اكتشف الباحثون أنّ النباتيين والنباتيين الصرف (= الذين يقتصر طعامهم على المآكل النباتية) يواجهون مخاطر أقل في التعرض للإصابة بأمراض شرايين القلب التاجيّة بالمقارنة مع آكلي اللحوم. وفي المقابل، يتعرض النباتيون في الجملة إلى مخاطر أكثر من سواهم بالنسبة للإصابة بالسكتة الدماغية.
إذ دقّقت الدراسة التي أجرتها جامعة أوكسفورد في بيانات تعود إلى أكثر من 48 ألف بالغ شاركوا في دراسة أوسع منها بين العامين 1993 و2001 ولم يعانوا البتّة من أمراض القلب أو سكتات الدماغ. وطُلِبَ إلى المشاركين الإجابة عن أسئلة تتعلّق بنمط حياتهم وتاريخهم الطبي ونظامهم الغذائي، وبناءً على ذلك، صنّفهم فريق الباحثين في ثلاثة خانات هي آكلي اللحوم (24428 شخص) والنباتيين والنباتيين الصرف (16254 شخص) وآكلي الأسماك (7506 أشخاص).
وفي خطوة تالية، وُجّهت بعض هذه الأسئلة إليهم مجدداً في العام 2010 بهدف إعادة تصنيف الأشخاص الذين بدّلوا نظامهم الغذائي. وجرت متابعة الوضع الصحي للمشاركين في الدراسة لغاية شهر مارس (آذار) من العام 2016. ووُثِّقَت بحلول هذا التاريخ 2820 إصابة بمرض القلب التاجي و1072 إصابة بالسكتة الدماغية.
وبعد تعديل النتائج وفق العوامل التي يمكن أن تؤثر فيها، وتشمل العمر والجنس والتدخين والمستوى الاجتماعي والاقتصادي، وجد الباحثون أنّ خطر الإصابة بأمراض القلب لدى آكلي الأسماك يقل بـ13 في المئة عن آكلي اللحوم، كما كانت تلك الأمراض أقل بـ22 في المئة لدى من يتّبعون النظام النباتي والنباتي الصرف.
وفي المقابل، يزيد احتمال إصابة النباتيين بالسكتة الدماغية بـ20 في المئة بالمقارنة مع آكلي اللحوم. ولم يتّضح الأثر كلّياً بالمقارنة مع آكلي الأسماك.
وفي ذلك السياق، كشفت النتائج إجمالاً أنّه خلال فترة عشر سنوات، يقلّ عدد المصابين بمرض القلب التاجي بين صفوف النباتيين والنباتيين الصرف بعشرة حالات لكل ألف شخص بالمقارنة مع آكلي اللحوم، لكن عدد المصابين بالسكتة الدماغية يزيد في صفوفهم بثلاثة حالات عن آكلي اللحوم.
واستناداً إلى ذلك، اعتبر الفريق أنّ زيادة احتمال الإصابة بالسكتة ربما يعود إلى تراجع مستويات الفيتامينات لدى النباتيين والنباتيين الصرف المشاركين في الدراسة.
"لقد وجدنا انخفاضاً في إمكانية إصابة آكلي الأسماك والنباتيين بمرض نقص وصول الدم إلى عضلة القلب، بالمقارنة مع آكلي اللحوم. ويبدو أن السبب يعود جزئياً إلى انخفاض مؤشر كتلة أجسامهم وتراجع معدلات ارتفاع ضغط الدم والكوليسترول والسكري المرتبطة بهذه الأنظمة الغذائية"، وفق كلمات الباحثين.
وفي مقلب آخر من المشهد نفسه، أقرّ الفريق أنّ الدراسة المنشورة في المجلة الطبية "بريتيش ميديكال جورنال" تعاني من بعض الثغرات مثل اعتمادها على التبليغ الذاتي للمشاركين عن معلوماتهم الشخصية وانحصارها بأشخاص من العرق الأبيض يعيشون داخل المملكة المتحدة.
وكذلك ذكرت ترايسي باركر، وهي متخصصة كبرى في التغذية تعمل في "مؤسسة القلب البريطانية"، إنّ "هذه الدراسة تقدم إثباتاً إضافياً على دور الإكثار من استهلاك الأطعمة القائمة على النباتات في تقليص مخاطر إصابتنا بأمراض القلب. ولكنها وجدت أيضاً أنّ النباتيين، وضمنهم النباتيين الصرف، يواجهون خطراً أكبر في التعرّض للسكتات الدماغية بالمقارنة مع آكلي اللحوم، ربما بسبب نقص استهلاكهم بعض العناصر الغذائية. وفيما تعتبر النتيجة لافتة، تظل تلك الدراسة في خانة المراقبة ولا توفّر ما يكفي من الإثبات على هذه النقطة، لذا يجب القيام بالمزيد من الأبحاث حولها".
وشرحت باركر أنّ الناس يستطيعون تقليص مخاطر إصابتهم بأمراض القلب والشرايين عبر اتباعهم نظاماً غذائياً متوازناً فيه كثير من الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والبقوليات والعدس والمكسرات والبذور.
وأضافت، "بالنسبة لمن يتناولون اللحوم، يُنصح بالتقليص من كميتها إلى أقل من 90 غراماً في اليوم".
© The Independent