أدى إضراب الطيارين في شركة الخطوط الجوية البريطانية "برتيش إيروايز" إلى توقف كامل لأسطول الشركة أمس ،واستمر ذلك اليوم الثلاثاء، وعرضت الشركة على المسافرين الذين لديهم حجز في هذين اليومين وبعدهما إمكانية تغيير موعد السفر عبر موقعها الإلكتروني.
وكانت الشركة طالبت المسافرين بعدم الذهاب إلى المطارات الاثنين، ومحاولة تعديل مواعيد رحلاتهم عبر الموقع الالكتروني أو بالاتصال بخدمة العملاء للشركة التي عانت ضغطا هائلا. وألغت الشركة 1700 رحلة يوم الاثنين، ما أدى إلى تضرر حوالى 280 ألف مسافر كان لديهم حجز لذلك اليوم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومع أنه من الصعب تقدير الخسائر التي ستتكبدها الشركة حتى ينتهي الإضراب بنهاية اليوم ، إلا أن بعض التقديرات الأولية تشير إلى مبلغ 100 مليون جنيه إسترليني (أي نحو 120 مليون دولار). ومن غير الواضح إن كانت هذه التقديرات تأخذ في الحسبان مدفوعات التعويضات التي سيطالب بها آلاف المسافرين بعد ذلك.
ويصل حجم الخسائر الأولية المقدرة إلى ضعف تكلفة زيادة الأجور التي يطالب بها الطيارون المضربون، التي قالت الشركة إنها ستكلفها 50 مليون جنيه إسترليني (60 مليون دولار). وكانت المفاوضات بين إدارة الشركة ونقابة الطيارين حول زيادة الأجور وصلت إلى طريق مسدود ما أدى إلى تنفيذ الإضراب غير المسبوق في مداه ونطاقه.
وألقى رئيس الشركة باللوم على نقابة الطيارين، مشيرا إلى أن العرض الذي قدمته الشركة لزيادة الأجور عادل تماما، وأن نقابات المضيفين والطواقم الأرضية قبلوا به. إلا أن طياري الشركة وعددهم 4300 طيار رفضوا عرض الإدارة وتمسكوا بمطلبهم.
ارتفاع صاروخي
مع أن أسعار تذاكر السفر تتذبذب موسميا حسب العرض والطلب، وتزيد خصوصا في أوقات العطلات وتحديدا الرحلات إلى المواقع السياحية، إلا أنها تظل في نطاق معقول إلى حد كبير. لكن ما حدث في يومي الإضراب أدى إلى أكثر من غليان في أسعار السفر من بريطانيا إلى كثير من الجهات التي تسير الخطوط الجوية البريطانية رحلات إليها.
فقد وصل ارتفاع سعر تذكرة السفر لبعض الجهات إلى نسبة 2200%، وتحديدا لوجهات السفر القصير لفترات قصيرة.
على سبيل المثال، وصل سعر تذكرة السفر من لندن إلى نيس في جنوب فرنسا والعودة على شكرة إيزي جيت إلى 1272 جنيها إسترلينيا (1573 دولارا) للدرجة السياحية، أي بدون تخصيص مقعد ولا تقديم طعام أو شراب ولا أمتعة للشحن.
وبيعت تذاكر رحلات إيزي جيت لذلك الخط على مدى يومي الإضراب بالكامل.
وإذا عرفنا أن سعر تذكرة تلك الرحلة التي لا تستغرق ساعتين على الخطوط البريطانية في أيام شهر سبتمبر (أيلول) الأخرى هي 58 جنيها إسترلينيا (أقل من 70 دولارا) على الدرجة السياحية يكون الارتفاع الآن 22 ضعفا.
أما رحلات لندن إلى القاهرة، التي لا يزيد سعر البطاقة لها في المتوسط عن 415 جنيها إسترلينيا (نحو 500 دولار) على الدرجة السياحية للخطوط البريطانية فقد وصل سعرها ليومي الاثنين والثلاثاء إلى 2502 جنيه إسترليني (نحو 3 آلاف دولار).
وبالطبع استفادت شركة مصر للطيران، الوحيدة التي تسير رحلات مباشرة من لندن إلى القاهرة غير الخطوط البريطانية، من ارتفاع أسعار التذاكر مع زيادة الطلب على الحجز في يومي الإضراب. لكن طاقة الاستيعاب لم تكف لحجز من تعطل سفرهم ممن حجزوا على الخطوط البريطانية.
مشكلات الشركة
يقول الطيارون في تبرير مطالبهم بزيادة الأجور إنهم تحملوا كثيرا، ولم يتذمروا من عدم رفع رواتبهم في أوقات أزمات الشركة المالية وضعف عائداتها وأرباحها. لكنهم يرون أن لهم حقا فيما أعلنته الشركة أخيرا من زيادة أرباحها بنحو 10%.
ومنذ اندماج الخطوط البريطانية مع خطوط ايبيريا الإسبانية عام 2011 في صفقة بقيمة 5 مليارات جنيه إسترليني (نحو 6 مليارات دولار)، لتصبح تحت مجموعة آي إيه جي، والشركة تتحسن عائداتها وأرباحها. وتأتي النسبة الأكبر من أرباح المجموعة من الشركة البريطانية التي حققت العام الماضي أرباحا تشغيلية بلغت 2 مليار يورو (نحو 2.2 مليار دولار).
لكن الشركة البريطانية، التي كانت من قبل من أفضل شركات الطيران في العالم تدهورت بشدة ليأتي ترتيبها 31 بين شركات الطيران في تصنيف سكاي تراكس العام الماضي. وفي مسح في بريطانيا لجودة الخدمة شمل 100 شركة جاءت الخطوط الجوية البريطانية في المرتبة 83.
وفي العام الماضي تعرضت الشركة لهجوم الكتروني من قراصنة تمكنوا من سرقة بيانات نصف مليون من زبائنها، ونتيجة ضعف الحماية الالكترونية لأنظمة الشركة غرّمها مكتب مفوض المعلومات البريطاني 183 مليون جنيه استرليني (نحو 220 مليون دولار).
وفي شهر يوليو (تموز) أدى عطل الأنظمة الالكترونية للشركة إلى إلغاء أو تأخير نحو 500 رحلة، ما أدى إلى تعطل المسافرين وتحمل الشركة خسائر تعويضهم. ويشكو المسافرون على الخطوط البريطانية من تدهور جودة خدمة العملاء لدى الشركة في السنوات الأخيرة.
ويأتي الإضراب الأخير ليزيد من مشاكل الشركة المتكررة، خصوصا في موسم العطلات وبدء العودة للدراسة. وإذا لم يحل خلاف الشركة مع طياريها سيتكرر الأمر يوم 27 سبتمبر المقرر أن يشهد إضرابا مماثلا.