ملخص
تأتي قفزة أسعار الإيجارات في السعودية انعكاساً لارتفاع أسعار العقارات السكنية بأعلى مستوى منذ ثماني سنوات
أسهم ارتفاع الإيجارات الفعلية للمساكن بالسعودية في رفع معدل التضخم السنوي إلى 1.8 في المئة في فبراير (شباط) الماضي، بعدما كان 1.6 في المئة في الشهر السابق عليه، وهي أعلى وتيرة منذ ستة أشهر، على رغم أن الرقم المسجل لا يزال الأدنى من بين دول مجموعة الـ20، بسبب تدابير حكومية استباقية.
وكشفت بيانات حكومية رسمية عن أن الأسعار في قسم السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى ارتفعت 8.5 في المئة على أساس سنوي، وارتفعت إيجارات المساكن وحدها 10 في المئة، وهي وتيرة أسرع منها في يناير (كانون الثاني) الماضي، عندما سجلت 9.3 في المئة، وتمثل ما يقارب من خمس الوزن ضمن سلة أسعار المستهلك.
وتأتي قفزة أسعار الإيجارات في السعودية انعكاساً لارتفاع أسعار العقارات السكنية بأعلى مستوى منذ ثماني سنوات، وهي نتاج لقفزة أسعار الأراضي المؤهلة لتطوير المشاريع، التي وصفها وزير الشؤون البلدية والقروية والإسكان السعودي ماجد الحقيل في تصريحات سابقة بأنها "مبالغ فيها قليلاً"، مشيراً إلى "ضرورة ضخ أراض كبيرة في مدن التمركز، الرياض وجدة والدمام".
ووفق الهيئة العامة للإحصاء ارتفعت أسعار المواد الغذائية والمشروبات 1.3 في المئة في فبراير الماضي على أساس سنوي قبل حلول شهر رمضان الذي بدأ في الـ11 مارس من (آذار) الجاري، وقفزت أسعار الخضراوات 7.6 في المئة، وفي حين ارتفعت أيضاً الأسعار في المطاعم والفنادق، وكذلك قطاع الترفيه والثقافة، وانخفضت أسعار النقل 0.9 في المئة، وتراجعت أسعار الملابس والأحذية أربعة في المئة، ولفت التقرير إلى ارتفاع في الأسعار بنسبة 0.2 في المئة في فبراير 2024 مقارنة بيناير 2024.
وتشير التوقعات الحكومية إلى بلوغ التضخم 2.6 في المئة في 2023، و2.2 في 2024، و2.1 في المئة في 2025، و1.9 في المئة خلال 2026.
تدابير حكومية استباقية
ولا يزال التضخم منخفضاً نسبياً في السعودية مقارنة بالمستويات العالمية، إذ تحد السياسات الحكومية من تأثير زيادات الأسعار العالمية، في وقت تشهد فيه حركة الشحن بالبحر الأحمر اضطرابات متواصلة بسبب هجمات المتمردين الحوثيين.
وفي وقت سابق اعتمدت الحكومة سياسات استباقية للوقوف ضد موجات التضخم الآخذة بالارتفاع، حين وضعت سقفاً لأسعار البنزين بعد صدور قرار رسمي في يوليو (تموز) 2021 بتثبيت سقف السعر المحلي للبنزين، ليكون (أوكتان 91/ 2.18) ما يعادل نصف دولار، وبنزين (أوكتان 95/ 2.33 ريال) ما يعادل 60 سنتاً أميركياً، إلى جانب رفع مستوى المخزون الغذائي ودعم برامج الحماية الاجتماعية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويرى محللون اقتصاديون سعوديون أن الإجراءات الرسمية التي اتخذتها الحكومة أسهمت في استقرار السوق من خلال دعم أسعار الطاقة والمواد الغذائية وخفض الفاتورة الاستيرادية، ودعم المواطنين من خلال الإعانات المتضمنة في الضمان الاجتماعي وحساب المواطن.
الأدنى منذ 2022
وسجل البلد النفطي أدنى معدلات التضخم في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وهو الأدنى خلال 23 شهراً، أي منذ يناير 2022 عندما سجل 1.2 في المئة، وهو ما تفسره صحف محلية أنه مؤشر "لنجاح الحكومة السعودية في السيطرة على التضخم"، في وقت يعاني منع العالم تداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية، وهجمات المتمردين الحوثيين على السفن العابرة للبحر الأحمر، مما تسبب في تأثر سلاسل الإمداد.
وخلال العام الماضي بلغ متوسط التضخم السنوي لأسعار المستهلك في السعودية 2.3 في المئة خلال عام 2023، مسجلاً تباطؤاً عن 2022 البالغ 2.5 في المئة.
نمو في الأنشطة غير النفطية
وبحسب بيان الموازنة السعودية 2024 تشـير التقديـرات الأولية إلى نمـو الناتـج المحلـي الإجمالي الحقيقـي في البلاد بنسـبة 4.4 في المئة لعام 2024، مدعوماً بنمـو الناتـج المحلـي للأنشطة غيـر النفطيـة فـي ظـل توقـع استمرار القطـاع الخـاص فـي قيـادة النمـو الاقتصادي.
وتأتـي التوقعـات الإيجابيـة للاقتصاد السـعودي امتداداً للتطـورات الإيجابيـة للأداء الفعلـي للاقتصاد منـذ بدايـة عـام 2021.
وترى وزارة المالية السعودية أن "معدلات التضخم بقيت عند مستويات معقولة نسبياً مقارنة بالدول المتقدمة والنامية"، وأرجعت ذلك في بيان إلى "التدابير الاستباقية والسياسات التي اتخذتها الحكومة لاحتواء ارتفاع الأسعار، ووضع سقف لأسعار البنزين ورفع مستوى المخزون الغذائي، إلى جانب دعم برامج الحماية الاجتماعية"، موضحة أن هذه الخطوات ساعدت الرياض في السيطرة على التضخم والحد من تأثير زيادات الأسعار.
في غضون ذلك لفت تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إلى جهود الرياض لاستيعاب التضخم واحتوائه من خلال مواصلة تقديم الدعم المحلي، ووضع سقف أعلى لأسعار السلع والمنتجات الأساس بعدما بلغ متوسط مؤشر أسعار المستهلكين الرئيس 2.5 في المئة عام 2022، ثم ارتفاع متوسط المؤشر أوائل العام الماضي إلى 3.4 في المئة، قبل أن ينخفض مرة أخرى ليأخذ مساراً هابطاً.