تسود تخوفات جدية في تونس، من تكرار سيناريو الانتخابات الرئاسية وسقوط أحزاب العائلة الوسطية الحداثية، في مقابل سيطرة متوقعة للمستقلين وبخاصة الذين ينتمون إلى النهج الثوري الذي يسعى إلى تدمير الأحزاب التقليدية.
مراقبون كثر، وشباب صوّتوا ضد المنظومة القديمة في الانتخابات الرئاسية، بدوا واثقين أن زلزال 15 سبتمبر (أيلول) الجاري، ستكون له ارتدادات يوم 6 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وأن النتائج ستكون مشابهة لما سُجل في الانتخابات الرئاسية، وقبلها في الانتخابات البلدية المحلية.
"إنهزام مافيا السياسة"
وفي سياق متصل، يتوقع الوزير السابق والنائب عن حركة الشعب الدكتور سالم لبيض، أن "تنهزم مافيا السياسة والحكم في اليوم المنشود، سيهزمها الصدق والوطنية ونظافة اليد، بانتخاب برلمان وطني تتوافر في نوابه بعض المرجلة السياسية".
من جهتها، لم تخف ريم محجوب رئيسة الهيئة السياسية لحزب آفاق تونس ورئيسة قائمة حزبها في دائرة أريانة، شمال العاصمة، تخوفها من إمكانية تحقيق نجاح كبير لقائمات مستقلة وصفتها بأنها أكثر تشدداً من حزب النهضة الذي بدأ يتأقلم مع الأحزاب الحداثية والتقدمية، موضحة أن ائتلاف الكرامة الذي يقوده الشاب سيف الدين مخلوف الذي تحصل على قرابة 5 في المئة في الانتخابات الرئاسية وائتلاف الأمل الذي يقوده النائب الشاب ياسين العياري، الذي كان هزم النداء والنهضة مجتمعين، في الانتخابات التشريعية الجزئية التي اجريت بألمانيا قبل أكثر من سنة ونصف السنة.
شبان من الذين قادوا قيس سعيد إلى الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية، واصلوا حراكهم على وسائل التواصل الاجتماعي مهددين المنظومة "الفاسدة"، كما أطلقوا عليها بالسقوط والتفكيك.
الأحزاب الوسطية
وفِي مقابل ذلك، فإن الأحزاب الوسطية الكبرى "تحيا تونس" و "نداء تونس" و "البديل"، ما زالت تحت صدمة زلزال نتائج الانتخابات الرئاسية، ولم تقو نسق حملاتها الانتخابية ميدانياً.
وعلى رغم مرور أربعة أيام عن انطلاق حملة الانتخابات التشريعية، توقع كثير من المراقبين مبادرتها بالثأر من هزيمة الرئاسيات وإنقاذ ما يمكن إنقاذه بحصد أكبر ما يمكن من مقاعد البرلمان وعددها 217، لتأسيس كتل قوية وتكوين غالبية برلمانية والتحالف مع الأحزاب القريبة منها، تكون قادرة على الحكم والفوز بسلطتي البرلمان ورئاسة الحكومة باعتبار أن رئاسة الجمهورية ذهبت إلى الثوريين.
ويبدو أن خسارة منظومة الحكم التي جاءت بها انتخابات 2014 وفوز المستقلين لم يكن جديداً على التونسيين الذين ثاروا عليها في الانتخابات المحلية (البلديات)، وانتخبوا مجالس غير متجانسة، ما أدى إلى حل عدد منها وتنظيم انتخابات جزئية، ما قد يتكرر مع البرلمان المقبل، الذي تؤكد النتائج أنه سيكون بمثابة الفسيفساء بين أحزاب متنافرة وشخصيات مستقلة من مشارب فكرية متعددة يصعب معها تكوين غالبية حاكمة، ما قد يهدد استقرار البرلمان كصاحب سلطة أولى.