ملخص
الرئيس بايدن ليس الرئيس الأول الذي يرسم "خطوطاً حمراء" لدول أخرى لكنها المرة الأولى لدولة حليفة للولايات المتحدة
التدهور الأخير في العلاقات بين الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وصل إلى مرحلة جديدة بعدما رسم بايدن خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضية "خطاً أحمراً" للعمل العسكري الإسرائيلي في غزة، على رغم أنه لم يحدد قط ما هي التبعات المترتبة على تخطيه.
وقال الرئيس الأميركي في مقابلة أجرتها معه شبكة "إم إس إن بي سي" MSNBC السبت الماضي إن التهديد الإسرائيلي باجتياح مدينة رفح في جنوب قطاع غزة سيكون "الخط الأحمر" بالنسبة إلى نتنياهو، مردفاً أنه "لا يمكنهم أن يقتلوا 30 ألف فلسطيني إضافي نتيجة لملاحقة مقاتلي ’حماس‘".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي تعقيب على تصريحات بايدن لفت ديفيد سانجر وهو خبير في شؤون البيت الأبيض في "نيويورك تايمز" إلى أن الرئيس لم يحدد تبعات تخطي الخط لأنه ربما "لا يريد أن يتعرض للانتقاد إذا تراجع عن أي إجراء يفكر فيه. أو ربما، نظراً إلى خبرته الطويلة في مجلس الشيوخ والبيت الأبيض، تذكر [بايدن] أن رسم الخطوط الحمراء كان سيئاً بالنسبة إلى باراك أوباما عندما تعلق الأمر بسوريا، وبالنسبة إلى جورج دبليو بوش عندما تعلق الأمر بكوريا الشمالية وإيران".
وأشار سانجر إلى أن الحديث عن الخطوط الحمراء ليس جديداً، لكن "الأمر الغريب في هذه الحالة هو أنها تُرسم بين حليفين يحتفيان بانتظام بمدى قربهما ولكن الحوار بينهما أصبح مسموماً إلى حد ما".
وكان المغزى الواضح على ما يبدو لتهديد بايدن هو أنه إذا مضى الإسرائيليون قدماً في خططهم وقاموا بعملية عسكرية أخرى أسفرت عن خسائر كبيرة في صفوف المدنيين، فإنه سيفرض للمرة الأولى قيوداً على كيفية استخدام إسرائيل للأسلحة التي تزودها بها الولايات المتحدة.
وفي هذا الصدد لفت سانجر إلى أن واشنطن تضع شروطاً على كل مبيعات الأسلحة تقريباً، بما في ذلك مطالبة أوكرانيا بعدم إطلاق صواريخ أو مدفعية أو طائرات من دون طيار أميركية على روسيا.
ولم يذكر البيت الأبيض تحديداً الثمن الذي ستدفعه إسرائيل إذا تجاوزت الخط الأحمر الذي وضعه بايدن. والأخير، بكل أحوال، استبعد قطع إمدادات أي أسلحة دفاعية مثل القبة الحديدية، مشروع الدفاع الصاروخي الأميركي- الإسرائيلي. وقال بايدن في المقابلة نفسها إنه لن يتخلى أبداً عن إسرائيل، مؤكداً أن "الدفاع عن إسرائيل لا يزال أمراً بالغ الأهمية".
وباستخدام خطاب "الخطوط الحمراء"، مع الإيحاء الواضح بوجود استثناءات، كان بايدن يدخل أيضاً في منطقة خطرة بالنسبة إلى الرؤساء الأميركيين، إذ كما يقول سانجر "مراراً وتكراراً خلال العقود الأخيرة، رسم أسلاف بايدن حدوداً لا يستطيع خصوم أميركا أو حلفاؤها تجاوزها من دون التسبب في أشد العواقب. ومراراً وتكراراً، كانوا يندمون على ذلك".
وذكر مثالاً على ذلك، عندما أعلن أوباما في أغسطس (آب) 2012 في إشارة إلى تخطيط رئيس النظام السوري بشار الأسد لاستخدام الأسلحة الكيماوية ضد شعبه، أنه "إذا قام الأسد بنقل أو استعمال كميات كبيرة من الأسلحة الكيماوية، فإنه سيتجاوز ’الخط الأحمر‘".
وعندما تخطى الأسد فعلاً "الخط الأحمر"، تراجع أوباما وألغى الضربة المخططة على منشآت الأسد، خوفاً من أن تؤدي إلى مزيد من الهجمات الكيماوية وتورط الولايات المتحدة في صراع كبير آخر في الشرق الأوسط.
وتكرر ذلك مع بوش الابن الذي هدد كوريا الشمالية وإيران بالسير قدماً في تجاربهما النووية، لكن خلال فترة رئاسته، اختبرت بيونغ يانغ سلاحها النووي، ومنذ ذلك الحين قاموا بتجربة خمسة أسلحة أخرى، وأحرز الإيرانيون تقدماً نحو تلك القدرة.
وبينما شددت الولايات المتحدة العقوبات وهددت باتخاذ إجراء عسكري، فإن كوريا الشمالية تمتلك ترسانة كبيرة الآن، حتى إن المسؤولين الأميركيين تخلوا عن فكرة أنها ستنزع أسلحتها في أي وقت.
أما إيران، فتمتلك اليوم مخزوناً من اليورانيوم المخصب الذي يمكن تحويله إلى وقود يستخدم في تصنيع الأسلحة خلال أيام أو أسابيع، والحصول على السلاح نفسه في غضون عام أو نحو ذلك.