ملخص
أطباء تعلموا بالذكاء الاصطناعي وتدربوا على مرضى افتراضيين... إليكم قصتهم
بعد أن أصبح الذكاء الاصطناعي جزءاً لا يتجزأ من الرعاية الصحية وتم اعتماده من قبل عديد من المؤسسات الطبية في جميع أنحاء المعمورة. ها نحن أولاء أمام مشهد جديد يحدث فيها الذكاء الاصطناعي بأدواته المذهلة ثورة حقيقية في مجال التعليم الطبي بدأ طلاب الطب يلمسونها لمس اليد لا سيما في الدول المتقدمة.
وتعتمد حالياً 11 كلية طب في الولايات المتحدة الأميركية وكندا وكوريا الجنوبية مناهج تجريبية للذكاء الاصطناعي، تسهم في رفع مستوى التعليم الطبي ويستفيد فيها الطلاب من الأنظمة الذكية التي تلعب دور المعلمين الأكفاء وتساعد في تطوير استراتيجيات جديدة للمعلمين، ومن ثم يمهد التعليم الطبي المتكامل بالذكاء الاصطناعي لخلق فرص جديدة لتطوير التعليم وتقديم المساعدة اللازمة في البحوث الأكاديمية وإدخال قفزة نوعية بطريقة إدارة الجامعات الطبية.
الذكاء الاصطناعي في التعليم الطبي
بدأت بعض الجامعات في العالم استخدام روبوتات الدردشة، وأنظمة التعليم الذكية (ITSs)، والمرضى الافتراضيين، بغية دمج أدوات الذكاء الاصطناعي في التعلم وتعزيز معرفة الطلاب وتنمية مهاراتهم وفهمهم المفاهيم الطبية المعقدة.
روبوتات الدردشة
وبالفعل، دخلت روبوتات الدردشة Chatbots، وهي أنظمة ذكاء اصطناعي مبرمجة للفهم وللمعالجة والرد على الاستفسارات البشرية ضمن المناهج الطبية، ونظراً إلى أن معظم طلاب الطب يمتلكون هاتفاً ذكياً أو جهازاً لوحياً، فقد انتشرت هذه الروبوتات بسهولة بينهم وحظيت باهتمام كبير نظراً إلى قدرتها على إنشاء نص يشبه الإنسان وإشراك المستخدمين في محادثة تفاعلية.
في سياق التعليم الطبي يمكن لروبوتات الدردشة أتمتة المهام التي تستغرق وقتاً طويلاً بكفاءة، مثل تلخيص وتقييم البحوث والأدبيات الطبية، كما تستخدم كمساعد تعليمي افتراضي للإجابة عن استفسارات المتعلمين واقتراح المواد المرجعية، كل ذلك يضاف إلى جانب إمكانية استخدامها التعليم التفاعلي والمساعدة في الأقسام السريرية لمساعدة الطلاب على فهم السيناريوهات السريرية المعقدة والمساعدة على تطوير مهارات اتخاذ القرار.
أنظمة التعليم الذكية
وتلعب أنظمة التعليم الذكية دوراً كبيراً بدورها في تطوير التعليم الطبي، إذ يمكن لهذه الخوارزميات تحليل كميات هائلة من البيانات المتعلقة بأداء الطالب وتفضيلاته وأسلوب التعلم الواجب اتباعه، وبناءً على هذه البيانات، تحدد الخوارزميات فجوات التعلم وتنشئ تجربة تعليمية مخصصة يمكن تكييفها مع حاجات الطالب.
المرضى الافتراضيون
بات بإمكان الذكاء الاصطناعي توفير سيناريوهات افتراضية لتعامل طلاب الطب مع المرضى بشكل لم نكن حتى لنتخيل حدوثه، وعبر محاكاة حاسوبية تفاعلية لسيناريوهات سريرية واقعية للتدريب والتعليم، تتم برمجة المرضى الافتراضيين لإظهار أعراض واقعية، والاستجابة لتدخلات الطلاب، وتوليد تجارب سريرية ديناميكية.
يأخذ المتعلم دور مقدم الرعاية الصحية في الحصول على المعلومات والإدارة الطبية ومتابعة المريض، ويمكن لهذه المحاكاة تكرار سيناريوهات طبية مختلفة وتقديم التحديات التي قد يواجهها الطلاب في مواقف الحياة الواقعية.
عند التفاعل مع المرضى الافتراضيين يمكن لطلاب الطب ممارسة مهارات التواصل والتفكير السريري الخاصة بهم، وهذا ما يخلق بيئة افتراضية غامرة وتفاعلية تحاكي سيناريوهات العالم الحقيقي.
المساعدة في البحوث الأكاديمية
إضافة إلى كل ما سبق، يمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي أن تساعد الباحث في جمع المقالات البحثية ذات الصلة، وتحديد الفجوات المعرفية، وصياغة أسئلة البحث، وكذلك التوصية بالطرق الإحصائية المناسبة للبيانات المتاحة، وإنشاء تمثيل رسومي للبيانات، وكتابة المخطوطات.
أكثر الأدوات شهرة والمخصصة للمساعدة بهذه المهام هي أداة "ResearchRabbit" المدعومة بالذكاء الاصطناعي التي تم تطويرها في الولايات المتحدة عام 2021، كي تتيح للباحثين في الجامعات الطبية طرقاً جديدة للبحث عن المقالات والكتاب، والتعاون مع باحثين من جامعات أخرى.
ويقدم الذكاء الاصطناعي المساعدة للباحثين في تحليل كميات هائلة من البيانات من مخططات علاج المرضى والتقارير المخبرية والتعليقات النصية من الطلاب، وصولاً إلى استخراج المعلومات ذات الصلة اللازمة للبحث وفرز البيانات بطريقة منظمة للتحليل الإحصائي.
الجامعات الطبية
تتضمن الإدارة في التعليم الطبي عملية تخطيط وتنظيم وتوجيه ومراقبة للموارد داخل المؤسسة لتحقيق أهداف وغايات محددة، وتشمل أنشطة مختلفة مثل تطوير المناهج الدراسية، وتدريب أعضاء هيئة التدريس، وكذلك تقييم الطلاب وتحديد الموازنة، وجميعها مهام تستهلك الوقت والموارد، وتتضمن أحياناً مشاركة أعضاء هيئة التدريس إلى جانب الموظفين الإداريين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبينما لا يزال تطبيق الذكاء الاصطناعي في الإدارة التعليمية في مراحله الأولى، إلا أنه أظهر بالفعل نتائج واعدة يمكن أن تساعد في أتمتة كثير من المهام الإدارية وتحسين كفاءتها الشاملة.
التوظيف والقبول
تستخدم بعض الجامعات المرموقة حالياً الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات المتقدمين وتحديد المرشحين الذين من المرجح أن ينجحوا في برنامج معين، وهكذا يمكن إدارة عملية فحص الطلبات، وتحديد الاحتيالية منها، والتواصل مع المرشحين المؤهلين في مراحل متعددة من القبول أو التوظيف بكفاءة عالية وبجزء صغير من الوقت.
ومن خلال استخدام خوارزميات التعلم الآلي لفحص آلاف نقاط البيانات حول كل مرشح، بما في ذلك قدراته وخبرته ومؤهلاته التعليمية وهواياته، يمكن للقائمين بالتوظيف العثور على الأفراد المناسبين بسرعة أكبر وتحديد الأشخاص الذين يناسبون حاجات الجامعة بصورة أفضل.
تصميم المناهج ومراجعتها
بدأت بعض الجامعات بتطبيق الذكاء الاصطناعي لتحليل الاتجاهات وتحديد المعلومات والقدرات التي سيحتاج إليها الطلاب في المستقبل بهدف إنشاء مناهج وبرامج جديدة، وتقليل الوقت اللازم لتحليل المناهج المختلفة، وحل المشكلات المتعددة الأبعاد.
سجلات الموظفين والطلاب
تشير المعطيات الأولية المتعلقة بتطبيق الذكاء الاصطناعي في التعليم الطبي، لإمكانية إدارة السجلات المتعلقة بأعضاء هيئة التدريس والموظفين والطلاب بكفاءة. لكون الذكاء الاصطناعي يوفر القدرة على التعامل بسهولة مع إدارة كشوف المرتبات وسجلات الحضور والإجازات وجدولة الاختبارات، وكذلك إصدار بطاقات القبول وأوراق العلامات والشهادات، وما إلى ذلك.
ويمكن أن يكون الذكاء الاصطناعي ذا قيمة في الأنشطة الإضافية مثل التدريب والتطوير وإدارة الأداء وإشراك القوى العاملة، خصوصاً أن الأتمتة المتزايدة في إدارة الموارد البشرية أدت إلى التقريب بين الآلات والبشر.
المساعدات المالية
يساعد الذكاء الاصطناعي حالياً المؤسسات التعليمية على أتمتة طلبات المساعدات المالية، وتحديد الطلاب الذين قد يكونون مؤهلين للحصول على المنح الدراسية أو أشكال المساعدة الأخرى، وتقديم الدعم الشخصي للطلاب.
التطبيب عن بعد
ما سنتحدث عنه هنا لا يزال في المراحل التجريبية، وسيكون له بطبيعة الحال انعكاسات إيجابية على طلاب الطب والمرضى، إذ تستخدم الرعاية الصحية من بعد تقنيات المعلومات والاتصالات لنقل المعلومات الطبية حول تقديم الخدمات السريرية والتعليمية، وهذا ما يساعد في التعليم ومراقبة الطلاب لزملائهم من بعد خلال العمليات الجراحية والتعامل مع الحالات المرضية المختلفة، والتعاون مع خبراء الصناعة في أي وقت وأي مكان، من دون الأخطار والكلف المرتبطة بالسفر.
تقدم الرعاية الصحية من بعد المدعومة بالذكاء الاصطناعي مساهمات في تحسين جودة التعليم الطبي، وتطوير التدريب، وتقدم الحوافز لخلق نماذج جديدة للرعاية والتعليم.
نظام الاستعلام الافتراضي
تم تطوير هذا النظام للمستشفيات التعليمية والجامعات الطبية، ويستخدم لإعداد طلاب الطب وتقييم الفكر السريري، ويجمع هذا النظام بيانات المرضى الحقيقية في حالات فردية ليدرسها بعد ذلك بمساعدة الذكاء الاصطناعي.
تتعامل هذه البيانات مع مجموعة متنوعة من المشكلات السريرية، وهكذا يقوم طلاب الطب ببناء خطط التشخيص والعلاج للمرضى الافتراضيين باستخدام الاستفسار ومحاكاة الفحوصات الجسدية والتكميلية.
الموازنة وتخصيص الموارد
وحتى في الأمور المالية يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي التعامل مع تحليل الإنفاق الحالي ونتائجه والتنبؤ بالنفقات ومقترحات الموازنة وتخصيص الموارد بكفاءة عالية، وتقدر إحدى الدراسات أن الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية يمكن أن يوفر مبلغاً صافياً يراوح ما بين 200 و360 مليار دولار أميركي سنوياً إذا تم استغلاله بشكل مناسب في الولايات المتحدة وحدها.
وكما هو معلوم يؤدي اتخاذ القرار العقلاني في تخصيص الموارد إلى زيادة عوائد الاستثمار، وبذلك تحدد الموازنة القائمة على الذكاء الاصطناعي رؤى جديدة لإنشاء أنماط الإنفاق الأمثل.