Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المفاعل النووي... العالم يسقط جدار الخوف أمام الشعوب

شبح "تشيرنوبل" يفزع الجميع... وخبراء يؤكدون على ضرورة تنويع مصادر الطاقة ودور الإعلام في توضيح الحقائق وكشف الخرافات

السعودية ومصر والإمارات شغلت حيزاً مهماً في تقرير الأداء النووي السنوي الذي تم تدشينه ضمن فعاليات اجتماع الرابطة النووية العالمية (إندبندنت عربية)

يبدو أن القائمين على الطاقة النووية في العالم يخرجون عن صمتهم، ويتخلون عن سرية عملهم، ويتخذون خطوات بطيئة ولكن حثيثة ليطلوا على العالم، وليطل العالم عليهم، لعل سكان المعمورة ينبذون ثقافة الخوف، ويهدمون جدار الشك، وينظرون إلى الطاقة النووية بعين مفتوحة، وعقل واعٍ، وصدر يتمنونه رحباً.

رحابة الفعاليات النووية التي استضافتها العاصمة البريطانية قبل أيام تشير إلى أن الطاقة النووية أبعد ما تكون عن لفظ أنفاسها الأخيرة، وأن الدول التي تحوي القطاعات الأكبر والأنشط من الجماعات الخضراء هي نفسها التي تحوي القطاعات الأكبر من الصناعة النووية، وأن منطقة الشرق الأوسط تشغل حيزاً لا بأس به من مستقبل الطاقة النووية، وغيرها من الحقائق، تم الكشف عنها من خلال ورشة عمل مغلقة لعدد من إعلاميي دول إما مقبلة على الضلوع في الطاقة النووية، أو لديها مفاعلات حديثة نسبياً، بالإضافة لفعاليات الاجتماع السنوي لـ"الرابطة النووية العالمية"، الذي قلما عرفت أخباره طريقها إلى العالم العربي.

العالم العربي

العالم العربي جاء تمثيله صغير الحجم، لكن بالغ الأثر وعميق المغزى، لا سيما أن مصر والسعودية والإمارات شغلت حيزاً مهماً في تقرير الأداء النووي السنوي، الذي تم تدشينه ضمن فعاليات الاجتماع.

التقرير الذي يعد عرضاً سنوياً دقيقاً للأداء النووي السلمي في العالم أشار إلى نية السعودية بناء مفاعلين نوويين كبيرين، بالإضافة إلى عدد من المفاعلات الأصغر بغرض تحلية مياه البحر. وكانت السعودية قد طلبت الحصول على معلومات مفصلة في هذا الشأن من خمسة موردين في الصين وفرنسا وروسيا وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة الأميركية. وفي نوفمبر (تشرين ثاني) 2018، وقعت السعودية عقداً استشارياً مع إحدى الشركات الكبرى لتقدم خدماتها لـ"المشروع الوطني للطاقة الذرية".

وتخطط مصر لبناء أربع وحدات نووية في الضبعة، بعدما وقعت مصر وروسيا عقود بناء المفاعل النووي في ديسمبر (كانون أول) عام 2017. وفي أبريل (نيسان) الماضي، حصل موقع الضبعة على إذن الموافقة من قبل "هيئة الرقابة النووية والإشعاعية"، ما يعني أن البدء في التشييد بات وشيكا.

وعن مفاعل الإمارات النووي الأول، يشير التقرير إلى انتهاء العمل فيه في مارس (آذار) عام 2018، إلا أن بدء العمل فيه تم تأجيله إلى عام 2020 لحين الانتهاء من التدريب اللازم للمشغلين والحصول على الموافقات التنظيمية. وكانت وزارة الطاقة والصناعة الإماراتية قد أصدرت ترخيصاً يتيح توليد الطاقة من المفاعل في منطقة "بركة". وجارٍ إصدار رخص التشغيل للمشغلين الإماراتيين.

يشار إلى أن تركيا بدأت بناء المفاعل النووي الأول في أبريل (نيسان) عام 2018. وفي عام 2019، انتهت تركيا من مرحلة محورية ألا وهي تجهيز البناء الأسمنتي لقاعدة المفاعل، وهو واحد ضمن أربعة مفاعلات تنوي تركيا بناءها في منطقة آق قويو.

أداء 2018 النووي

التقرير يشير إلى أنه مع نهاية عام 2018، بلغت طاقة الـ449 مفاعلا نوويا الموجودة في العالم 397 غيغاوات كهربائية، أي بزيادة قدرها أربعة غيغاوات مقارنة بالعام 2017. وخلال العام 2018، تم إغلاق ثمانية مفاعلات، أربعة منها في اليابان. في الوقت نفسه، شهد العام المنصرم الموافقة على البدء في تشييد أربعة مفاعلات جديدة. أما الولايات المتحدة الأميركية فإن إنتاجها من الكهرباء المولدة من الطاقة النووية في عام 2018 هو الأعلى في تاريخها النووي.

وجاء في التقرير أن روسيا تستعد لتسيير مفاعل عائم وبدء تشغيله قبل نهاية العام الحالي. وقبل أيام، وصلت المحطة العائمة النووية إلى ميناء بيفيك في أقصى شرق روسيا، بعدما قطعت مسافة خمسة آلاف كيلومتر من القطب الشمالي. ومتوقع أن يتم ربطها بشبكة الكهرباء المحلية لتبدأ العالم قبل نهاية العام الجاري. وهي مصممة بهدف تزويد منصات ومنشآت إنتاج الوقود في المناطق النائية.

وبحسب المديرة العامة للرابطة الدكتورة أنيتا رايزينغ، "فإن المحطات النووية مستمرة في توليد الطاقة بشكل ممتاز. والنمو يسير بخطى ثابتة حيث يتوقع أن يتم توليد الكهرباء من نحو 20 محطة قبل نهاية 2020". وتضيف رايزينغ "أن على الصناعة النووية أن تبذل قدراً أكبر من الجهد من أجل الوصول إلى هدف (هارموني) الذي يهدف إلى تزويد العالم بـ25% من احتياجاته من الكهرباء قبل عام "2050.

يشار إلى أن مبادرة "هارموني" دشنها القائمون على الصناعة النووية في العالم في عام 2018.

سياسة نووية

الأحاديث الدائرة في الأروقة النووية بالغة التعقيد. تطغى عليها الجوانب العلمية وبالطبع الاقتصادية، لكنها لا تسلم من السياسة وأروقتها التي تعد دائماً وأبداً الوجه الآخر للصناعة النووية في العالم. تداخلات السياسة وموازين القوى وارتباط اسم "السلاح النووي" وما يؤججه من مخاوف بكل ما يتعلق بالطاقة النووية يحتم الكثير من الحذر والوعي.

موقع "فوربس" وصف قبل أشهر الطاقة النووية في الشرق الأوسط باعتبارها كرة قدم سياسية تتقاذفها الدول في المنطقة في ضوء الاحتكاكات والاحتقانات السياسية في المنطقة، وأن الأمر لا يرتبط بإيران أو إسرائيل فقط، لكن له صلة كبيرة بقطر وتركيا وتوازن القوى في المنطقة. وبغض النظر عن صحة هذا التحليل أو خطئه، يلاحظ ميل الغرب إلى فهم رغبة الدول العربية لامتلاك مصادر لتوليد الطاقة النووية دائماً في ضوء الصراعات والتفاخر بالقوى. ويتجاهل كثيرون حاجة دول المنطقة الفعلية إلى تنويع مصادر الطاقة، وهي الحاجة الموجودة والمعترف بها في الغرب منذ عقود، دون تلميح عن توازن قوى هنا أو إسقاط عن رغبة خفية في اقتناء سلاح نووي هناك.

لكن يبقى امتلاك الدول لقدرات الطاقة النووية مصدراً من مصادر القوة.

جانب من قوة الدول يرتكز على توفير مصادر مستمرة ومستديمة للطاقة، علماء وخبراء الطاقة يشيرون إلى أن الاستمرار والاستدامة لا يتحققان إلا عبر تنويع مصادر الطاقة.

تنويع مصادر الطاقة

تنويع مصادر الطاقة عبارة بالغة الأهمية في الملف النووي. القائمون على الصناعة يعون تماماً استحالة الاعتماد الكلي على الطاقة النووية كمصدر للطاقة (على الأقل لحين إشعار آخر). لكنهم يعون أيضاً أن الإفراط في الاعتماد على النفط أو الغاز الطبيعي فقط لأن كليهما إلى زوال. كما أن مصادر الطاقة المتجددة مثل الرياح والشمس لا يمكن الاعتماد على استمراريتها بحكم عوامل الطبيعة التي لا يمكن ضمانها.

العوامل الطبيعية لا تخضع للسيطرة، لكن العوامل الأمنية والتأمينية قابلة للسيطرة عبر المراقبة المستمرة. رئيس "معهد المراقبة النووية الجديد" والسياسي البريطاني والوزير السابق تيم يو يقول "إن أي نشاط نووي يستوجب تأسيس كيان منظم مراقب مستقل يتمتع باستقلالية كاملة. هذا الكيان يقدم نتاج مراقبته للبرلمان الذي يمثل الشعب، ومن ثم تجري عمليات التقويم والتصحيح أولاً بأول". يضيف، "هذا الكيان الرقابي المستقل أحد الضمانات المهمة التي تطمئن الشعوب فيما يختص بالنشاط النووي".

ويحيط بالأنشطة النووية كم هائل من ثقافة الخوف والشك. بعدما أفزعت حادثة "تشيرنوبل" الجميع. والقائمون على أمر الصناعة النووية يرون أن الإعلام وأنصار مصادر الطاقة الأخرى بالغوا مبالغة كبيرة في سرد آثار حادث تشيرنوبل. بل أن البعض يلمح إلى شبح مؤامرة فيما يختص بتوقيت مسلسل "تشيرنوبل" الذي تشاهده الملايين حول العالم، الذي يتزامن والإعلان عن عدد كبير من مشروعات المحطات النووية الكبرى في عدد من دول العالم.

وغاص القائمون على الصناعة النووية في دول العالم المشاركة في فعاليات لندن في عوامل التأمين المرتبطة بالمحطات النووية، لا سيما في ظل التقدم التكنولوجي الكبير في هذا المجال، وهو ما يقلص جوانب الخطر لأقل هامش ممكن. جلسات برمتها تم تخصيصها لتناول الحوادث النووية. وجهة النظر المتبناة تشير إلى ندرة الحوادث النووية، وقلة عدد الوفيات الناجمة عنها مقارنة بغيرها من محطات مصادر الطاقة الأخرى.

تشيرنوبل

جهود حثيثة تبذل للتأكيد على أن الغالبية العظمى من إصابات حادثي تشيرنوبل وفوكوتشيما لم تنتج عن التعرض للإشعاعات، ولكن لأسباب نفسية وعوامل اجتماعية واقتصادية، وأن جميعها جاء بسبب أفكار خاطئة ومخاوف خاصة بالإشعاع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أستاذ الفيزياء في جامعة أوكسفورد البروفسور وايد أليسون تحدث عن "الإشعاع والخوف"، وهو عنوان أحد أشهر كتبه. ويعتنق أليسون مبدأ التفكير العلمي لدحض أسباب الخوف، وفي هذه الحالة يتحدث عن ضرورة التفريق بين أخطار الإشعاع الحقيقية وتلك الناجمة عن ثقافة متوارثة من الخوف تجاه كل ما هو نووي.

"الحقائق والخرافات فيما يختص بالسياسات الجغرافية للطاقة"، هو العنوان الذي تحدث عنه المسؤول في شركة "ترانزيشونال ماركتس للاستشارات" فاديم مالكين، الذي تطرق إلى ما تفرضه المنافسات السياسية من هالات إعلامية أو نفسية قد لا تكون حقيقية أو دقيقة بالضرورة. يقول، "الحديث عن الأخطار المهولة الناجمة عن الطاقة النووية مادة سهلة التطويع والاستخدام في توجيه الرأي العام وصناعة توجهات بعينها. هذه التوجهات قد تخدم قطاعاً على حساب آخر، وقد تضر طرفاً لمصلحة طرف آخر. وتزيد هذه القدرة على التطويع في الموضوعات والعبارات والملفات التي يصعب تحديد معناها مثل: التبعية والتأثير وغيرهما. ويضيف مالكين أن الخوف البشري يصعب قياسه، ويسهل توجيهه ما يجعله أداة طيعة في أيادي البعض".

ويلخص مالكين وجهة نظره بقوله "إنه في حال وجود استراتيجية واضحة لتقليل الخطورة في مجال الطاقة النووية، فإنه لا مجال للحديث عن التبعية. أما الباقي كله فلا يخرج عن إطار كونه إشارات وتحركات سياسية".

تأمين المحطات

تأمين المحطات النووية نفسها من أبرز الجوانب التي تناولتها فعاليات لندن، لا سيما أن التقنيات الحيدثة وأتمتة الجانب الأكبر من المحطات النووية بات يضمن نسبة أمان غير مسبوقة ولا تترك مجالاً لأخطاء البشر.

أخطاء البشر، أو بالأحرى أهواؤهم التي تدفع البعض إلى تبني هدف السلاح النووي، كان لها نصيب من الحديث النووي. وهنا يظهر دور الرقابة الدولية الصارمة المتمثلة في الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

لكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية مهما بذلت من جهود رقابية وتصحيحية تظل غير قادرة على ضبط إيقاع القبول المجتمعي للطاقة النووية ومحطاتها. وعلى الرغم من المخاوف الشعبية الكبيرة من كلمة "نووي"، وتحركات الجماعات الصديقة للبيئة وأحزاب الخضر وجمعيات حقوقية عدة للتحذير من الطاقة النووية، فإنه يبدو أن القائمين على الصناعة النووية في العالم قد اتخذوا قراراً بانتهاج قدر أكبر من العلنية وتقريب وجهات النظر وشرح المخاوف وتفنيدها. ويعترف الكثيرون بأن الصناعة النووية لطالما آثرت السلامة والعمل في هدوء خلف أبواب المكاتب والمفاعلات المغلقة. لكن الوضع تغير، والمؤشرات تؤكد أن الفترة المقبلة ستشهد قدراً أكبر من التفاعل مع الإعلام والتواصل مع الرأي العام لأن السكوت على مدار سبعة عقود مضت أدى إلى فجوات وفراغات معلوماتية عدة، تم ملؤها بقدر غير قليل من المعلومات غير الدقيقة.

تغير المناخ

لم تكتف الصناعة النووية بالدخول على خط التواصل والاتصال، بل بادرت كذلك بالمشاركة في ملف المناخ الذي يشغل بال ملايين البشر حول العالم. نائب الرئيس التنفيذي لشركة "روس آتوم" الروسية كيريل كوماروف يقول في مقال له إن الطاقة النووية تحقق حلم تقليص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون إلى صفر. ويشير إلى ما يصفه بـ"التطور الإيجابي" حيث تحول العديد من الأفراد والمؤسسات والكيانات إلى تبني فكرة الطاقة النووية والدفاع عنها، وهو ما يعد تحركاً حميداً لدرء خطر الاحتباس الحراري وتغير المناخ.

يشار إلى أن "روس آتوم" ضالعة في تشييد ثلاث من بين خمس محطات نووية بدأ بناؤها في عام 2018.

ماذا عن "الضبعة" المصرية؟

حالة من الترقب الشعبي يختلط فيها الأمل بالخوف بالبحث عن المعلومات لدى عموم المصريين. فقد بدأت المعالم الأولية لمحطة الضبعة النووية في الاتضاح، ولم تعد المسألة مجرد توقيع اتفاقات أو اتفاق على مبادئ أو إجراء دراسات.

"اندبندنت عربية" التقت استشاري الطاقة والبيئة وعضو مجلس الطاقة العالمي دكتور مهندس ماهر عزيز، الذي أكد "أن موقع الضبعة الحالي هو الأفضل في مصر كلها لتشييد المحطة النووية. وقد خضع الموقع لدراسات علممية أربع مرات مختلفة خلال العقود الثلاثة الماضية، وفي كل مرة، كانت تخرج الدراسة لتؤكد أنه الأنسب والأفضل".

ويشير عزيز إلى "موضع الضبعة تحدد قبل سنوات طويلة، إلا أن تواتر الأحداث في مصر، ووقوع حادث تشيرنوبل الذي بالغ الإعلام العالمي والمحلي كثيراً في شرح آثاره أدت إلى التأجيل طيلة السنوات الماضية".

ويشير عزيز إلى "أن الطاقة النووية تعرضت لحرب ضارية بغرض التشويه من قبل أنصار الطاقة المتجددة". و رى "أن القائمين على أمر الطاقة المتجددة نسقوا عمليات لتشويه سمعة الطاقة النووية والفحم ترويجاً للطاقة المتجددة". يقول، "تتخفى الشركات الصانعة خلف واجهات مدنية مثل جماعات الخضر وغيرها لتضغط معنوياً من أجل منفعتها".

يضيف "أن الطاقة المتجددة على الرغم من انتشارها لكن أثبتت أنه لا يمكن الاعتماد عليها بشكل مستديم، فبدأت دولة عدة في العالم إما تعود إلى الطاقة النووية أو الفحم أو تنتهج مبدأ التنوع في مصادر الطاقة".

ويقول عزيز "أنه في خلال سنوات تشويه سمعة الطاقة النووية، اجتهدت الشركات والمعاهد البحثية إلى تطوير معايير الأمان النووي بالإضافة إلى التطور التكنولوجي الهائل".

وبالنسبة إلى مصر، فقد أدت أزمة الطاقة الهائلة التي  بدأت في أعقاب أحداث يناير (كانون الثاني) وعدم الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي إلى أزمات في مصادر الطاقة. يقول عزيز "إن 80% من الكهرباء كانت من الغاز الطبيعي، وهو ما تأثر كثيراً بسبب الأحداث. توقفنا عن السداد للشريك الأجنبي، فتوقف العمل والضخ والتنقيب. كان الوضع خراباً كاملاً".

ولأن النهج السليم حتى في أحوال توافر الطاقة هو التنويع في المصادر، وهو ما تنتهجه مصر حالياً، على الرغم من حقول الغاز الطبيعي الوفيرة التي تم اكتشافها، فإن خوض مضمار الطاقة النووية بات ضرورة. ويثني عزيز على إصرار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي رغم الانتقادات أن يمضي قدماً في ضمان تنويع مصادر الطاقة. وعلى الرغم من أن تكلفة إنشاء المحطة النووية مرتفعة (نحو 29 بليون دولار)، فإنه بدءاً من التشغيل الأول للمفاعل، سنبدأ في السداد.

وبدأ متوسط عمر المفاعل النووي قبل سبعة عقود بنحو 40 عاماً، ثم وصل 60 عاماً مع تطور العلم والبحث. وكما يشير الدكتور عزيز "أنه حالياً يمكن الوصول به إلى 80 عاماً بإخضاعه للتحديث بعد وصوله سن الـ60. والعقود المصرية الموقعة مع "روس آتوم" تنص على مد عمر المفاعلات إلى 80 عاماً، لا سيما أن مصر مرتبطة مع الشركة بعقد تصنيع وتشغيل وإعادة تأهيل".

ويؤكد عزيز أن أقصى معايير الأمان مطبقة في المحطة الجديدة، وأن الأتمتة لا تترك مجالاً للخطأ. وحتى المجالات التي يقوم فيها البشر بالعمل فيتم تأمينها عبر بعثات دراسية وعملية في روسيا تؤهل كل العاملين في كل المجالات للعمل بأقصى درجات المهنية.

الجدول الزمني يشير إلى أن المفاعل الأول سيبدأ العمل بين عامي 2025 و2026. وقد اختصرت مصر الفترة الزمنية حيث تم إصدار كل التراخيص المحلية والدولية التي تؤمن على سلامة الإجراءات على مدار السنوات الماضية منذ بدأت مصر تفكر في دخول مجال الطاقة النووية.

نجاح مصر في دخول مجال الطاقة النووية يعتمد كذلك على مدى القبول المجتمعي للفكرة، مع الاطمئنان إلى أمان التشغيل. وهنا يؤكد عزيز أن مصر لديها نحو 45 محطة حرارية، وأن تشغيل هذه المحطات ومعايير الأمان فيها تتطابق وتشغيل المفاعلات النووية، ما يعني أن لدينا الخبرة والقدرة على القيام بالمهمة.

من جهة أخرى، فإن الدراسات وقياسات الرأي العام أثبتت أن سكان المناطق المحيطة بالمحطة الجديدة أصبحوا على دراية ويقين بأن تشييد المحطة وبدء العمل فيها يعني انعكاس ذلك إيجاباً عليهم، سواء بفرص العمل أو إحياء المكان أو تحسن الأوضاع الاقتصادية والفرص التعليمية لا سيما وأن مدرسة الضبعة الفنية المتقدمة لتكنولوجيا الطاقة النووية قد فتحت أبوابه بالفعل لأبناء منطقة الضبعة.

وينفي عزيز المخاوف التي يعبر عنها البعض من أن قيم التكاسل أو عدم الإتقان التي يعانيها المجتمع قد تؤدي إلى حدوث كارثة في المحطة، حيث يشير إلى أن النظام التكنولوجي المعمول به في المحطة لا يسمح بأي أخطاء ولا يترك المجال لأي هفوات.

المزيد من فعاليات