Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عيون دمشق على أبواب السفارات العربية بعد سبع سنوات عجاف

يعتقد سياسيون أن الانفتاح الدبلوماسي الأخير هو تحرك لانتزاع سوريا من التحالف السوري - الإيراني والسوري - الروسي

تُسخّر موسكو كل الإمكانات لخلق مناخ ملائم للتصالح مع المحيط الإقليمي لسوريا (أ. ف. ب)

تشخصُ عيونُ السوريين إلى أبواب السفارات العربية التي تُفتح من جديد مع دفءٍ يتغلغلُ من باب الدبلوماسية، خصوصاً الخليجية منها. وفيما كسرت الإمارات أولاً جليد العلاقات السياسية المتراكم خلال سنوات الحرب بافتتاح سفارتها، بعدما غادرت بعثتها الدبلوماسية في فبراير (شباط) 2012، حينما قرر مجلس التعاون لدول الخليج قطع العلاقات مع سوريا لتتجه أنظار السوريين بعد الخطوة الإماراتية، وبعدها البحرينية، إلى الحي الدمشقي الشهير "أبو رمانة"، حيث مقر السفارة السعودية. وينتظر السوريون هذا الحدث إيذاناً بإعادة ترتيب أوراق اللاعبين السياسيين على الساحة السورية، خصوصاً مع ترقب عودة مقعدها إلى جامعة الدول العربية.

شتاء سوريا البارد سياسياً يتحول إلى صفيحٍ ساخنٍ، بعد انتقال المناورات من العسكرية إلى الدبلوماسية، وليُطرح السؤال الكبير كيف تُعيد دمشق تقويم علاقاتها السياسية من جديد مع دول قاطعتها سابقاً؟ وهل إعادة النظر بكثير من التحالفات ومنها التحالف (السوري - الروسي) يمهد لمزيد من سفارات يُعاد فتحها على الأرض السورية؟ خصوصاً أنها مقبلة على إعادة إعمار مدنها المدمرة وشبه المدمرة المتأثرة بالنزاع المسلح، والتي قدرت تكلفتها بـ250 مليار دولار، وفق المبعوث السابق للأمم المتحدة الخاص بسوريا ستيفان ديمستورا.

يصف سياسيون الانفتاح الدبلوماسي الأخير بأنه تحرك لانتزاع سوريا من التحالف السوري – الإيراني، والسوري - الروسي، خصوصاً بعدما أدى التحالف الأخير دوراً كبيراً في ملء الفراغ الحاصل، بعد القطيعة الدبلوماسية والاقتصادية والسياسية، وهذا ما تجده المعارضة تطوراً لا يصب في مصلحة سعيها إلى إسقاط السلطة.

تصف دمشق هذه الخطوة بالإيجابية، وهي "الأساس في توحيد الصف العربي، إلا أن واقع الحال منذ بدء الأحداث في سوريا أظهر سياسة عداء من قبل البعض"، وفق وصف آلان بكر، عضو مجلس الشعب السوري. وأضاف أن "تكون علاقات هذه الدول مع دمشق علاقات جيدة أو إيجابية هو أمر بديهي، إنطلاقاً من أن هناك خطوات أخرى ينبغي أن تتخذها بعض الدول، خصوصاً وقف دعم وتمويل الإرهاب". واعتبر بكر أن "هذه المسألة ليست بسيطة، لا سيما أن هناك أنظمة تنتظر التعليمات من واشنطن في النهاية. ولجوء هذه الدول إلى قطع العلاقات أو استئنافها لا يعني نهاية العالم بالنسبة إلى سوريا، التي ستبحث في كل حالة على حدة وتراقب عن كثب موقف بعض الدول من دعم الإرهاب".

وعلى الرغم من أن موسكو تُسخّر كل الإمكانات لخلق مناخ ملائم للتصالح مع المحيط الإقليمي لسوريا، مستفيدة من تحسن العلاقات الروسية مع دول مثل السعودية وتركيا، إلا أن أطرافاً في المعارضة السياسية تجد أن هذا التطور خطير، خصوصاً أنها كسرت عزلة سوريا عربياً، ومن ثم دولياً.

وقال وليد البني، الرئيس السابق لمكتب العلاقات الخارجية في المجلس السوري الوطني المعارض وعضو سابق في الهيئة السياسية للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، "أعتقد أن الإمارات لم تقطع علاقتها مع النظام أصلاً، وقد عملت بقوة على إقناع السعوديين بإعادة العلاقات معه. طبعاً، هي خطوة ضارة جداً، إذ تُرسل رسالة إلى دمشق أن هذه الدولة غير معنية بكل تلك الجرائم الشنيعة التي أرتكبت ضد السوريين بدعم إيراني". وتوقع البني أن تستمر الإمارات بالعمل على إقناع الدول العربية الأخرى بإعادة الإرتباط مع سوريا لتبقى الكلمة الأخيرة للأميركيين والأوروبيين.

من جهته، قال بكر إن المسألة ليست مسألة توقعات، إنما هناك خطوات لا بد لبعض الدول من إتخاذها قبل الحديث عن فتح سفارات. وأضاف "نحن ننظر إلى الأمور بمقاربة مختلفة، وعلى العالم أن يعي دور سوريا وأهمية العلاقة معها. وفي ميزان العلاقات مع دول الخليج العربي نحن نقيّم، ومن ثم نحدد مع من سنتعامل".

وأكد بكر أن "قرار إعادة العلاقات ليس قراراً سياسياً فحسب، بل هو قرار شعبي تضعه الدولة السورية أولاً"، لأن "الشعب السوري الذي عانى ويلات الإرهاب له كلمته، لذلك سيحدد المستقبل شكل العلاقة مع الجميع". وأضاف أن "دمشق لم تقطع علاقاتها مع أي دولة، وسعي بعضها إلى إستئناف العلاقات من خلال إعادة فتح السفارات خطوة في الاتجاه الصحيح".

وعلى الرغم أن السعودية نفت في بيان لوزارة خارجيتها نيتها إفتتاح سفارتها في سوريا، تتوقع أوساط دبلوماسية عودة السفارة الكويتية إلى سوريا، مع ترحيب رسمي إيراني لعودة العلاقات الدبلوماسية بين سوريا والخليج، في إشارة من طهران إلى أن ذلك لن يؤثر على التحالف السوري - الإيراني، كونه يتمتع بعمق إستراتيجي وسياسي كبيرين.

وكانت سوريا تعرضت لعقوبات دبلوماسية واقتصادية من قِبل الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية، التي جمدت عضويتها في 12 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2011. ومن خلال تعليق مشاركة وفود سوريا في اجتماعات الجامعة العربية وجميع المنظمات والأجهزة التابعة اعتباراً من تاريخ 16 نوفمبر من العام نفسه، إلى حين قيامها بالتنفيذ الكامل لتعهداتها وتوفير الحماية للمدنيين السوريين من خلال الاتصال بين المنظمات العربية والدولية المعنية.

يذكر أن 18 دولة عربية صوتت لمصلحة القرار، في حين رفضه لبنان واليمن وسوريا، فيما امتنع العراق عن التصويت. ووصفت دمشق قرار الجامعة العربية بتعليق عضويتها بـ"غير القانوني والمخالف لميثاقها ونظامها الداخلي"، بينما رحبت قوى المعارضة السورية بالقرار.

المزيد من الشرق الأوسط