Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

القضاء العسكري الجزائري يقدم محاكمة السعيد "قربانا" قبل الانتخابات الرئاسية

الجيش يمد "اليد الغليظة" على معارضي المسار الجديد من قياديي "الحراك الشعبي"

حين يتم الحديث عن عملية تسريع غير مسبوقة للظروف المحيطة بالانتخابات الرئاسية المقبلة بقرار من المؤسسة العسكرية، فإن الأمر لا يتعلق فقط بالجانب التشريعي، قياساً إلى طبيعة قراراتٍ اتخذتها الحكومة على الصعيد الاجتماعي وفي مجال الاستثمار الأجنبي، بل وأيضاً ميداني انطوى على "خشونة" ملحوظة في التعامل مع رموز الحراك الشعبي.
تعمل آلة التحضير للانتخابات الرئاسية المقبلة في الجزائر على صعد عدة، فهي من جهة "تغازل" الطبقة المسحوقة في المجتمع، ومن جهة أخرى تمارس "السياسة الغليظة" ضد رموز في الحراك ترفض مسار الانتخابات، وذلك عملاً بشعار رئيس أركان الجيش، الفريق أحمد قايد صالح القائل إن "لا مكان الآن لمسك العصا من الوسط".
 

"عربون" بدوي للجزائريين
 

وأطلق رئيس الوزراء نور الدين بدوي، في آخر جلسة حكومية عقدها مساء الأربعاء، خمسة إجراءات اجتماعية واستثمارية في الوقت ذاته، كانت إلى وقت قريب في موضع تحفظ بل ورفض مبالَغ فيه من قبل الحكومات خلال فترة حكم الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة.
وأقرّت الحكومة أولاً، رفع منحة ذوي الاحتياجات الخاصة من أربعة آلاف دينار جزائري إلى 10 آلاف دينار شهرياً (من نحو 35 دولاراً إلى حوالى 80 دولاراً).
أما ثانياً، فقررت الحكومة إلغاء قرار يسري منذ عقد من الزمن لتفسح المجال أمام إمكانية استيراد السيارات النفعية للمرة الأولى منذ ثلاث سنوات، ما يعني كسر احتكار السوق من قبل رجال أعمال مقربين من النظام السابق انتفعوا من مؤسسات "تركيب للسيارات".
وثالثاً، وجهت الحكومة، نيابةً عن السلطة القائمة، رسالةً إلى الخارج عبر إلغاء "القاعدة 51/49" الاستثمارية التي فرضتها حكومة رئيس الوزراء السابق أحمد أويحيى في العام الحالي، وتفرض على أي مستثمر أجنبي شرط الدخول مع شريك جزائري تكون له الحصة الأكبر من الأسهم. وشكلت هذه القاعدة إعاقة كبيرة للاستثمار الأجنبي، ومكّنت في المقابل "رجال مال" يحيطون بالسعيد بوتفليقة (شقيق الرئيس السابق)، من الحصول على استثمارات ضخمة وقروض مصرفية لم تُحصَل بعد.
ورابعاً، عادت الحكومة لتقر ضريبة على الثروة والعقارات، وهي ضريبة عمل محيط بوتفليقة في عام 2016 بنشاط على منع تمريرها في البرلمان، لتكون أول وآخر محاولة. ويعني إقرار تلك الضريبة كسراً لقاعدة المساواة بين الأثرياء والطبقات الكادحة في دفع ضريبة سنوية للخزينة العامة.
أما خامساً، فألغت الحكومة أي ضريبة على استثمارات الشباب، ودعمتهم بمرافقة حكومية لسنوات عدة.
وحظيت هذه القرارات بإشادة من رئيس الدولة المؤقت عبد القادر بن صالح، ثم من رئيس الأركان الخميس، معتبرين أنها "في مصلحة الجزائريين على الرغم من الظروف الصعبة التي باشرت فيها الحكومة مهماتها"، لكنها في المقابل وصِفت بـإحدى خطط السلطة لـ "شراء سلم انتخابي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال الناقد الصحافي علاوة حاجي إنه "في يوم عرض قانون سلطة الإشراف على الانتخابات على البرلمان، ستعمد الحكومة إلى إعلان قرارات من قبيل السماح باستيراد السيارات المستعملة، ومجانية النقل لذوي الإعاقة، ورفع منحِهم، وإلغاء قاعدة 51/49 الاستثمارية، وإعفاء المؤسسات الشبابية من الضرائب. بالتأكيد، كان بإمكان السلطة أن تؤجل هذه القرارات إلى ما بعد الانتخابات، بما أنها تستعجل تنظيمها، لكن إعلانها في هذا التوقيت يؤكد مجدداً، أننا لم نبتعد خطوة واحدة عن ممارسات الفترة السابقة، حين كان بوتفليقة يصول ويجول مدن البلاد، خلال حملاته الانتخابية، موزعاً المال من الخزينة العامة".
 
 
"العصا الغليظة" لرموز الرفض

وتابع حاجي أن هذه القرارات تزامنت أيضاً مع ممارسات جديدة جرت في اليوم ذاته، حيث "ستعمد السلطة إلى اعتقال أحد أبرز المناضلين الديمقراطيين، بينما تترك الحبل على الغارب للأصوات التي تهدد وحدة الجزائريين وتنادي علانية إلى العنصرية والكراهية ضد جزء كبير منهم"، وقصد سجن الناشط السياسي، كريم طابو، بتهمة "إضعاف الروح المعنوية لأفراد الجيش"، وهي التهمة التي لوحق بموجبها كل من المجاهد في أيام النضال من أجل الاستقلال عن فرنسا لخضر بورقعة، وقبله اللواء المتقاعد علي غديري.
ونظراً إلى أن التصريحات التي لوحق بها كريم طابو تعود وفقاً لمحاميه إلى 8 مايو (أيار) الماضي، فإن تحريك الدعوى العامة ضده في سبتمبر (أيلول) الحالي، يعني جعله رسالةً لبقية رموز "الحراك" الذين يخرجون أسبوعياً في مسيرات العاصمة، رافضين سياسة المؤسسة العسكرية في إدارة المرحلة.
ولوحِق طابو وفق نص المادة 75 من قانون العقوبات وهو كالتالي "يعاقَب بالسجن المؤقت من خمس إلى 10 سنوات كل مَن يساهم في وقت السلم في مشروع لإضعاف الروح المعنوية للجيش يكون الغرض منه الإضرار بالدفاع الوطني وهو عالم بذلك".
 

السعيد بوتفليقة "قربان" الانتخابات الرئاسية
 

يروي المحامي فاروق قسنطيني، عن الجنرال توفيق (محمد مدين) المسؤول السابق للاستخبارات الجزائرية (من عام 1990 إلى عام 2015) المسجون في الحبس العسكري في البليدة (50 كيلومتراً جنوب العاصمة)، أنه "فقد 14 كيلوغراماً من وزنه" بانتظار محاكمته في 23 سبتمبر الحالي.
وسيُحاكم كل من الجنرال توفيق في قضية السعيد بوتفليقة، ومعهما الجنرال بشير طرطاق، الذي خلف "توفيق" على رأس الاستخبارات حتى مارس (آذار) الماضي، ولويزة حنون، الأمينة العامة لحزب العمال، بتهمة "التآمر على سلطة الجيش".
وعلى الرغم من أن قضية الشخصيات الأربع تتعلق بالقضاء العسكري وبتهم قريبة من "الخيانة العظمى"، إلا أن المحقق العسكري بالبليدة أنهى التحقيق سريعاً مقارنةً برموز نظام بوتفليقة الآخرين، الموجودين في السجون المدنية. ويُنظر إلى السعيد بوتفليقة كـ"قربان" يُقدّم للحراك الشعبي، قياساً لما كان يمثله في تركيبة النظام المنهار.
وقد تلجأ السلطات القائمة إلى إجراءات أكثر "إثارة" خلال محاكمة هذا الرباعي، عبر دراسة اقتراح نقل المحاكمة مباشرة على التلفزيون الرسمي، الأمر الذي سيشكّل رسالة إلى "المترددين" في موضوع إجراء الانتخابات الرئاسية، أو القائلين بـ"مسرحية" يقودها القضاء بالاشتراك مع رموز النظام السابق.

المزيد من العالم العربي