ملخص
ينصح أنيس بضرورة خفض دعم الوقود أولاً والذهاب إلى تقليص فاتورة الإنفاق الحكومي
تسدل قرارات البنك المركزي المصري الأخيرة، المتعلقة برفع أسعار الفائدة 600 نقطة أساس، لتصل إلى 27.25 في المئة، و28.25 في المئة للإيداع والإقراض على الترتيب، والسماح بتحديد سعر صرف الجنيه المصري وفقاً لآليات السوق، الستار على فصل سيئ من تاريخ الاقتصاد المصري، فيما لا يزال مأمولاً أن تقدم الحكومة المصرية على اتخاذ حزمة من القرارات الإصلاحية الأخرى على صعيد معالجة التشوه في دعم المحروقات وعلاج الاختلال في الميزان التجاري المزمن منذ أكثر من 50 عاماً.
خلاصة رؤية اقتصادية قدمها المحلل الاقتصادي المصري محمد أنيس، في حديثه لـ"اندبندنت عربية" حين عبَّر عن تفاؤله بقرارات لجنة السياسة النقدية في اجتماعها الاستثنائي، فيما يرى أنه يتعين على حكومة بلاده أن تتسلح بمزيد من القرارات الأخرى التي تكفل إصلاحاً هيكلياً يفضي إلى نمو مستدام.
سوقان وسعران للدولار
ينظر أنيس الذي يحمل عضوية الجمعية المصرية للتشريع والاقتصاد، إلى حال الاقتصاد المصري خلال العامين الماضيين، ووجود سوقين وسعرين للدولار باعتباره أمراً يصعب تصوره، فلا ينبغي للبلاد حتى تنهض أن تكون بسوقين وسعرين للصرف، بل سوق واحدة وسعر واحد، وفق ما يقول، ومن دونهما سيظل النشاط الاقتصادي مصاباً بحالة من الشلل، غير أن الكلفة التي يعدها البعض باهظة إثر تحرير سعر الصرف من قبل "المركزي المصري" تظل من منظوره أقل ثمناً من استمرار الوضع على ما هو عليه في المديين المتوسط والطويل.
ويقول أنيس، إن حسن فهم واستيعاب القرارات الجديدة الصادرة من البنك المركزي المصري، والإعلان عن الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وزيادة حجم تمويله من ثلاثة مليارات إلى ثمانية مليارات دولار ينطلق من حسن تشخيص واقع الاقتصاد، وأن التوجه إلى سعر الصرف المرن الذي تحدده آليات العرض والطلب كان أمراً حتمياً، بخاصة أن مصر كانت تعاني أزمة سيولة دولارية منذ عامين، وتحديداً إثر خروج 25 مليار دولار من سوق السندات المصرية في مارس (آذار) 2022، وبلوغ هدف سعر الصرف المرن كان يتطلب توفير السيولة النقدية الأجنبية أولاً تزامناً مع توفر الظرف الإقليمي والدولي الملائم، كي يتمكن القطاع المصرفي المصري من بسط السيطرة على السوق ودفع السوق الموازية للانكماش، وهذه السيولة توفرت بعد إبرام صفقة "رأس الحكمة" بواقع 24 مليار دولار، إضافة إلى 11 مليار أخرى كانت لدى البنك المركزي المصري في شكل ودائع، وهو ما فرض على الحكومة عديداً من الإجراءات واجبة التنفيذ، أولها تحرير سعر الصرف، وثانيها رفع أسعار الفائدة، بينما ثالثها توقيع الاتفاق مع صندوق النقد الدولي وغيره من المؤسسات الدولية الأخرى مثل الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي، ويتبقى رابعاً استكمال إجراءات الإصلاح المالي.
دعم الوقود
أحد أشكال الإصلاح المالي الذي تحدث عنه أنيس، التخلص من دعم المحروقات المهدر في موازنة الدولة بنحو 100 مليار جنيه (2.03 مليار دولار) مثلما كانت الحال عام 2015، وهو وضع لا يمكن القبول به أو استمراره بهذا الشكل، كما يقول، إذ يتعين تقليص هذا الدعم، مع مواصلة برنامج التشديد المالي للحكومة على المدى المتوسط، علاوة أن الإنفاق الحكومي الهائل، وارتفاع المعروض النقدي في الأسواق تسببا في معدلات التضخم المرتفعة، وهو ما يتعين التعامل معه عبر مواصلة التشديد المالي حتى خمس سنوات مقبلة، وألا يتجاوز المعروض النقدي في الأسواق حدود النسب المقبولة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويدعو المحلل الاقتصادي المصري، إلى وجوب تركيز الاستراتيجية الاقتصادية للبلاد خلال الفترة المقبلة على أمور مهمة، تشمل الاستثمار الأجنبي المباشر المستهدف للتصدير، والذي بإمكانه جلب فوائض دولارية، فمصر في حاجة إلى استثمار صناعي يضع التصدير نصب عينيه، فمثل هذا الاستثمار يكفل حل المشكلة الهيكلية المزمنة في الاقتصاد المصري منذ أكثر من 50 عاماً وهي ارتفاع فاتورة الاستيراد أعلى من عوائد التصدير، وفي رأيه تكفل هذه القرارات الأخيرة على صعيد السياسة النقدية، وحزمة التمويل الدولية، إسدال الستار على فصل سيئ من تاريخ الاقتصاد المصري خلال العامين الماضيين، وبدء مرحلة إعادة التوازن وإجراءات الهيكلة وصولاً إلى معدل نمو مستدام، وميزان تجاري تتجاوز صادراته إجمالي وارداته.
Listen to "تعويم الجنيه خطوة يتبعها إصلاح دعم الوقود" on Spreaker.