Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بطء تفكيك دولة "الإنقاذ" يثير حفيظة الشارع السوداني

يبرر وزراء الحكومة تأخرهم في إقالة موظفين في إدارتهم بالصلاحيات المحدودة التي منحتها لهم الوثيقة الدستورية

مسيرة احتجاجية في العاصمة السودانية الخرطوم في 12 سبتمبر (أ.ف.ب)

أثار بطء اتخاذ وزراء حكومة رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك القرارات الخاصة بإبعاد قادة الخدمة المدنية المحسوبين على نظام الرئيس السابق عمر البشير، الذي أطاحته الثورة الشعبية في 11 أبريل (نيسان) الماضي، حفيظة الشارع السوداني الذي أشعل مواقع التواصل الاجتماعي خلال اليومين الماضيين بالمطالبة بتنفيذ شعارات الثورة المتمثلة في تفكيك دولة الإنقاذ (النظام السابق)، في الوقت الذي ألقى الوزراء اللوم على الوثيقة الدستورية كونها حدّت من سلطاتهم في فصل قيادات الخدمة المدنية وتعيينهم.

طلبات الثورة

يوضح المحامي والقيادي في قوى الحرية والتغيير المعز حضرة "لا أعتقد أن الخلل في الوثيقة الدستورية على الرغم من الضعف البائن في كثير من بنودها، لكن من يطلع عليها جيداً يتوصل إلى الحقيقة المجردة وهي أنه باستطاعة أي وزير أو مسؤول أن يقوم باتخاذ القرارات التي من شأنها أن تعينه في أداء مهامه وتهيّء له البيئة المناسبة. فهي تشير بوضوح إلى تفكيك دولة النظام السابق ومحاسبة كل من قصر وتجاوز في حق الوطن".

ويضيف "في رأيي، يعاب على هؤلاء الوزراء أنهم ليسوا سياسيين ويتعاملون مع هذه القضية المهمة كموظفين، لذلك كنت أتمنى أن توكل هذه المرحلة إلى وزراء سياسيين مهمومين بروح الثورة حتى يستطيعوا تنفيذ طلبات الثورة وشعاراتها المحددة من دون تباطؤ أو تراجع".

وعن مبررات وزير الثقافة والإعلام فيصل محمد صالح وقوله إنه ليست لديه صلاحيات الفصل الوظيفي للقيادات المحسوبة على النظام السابق، يقول حضرة "أعتقد أنه يمكن أن يكون له مخرج قانوني بأن يقوم بإيقاف أي من القيادات عن العمل على ضوء واقعة محددة وتقديمه لمجلس محاسبة وهكذا". ويشير إلى أن المشكلة تكمن في أن معظم وزراء هذه الحكومة من التكنوقراط وغالباً ما يكون اهتمامهم والتزامهم بتطبيق القانون بصرامة متناسين بأنهم يتعاملون مع عناصر في غاية من الخطورة على دائرة مسؤولياتهم. ويضيف "في الحقيقة، الوثيقة الدستورية لم تقيدهم ولم تمنعهم من ممارسة صلاحياتهم بل بإمكانهم فعل الكثير. كما أن المبررات التي أشاروا إليها ليست في مكانها، ومع ذلك لا يزال لديهم الوقت الكافي لتصحيح أخطائهم واتخاذ القرارات المطلوبة لمصلحة الثورة".

في السياق نفسه، يقول المحامي نبيل أديب إن ما يدور من لغط حول بطء وزراء الحكومة الانتقالية في اتخاذ القرارات الحاسمة ضد قيادات وعناصر النظام السابق أخذ أكثر من حجمه كونه في غاية من السهولة والبساطة، باعتبار أن المسؤولية تضامنية في مجلس الوزراء، بمعنى أنه بإمكان الوزير المختص رفع توصية إلى رئيس الوزراء حول أي قرار يريد اتخاذه، مبيناً أنه عند صوغ الوثيقة الدستورية كان هناك رأيان بشأن هذه المسألة، بين أن تكون صلاحية إعفاء قادة الخدمة المدنية وتعيينهم بيد رئيس الوزراء أو بيد مجلس الوزراء وليس الوزراء أنفسهم.

الفصل والتعيين

ويقول المستشار القانوني سيف الدولة حمدنا الله "لا يصح الهجوم على الوزراء، خصوصاً وزير الثقافة والإعلام لأنه صرح بأنه لا يمتلك سلطة إعفاء مدير التلفزيون، والصحيح أن يتوجه الهجوم إلى الوثيقة الدستورية التي خطتها قيادة الثورة بقلمها وجعلت سلطة إعفاء قادة الخدمة المدنية وتعيينهم من سلطة مجلس الوزراء، لا سلطة كل وزير في وزارته".

ويوضح أن "النص في الوثيقة الدستورية حول هذا الموضوع جاء في سطر واحد، نقلت فيه سلطات رئيس الجمهورية في التعيين والعزل إلى مجلس الوزراء، وهي السلطة التي كان يمارسها البشير بغير حساب. وكان يفترض أن تنتقل هذه السلطة إلى الوزراء ليتمكنوا من إزاحة أعضاء النظام السابق وأعداء الثورة، الذين لا يزالون يسيطرون على مفاصل أجهزة الدولة، فوزراء الثورة ليسوا أقل مسؤولية من رئيس الوزراء للقيام بهذه المهمة، بل هم الأجدر بمعرفة ما يدور في وزاراتهم".

وقال وزير الثقافة والإعلام إنه "في الأيام الأولى للثورة كان ممكناً القيام بأعمال كثيرة بمنطق الثورة فقط، بلا انتظار لصدور قانون أو مرجعية دستورية، لكن هذا لم يحدث، ولم يتم استخدام الشرعية الثورية في حدها الأقصى".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف "نتج من التفاوض بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير الاتفاق السياسي والمسيرة الدستورية التي تم التوقيع عليها في يوم مشهود، وبالتالي صارت المرجعية هي الاتفاق والوثيقة الدستورية، لذلك يصعب علي أن أسمع أو أقرأ لشخص أيد الاتفاق والوثيقة وقيام المؤسسات على أساسها، أن يقول إنه يجب علينا عدم الالتزام بالوثائق والاتفاق واستخدام الشرعية الثورية في فرض ما نريد، والحقيقة أن ذلك الطريق لا يحتاج لاستئذان أحد"، مؤكداً أن الوثيقة الدستورية صارت المرجعية لكنها لم تلغ القوانين بشكل آلي، إنما يحتاج الأمر إلى تعديل القوانين أو إلغائها. ولذلك يتعين على الحكومة الالتزام بالوثيقة الدستورية والقوانين حتى تقوم بتغييرها أو تعديلها.

وأضاف صالح "من بين ذلك سياسات الإعلام وقوانينه، والحقيقة أن الإعلام يحتاج لتغييرات كبيرة، في السياسات والهياكل والمنهج، وكذلك بالضرورة في القيادات، حتى تأتي قيادات تتمتع بالكفاءة والمهنية، وتملك الخبرة والطموح والرغبة في التغيير لخلق إعلام يواكب العصر ويسهم في تحقيق أهداف الثورة"، لافتاً إلى أن القوانين القديمة، ومن بينها قانون الهيئة العامة للإذاعة والتليفزيون، تجعل تبعيته لرئيس الجمهورية، وهو الذي يملك صلاحيات تعيين قيادات الأجهزة وإعفائهم.

وسأل "هل يعني هذا أن الحكومة ووزراءها بلا صلاحيات ولا يستطيعون فعل شيء وتغيير القيادات وتثوير المؤسسات والهيئات؟ بالتأكيد لا، لم أقل أنا ولا غيري من الوزراء هذا، كل ما قلناه أن التغيير والتجديد لهما طريق واحدة، وهي تقديم توصية إلى رئيس الوزراء مع مذكرة تشرح الأمر وقطعاً سيستجيب رئيس الوزراء للوزير المعني. ومن الممكن خلال أسبوعين فقط أن نرى تغييرات في كل الأجهزة والمؤسسات والوزارات".

عمليات إبعاد

والجدير ذكره أن حكومة الرئيس السابق عمر البشير عندما تسلمت الحكم عبر انقلاب عسكري عام 1989، أعلنت من دون تردد سياسة التمكين، وأبعدت كل العناصر التي لا تواليها لتحل محلها العناصر الموالية أولاً، وإن كان على حساب التأهيل والكفاءة. وهو ما أثار آنذاك جدلاً واسعاً وسط المجتمع السوداني.

ووفق مراقبين ومتخصصين في هذا المجال، أبعد حوالى 98 ألف موظف خلال السنوات الأربع الأولى من عمر حكومة البشير لأسباب سياسية أو لاختلاف في الرأي.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي