتجة للنفط عن كبح زيادة الإمدادات وارتفاع المخزونات النفطية في السوق، والمؤشرات العالمية لانكماش النمو الاقتصادي". وأضاف أن "الشعب بحاجة إلى الصراحة".

نفي لوزارة المالية

وتؤكد وزارة المالية العراقية، أن "الأرقام التي تطرح في الإعلام حول نسبة العجز في الموازنة، سابقة لأوانها، ولا أساس لها من الصحة".

وأوردت الوزارة أن "العديد من المواقع الإعلامية تناقلت أخباراً وأرقاماً عن مبلغ العجز المتوقع في الموازنة لسنة"، مشيرة إلى أنها عقدت منذ مطلع العام 16 اجتماعاً لـ "مناقشة إستراتيجية إعداد الموازنة للأعوام المقبلة وبحضور اللجنة المالية في مجلس النواب العراقي وممثلين عن جميع الوزارات والهيئات والمحافظات وبأعلى المستويات".

وتابعت، أنها مستمرة "في الاجتماعات المباشرة اليومية مع الوزراء ورؤساء الهيئات والمحافظات ومديري الدوائر المالية في جميع مؤسسات الدولة من أجل إعداد مسودة موازنة تعتمد البرامج والأداء، وتتماشى مع البرنامج الحكومي".

وأشارت مصادر برلمانية إلى إن وزير المالية فؤاد حسين، استعان برئيس البرلمان محمد الحلبوسي بشأن ضبط تصريحات النواب العراقيين في وسائل الإعلام عن موازنة العام المقبل.

وتضيف المصادر أن الحلبوسي اجتمع بأعضاء اللجنة المالية، وطلب منهم منح وزارة المالية الفرصة الكاملة لإعداد المسودة النهائية لموازنة العام المقبل، قبل الشروع العلني في مناقشتها.

لاحقاً، وزعت محاسن حمدون عضو اللجنة المالية تصريحاً مكتوباً على وسائل الإعلام، ينص على أن "العجز الذي أشير إليه غير مثبت حتى لحظة كتابة هذه السطور ولم تطلع اللجنة على أي من تفاصيل موازنة 2020"، مشيرة إلى أن "النقاشات لا تزال مستمرة حالياً بين وزارة المالية وعدد من أعضاء اللجنة البرلمانية".

المخاوف قائمة

لم يهدّئ النفي الصادر عن الوزارة أو الإيضاح الذي وزعته اللجنة البرلمانية المخاوف من عجز الموازنة العامة عن تغطية رواتب الموظفين، لا سيما أنهما تجنبا تحديد أرقام واضحة.

يعتقد مراقبون، أن الأرقام المتداولة عن عجز الموازنة ربما مبالغ فيها كما أشارت الحكومة، لكن هذا لا يعني أن العجز سيكون قليلاً، وسط مخاوف من أن تصدق توقعات انكماش النمو، ما قد يؤدي إلى انخفاض أسعار النفط عالمياً.

المزيد من اقتصاد