Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الآسايي" ذهب الأمازون الأسود يلمع في عيون العرب

تنمو ثماره وسط الغابات وتمثل 87.5 في المئة من مجموع أشجار البرازيل

يجري استغلال الأطفال في قطف ثمار الآسايي (اندبندنت عربية)

ملخص

كانت دبي أول وجهة عربية حطت فيها فاكهة الآسايي الأمازونية، وفي الإمارات بشكل عام يسوق برازيليون مقيمون هناك تلك الفاكهة حيث يصلون بسهولة إلى المستهلك.

من دبي إلى بومباي ومن القاهرة إلى شانغهاي ومدن كثيرة أخرى توجد محلات لبيع منتجات الآسايي الآتية من الأمازون والتي تعني للبرازيل عائدات بملايين الدولارات سنوياً.

ظلت ثمرة الآسايي على مر العصور غذاء طبيعياً لسكان منطقة الأمازون الأصليين من الهنود الحمر والمجتمعات التي تعيش على ضفاف الأنهار حتى بدأ الباحثون اكتشاف مزاياها الغذائية فتحولت فجأة إلى صناعة تدر الأموال على آلاف المستثمرين.

من غذاء للهنود إلى فاكهة للمرفهين

في عام 2017 بدأت إحدى الشركات الواقعة في مقاطعة "كاستانيال" بولاية بارا شمال البرازيل، شراء الآسايي من التعاونيات والجمعيات الواقعة على ضفاف الأنهار وتحويل الفاكهة للمرة الأولى إلى منتجات لبيعها في البلاد وحول العالم.

وبالفعل بدأ التصدير في السنوات الأولى من تأسيس الشركة إلى الولايات المتحدة التي تعد لحد الساعة المستورد الأول للمادة، كما توجد العلامة التجارية حالياً في جميع الولايات البرازيلية تقريباً، وتصدر منتجات متنوعة إلى 16 دولة، بما في ذلك الإمارات وأستراليا وفرنسا وألمانيا وإسبانيا وبلجيكا والإكوادور وتشيلي.

وأجرت الشركة أيضاً مفاوضات لبدء خدمة المشترين من السعودية وقطر حتى باتت سوقاً متنامية، فيما يبحث العرب عن المنتج أكثر من غيرهم لكونه صحياً ونباتياً وخالياً من الغلوتين.

وأكدت الغرفة التجارية العربية- البرازيلية لـ"اندبندنت عربية"، "أن شركات التصدير تستهدف الأسواق العربية أكثر من غيرها على رغم الارتفاع النسبي لسعر فاكهة الآسايي لأن الأمر لا يمثل مشكلة نظراً إلى المستوى المعيشي للجمهور العربي بخاصة في دول الخليج التي يرتفع فيها مستوى الدخل الفردي مقارنة مع بلدان أخرى".

كانت دبي أول وجهة عربية حطت فيها فاكهة الآسايي الأمازونية، ففي الإمارات مثلاً، يسوق برازيليون مقيمون هناك الآسايي حيث يصلون بسهولة إلى المستهلك.

ومن بينهم شركة "الآسايي سبوت"، وهي سلسلة من نقاط البيع المتخصصة في الآسايي والمنتشرة حالياً في دبي ودول عربية وآسيوية أخرى. وارتفعت كمية الفاكهة المصدرة إلى الإمارات من 19 طناً في عام 2020 إلى نحو 100 طن في عام 2022.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقدرت زيادة المبيعات لعام 2023 "50 في المئة" مقارنة بالسنة السابقة لها. وإضافة إلى المنتج الرئيس للشركة، وهو الآسايي المجمد على شكل مكعبات، يتم أيضاً بيع فواكه مجمدة أخرى، مثل الكرز الهندي وكوبواسو وبيتايا والجوافة وكلها فواكه أمازونية يضاف إليها "السوربات" وهو نوع من الآيس كريم من دون حليب مضاف مصنوع من الآسايي والموز، و"الآسايي والغوارانا والفراولة".

وتوزع الشركة المنتجات على 200 عميل في دول مثل الكويت والبحرين والعراق والمجر، ولديها خطط للوصول قريباً إلى مصر والهند وموريشيوس.

وبما أن فصول الشتاء أقل قسوة في هذه الدول، فإن المنتجات البرازيلية من الآسايي تباع على مدار العام للعرب. وفي الفترة من أغسطس (آب) إلى ديسمبر (كانون الأول) من كل عام، تحصد العائلات الواقعة على ضفاف الأنهر الآسايي.

وتعتني تلك العائلات أيضاً بمنطقة الزراعة وتنظفها لإبقاء المساحة جاهزة للحصاد، وخلال هذه الفترة تشتري الشركات المنتجات وتعالجها وتصنعها وتعيد بيعها في البرازيل وخارجها.

عمالة الأطفال

وفي جميع مدن البرازيل تنتشر محال الآسايي ما يعني المزيد من الوظائف والأرباح لكن استخراج ذهب الأمازون الأسود يخفي وراءه الكثير من الفقر والبؤس والاستغلال وحتى عمالة الأطفال.

من الشجرة وحتى مائدة المستهلك تمر الآسايي بعدة مراحل تجسد الفوارق الرهيبة بين أعضاء سلسلة تبدأ بعمال القطف الذين يتسلقون الأشجار مروراً بالباعة المحليين الذين يشترون من القطاف ويجمعون الفاكهة على ضفاف الأنهر والناقلين عبر أنهار الأمازون في قوارب صغيرة وخطرة وتجار الجملة الذين يزودون المصانع وانتهاء بالمصدرين.

 

 

زارت "اندبندنت عربية" جزيرة "كوتيجوبا" القريبة من مدينة "بيليم" عاصمة ولاية "بارا" في شمال البرازيل وهي إحدى الجزر التي تنتج كميات كبيرة من الآسايي، حيث يتم الوصول إلى الجزيرة عبر مراكب صغيرة وتستمر الرحلة 45 دقيقة. وهذه المراكب ذاتها تستخدم لنقل الآسايي ليلاً من الجزيرة إلى أسواق المدينة.

وهناك جزر أخرى تبلغ مئات الكيلومترات عن "بيليم" وتزود سوقها أيضاً بالآسايي في رحلات تتسم بقدر كبير من الخطورة بسبب أحوال الطقس المضطربة وهشاشة المركبات وزيادة الحمولة، وهي أمور أدت في حالات كثيرة إلى حوادث مأسوية.

عمل شاق وخطر

وصلنا إلى الجزيرة لمعاينة عمليات قطف الآسايي، إذ يتولى عمال الحقول مسؤولية تحديد واختيار الأشجار الناضجة لحصادها، ويجب أن يكونوا بحكم التجربة على دراية تامة بخصائص أشجار الآسايي وأن يعرفوا كيفية تحديد متى تكون عناقيدها جاهزة للحصاد ويكونوا عادة من السكان المحليين.

ويجب أن تكون عملية الحصاد سريعة بحيث يختار سكان ضفاف الأنهر يوماً واحداً لتلك العملية يمشون خلاله مسافات طويلة يقطعونها في مدة قد تصل ثلاث ساعات داخل الغابات بحثاً عن الأشجار المليئة بالعراجين، ثم يتسلقونها ويزيلون الفاكهة لتخزينها بعيداً من الحرارة لمدة ينبغي ألا تتجاوز 24 ساعة قبل التوزيع.

يعيش فرناندو الذي يبلغ من العمر 37 سنة وسط الجزيرة في بيت متهالك ورثه عن أبيه الذي عاش عمره كله في تسلق أشجار الآسايي وجني ثماره لمصلحة كبار تجار الفاكهة.

يقول فرناندو إنه فقد والده قبل ثلاث سنوات في حادثة عندما اختل توازنه وسقط من أعلى شجرة حين كان يقطف ثمار الآسايي وتوفي بعد أن تعذر نقله على الفور إلى المدينة بسبب عدم وجود قارب يقله على جناح السرعة.

لكن ذلك لم يثن فرناندو عن مواصلة العمل في المهنة التي ورثها أباً عن جد وتشكل مصدر دخله الوحيد الذي يعيل منه أسرته البالغ عدد أفرادها خمسة أشخاص.

 

 

رافقنا فرناندو واثنين من أبنائه في عملية الحصاد وشاهدنا كيف يخاطر بحياته هو وابناه البالغ أكبرهما 12 سنة بينما لا يتجاوز الثاني 8 سنوات متسلقين أشجار الآسايي الضخمة التي يصل ارتفاعها أحياناً ما يعادل بناية من خمسة طوابق.

انتهت مهمة الحصاد بسلام وعدنا إلى بيت فرناندو وهو يحمل معه ثلاث سلال تحتوي كل منها على ستة كيلوغرامات من الفاكهة، هي كل ما جناه هو وابناه من تلك الرحلة الشاقة التي تسلقوا خلالها 30 شجرة لتتولى زوجته تنظيف الحبوب وغليها في الماء قبل طحنها وتحضير وجبة العشاء للأسرة وحفظ ما تبقى في انتظار أن يأتي من يشتريه من الوسطاء، وهم العمال الذين يتاجرون بالآسايي وينقلونه إلى الأسواق ليبيعوه بدورهم إلى من يعرفون محلياً "بالضاربين"، وهم الذين يحولون الفاكهة إلى مشروب قبل أن يبيعوها للتجار والمصدرين.

مساءلات قانونية

تعد البرازيل أكبر منتج للآسايي ومشتقاته في العالم، وتضاعف إنتاجها خلال السنوات العشر الماضية. ووفقاً لبيانات المعهد البرازيلي للجغرافيا والإحصاء، بلغ إنتاج الآسايي في البلاد، خلال السنة الماضية، ثلاثة ملايين طن ما عاد على البلد بما يقارب 1.5 مليار دولار أميركي.

وعلى رغم هذه المداخيل الضخمة من العملة الصعبة فإن الطريقة التي يتم بها إنتاج الآسايي تثير الكثير من التساؤلات حول الجوانب الأخلاقية والأطر القانونية التي تحيط بصناعته.

وتقول المنظمات الحقوقية إن كون فترة حصاد الآسايي تنحصر في ستة أشهر فقط من السنة يجعل العاملين فيه يضطرون إلى البقاء نصف العام من دون عمل ما يجبرهم على القبول أثناء حملة الحصاد بالعمل بشكل مضاعف لأصحاب الأراضي لتلقي الأجر نفسه.

 

 

ويقول روملو ماشادو وهو مفتش شغل "إن أصحاب الأراضي حين يتعاقدون مع أحد عمال الحصاد بمبلغ زهيد فهم يدركون في الحقيقة أنهم سيستغلون أسرة بأكملها بما فيها الأطفال، لأن جميع أفراد الأسرة سيشاركون الأب في عمله. ويضيف أن هذه الوضعية خطرة جداً لكونها تحرم الأطفال من الذهاب إلى الدراسة.

وتطالب المنظمات الحقوقية بفرض المزيد من الرقابة على أصحاب الأراضي وإخضاعهم للقانون وإجراء تعديلات تشريعية تنظم هذا النشاط بحيث يكون مصدراً للتشغيل المقنن بدل الاستغلال للأطفال والمحتاجين.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات