Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأسواق الشعبية التونسية... للفقير والعاطل والسياسي

تلعب دوراً مهماً في تحفيز الاقتصاد عبر خلق فرص عمل وتشجيع الإنتاج ولكنها أيضاً تمثل ملاذاً للمتهربين من الضرائب

توفر بيئة مناسبة لتبادل السلع والخدمات بين مختلف الأطراف، بما في ذلك المنتجون والمستهلكون والحرفيون والتجار (اندبندنت عربية)

ملخص

في كل مدينة أو ريف في تونس يخصص يوم من الأسبوع لفتح الأسواق، وعادة ما تسمى باسم اليوم على غرار "سوق الأحد" و"سوق الثلاثاء" و"سوق الخميس"، وتعرض في هذه الأسواق كل السلع التي تخطر على البال من مواد محلية وأجنبية وحتى مهربة.

إنه المكان الذي تعرف فيه أخبار حيّك أو محافظتك بكل تفاصيلها، حيث يجتمع الكل بمختلف فئاتهم الاجتماعية والعمرية، وهو الذي يهرع إليه من يريد الترويج لنشاط أو تسويق خدمة ما، وأيضاً ملجأ الأحزاب والسياسيين خلال الانتخابات للدعاية لبرامجهم وإقناع الأهالي باختيارهم.

ولا يخلو مكان في تونس بمدنها وأريافها من السوق الأسبوعية التي تعتبر المكان الأكثر رفقاً بجيب المواطن والأكثر تنوعاً في السلع المحلية والأجنبية.

يقول محمد، الذي شارك في حملات انتخابية مع حزبه منذ عام 2014، "كانت السوق الأسبوعية في دوز التابعة لمحافظة قبلي جنوب البلاد المكان الوحيد الذي تنجح فيه حملاتنا الانتخابية، لأنها المكان الذي يجتمع فيه الجميع من دون استثناء، وكنا نخصص ركناً مميزاً لنا وسط السوق، ويأخذ أحدنا مكبر الصوت ويعرض أهم نقاط برامجنا، وكنا نرفق ذلك بأغان وطنية حماسية".

ظاهرة شعبية

أما مالك، وهو شاب جامعي يحمل أوراقاً يوزعها على الجميع داخل إحدى الأسواق الشعبية في العاصمة فيقول، "في أوقات الفراغ أعمل مع شركة إشهار، والسوق أفضل مكان لتقديم خدماتنا، بخاصة أنها موجهة أساساً إلى الطبقة المتوسطة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي كل مدينة أو ريف في تونس يخصص يوم من الأسبوع لفتح الأسواق، وعادة ما تسمى باسم اليوم على غرار "سوق الأحد" و"سوق الثلاثاء" و"سوق الخميس"، وتعرض في هذه الأسواق كل السلع التي تخطر على البال من مواد محلية وأجنبية وحتى مهربة، ابتداء من الخضراوات والمواد الغذائية والملابس الجديدة والمستعملة والأواني والإلكترونيات، وحتى الأثاث والحيوانات الأليفة والطيور بكل أنواعها. كما أن لهذه الأسواق دوراً اجتماعياً مهماً، وهو ما ينمي معضلة السوق الموازية التي لم تجد لها الدولة حلولاً إلى اليوم.

الصحافي الاقتصادي سفيان مهداوي يقول إن "الأسواق الأسبوعية تعد ظاهرة تجارية شعبية وتقليدية راسخة في تونس، وتلعب دوراً مهماً في تحفيز الاقتصاد المحلي، وتوفر بيئة مناسبة لتبادل السلع والخدمات بين مختلف الأطراف، بما في ذلك المنتجون والمستهلكون والحرفيون والتجار".

ويضيف، "من إيجابياتها أنها توفر تنوعاً كبيراً من المنتجات المحلية من مختلف القطاعات، مثل المنتجات الفلاحية والحرف اليدوية والملابس والأدوات المنزلية والمنتجات الغذائية، وتتميز الأسعار في الأسواق الأسبوعية بكونها تنافسية وجذابة للمستهلكين لوجود عدد كبير من الباعة الذين يتنافسون على بيع منتجاتهم، كما تلعب دوراً مهماً في دعم الاقتصاد من خلال خلق فرص عمل وتشجيع الإنتاج والحد من البطالة".

 

 

ويرى مهداوي أنه "من الضروري الإشارة إلى أن الأسواق جزء من التراث الثقافي التونسي، وتسهم في الحفاظ على العادات والتقاليد المحلية، وتخلق فرص عمل لعدد من العاطلين من العمل، فضلاً عن دعمها لمحدودي الدخل في ظل الارتفاع المتنامي للأسعار".

وعلى رغم إيجابياتها فإن المهداوي يرى أن "بعض هذه الأسواق غير منظمة ولا تدخل في الاقتصاد الرسمي، مما يؤثر سلباً وبشكل مباشر في النشاط الاقتصادي الذي يعاني بدوره ارتفاع كلف المواد الخام وندرتها وزيادة الضرائب وكلف الشحن، بخاصة خلال الأعوام الأخيرة".

ووفق ما أعلنت عنه الجمعية المهنية التونسية للبنوك والمؤسسات المالية فإن قرابة 6 مليارات دينار تتداول في الاقتصاد الموازي، وتضاعفت بشكل كبير خلال العشرية الأخيرة، إذ لم تكن تتجاوز مليار دينار عام 2011.

ملاذ المتهربين

ويعتقد مهداوي أن الاقتصاد الموازي يمثل ملاذاً للمتهربين من الضرائب وعبئاً ثقيلاً على الدولة التي تدرس خلال الفترة الأخيرة كل الإمكانات المناسبة لدمج الاقتصاد الموازي مع الرسمي، في خطوة تهدف إلى توفير حاجاتها المالية لعام 2024.

ومن أهم الأسواق الشعبية الأسبوعية في تونس العاصمة سوق "منصف باي" التي أنشئت عام 2000، وخصصت لبيع الدراجات النارية والعادية والطيور والحيوانات الأليفة مثل القطط والكلاب بمختلف أنواعها، على أن تكون الطيور والحيوانات المعروضة للبيع مصحوبة بدفاتر صحية حاملة لتأشيرة طبيب بيطري، لكن اليوم توسعت هذه السوق وأصبحت تشمل كل السلع وغالبها مهربة، مثل الإلكترونيات بكل أنواعها من دون ضمان استهلاك.

 

 

وعلى رغم ذلك أصبحت هذه السوق ملجأ معظم التونسيين لأن أسعارها أقل مقارنة بالمساحات التجارية الكبرى أو المحال التي تبيع سلعاً مع ضمان استعمال يصل إلى خمسة أعوام أحياناً.

يقول مراد، وهو أحد رواد هذا السوق، بينما يتجول بين تجار المواد الإلكترونية المنزلية، "اخترت تجهيز منزلي من السوق لسببين، الأول أن الأسعار أقل بكثير من غيرها، والثاني أن التنوع الموجود هنا لا يمكن أن أجده في مكان آخر".

ويضيف مراد الذي يستعد للزواج خلال هذا الصيف، "هنا يمكن أن تشتري تلفازاً أو مكيفاً يصمد لأعوام، ويمكن أيضاً أن تقتني جهازاً آخر لا يصمد لأيام".

يعتبر مصطفى الوسلاتي، وهو أحد المترددين على السوق، أن "أسعار المنتوجات المعروضة تغري باقتنائها مقارنة بمحال أخرى"، كما يستمتع مصطفى بالتنوع الكبير في هذه المعروضات، ويقول إن "محال تونس العاصمة تغلق أبوابها يوم الأحد، وهو يوم عطلة يجعلني أتوجه إلى الأسواق الأسبوعية المفتوحة هذا اليوم لأقتني كل ما أحتاجه وبأسعار أقل"، مؤكداً أن المواد الموجودة في الأسواق الشعبية نفسها معروضة في المساحات التجارية الراقية التي تبالغ كثيراً في الأسعار.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات