Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أمهات "أبطال التوحد" الفلسطينيين... يناشدون الحياة لأبنائهم

لا توجد مراكز حكومية فلسطينية لتأهيل الأطفال المصابين وهم بلا حقوق لأن القانون لا يعتبرهم من ذوي الاحتياجات الخاصة

مبادرة "أبطال التوحد" في الضفة الغربية (اندبندنت عربية)

ما إن شاهدت دعاء شتية آثار ضرب على رقبة ابنها إسلام ذي السنوات السبع حتى جن جنونها، فأية معلمة تلك التي تتعامل مع طفل يعاني من طيف التوحد بالعنف والضرب؟ حادثة جعلت إسلام خائفاً من الناس وأكثر توتراً وعصبية، بينما دفعت بأمه وأمهات أخريات من مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، إلى تشكيل رابطة تهدف إلى توجيه الاهتمام بالأطفال المصابين بهذا الاضطراب والذين يعانون من مشاكل مجتمعية، لتوعية الأهالي وإطلاق نداءات متواصلة للجهات الرسمية للاهتمام أكثر بأطفال التوحد، مطلقين على تلك المبادرة اسم "أبطال التوحد".

لوعة التوحد

وتعاني شتية كغيرها من أمهات مصابي التوحد، عدم قبول المجتمع الفلسطيني لأطفالهن وما تواجهه من تعليقات سلبية، وهو ما يضعها تحت ضغط نفسي وعصبي. وتقول الوالدة لـ "اندبندنت عربية"، "مصابو التوحد فئة مهمّشة من المجتمع الفلسطيني، وعلى الرغم من أنها في ازدياد مستمر لا تزال غير مصنفة ضمن الإعاقات في القانون، بالتالي المتوحدون ليست لهم الحقوق ذاتها من حيث التأمين الصحي وغيرها من الحقوق التي يمتلكها ذوو الإعاقة الحركية والبصرية والسمعية في الضفة الغربية، ولا توجد مراكز حكومية للتأهيل الخاص بمرضى التوحد، وكل المراكز خاصة وربحية وأسعارها خيالية، فاضطرابات طيف التوحد تلقي بأعباء معنوية واقتصادية ثقيلة على كاهل أسر المصابين، وأغلبنا يعاني من ظروف مادية صعبة، حيث يتراوح القسط الشهري في المراكز الخاصة من 300 إلى 400 دولار أميركي، وقد يصل المبلغ إلى 600 دولار.

القانون لا يحمي المتوحدين

مبادرة "أبطال التوحد" انطلقت بداية عام 2019 على مواقع التواصل الاجتماعي، ولاقت رواجاً كبيراً من قبل المتضامنين مع مصابي التوحد، ثم تطورت لإقامة ندوات إرشادية في المدارس والجامعات تحث المجتمع الفلسطيني وحكومته على الاهتمام بأطفال التوحد والوقوف إلى جانبهم وتقديم الدعم اللازم لهم، ودمجهم في المجتمع ليكونوا عناصر فعالة ومؤثرة.

حنين البنا إحدى الأمهات المبادرات بـ "أبطال التوحد" تتحدث لـ "اندبندنت عربية" عن آلية التنفيذ قائلة، "الأمهات وبعد انضمامهن للمبادرة يقمن بالعديد من الأنشطة لأطفال التوحد لتخفيف الضغط النفسي وزيادة ثقتهم بأنفسهم، من خلال جلسات التفريغ النفسي والرحلات إلى الأماكن الترفيهية، إضافة إلى ورش عمل لتعريف الأطفال وذويهم بحقوقهم وواجباتهم. نحاول قدر المستطاع العمل على إذكاء الوعي العام حول اضطراب طيف التوحد ومنع كل أشكال التمييز ضد الأشخاص المصابين به، وفك العزلة عن أسرهم والاطلاع على التجارب الناجحة والاستفادة منها. أين هو دور وزارة الصحة في توفير علاج مرضى التوحد وتوفير تأمين صحي يشمل علاجهم وإيجاد مركز وطني للفحص التكاملي للأطفال؟".

القانون الفلسطيني

وبحسب القانون الفلسطيني رقم (4) لعام 1999، "المعوق هو الشخص المصاب بعجز كلي أو جزئي خلقي أو غير خلقي، في أي من حواسه أو قدراته الجسدية أو النفسية أو العقلية، ما يحد من إمكانية تلبية متطلبات حياته العادية في ظروف أمثاله من غير المعوقين".

وهنا تضيف البنا أن "القانون لا يعترف بفئة مرضى التوحد، ولا يعتبرهم من ذوي الاحتياجات الخاصة، كيف لا وهم لا يملكون استقلالية في التعامل، وبحاجة مستمرة للمساعدة، في الأكل والشرب وارتداء الملابس، وأغلب أهالي مرضى التوحد يعتكفون في المنازل مع أبنائهم ويضحون أحياناً كثيرة بوظائفهم في سبيل المحافظة على أبنائهم والبقاء معهم لرعايتهم وتأهيلهم".

المعلم المساند "غالي"

عام 2017 أصدرت وزارة التربية والتعليم قانوناً ينص على أن التعليم حق للجميع، ويجري في إطاره دمج الأطفال الذين يعانون من تخلف ذهني بسيط ومتلازمة داون واضطراب طيف التوحد البسيط جداً، لكن العائق الأكبر أمام عوائل المصابين يكمن في دمج أطفال التوحد في المدارس الحكومية، فالأمر يتطلب توفير مرافق (معلم مساند) للطفل، والكثير من العائلات ليس بمقدورها تأمين المرافق لتكلفته العالية، إذ تقدر تكاليف المرافق بـ500 دولار تبعاً لعدد الساعات وأيام العمل.

مدير عام الإرشاد والتربية الخاصة في وزارة التربية والتعليم محمد الحواش قال لـ "اندبندنت عربية"، ما يعيق دمج الأطفال عدم قدرة الحكومة الفلسطينية على دفع تكاليف المرافق للطفل، لكن من ناحية أخرى فإن وزارة التربية والتعليم مؤمنة بسياسة الدمج في المدارس الحكومية. في مدارس الضفة الغربية هناك 256 غرفة تقدم الخدمات للطلاب الذين يواجهون صعوبات وبطئاً في التعلم داخل المدارس، ويوجد معلمة في كل مدرسة متخصصة بالتعامل مع حالات التوحد ومراكز معالجة طيف التوحد، غير مرخصة من قبل وزارة التربية والتعليم، فأين الرقابة على تلك الجمعيات؟".

أرقام وإحصاءات

وتشير الإحصاءات الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني ضمن "تقرير المرأة والرجل في فلسطين: قضايا وإحصاءات 2018"، إلى أن نسبة الإعاقة في فلسطين تصل إلى حوالى 2.1 في المئة، وترتفع في أوساط الذكور مقارنة بالإناث، بينما أظهرت بيانات التعداد السكاني العام للعام نفسه، أن عدد الأفراد الذين يعانون من صعوبة واحدة على الأقل في فلسطين بلغ 250 ألف فرد، أي ما نسبته 5.8 في المئة من مجمل السكان، ومنهم 128 ألفاً في الضفة الغربية يشكلون ما نسبته 5.1 في المئة من مجمل السكان.

المديرة التنفيذية لجمعية "روان" لتنمية الطفل (مركز صعوبات تعلم النطق) سلام آسيا، أعلنت لـ "اندبندنت عربية" عن "حاجة 15 في المئة من أطفال فلسطين إلى عمل متواصل من أجل المساعدة في تشجيعهم على التخلص من صعوبات التعلم واضطراب التشتت والحركة الزائدة. يجب أن نفرق بين العلاج الطبي والنفسي والتعليمي، فالتعليم العلاجي كما في حالات مرضى التوحد بحاجة لتكامل بين مختلف المؤسسات الحكومية والخاصة، إضافة إلى ذلك هناك 5 في المئة من الأطفال يعانون من الإفراط في الحركة في فلسطين، في حين أن عدد مرضى التوحد لم يجرِ حصره في فلسطين لغاية الآن، فحالياً يوجد طفل من كل ألف يعاني من التوحد".

المزيد من العالم العربي