ملخص
المستثمرون، أفراداً ومؤسسات، يسحبون عشرات المليارات من صناديق الاستثمار في بريطانية خاصة من صناديق الاستثمار في الأسهم
مع أن هرب الأموال من الأسهم والأصول البريطانية مستمر، ولو بصورة بطيئة، إلا أن المحللين في السوق يرون أن هذا التوجه لا نهاية له في الأفق. وشهدت السوق البريطانية عموماً هرباً للأموال بالمليارات سنوياً إلى خارج البلاد لأسباب متعددة، منها الزيادة في حالة البلد بعد "بريكست" وعدم إنجاز الحكومة البريطانية ما وعدت به من إصلاحات في القوانين والقواعد المنظمة لعمل سوق المال والاستثمار، إضافة إلى وضع الاقتصاد البريطاني بصورة عامة، والذي شهد على مدى الأعوام القليلة الأخيرة أسوأ أداء ضمن مجموعة الدول الصناعية الكبرى.
وضمن انسياب رأس المال إلى خارج بريطانيا يلاحظ أن خروج رأس المال من صناديق الاستثمار في الأسهم هو الأكبر، وذلك ضمن انسحاب عام من قبل المستثمرين الأفراد من الأسهم البريطانية ونقل أموالهم إلى أسواق أسهم أخرى مثل "وول ستريت"، وحتى بعض الأسواق الأوروبية وفي الأسواق الصاعدة.
وبحسب بيانات وأرقام من بنك "غولدمان ساكس" الاستثماري هذا الأسبوع فإن الصناديق المتخصصة بالاستثمار في الأسهم البريطانية شهدت نزوح أموال بقيمة 5.1 مليار جنيه استرليني (6.5 مليار دولار) منذ نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي حتى مطلع شهر أبريل (نيسان) الجاري، وذلك توجه مستمر منذ عام 2021 مع التراجع المطرد في سوق لندن للأوراق المالية نتيجة افتقارها لإضافة شركات جديدة على مؤشراتها وإلغاء بعض الشركات تسجيلها في لندن واختيار التسجيل في نيويورك وغيرها.
سحب المليارات من استثمارات الأسهم
في الشهر قبل الماضي ذكر تقرير لوكالة "رويترز" أن المستثمرين البريطانيين في الأسهم والأوراق المالية لم يتوقفوا عن ضخ الأموال في الأسهم، وأن هناك زيادة في الاستثمار بصورة عامة، لكن ليس في الأوراق المالية البريطانية. وتشير البيانات من شبكة صديق الاستثمار "كالاستون" إلى أنه منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023 تتراجع الاستثمارات عموماً، واستثمارات الصناديق، خصوصاً في الأسهم البريطانية. وبحسب بيانات الرابطة، فقد سحب المستثمرون في السهم 8 مليارات جنيه استرليني (10 مليار دولار) من الأسهم البريطانية العام الماضي، بعدما سحبوا أيضاً مبلغاً مماثلاً في العام السابق 2022.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعلى رغم استمرار ارتفاع مؤشرات الأسهم بصورة كبيرة في غالب الأسواق الكبرى حول العالم، فإن الأسهم البريطانية لا تجد من يستثمر فيها، كما يقول رئيس قسم الأسواق العالمية في "كالاستون" إدوارد غلين. ويضيف، "يبدو أن تقدير تراجع وتدهور سوق الأوراق المالية البريطانية راسخ في أذهان المستثمرين. فالأسهم البريطانية رخيصة وعن مستوى متدن عالمياً وتاريخياً، لكن لا يوجد مشترون لها". لذا تجد هناك دعوات من بعض المستثمرين لاغتنام فرصة انخفاض قيمة الأصول في السوق البريطانية وتنويع استثماراتهم بإضافة "أصول غير مغرية" إلى محافظهم. وفي مقابلة مع تلفزيون "بلومبيرغ"، قال الرئيس التنفيذي لشركة "ناينتي وان" لإدارة الاستثمار هندريك دو توا إن رأس المال أصبح مركزاً في مناطق معينة نتيجة الاهتمام العالمي بها، وإن "ذلك يمكن أن يكون مشكلة"، وإن على المستثمر الذكي تنويع الأصول لديه. وأضاف أن الأسهم والأصول المالية البريطانية رخيصة جداً حالياً ما يجعلها مناسبة لتنويع محافظ الاستثمار في الأسهم.
وأصدرت رابطة الاستثمار في بريطانيا الشهر الماضي تحديثاً لبيانات وأرقام الاستثمار بصورة عامة، ومن بينها الاستثمار في الأسهم. ووصف تقرير الرابطة وضع قطاع الاستثمار في بريطانيا بأنه يشهد "عصراً مظلماً" مع سحب المستثمرين ما يصل إلى 108 مليارات جنيه استرليني (137 مليار دولار) من الصناديق خلال عامين.
هرب من صناديق الاستثمار
في تفصيل بيانات الرابطة المنشورة قبل شهر شهدت صناديق الاستثمار في الأسهم البريطانية أسوأ عام لها على الإطلاق في 2023 مع سحب المستثمرين 13.6 مليار جنيه استرليني (17 مليار دولار) من استثمارات التجزئة، وذلك ضمن خروج رأس المال من الصناديق النشطة في العام الماضي الذي بلغ 38.1 مليار جنيه استرليني (48 مليار دولار).
يقول محلل الاستثمار في شركة "أي جيه بل" ليث خلف، "تمر صناديق الاستثمار في بريطانيا بأحلك فترة لها على الإطلاق. فقد سحب المستثمرون الأفراد (التجزئة) خلال عامين 51 مليار جنيه استرليني (64.5 مليار دولار) من صناديق الاستثمار في بريطانيا. وإذا أضفنا ما سحبه المستثمرون المؤسساتيون من تلك الصناديق خلال العامين يصل الرقم إلى 108 مليارات جنيه استرليني (137 مليار دولار). ومعدلات السحب من الصناديق بهذه الصورة غير مسبوقة على الإطلاق. فحتى خلال الأزمة المالية في 2008 لم تشهد الصناديق سحب استثمارات بهذه الصورة".
وهناك أسباب عدة لزيادة معدلات خروج الأموال من الصناديق، بخاصة من قبل مستثمري التجزئة. ويضيف خلف، "من أسباب سحب المستثمرين أموالهم من صناديق الاستثمار ارتفاع كلفة المعيشة ما يعني اعتماد الناس على مدخراتهم لتلبية حاجات الإنفاق على متطلبات الحياة اليومية. كما أن أسعار الفائدة المرتفعة تجعل السيولة أكثر إغراءً، إذ يحول الأفراد مدخراتهم من صناديق الاستثمار إلى أوعية مصرفية توفر لهم عائداً أكبر نتيجة الفائدة المرتفعة".
ربما يكون هرب رؤوس الأموال من صناديق الاستثمار بصورة عامة متعلقاً بدورة أسعار الفائدة والتضخم، إلا أن نزف صناديق الاستثمار في الأسهم يرجع أساساً إلى التدهور في بورصة لندن وتراجع أدائها مقارنة مع غيرها من أسواق الأوراق المالية الكبرى.