Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف تضرر اقتصاد واشنطن وبكين من رسوم ترمب والحرب التجارية؟

العجز التجاري الصيني يواصل الصعود يقابله صعود العجز الأميركي لأعلى مستوى في 10 سنوات

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يكثف الضغوط على الصين ويؤثر على اقتصاد البلدين (أ.ف.ب)

أشارت بيانات رسمية حديثة إلى أن الرسوم التجارية التي يفرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب على بكين، بدأت تداعياتها في البيانات والأرقام التي تعلنها الحكومة الصينية.

وفيما تتحدث المؤسسات الدولية وشركات الأبحاث عن ركود اقتصادي وشيك بسبب الحروب التجارية التي يواصل الرئيس الأميركي خوضها، لكن بالفعل بدأت مؤشرات الركود تظهر في البيانات والأرقام الرسمية التي تشير إلى تراجع حركة التجارة عالمياً بنسبة كبيرة، إضافة إلى تراجع إجمالي الصادرات خاصة الصينية والأميركية.

بيانات حديثة أعلنتها إدارة الجمارك الصينية أشارت إلى تراجع صادرات الصين بنسبة 1% على غير المتوقع خلال شهر أغسطس (آب) الماضي مقارنة بالأرقام المحققة خلال نفس الفترة من العام الماضي، متأثرة في ذلك بتصاعد حرب التجارة الصينية الأميركية واستمرار ضعف الطلب العالمي.

وأشارت البيانات إلى تراجع إجمالي الواردات الصينية بنسبة 5.6% على أساس سنوي، في قراءة أقل بقليل من هبوط متوقع عند 6% ودون تغير عن مستوى الانخفاض المسجل في شهر يوليو (تموز) الماضي.

ووفق هذه البيانات، بلغ الفائض التجاري للصين نحو 34.84 مليار دولار في أغسطس (آب) الماضي، مقارنة مع 45.06 مليار في يوليو (تموز) الماضي.

وشهد أغسطس (آب) الماضي، تصعيدا في النزاع التجاري المرير الدائر منذ عام، مع إعلان واشنطن عن رسوم جمركية بنسبة 15% على تشكيلة واسعة من السلع الصينية بدءا من أول سبتمبر (أيلول) الحالي، لترد الصين برسوم انتقامية، وتسمح لعملتها اليوان بالانخفاض بشدة لتخفيف ضغط الرسوم.

ومن المقرر أن تدخل مزيد من الرسوم الأميركية حيز التنفيذ في أول أكتوبر (تشرين الأول) و15 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين.

وكانت الصين والولايات المتحدة اتفقتا الخميس الماضي على إجراء مباحثات تجارية رفيعة المستوى أوائل أكتوبر (تشرين الأول) في واشنطن، في أول مباحثات مباشرة بين الجانبين منذ اجتماع لم يكلل بالنجاح في نهاية يوليو (تموز) الماضي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

صادرات الصين تتراجع 16% لـ 44.4 مليار دولار

وتشير البيانات إلى أن صادرات الصين للولايات المتحدة شهدت تراجعاً كبيراً خلال شهر أغسطس (آب) الماضي بنسبة 16% لتصل إلى 44.4 مليار دولار.

كما تراجعت الواردات الأميركية إلى الصين خلال أغسطس (آب) الماضي بنسبة 22% لتصل إلى 10.3 مليار دولار. لكن بشكل عام، فقد شهدت صادرات الصين للعالم الخارجي انخفاضا بنسبة 3% لتصل إلى 214 مليار دولار، فيما زادت وارداتها بنسبة 1.7% لتصل إلى 180 مليار دولار، غير أن الفائض التجاري العالمي لبكين ارتفع بنسبة 25% ليصل إلى 34.8 مليار دولار بالمقارنة بعام مضى.

في نفس السياق، أفادت بيانات أعلنتها الإدارة الصينية العامة للجمارك، بأن الصين استوردت 42.17 مليون طن من النفط الخام في أغسطس (آب) الماضي، بزيادة بلغت نسبتها نحو 2.8% من 41.04 مليون طن في الشهر السابق.

وزادت واردات المنتجات النفطية 28.4% إلى 2.09 مليون طن في حين تراجعت صادراتها 25.8 % إلى 4.08 مليون طن.

العجز التجاري الأميركي يسجل أعلى مستوى في 10 سنوات

في المقابل، ارتفع العجز التجاري في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى في 10 سنوات خلال العام الماضي، ليسجل نحو 621 مليار دولار العام الماضي.

بينما سجل العجز في الميزان التجاري مع الصين مستوى قياسياً بلغ 419 مليار دولار لصالح بكين، على الرغم من فرض إدارة الرئيس الأميركي رسوماً على نطاق واسع من السلع المستوردة في مسعى لتقليص الفجوة.

وفي وقت سابق، قالت وزارة التجارة الأميركية، إن العجز التجاري سجل قفزة بنسبة 18.8% في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بما أسهم في تسجيل عجز إجمالي قدره 621 مليار دولار خلال العام الماضي.

لكن العجز المسجل في 2018 هو الأعلى منذ عام 2008، وأعقب عجزاً بلغ 552.3 مليار دولار في 2017 بزيادة 68.7 مليار دولار مسجلاً نسبة زيادة تجاوزت نحو 11%.

ومن المحتمل نمو الواردات السلعية والخدمية الأميركية بمعدل يزيد على نظيرة الخاص بالصادرات السلعية والخدمية بقيمة 1.6 نقطة مئوية خلال العام 2019 مقارنة بحوالي 0.6 نقطة مئوية عام 2018، وتشير التوقعات إلى استمرار الارتفاع في عجز الميزان التجاري السلعي الأميركي ليصل إلى 929.7 مليار دولار خلال العام 2019.

وربما تفسر هذه البيانات ما يفعله الرئيس الأميركي ويواصله من فرض المزيد من الرسوم على الصين مع استعداده لفتح حروب تجارية أخرى. وأزعجت أرقام التبادل التجاري بين البلدين الرئيس "ترمب"، ودفعته لإعلان فرض رسوم وضرائب على واردات قادمة من الصين بنسبة وصلت إلى 25%، في يونيو (حزيران) من العام الماضي.

وبحلول نهاية العام الحالي، ستكون كل الواردات الأميركية القادمة من الصين التي تبلغ قيمتها الإجمالية حوالي 540 مليار دولار استنادا إلى أرقام 2018، تخضع لرسوم إضافية إذ إن الحزمة الأخيرة من هذه الرسوم ستدخل حيز التنفيذ في 15 ديسمبر (كانون الأول).

كيف يقف المستهلكون في وجه الركود المحتمل؟

وعلى صعيد الركود الاقتصادي المحتمل، فإن هناك إجماعا متزايدا على أنه على الرغم من كل هذه التوترات التجارية التي تثير قلق الأسواق وسلاسل التوريد العالمية، فإنه طالما ظل المستهلكون صامدون فإن الولايات المتحدة من المحتمل أن تتجنب هذا الركود الاقتصادي المتوقع.

وفي مقال نشرته وكالة "بلومبيرغ أوبنيون" لمدير محافظ الاستثمار في "نيو ريفر إنفيسمنت"، كونور سين، فإن الواقع يظهر أن حدوث تراجع كبير في استثمارات الشركات بسبب التوترات التجارية وضعف الصناعة العالمية قد يكون أمراً كافياً ليطلق حملة تسريح عمالة ويقلص الاستهلاك، وبالتالي فهذا هو الخطر الرئيسي الذي يجب التركيز عليه.

وأدت آلية مشابهة إلى ركود عام 2001، ولكن تركيب الاستثمار في الأعمال التجارية تغير على مدار الـ 20 عاما الماضية، والتكوين الحالي لا يظهر الإشارات المقلقة التي كانت موجودة في نهاية تسعينيات القرن الماضي.

وتضم استثمارات الشركات كل شيء من بناء مباني المكاتب الجديدة إلى معدات السوفت ووير والمعدات الزراعية، فكل تلك الأنشطة مصنفة على أنها استثمارات ثابتة خاصة غير السكنية. وتعد تلك الفئة من النشاط الاقتصادي دورية، وبشكل عام ترتفع كحصة من الناتج الإجمالي المحلي في فترات النمو وتهبط بسرعة في فترات الركود، والاستثناء الوحيد كان التوسع الذي حدث من 1983 وحتى 1990.

وعلى مدار الـ 35 عاماً الماضية، فإن أعلى حصة حصلت عليها كنسبة مئوية إلى الناتج الإجمالي المحلي كانت في الربع الثالث من 2000 قبل بدء ركود عام 2001. لكن في الوقت الحالي فإن استثمارات الشركات كحصة من الناتج الإجمالي المحلي أعلى قليلاً من المتوسط التاريخي، ولكن لا تظهر إشارات الفائض التي أثارت الاتجاه الهابط سابقاً.

ولكن المعدل فوق المتوسط بقليل قد ينخفض إلى دون المتوسط قليلاً في أي وقت، بالنظر إلى حالات الصدمات الخارجية، لذلك فإن المستثمرين يجب أن يراقبوا الأمور عن كثب.

هكذا يتم تقسيم استثمارات الشركات

ويتم تقسيم الاستثمارات إلى ثلاثة أقسام رئيسة، وهي المعدات التي تمثل 43% من استثمارات الأعمال، ومنتجات الملكية الفكرية التي تمثل نحو 35%، والهياكل (التركيب) التي تمثل نحو 22%.

لكن عنصراً واحداً من فئة المعدات وهو معالجة المعلومات، الذي يتضمن أجهزة الكمبيوتر ومعدات الاتصالات الأخرى ذات الصلة، يشكل وحده نحو 15% من إجمالي استثمارات الأعمال.

وشهدت هذه الفئة توسعا كبيراً في فترة طفرة تكنولوجية خلال أعوام التسعينيات في القرن الماضي، والتي بلغت ذروتها حينما سجلت نحو 3% من الناتج الإجمالي المحلي خلال العام 2000، ثم هبطت بشكل حاد في 2001 و2002، ولم تنجح في التعافي لقمتها السابقة بعد ذلك.

وحتى في العقد الأول من الألفية الجديدة حينما تم تعريف النمو الاقتصادي على نحو كبير في الروايات الشعبية بـ"وادي السيلكون"، فإن حصة هذه الفئة من الناتج المحلي ظلت ثابتة.

والهياكل (التركيب) هي العنصر الثاني الذي يستحق البحث، ففي حين أن كساد 2008 كان معروفاً أكثر في سياق أسواق الائتمان والأسر، فإن الطفرة التي حدثت في فئة التركيب كانت واضحة أيضاً. وجزء من هذه الطفرة جاءت بسبب النمو المبكر في صناعة التكسير الهيدروليكي الذي شهد دورة ازدهار وركود سريعة، حيث بلغت أسعار النفط ذروتها في عام 2008 قبل أن تنهار جنباً إلى جنب مع النمو العالمي، وهذا ما يفسر أيضاً الدورة الصغيرة التي شهدتها السوق بين عامي 2013 و2016.

لكن الأمر الواضح خلال العام الحالي هو أنه لا توجد في الوقت الحالي أي علامات على وجود فائض أو تجاوز للقدرة المحتملة.

وهناك المكون الذي هو أكثر عرضة للتدقيق وهو الملكية الفكرية، حيث أن استثماراتها كنسبة مئوية من الناتج الإجمالي المحلي عند أعلى مستوى على الإطلاق عند مستوى 4.7%.

وفي أسواق التداول العام، فإن أسهم النمو لشركات البرامج السحابية والسوفت ووير تتمتع بأعلى تقييمات على الإطلاق. وتعد مستويات الاستثمار العالية المقترنة بتقييمات مرتفعة لشركات النمو في صناعة ما مؤشرات على وجود فقاعة، لذلك ربما هذا شيء يجب أن نشعر بالقلق بشأنه.

ولكن الوفرة غير المنطقية ليست هي التفسير الوحيد، فكل الشركات تعتمد الآن على نحو متزايد على السوفت ووير، وفي آخر دورتين هبوطيتين حتى في الدورة الهبوطية التي كانت التكنولوجيا سبباً فيها في عام 2001 لم يحدث انهيار في استثمار الملكية الفكرية.

وليس من الواضح ما إذا كان ذلك النوع الاستثمار لديه نفس شدة ديناميات الصعود والكساد الموجودة في العقارات أو الطاقة أو التصنيع. لكن من الممكن أن تؤدي الصدمة التجارية الكبيرة أو الركود في دول مثل ألمانيا أو الصين إلى إلحاق ضرر كافي بالنمو العالمي الذي يضر باستثمار الشركات الأمريكية وخفض الاستهلاك. وباستخدام التجارب التاريخية والدورات الصناعية كدليل، فإنه لا يوجد أي مؤشر واضح واحد للفشل يمكن أن يثير القلق، سواء كانت مباني أو تصنيع أو طاقة أو تكنولوجيا.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد