ملخص
تنوي المفوضية الأوروبية تقديم أكثر من 210 ملايين يورو لدعم موريتانيا في إدارة تدفقات المهاجرين
شهدت العاصمة الموريتانية نواكشوط حراكاً دبلوماسياً أوروبياً لافتاً، الأسبوع الماضي، حيث زارتها مفوضة الاتحاد الأوروبي أورسولا فون دير لاين ورئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز.
وأجرى الضيفان الأوروبيان محادثات مع الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني تطرقت إلى القضايا التي تؤرق القارة العجوز، حيث تأمل المفوضة ورئيس وزراء أقرب دولة أوروبية إلى أفريقيا، بلعب نواكشوط أدواراً أكثر فاعلية لتعويض التغيرات الجيوستراتيجية التي عصفت بكيانات الدول الأفريقية بفعل الانقلابات والحروب الأهلية.
مديح أوروبي
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية إن الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني يقوم بجهود تستحق الثناء. وثمنت المسؤولة الأوروبية في تغريدة عبر منصة، أمس، خلال مقامها في نواكشوط، إيواء موريتانيا أعداداً كبيرة من اللاجئين الماليين وجهودها في مجال محاربة الهجرة غير النظامية.
وتطرح قضية المهاجرين غير النظاميين معضلة تنموية وسياسية في أوروبا عموماً ودول التماس مع أفريقيا خصوصاً. ويرى الصحافي الموريتاني المقيم في إسبانيا، محمد الأمين خطاري أنه "لا يمكن أن نغفل الحديث عن الأشهر الثلاثة الأخيرة التي شهدت تزايداً كبيراً في عدد الوافدين من نواذيبو (شمال موريتانيا) تحديداً. ففي غضون ثلاثة أشهر بالضبط وصل خمسة آلاف مهاجر غير شرعي وهو ما يمثل 83 في المئة من المهاجرين القادمين من نواذيبو إلى إسبانيا، وهو ما دق نواقيس الخطر وجعل الحكومة الإسبانية تطرق أبواب بروكسل لبحث مسألة الهجرة وكيفية مساعدة موريتانيا في هذا المجال".
ويضيف خطاري في شأن أهمية موريتانيا لأوروبا بصورة عامة وإسبانيا بشكل خاص. ويقول "هي أهمية استراتيجية، فالرؤية الأمنية التي أسس لها حلف شمال الأطلسي في اجتماعه الأخير بمدريد وضع استراتيجية أمنية لـ10 سنوات مقبلة، وأسمي موريتانيا في هذه الاستراتيجية بالجناح الجنوبي".
Mauritania is critical to ensure stability in the region.
— Ursula von der Leyen (@vonderleyen) February 8, 2024
The EU is increasing its support to regional security, to €40 million this year.
To equip a new battalion to secure the border with Mali and fight terrorism.
And train officers at the Collège de Défense. pic.twitter.com/dQF2sSH3lM
جولات الفرض الضائعة
وتطرح بعض النخب الموريتانية تاريخ العلاقات الأوروبية مع موريتانيا كنموذج لضياع فرص من الشراكات قد أهدرت في العقود الماضية. وقال الوزير السابق محمد ولد أمين "تابعت بانتباه شبه مكتمل زيارة رئيس الحكومة الإسبانية والمفوضة الأوروبية إلى نواكشوط، وأهم نقطة في كل ما أثير كانت تصريحاً منسوباً للمفوضة تقول فيه إنه لا مانع لدى أوروبا من تطوير صناعة الصلب في موريتانيا خصوصاً مع توافر موارد الطاقة الجديدة".
وطالب ولد أمين سلطات بلاده "بتسريع تحضير طلبات تمويل لبناء مصانع تكوير، وصلب، ورصيف غاز مسال، وقاطرات تحميل، موجهة إلى البنك الأوروبي للاستثمار الذي يتمتع بمجال واسع في الاستعانة بشركات الصلب الأوروبية المختنقة، التي تبحث عن طرق لإعادة الانتشار".
ويرى الباحث الاقتصادي الموريتاني الشيخ المهدي أن "بإمكان موريتانيا أن تزيد من حجم وتنوع مجالات التعاون الاقتصادي مع أوروبا في ظل قرب بدء تصدير الغاز الموريتاني، وعلى السلطات الموريتانية أن تؤمن مصالحها مع أوروبا انطلاقاً من حجم حاجة القارة العجوز لخدمات نواكشوط في مجالات التعاون الأمني والاقتصادي والبيئي والحرب على عصابات المخدرات التي تتخذ من مياه موريتانيا طريقاً للوصول إلى المستهلكين المحتملين في العواصم الأوروبية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
آمال عريضة
من جهتها، أعلنت فون دير لاين أن المفوضية الأوروبية تنوي تقديم أكثر من 210 ملايين يورو لدعم موريتانيا في إدارة تدفقات المهاجرين، ومعالجة الأسباب الجذرية للهجرة وتقديم المساعدة الإنسانية للاجئين واتخاذ إجراءات صارمة ضد المتاجرين بالبشر.
وفي هذا الصدد يعتبر رئيس "نادي نواكشوط التنموي"، الخير التراد، أن "هذه التعهدات ستغير من واقع التنمية في موريتانيا إن تم استغلال عائداتها في خلق واقع اقتصادي مغاير لما هو سائد اليوم".
وبحسب بيان للمفوضية الأوروبية وزع في نواكشوط بعيد انتهاء زيارة فون دير لاين، فإن هذه "الفرص ستعزز حظوظ الشباب الموريتاني، باعتبار أن انعدام الأمن ونقص الفرص الاقتصادية في المنطقة يدفعان كثيراً من الناس إلى الهجرة، مما يؤدي إلى وقوع عديد من الأشخاص في فخ المهربين وتعرض حياتهم للخطر". وأضاف بيان المفوضية أن "استثمارات الاتحاد الأوروبي في مشاريع الهيدروجين الأخضر بموريتانيا، ضمن برنامج استثمار البوابة العالمية ستصل إلى 300 مليار يورو لتمويل المشاريع الخضراء والرقمية في البلدان الشريكة، للاتحاد، ومن بينها موريتانيا".
ويشير خطاري إلى جزئية مهمة قد تكون هي السبب وراء الاهتمام الأوروبي الزائد بموريتانيا، وهي "الحضور الروسي في بعض البلدان الأفريقية المجاورة وما ينذر به ذلك من احتمال حدوث إشكالات تقلق الأوروبيين إضافة إلى الهجرة. كل هذا أسهم في محورية واستراتيجية النظرة إلى موريتانيا، ولعل هذا هو أحد أسباب تحرك الأوروبيين".
وتشير الأرقام إلى أنه في يناير (كانون الثاني) 2024، عبر نحو 7720 شخصاً المحيط الأطلسي بالقوارب للوصول إلى جزر الكناري الإسبانية، بزيادة تزيد على 1000 في المئة مقارنة مع يناير 2023، وفقاً لبيانات وزارة الداخلية الإسبانية، إضافة إلى أن أكثر من 80 في المئة من القوارب التي وصلت إلى إسبانيا انطلقت من موريتانيا.