Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التظاهرات تعود مجددا إلى الخرطوم و"العدالة" مطلب الجماهير

الثورة جاءت لخلق تغيير جذري يشبه أحلام السودانيات والسودانيين في الكرامة والعدالة والعيش الكريم

عادت إلى العاصمة السودانية الخرطوم، اليوم الخميس 12 سبتمبر (أيلول) 2019، من جديد المسيرات الاحتجاجية من خلال تظاهرة حاشدة سيّرها آلاف السودانيين للمطالبة بتعيين رئيس قضاء ونائب عام، في إطار جدول تصعيدي دعا إليه تجمع "المهنيين السودانيين" يحمل اسم "تحقيق أهداف الثورة".

"القصاص للشهداء"

وتأتي هذه المسيرة الاحتجاجية في أعقاب الجدل الذي أُثير بين قوى "الحرية والتغيير" والعسكريين في مجلس السيادة، حول الجهة التي يحق لها تعيين رئيس القضاء والنائب العام، ما دفع المكون العسكري إلى رفض تعيين مرشح قوى إعلان "الحرية والتغيير" القاضي عبد القادر محمد أحمد، رئيساً للسلطة القضائية، إضافة إلى اعتراضهم على تعيين المرشح لمنصب النائب العام المحامي محمد عبد الحافظ.

وتوجه آلاف المتظاهرين إلى القصر الرئاسي، لكن قوات الشرطة أوقفتهم على بعد 100 متر من البوابة الجنوبية للقصر، حيث ردّدوا شعارات الثورة، "الشعب يريد رئيس قضاء جديد، الشعب يريد قصاص الشهيد". كذلك، حملوا لافتات تطالب بـ "القصاص للشهداء"، وأحضروا معهم إطارات السيارات، في إشارة إلى أن جذوة الاحتجاجات لا تزال مستمرة. وتقدم عددٌ كبيرٌ من الأسر الموكب، حاملين صور أبنائهم الذين سقطوا خلال التظاهرات الأخيرة التي أطاحت بنظام الرئيس السابق عمر البشير في 11 أبريل (نيسان) الماضي. في المقابل، انتشرت أعداد كبيرة من قوات مكافحة الشغب، التابعة للشرطة السودانية، لكنها لم تعترض سير الموكب المتجه نحو القصر الجمهوري.

تحقيق المطالب

وأكد عضو مجلس السيادة صديق تاور في خطاب وجّهه للمتظاهرين لدى وصولهم قرب القصر الجمهوري، أن "الحكومة الانتقالية مهمتها الاستماع إلى صوت الجماهير وتحقيق مطالبهم، وأن تعيين رئيس قضاء مستقل ونائب عام من أولويات الحكومة"، لافتاً إلى أن "تحقيق العدالة يُعد أحد مطالب الثورة لحين المحاسبة العادلة لكل من ارتكب جرماً بحق الشعب والبلاد خلال حكم النظام السابق".

الكرامة والعدالة

من جهتها، أوضحت قوى إعلان "الحرية والتغيير" في بيان أنه "ما زاد ثورة ديسمبر (كانون الأول) اتقاداً وجعلها عصيّة على التراجع والخنوع، تفشي الظلم واليأس من أجهزة الدولة القيّمة على العدل وعدم قدرتها على إنصاف المظلومين بسبب تخفيها في جلباب السلطة، ما جعلها صدى للنظام"، مضيفةً أن "الثورة جاءت لتصحح هذا الاختلال ولإيجاد تغيير جذري يشبه أحلام السودانيات والسودانيين في الكرامة والعدالة والعيش الكريم. ولا يزال هذا الوضع المعيب موجوداً في المؤسسات العدلية وفي العديد من مؤسسات الخدمة المدنية، ما يتنافى مع ما اتُّفق عليه في نصوص وثيقة الإعلان الدستوري التي حددت مهام الفترة الانتقالية وطريقة إقامة المؤسسات العدلية من قضاء ونيابة وغيرها".

وأكد بيان "الحرية والتغيير أنّ "العهد الذي قطعناه على أنفسنا وتواثقنا معكم عليه، أن دماء الشهداء دين دونه خرط القتاد، وفيصل للعلاقة بين الثوار وحكومة الثورة، فإن لم يحصل القصاص وتتحقق العدالة، فلا كنا ولا كنتم"، مضيفاً "نعلم جيداً أن تحقيق العدالة مرتبط بقيام مؤسساتها التي يقودها أصحاب الضمائر الحية الذين يتسلحون بالعلم والمعرفة والنزاهة والإيمان العميق بأن العدل هو أساس الحكم". وأشار إلى أن "هذه المواكب التي أمامكم جاءت لتقول لكم كفى وتطالبكم بتكوين مؤسسات العدالة المتمثلة في رئيس القضاء والنائب العام، إيذاناً ببداية عهد جديد لا ييأس منه ضعيف ولا يطمع فيه قوي، عهد عنوانه العريض الناس سواسية أمام القانون".

روح الثورة

في سياق متصل، قال الناشط الحقوقي منتصر جاد الرب لـ "اندبندنت عربية"، "في حقيقة الأمر، لقد تأخرنا كثيراً في تنفيذ أهم البنود وهي السلطة القضائية، لذلك شارك الآلاف في موكب العدالة، لأن القضاء مهم لإنصاف الضحايا، وجاءت ثورة ديسمبر لتحقق العدالة والمساواة والحرية، وهذا كله لن يتأتى إلاّ من خلال سلطة قضائية مستقلة وهذا هو مطلب الجميع ولن يجري التنازل عنه مهما كلّف الأمر". في حين رأى المحامي معتز عبدالله أنه "لتكون هناك عدالة، لا بد من أن تعبّر المؤسسات العدلية عن روح الثورة، وهذا لن يحصل، إلاّ من خلال اعتماد تعيين رئيس القضاء والنائب العام من قبل قوى الحرية والتغيير، باعتبارها الكيان الشرعي للثورة. وإن لم يحصل ذلك، فلن نشهد قضاء عادلاً ومستقلاً". وفي السياق ذاته، قالت الناشطة الاجتماعية ميسون عبد الحفيظ "نحن كنساء عانينا من قوانين النظام العام في عهد النظام السابق وغيرها من القوانين المكبّلة للحريات، وحتى ننعم بحياة يسودها القانون والعدالة، لا بد من أن يكون هناك قضاء مستقل وعادل، نابع من أهداف الثورة حتى نعبر ببلادنا إلى بر الأمان".

تباطؤ في إنزال العدالة

وعلى الرغم من إطاحة حركة الاحتجاجات الشعبية بالنظام الحاكم، لكن السلطات العسكرية بحسب قادة الحراك تتباطأ في تنفيذ إجراءات العدالة، كما أفلت المئات من قادة الحزب الحاكم المتورطين في جرائم القتل من العدالة بسبب ضعف الإجراءات في مواجهتهم.

وتنص الوثيقة الدستورية الموقعة بين قوى إعلان "الحرية والتغيير" والمجلس العسكري في الـ 17 من أغسطس (آب) 2019، على تشكيل مجلس أعلى للقضاء والنيابة العامة، يضطلعان بمهمة تعيين رئيس القضاء والنائب العام. وكان رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك أكد في مقابلات إعلامية عدّة، ضرورة إصلاح القضاء في السودان واستقلاله عن السلطة التنفيذية بشكل كامل، من دون أن يتطرق إلى تسمية رئيس قضاء جديد بشكل مباشر.

المزيد من العالم العربي