Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

علماء يُنتِجون معدنًا قادرًا على إزالة التلوّث بغاز ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي

البحث لا يزال في مراحله الأولى، لكنه لقي ترحيبًا من العلماء باعتباره "خطوة كبرى إلى الأمام" في ما يتعلق بجهود تقليل مستويات الغازات الدفيئة والحد من ظاهرة تغيّر المناخ.  مراسل صحفي مختص بتغطية الاكتشافات العلمية جوش غاباتيس 

أحد أبناء الطوارق في مالي يراقب الغيوم بانتظار المطر (غيتي) 

استطاع العلماء إنتاج معدن قادر على امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي مختبريًا. يُعرف هذا المعدن باسم "كبريت المغنيسيوم" (Magnesite)، ومن المرجح أن يشكّل جزءًا من استراتيجية لمكافحة ظاهرة تغيّر المناخ.
 
نظرًا إلى أنَّ المعدن يعمل على تقليص المدة الزمنية المستغرقة في هذه العملية إلى أيام قليلة، بعدما كانت تستغرق آلاف الأعوام، من الممكن أن يؤدي هذا البحث إلى دعم مجال احتجاز الكربون وتخزينه (CCS)؛ وهو مجال سريع التطوّر. 

وبما أنَّ العالم كله يكافح في سبيل الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة الخارجة عن السيطرة، يتفق العلماء في ما بينهم على نطاق واسع على أنَّ التقنيات التي تعمل على امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون من الهواء سوف تكون أداةً أساسية لا غنى عنها للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري. 

كبريت المغنيسيوم هو صخر طبيعي يدخل في صناعة الحُليّ وفي بضع عمليات صناعية مختلفة، ولطالما كان العلماء على دراية بقدرته على تخزين الكربون. كل طن منه قادر على إزالة نصف طن تقريبًا من ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي. 
وفي حين أنَّ الدراسات السابقة بحثت إمكان تخزين الغازات الملوثة في التكوينات الصخرية تحت الأرض، فإن ما كان يعوق تنفيذ هذه الأنشطة هو طول الفترة الزمنية التي يستغرقها تكوّن المعادن الجديدة. 

شرح البروفيسور إيان باور، الأستاذ بجامعة ترينت الكندية الذي أشرّف على هذا البحث الجديد، ذلك قائلاً: "إنَّها عملية تمتدّ من مئات إلى آلاف الأعوام لكي تتم في الطبيعة، وتحدث تحت سطح الأرض". 

للتغلب على هذه المشكلة، حدد البروفيسور باور وفريقه البحثي العمليات التي يتشكّل بها كبريت المغنيسيوم طبيعيًا عند درجات الحرارة المنخفضة، ثم استعان بهذه المعلومات لتسريع عملية تبلور المعدن. 

 

يستخدم العلماء كريات البوليسترين المجهرية محفّزًا لتسريع التفاعلات الكيميائية المكوّنة لهذا الصخر، وهذا ما يقلل الوقت المستغرق في تكوينه إلى 72 يومًا فقط. 

فضلاً عن أنَّ العملية برمتها تتم بدرجة حرارة الغرفة؛ أي أنَّها تستهلك الطاقة بكفاءة شديدة. 

تعليقًا على ذلك، قال البروفيسور باور: "نحن ندرك أنَّها لا تزال عملية تجريبية بحتة في الوقت الحالي، ولا بد من تطويرها أولاً لكي نتأكد أنَّ كبريت المغنيسيوم يمكن أن يُستخدم فعلاً لاحتجاز الكربون (أي امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الهواء الجوي وتخزينه إلى الأبد في شكل صخور كبريت المغنيسيوم)". 

استطرد البروفيسور: "يتوقف ذلك على بضعة متغيرات، منها سعر الكربون وتحسين تكنولوجيا احتجازه، إلا أنَّنا أصبحنا نعرف الآن أنَّ العلم يجعله ممكنًا". 

قدّم العلماء هذه النتائج في إطار فعاليات مؤتمرغولدشميت للكيمياء الجيولوجية الذي عُقد في مدينة بوسطن الأميركية. 

من الناحية الأخرى، يلعب العديد من تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه دورًا بارزًا في الكثير من الخطط التي تسعى إلى تنفيذ المستهدفات التي حددتها اتفاقية باريس الدولية للمناخ من أجل تفادي التغيرات الكارثية في المناخ. 

مع ذلك، وصف عدد من العلماء البارزين التوقعات المفروضة عليهم أنَّها "مفرطة في التفاؤل" نظرًا إلى أنَّ الإجراءات غير جاهزة للصناعة بعد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن على الرغم من جميع هذه الشكوك، هناك قبول عام لفكرة أنَّه لا بد من تطوير هذه التقنيات بالتزامن مع تقليص معدلات انبعاثات الكربون. وقد لقي التطور في مجال تخزين الكربون الذي أعلنه البروفيسور باور وفريقه البحثي استحسانًا بالغًا لدى العلماء. 

قال البروفيسور بيتر كليمين، وهو خبير باحتجاز الكربون في جامعة كولومبيا لم يشارك في هذه الدراسة: "إنَّه لأمر شائق حقًا أنَّ هذه المجموعة من الباحثين قد توصّلت إلى آلية لبلورة كبريت المغنيسيوم الطبيعي بدرجات حرارة منخفضة، كما شاهدنا سابقًا من دون شرح في تعرية الصخور فوق المافية (وهي صخور غنية بالمغنيسيوم وفقيرة في السيليكون)". 

أضاف البروفيسور: "لا شك أنَّ لإمكانية تسريع العملية أيضًا أهمية بالغة؛ إذ من الممكن أن تشكّل طريقة قليلة الأخطار ومنخفضة التكاليف نسبيًا لتخزين الكربون، بل ربما لإزالة التلوث بغاز ثاني أكسيد الكربون من الهواء مباشرةً". 

أما د. غاريث جونسون، وهو خبير آخر من جامعة إدنبرة لم يشارك في البحث الجديد، فقد وافق غيره من العلماء في أنَّ هذا البحث "خطوة كبرى إلى الأمام". 

وقال: "كنّا نبحث إمكانية تخزين الكربون بالترسيب المعدني على مدى العقود الماضية بالفعل، لكننا كنّا في كثير من الأحيان نواجه عقبات مالية وأخرى متعلقة بالطاقة؛ كما هو الحال بالنسبة إلى احتجاز الكربون في محطات الطاقة أو بالنسبة إلى المصادر الصناعية والتخزين الجيولوجي المرتبط بها في الأحواض الرسوبية". 

ثم ختم البروفيسور جونسون: "نرحّب ترحيبًا شديدًا بالبحث الذي يوضّح وجود طريقة أقل كثافةً في استهلاك الطاقة وأقل تكلفةً من الترسيب المعدني لتخزين الكربون، وإنَّ كان من الواضح أنَّه لم يزل في مراحله المبكرة". 
 

© The Independent

المزيد من بيئة