Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يمكن تنفيذ البرامج الاقتصادية لمرشحي الرئاسة التونسية؟

ضبط دستور البلاد الحالي صلاحيات رئيس الجمهورية بالسياسات العامة بينما تركت المهمات التنفيذية للحكومة

دخل المرشحون إلى الانتخابات الرئاسية التونسية مرحلة الصمت الانتخابي، السبت 14 سبتمبر (أيلول)، قبل يوم واحد من موعد الاقتراع الأحد، في ثاني انتخابات رئاسية مباشرة وتعدّدية بعد ثورة عام 2011.

وسبق يوم الصمت، حملة انتخابية عرض فيها المرشحون برامجهم ووعودهم بشأن القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

والحال أن المرشحين تقدموا ببرامج دسمة، طغى عليها الجانب الاقتصادي التنموي بالنظر إلى الركود الذي يشهده الاقتصاد التونسي منذ سنوات، ما أثر سلباً في خلق المداخيل وفرص العمل.

فهل يمكن هذه البرامج الانتخابية الاقتصادية أن تتحقق فعلاً؟ وهل لرئيس الجمهورية في تونس القدرة الفعلية على تنفيذ هذه البرامج أم أنها حِيل انتخابية لجذب الناخبين وأصواتهم؟

صلاحيات محدودة

ضبط الدستور التونسي الحالي صلاحيات رئيس الجمهورية بالسياسات العامة، بما في ذلك الأمن والدفاع والعلاقات الخارجية والأمن القومي، أي كل ما له علاقة بحماية الدولة والتراب الوطني من التهديدات الداخلية أو الخارجية.

لكن خبراء اقتصاديين قالوا لـ "اندبندنت عربية" إن برامج المرشحين الانتخابية، المدججة بالمشاريع الاقتصادية ووعود الرفاه والتغيير، تشير إلى أن هؤلاء لم يطلعوا بما فيه الكفاية على الدستور لفهم صلاحيات رئيس الجمهورية.

ويقول الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان إن القراءة الضيقة للدستور تجعل رئيس الجمهورية بلا صلاحيات في الجانب الاقتصادي، لكن القراءة المستفيضة والعميقة للوضع الراهن "الكارثي"، وفق وصفه، تجعل من رئيس الجمهورية، الذي يترأس مجلس الأمن القومي، في قلب رحى الاقتصاد، المتعلق بالضرورة بالأمن القومي لاعتبارات عدة، من بينها أن الدين الأجنبي يبلغ الآن 105 مليارات دينار (أكثر من 360 مليار دولار)، أي 100 في المئة من الناتج الداخلي الخام، وهو وضع يتطلب استنفاراً دائماً من مجلس الأمن القومي لإنقاذ البلاد.

وأشار إلى أن نسبة البطالة في ارتفاع من دون وجود حلول واضحة في الأفق تحول دون تعميق حدة الوضع الاجتماعي، بالإضافة إلى تدني مستوى الخدمات العامة بشكل كبير، مثل الانقطاع المتكرر للمياه الصالحة للشرب والتيار الكهربائي في عدد من المناطق، وهي مسائل حساسة تمس المواطن بشكل مباشر في معيشه اليومي، عدا عن الفيضانات ونتائجها الوخيمة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وشدّد سعيدان على ضرورة وجود تناغم وتفاعل بنّاء بين رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية من أجل تفادي هذا الوضع الكارثي، مذكراً بتعطيل عجلة مؤسسات الدولة خلال الفترة الماضية، بسبب الصراعات الحزبية داخل مؤسستي الحكم في تونس.

وفي سؤال عن الدبلوماسية الاقتصادية والسوق الإفريقية، التي استأثرت بحيز مهم من البرامج الانتخابية لعدد من المرشحين، أكد سعيدان أن إفريقيا سوق واعدة وصعبة في الوقت نفسه، وتتطلب إستراتيجية متكاملة على المدى البعيد وليس على المدى القريب، كما يوهمنا بعض المرشحين.

وعن أهم القرارات الواجب اتخاذها من قبل رئيس الجمهورية المقبل، أكد سعيدان ضرورة الدعوة إلى حوار وطني بمشاركة جميع الأطراف من أحزاب ومنظمات لتشخيص الوضع الحالي وصوغ إستراتيجية الإنقاذ وإيقاف النزيف، ومن ثم الذهاب إلى الإصلاحات الكبرى.

صلاحيات غير تنفيذية

نبّه منصف شيخ روحه، أستاذ الاقتصاد والعضو السابق في المجلس الوطني التأسيسي، إلى خطورة مغالطة التونسيين، فصلاحيات رئيس الجمهورية ليست تنفيذية، والسياق اليوم مختلف عن سياق الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، الذي اهتم في بداية بناء الدولة بالشراكة بين القطاعين العام والخاص.  

وأكد أن رئيس الجمهورية يمكن أن يتدخّل في الجانب الاقتصادي من خلال السياسات الخارجية، التي تجعل من الشراكة الاقتصادية أولوية العمل الدبلوماسي، بالإضافة إلى العمل على تعزيز التعاون الدولي في مجال مكافحة التهريب والإرهاب، مشدداً على أن الإستراتيجيات الاقتصادية والسياسية لا بد أن تنبع من إحساس وطني بعيداً من المزايدات السياسية، التي أغرقت تونس في صراعات هي في غنى عنها.

واستحضر شيخ روحه التجربة المغربية التي استثمرت الفضاء الإفريقي، في حين غفلت تونس عنه سنوات.

وكان عدد من المرشحين قد ركزوا على أهمية دول الجوار، ودعوا إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري مع الجزائر وليبيا من دون تقديم آليات واضحة لهذا الخطاب. وهذا ما يرى فيه متابعون للشأن الانتخابي وعوداً فضفاضة تفتقر إلى تشخيص واقعي وعلمي، في ظل ارتفاع نسبة البطالة إلى أكثر من 15 في المئة واستمرار عجز الدينار أمام الدولار واليورو وارتفاع نسبة التضخم إلى حدود سبعة في المئة.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي